سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
وسط الحرب التكنولوجية الدائرة بين دول العالم الكبرى والمتعلقة بتوسيع النفوذ في العالم، تتصارع الولايات المتحدة الأميركية وروسيا على تصدر الهيمنة والظهور بمظهر القائد الأول لدول العالم، إلا أن الاستخبارات الروسية تنتهج طرقًا إلكترونية عدة لمراقبة ما يحدث في دول أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، وهو ما جعلها تدخل قفص الاتهام في عدة دول غربية بشنها عمليات قرصنة إلكترونية.
ويبدو أن الأمر قد وصل إلى الذروة، إذ أعلنت وزارة العدل الأميركية عن توجيه اتهامات لـ7 أشخاص قالت إنهم أفراد من الاستخبارات العسكرية الروسية، تورطوا في شن عمليات اختراق إلكتروني في إطار مؤامرة تخريبية شملت مختلف أنحاء العالم. الاتهامات دفعت بنائب وزير الخارجية الروسي، سيرجى ريابكوف، للقول إن الولايات المتحدة تعمل على تسميم أجواء العلاقات الروسية الأميركية عبر توجيه اتهامات جديدة لموسكو.(1)
لم يقف الأمر عند هذا الحد، إذ كشفت السلطات الأميركية عن هويات 8 جواسيس روس، وقالت إنهم مسؤولون عن عمليات القرصنة الإلكترونية الدولية، وإنهم قد ارتكبوا أخطاء كثيرة في عمليات القرصنة قادت الاستخبارات الغربية للتعرف عليهم.(2)
ولعل التدخلات والاختراقات الروسية للولايات المتحدة ودول أوروبا، تدفعنا للقول إننا على شفا “حرب باردة إلكترونية”، إذ نشرت وزارة الخارجية البريطانية قائمة بهجمات إلكترونية روسية وصفتها بأنها “متهورة وعشوائية”، وهو ما يعيد إلى الأذهان فصول الحرب الباردة بين روسيا وأميركا. ويبدو أن دور العملاء الروس لا يقتصر على نشر الأخبار الكاذبة من خلال الشبكات الاجتماعية، بل يمتد إلى التسلل عبر الإنترنت للنفاذ إلى مؤسسات غربية رئيسية لتعطيل عملها؛ ما دفع خبراء – حللوا عمليات الاختراق – للقول إنها تتم من موسكو، وأعربوا عن اعتقادهم بأن القراصنة من كبار مبرمجي الحاسوب الذين يتم دفع أموال لهم، أو الضغط عليهم للعمل مع الاستخبارات الروسية. وانضمت أستراليا إلى بريطانيا في اتهاماتها لأجهزة الاستخبارات العسكرية الروسية، مع اعتبار رئيس الوزراء الأسترالي ووزير الخارجية، التدخل الروسي أمرًا “غير مقبول”.(3)
الهجمات الإلكترونية الروسية دفعت بريطانيا للقول إنه من شبه المؤكد أن المخابرات العسكرية الروسية كانت وراء هجمات (باد رابيت) الإلكترونية، وتلك التي تعرضت لها الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات عام 2017، وكذلك اختراق مواقع اللجنة الوطنية الديمقراطية الأميركية في ،2016 وسرقة رسائل بالبريد الإلكتروني من محطة تلفزيون مقرها بريطانيا في 2015.(4)
ملفات هامة
من الواضح أن الاختراقات الروسية فتحت النار عليها، وأعادت للأذهان ملفات هامة تُرجح أن تكون لموسكو يد بها. ومن أهم تلك الملفات، ما يتعلق بالاختراق الإلكتروني المنسوب لروسيا في عام 2016 بتهمة تدخل لدعم التصويت لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ويتمثل الآخر في الاتهامات بالتلاعب بنتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية في 2016 عن طريق الاختراق الإلكتروني للعملية الانتخابية.
1- الاختراق الإلكتروني لدعم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (2016)
بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي فيما عرف بـ(البريكست) تعالت العديد من الأصوات التي ترجح تدخل موسكو في الأمر ووقوفها وراء ما حدث، وهو ما دفع النائب “بين برادشو”، النائب عن حزب العمال، للقول إن للشعب البريطاني الحق في أن يعرف هل كانت روسيا قد تدخلت في خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أم لا ؟. ليس هذا فحسب، إذ صعد “برادشو” من الأمر وضغط على الحكومة للكشف عن المزيد من المعلومات، ومنها إن كانت روسيا قد موّلت – من الناحية السياسية – دعاة حملة خروج بريطانيا من الاتحاد. بالإضافة إلى ذلك، طرح النائب عن حزب العمال “إيان أوستن”، أسئلة متكررة على الحكومة فيما يخص نزاهة قناة (آر تي) الروسية.(5)
ومن الواضح أن داعمي بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، يعتقدون – أيضًا – أن الكرملين دعم – سرًا – حملة خروج بريطانيا بغرض إضعاف الاتحاد الأوروبي. ويبدو أن رئيس الوزراء البريطاني “ديفيد كاميرون”، اعتقد ذلك – أيضًا – وهو ما نستدل عليه مما قاله: إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين “ربما يشعر بسعادة لمغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي.”
وإذا عُرف السبب بطل العجب، فموسكو ربَّما ترى أنه ثمة مصلحة لها في خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وتتمثل في إغراق بريطانيا والاتحاد الأوروبي في حالة من عدم الاستقرار الاقتصادي. ونستطيع الاستدلال على ذلك من خلال حديث عمدة موسكو “سيرغي سوبيانين”، أن روسيا خرجت فائزة من الاستفتاء وأنه “بدون وجود بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، لن يكون هناك من يغزي نزعة فرض عقوبات ضد روسيا”، وحديث المحلل السياسي “أليكس موخين”: “من بين الجميع كانت بريطانيا الأكثر تشددًا ضد روسيا، دائمًا ما انتقدتنا وسعت للإضرار بنا اقتصاديًا وماليًا وسياسيًا، وبخروجها سيصبح الاتحاد الأوروبي أكثر حميمية تجاه روسيا”(6).
2- الاتهامات بالتلاعب بنتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية في 2016 عن طريق الاختراق الإلكتروني
الانتخابات الرئاسية الأميركية التي فاز بها الرئيس الحالي، دونالد ترمب، بعد الفوز على منافسته هيلاري كلينتون، من أهم الملفات التي أثيرت حول تدخل روسيا بها من خلال الاختراق الإلكتروني.
ففي هذا الشأن، اتهم مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي (إف بي آي) 13 مواطنًا روسيًا بالتدخل في الانتخابات الرئاسية الأميركية التي جرت عام 2016، وطالت الاتهامات ثلاث شركات روسية أيضًا، من بينها شركة إنترنت مقرها في سانت بطرسبرغ. واللافت في هذا الأمر، أن ترمب أقر في تغريدة له على “تويتر” بوجود حملة روسية للتأثير على الانتخابات، ولكنه أوضح قائلاً “بدأت روسيا حملتها المناهضة للولايات المتحدة في 2014 قبل إعلان ترشحي بفترة طويلة”.(7)
وأثبتت التحقيقات أن 12 روسيًا يعملون لصالح وكالة الاستخبارات، قاموا باختراق الشبكات الخاصة بأجهزة الكمبيوتر التابعة للجنة الحملة الديمقراطية، وحملة كلينتون الانتخابية، ونشروا معلومات عبر الإنترنت بأسماء مستعارة. وقال مسؤولون بالمخابرات الأميركية إن عمليات الاختراق الروسية كانت تهدف إلى مساعدة ترمب على إلحاق الهزيمة بمنافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون.(8)
تاريخ من الاختراقات
الفترة الحالية ليست الأولى التي يزداد بها الحديث حول الاختراقات الروسية للولايات المتحدة ولدول أوروبا، ففي عام 2014 حدث اختراق إلكتروني في أوكرانيا، استهدف شبكات الكومبيوتر وأنظمة الصواريخ والمدفعية، فضلاً عن هجمة أخرى استهدفت الانتخابات الرئاسية الأوكرانية، وهجمتين في ألمانيا عام 2015، شملت اتهامات بسرقة ملفات برلمانية واتهامات بالتدخل في الانتخابات. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، إذ قالت صحيفتان أميركيتان، إن مخترقين روس حصلوا على معلومات إلكترونية أميركية شديدة السرية من وكالة الأمن القومي عام 2015 بعد أن وضعها أحد المتعاقدين على جهاز كمبيوتر في منزله.وفي عام 2016 اتهمت بريطانيا موسكو بأنها خطر على استقرارها، واتضح ذلك من قول مدير الاستخبارات العسكرية البريطانية” أندريو باركر”، إن روسيا تشكل خطرًا متناميًا على استقرار بريطانيا، وأنها تستخدم العديد من الهيئات الحكومية لتفعيل سياستها الخارجية في الخارج من خلال التجسس والتخريب والهجمات الإلكترونية.(9)
روسيا بدورها تنفي تلك الاتهامات جملة وتفصيلاً، وجاء ذلك على لسان المتحدث باسم الكرملين “ديمتري بيسكوف”، الذي قال إن اتهامات البيت الأبيض لروسيا بالإخلال بمجرى الانتخابات الرئاسية الأميركية عبر القرصنة المعلوماتية، هي اتهامات “وقحة”، فضلاً عن قول مصدر بوزارة الخارجية الروسية إن المزاعم الهولندية بشأن محاولة روسية لاختراق موقع منظمة حظر الأسلحة الكيماوية “سخيفة”.(10)
توقعات مستقبلية
من الواضح أن الاختراقات الروسية تزداد وتنتشر في جهات عدة ، فموسكو لم تركز جهودها في الاختراق الإلكتروني على غريمتها (واشنطن)، بل توزعه على دول أوروبا أيضًا: بريطانيا ، وهولندا ، وأستراليا، وكندا؛ لذا يمكننا توقع:
– مزيد من الهجمات الإلكترونية والاختراقات الروسية لدول عدة. فمن الممكن أن يكون المخترقون الروس قد عملوا بنشاط خلال الفترة الماضية في اختراق العديد من الشبكات الدولية، ويتكشَف الأمر الآن.
– إعادة فتح ملفات عدة كانت قد رُجِّح تدخل روسيا بها أثناء حدوثها.
– مزيد من التوتر بين روسيا والاتحاد الأوروبي بعد اختراق دول تابعة له.
– مزيد من التوتر بين روسيا والولايات المتحدة، وربَّما اتجاه واشنطن لفرض عقوبات على موسكو، خاصة بعد اتهام المندوبة الأميركية لدى حلف (الناتو) روسيا بانتهاك معاهدة حظر الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى.
المراجع
1- موسكو في قفص الاتهام.. هل تقف روسيا وراء الهجمات الإليكترونية على الغرب؟ صوت الأمة.
2- أميركا تكشف عن هويات 8 جواسيس روس مطلوبين. اليوم السابع.
3- الهجمات الروسية.. هل نحن في خضم حرب باردة إلكترونية؟ سكاي نيوز.
4- سفارة روسيا في لندن: اتهامات بريطانيا ضد المخابرات الروسية بشن هجمات إلكترونية غير مسؤولة ومضللة. يورو نيوز.
5- مسؤولون بريطانيون يعتقدون أن روسيا تدخلت في التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. السوري الجديد.
6- ماذا ستستفيد روسيا بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي؟ “بي بي سي” عربي.
7- اتهام 13 روسيًا بالتدخل في الانتخابات الرئاسية الأميركية. “بي بي سي” عربي.
8- وزارة العدل الأميركية: اتهام 12 روسيًا بمحاولة “قرصنة” حملة كلينتون عام2016. “سي إن إن” العربية.
9- صحف أميركية: هاكرز روس اخترقوا وكالة الأمن القومي الأميركية. سبوتنيك.
10- روسيا ترد على الاتهامات الأميركية باختراق الانتخابات. سكاي نيوز.
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر