الاحتجاجات الإيرانية.. قراءة في تغطية الصحافة الغربية | مركز سمت للدراسات

الاحتجاجات الإيرانية.. قراءة في تغطية الصحافة الغربية

التاريخ والوقت : الإثنين, 1 يناير 2018

استحوذت التطورات التي شهدتها إيران، خلال اليومين الماضيين، على جانب من اهتمام الإعلام الغربي، إلا أن المفترض يجب أن يكون أوسع تماشيا مع المظاهرات الكبيرة، التي لم تأخذ النصيب الذي يجب بعد من التغطيات، لا سيَّما بعد أن أخذ المشهد منحنى تصاعديًا في المواجهات بعد سقوط العديد من الضحايا. وبدأ طموح المجموعات المتظاهرة يتزايد مع الإصرار على استكمال انتفاضتهم، وتبدد مظاهر الخوف بداخلهم على وقع انضمام مناطق جديدة للحراك الجاري. وبدت الصورة المشتركة لكافة التغطيات الغربية، تشدد على ضرورة مساندة حقوق الشعب الإيراني، لكنّها عبرّت أيضًا عن تخوفات من قمع قوات الأمن الإيرانية، لكنّ أغلب الصحف توقعت في مقالات افتتاحية أو آراء محللين، سقوط النظام الحاكم في طهران على وقع تلك الاحتجاجات المتزايدة.

وفرضت الانتفاضة التي شهدتها مدن ومناطق إيرانية، وفتحت شهية الحقوقيين والجمعيات الأهلية والمعارضة لكسر حاجز الخوف، نفسها بقوة على الرأي العام العالمي، فبرزت عدة زوايا من بين التغطيات التي رسمت – في المجمل – صورة جديدة لإيران، ربَّما تتضح معالمها خلال الأيام القليلة المقبلة، في وقت تشهد فيه البلد المتداخل في الشرق الأوسط بقوة، ترنحًا على وقع تلك الاحتجاجات، بالتزامن مع تصعيد ملف الانتهاكات التي يرتكبها النظام الإيراني، حيث تنوعت زوايا التغطية بين التركيز على تصريحات المعارضة الراغبة في تصحيح المسار، والتطرق إلى الحالة الإنسانية المتدهورة للأقليات التي ستجد طريقًا للحل على وقع التطورات. وزاوية ثالثة تبرز الضربة القاصمة والمفاجئة التي تلقاها النظام والتعامل الدولي معها، خاصة الإدارة الأميركية وإسرائيل، بالإضافة إلى التعريج على كون تلك التطورات ربَّما تكبد الحكومة خسائر، لا سيَّما بعدما أظهرت الاحتجاجات الجارية الحالة المتفجرة للمجتمع الإيراني ورغبة الشعب في تغيير النظام، وفق ما نقلت صحف كلٍّ من: واشنطن بوست، وذا ناشيونال، وسي إن إن، وبي بي سي، والجارديان، ورويترز، وغيرها من وسائل الإعلام والوكالات الدولية.

تصحيح المسار

بدا الاهتمام بالتطورات التي شهدتها مدن إيرانية، واضحًا من خلال تغطية صحيفة “ذا ناشيونال”، التي ركزت على تصريحات المعارِضة الإيرانية والحائزة على نوبل، شيرين عبادي، التي قالت “إن الاحتجاجات لن تنتهي قريبًا، وإن إيران ستشهد بداية حركة احتجاج كبيرة يمكن أن تذهب إلى ما هو أبعد من الموجة الخضراء لعام 2009″، بل شددت على أنّ ما يحدث ربَّما يكون بداية لحدث أكبر في البلاد، وهي رؤية استنتجتها من تزايد الحراك وانضمام مدن أخرى للمحتجين الذي أصبحوا أكثر جرأة على مواجهة قمع الشرطة. وهو التطور الذي رأته الصحيفة أيضًا والذي “يمهد الطريق لإنهاء معاناة المعارضة والأقليات”، داعمة تصورها لرموز المعارضة بأن “ما يحدث في إيران الآن مقدمة لإيران الجديدة”، ربَّما تسبق تعاملاً جديدًا أيضًا وبطريقة إيجابية مع دول الجوار.(1)

الموقف الأميركي

الاهتمام الغربي ركز في إحدى محطاته على الموقف الأميركي، إذ نقلت صحيفة “The economic times”، تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ردًا على كلمة روحاني، بأن “الاحتجاجات الكبيرة” التي تشهدها المدن الإيرانية أظهرت أن “الناس يدركون كيف يتم سرقة أموالهم وثرواتهم”، حيث بدا التركيز الأميركي على الموقف من طهران، منصبًا على الناحية الاقتصادية. غير أن الصحف الأميركية – مجتمعة – أفردت مساحات للتركيز على الأسباب التي أدت إلى انفجار المجتمع الإيراني؛ وهو ما بدا واضحًا من تغطيات شبكة “فوكس نيوز” التي قامت بعمل تقرير مفصل حول الانتهاكات التي تقوم بها السلطات الإيرانية ضد المتظاهرين بشكل عام، بالإضافة إلى ممارسات الاعتقال التعسفي والعشوائي لأي شخص يقف ضد رموز النظام في إيران، والرقابة الممنهجة على جميع الإيرانيين بشكل ينتهك خصوصيتهم وحياتهم بشكل عام. أمَّا صحيفة “نيويورك تايمز”، فرأت أن قطع وسائل الاتصال على المتظاهرين في مختلف المدن الإيراني، سيؤجج حالة الاحتقان، وسيدفع بالعديد من سكان المدن والأحياء الإيرانية للانضمام إلى المظاهرات. في الوقت الذي رأت فيه شبكة “سي إن إن”، أن الإيرانيين لا يخرجون للتظاهر، إلا إذا كانت الأوضاع شديدة السوء، وهو ما اُستند إليه لكون ما يحدث مقدمة لتصعيد أكبر ربَّما ينتهي بتغيير الأوضاع في إيران.(2)

بروز دور المعارضة

التحول الجاري في المشهد الإيراني، دفع صحيفة “AMERICAN THINKER” إلى إبراز دور المعارضة الذي شهد تصاعدًا خلال الفترة الماضية بعد معاناة في الخارج، وهو ما دفع مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة في إيران، وهي قوة رئيسية وراء الاحتجاجات، وتقيم بالخارج إلى القول إن “الاحتجاجات الجارية في مدن مختلفة ضد النظام تكشف الحالة المتفجرة للمجتمع الإيراني ورغبة الشعب في تغيير النظام”، وهي الرؤية التي تتسق مع تصريحات أغلب الأطراف الدولية المتابعة للموقف في إيران، والتي ترى أن أسباب هذا التفجر ناجم عن تراكمات الماضي واستنزاف ثروات البلاد في حروب ليست لصالح المواطنين.(3)

إسرائيل في قلب الحدث

إزاء ما سبق، فقد برزت التعليقات الإسرائيلية بقوة على ما يجري في الداخل الإيراني، وأفردت صحف غربية مساحات لتلك التعليقات، حيث نقلت صحيفة “الجارديان” البريطانية عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قوله إن ما يجري في إيران “تهديد وجودي لدولته” القلقة من احتمال قيام قادة إيران بتحويل غضبها إلى إسرائيل، وهي التصريحات التي تضمنت – ضمنيًا – رغبة في عدم نجاح الحراك الجاري في المدن الإيرانية على غير المتوقع.(4)

على النقيض، جاءت تصريحات وزير الاستخبارات الإسرائيلي (إسرائيل كاتس)، الذي تمنى نجاح المتظاهرين الإيرانيين، لكنّ يصر على أن بلاده لا تدعم المظاهرات الجماهيرية التي اندلعت في الأيام الأخيرة، حيث قال إن إسرائيل “لا تتورط، لكنني أرغب – بالتأكيد – في نجاح الشعب الإيراني في النضال من أجل الحرية والديموقراطية”، وهو ما يشير إلى اهتمام إسرائيلي بالغ بالأحداث الجارية في إيران، ويُظهر أيضًا انقسامًا في وجهات النظر بشأنها.(5)

نتائج 

– تشير مجمل التغطيات الإعلامية للتطورات الأخيرة في إيران، إلى أن المشهد بدا أكثر تفاؤلاً للنخبة المعارضة بعدما بدأ طموحهم يتزايد باتساع مناطق الاحتجاجات رغبة في “تصحيح المسار”.

– الاهتمام الغربي بالتطورات، كان مقرونًا بالجانب الإنساني لأوضاع حقوق الإنسان، وهو ما ركزت عليه أكثر من صحيفة عندما تحدثت عن تخوفات من بطش قوات الأمن بالمتظاهرين مقرونة بحقوق مهدرة طوال السنوات الماضية.

– جانب آخر من التغطيات الغربية أبرز الموقف الأميركي من تلك الاحتجاجات ورد فعل الرئيس دونالد ترمب من خطاب روحاني، التي رأى فيها أن “الاحتجاجات الكبيرة” أظهرت أن “الناس يدركون كيف يتم سرقة أموالهم وثرواتهم”.

– الصحف الغربية ركزت أيضًا على التعليقات الإسرائيلية على ما يجري في الداخل الإيراني، وأفردت مساحات لتلك التصريحات التي أظهرت تناقضًا في الرؤية جراء ما يحدث.

 

وحدة الرصد والمتابعة*

المصادر:

1- الفائز بجائزة نوبل للسلام عبادي: اضطرابات إيران بداية حركة كبيرة

2- الاحتجاجات الجديدة في إيران بعد حسن روحاني تدعو إلى الهدوء

3-القبض على متظاهرين إيرانيين لمواجهة تصاعد الاحتجاجات

4- أعداء إيران (إسرائيل) يرون من الحكمة عدم تغيير النظام

5- وزير إسرائيلي يود نجاح المتظاهرين الإيرانيين

https://wapo.st/2RlkvGy

 

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر