سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
عبير خالد
مؤخرًا، لُوحظ في بريطانيا حساب على مواقع التواصل الاجتماعي بمسمّى (woke)، وفي أستراليا حساب على مواقع التواصل الاجتماعي بمسمّى (Rapt)، وكلا الحسابين يهتمان بقضايا المسلمين الغربيين النشء، في بريطانيا وفي أستراليا. يعزز هذان الحسابان، وبشكل متشابه جدًا، مفهوم الهوية لدى الأقلية المسلمة بالشكل الذي يجعلها غير معادية للمواطنة الغربية. يجتمع على هذه المنصات مئات الآلاف من المشتركين من الأقلية المسلمة، وبملايين المشاهدات، حول موضوعات تتمركز حول الهوية البريطانية المسلمة، وكذلك الهوية الأسترالية المسلمة، ونقاشات ناقدة للعنف والتشدد داعيه للتنوع وتقبل الآخر. وكان المحتوى يرقى لذائقة المتلقين، وشعبية الرسائل المضمونة تتزايد بين الجمهور، حتى نشرت صحيفة “التايمز”، في منتصف أغسطس 2019، خبرًا يشير إلى أن كلا الحسابين تعود ملكيتهما لشركة الاتصال (Zinc Network)، التي بدورها كانت تعمل مع وزارة الداخلية البريطانية، ووزارة الداخلية الأسترالية. وأشير إلى أنه كلّفت حكومتي بريطانيا وأستراليا هذه الشركة للعمل معها – اتصاليًا – بهدف الحد من الإرهاب وتعزيز الأمن القومي.
وهذا السيناريو، رغم انتقاد البعض له، يعكس اهتمام الحكومات الغربية بالتواصل الاستراتيجي مع الأقليات بداخل مجتمعاتهم. والجدير بالذكر أنه من أكثر الأقليات حساسية في المجتمعات الغربية هي الأقليات المسلمة. وهناك نماذج كثيرة لحملات اتصالية (بعضها نجحت وبعضها فشلت) في التعاطي مع الأقليات المسلمة في الغرب. وغالبًا، تغطي هذه الحملات ممارسات خاطئة، مخالفة للقانون وشائعة بين الأقليات المسلمة، مثل ممارسة تزويج القاصرين والقاصرات. ولكن أحيانًا تأخذ هذه الحملات الاتصالية والإعلامية بُعدًا مختلفًا، فتغطي جوانب سياسية واجتماعية مثل الحملة الرقمية عبر حسابي (Rapt) و(woke) المذكورين آنفًا.
أجد أن دعم حكومتي بريطانيا وأستراليا لهذه الحملة الإعلامية تصرّف ذكي جدًا، ومبرر جدًا، وذلك لأن إرهابيي “داعش” و”الإخوان المسلمين” وغيرهما من الجماعات يستخدمون الإعلام والاتصال بهدف غسل أدمغة المراهقين المسلمين في الغرب، وتشجيعهم على تنفيذ هجمات أو القدوم لأراضي الصراع. هناك دافع مرتبط بالأمن القومي يدعو لتفعيل هذه الحملات “التوعوية”، ولعل المراهقة البريطانية الشهيرة التي هربت إلى داعش “شميمة بيغوم” مثال حي على ذلك. هذه الحملة الإعلامية، عبر الحسابين المذكورين أعلاه، نجحت في أن يكون لها تأثير ناعم، ونجحت في تمثيلها المعتدل للمسلمين، وفي تقبل الجمهور المستهدف لها، وفي تصحيح بعض المفاهيم المغلوطة، وفي خلق شعبية واسعة. كل ذلك يؤكد ما قالته الباحثة في العلاقات الدولية بجامعة أكلوهوما (Derina R. Holtzhausen): “إن الاهتمام بالأقليات عبر الأنشطة السياسية رقميًا هو نوع من (دمقرطة التقنية)، والنجاح في تضمين الأقليات في الاتصال الاستراتيجي الرقمي، من أهم عوامل التغيير الاجتماعي”.
كاتبة سعودية*
AbeerKhalid95@
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر