سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
فاطمة المزروعي
التحديات التي تواجه المؤلفات والمؤلفين بصفة عامة كثيرة ومتنوعة وهي لا تنحصر في بلد دون الآخر، بل تكاد تكون ظاهرة عامة، في العالم العربي بصفة خاصة، والعالم برمته بصفة عامة، والكتاب دون شك يمر بتحدٍ كبير لم يواجهه، منذ بداية تاريخه الغابر حتى اليوم، وجميعنا نعلم أن وسيلة أي مؤلف هو هذا الكتاب، وتقديم منجزه الشعري أو القصصي أو الروائي أو غيرها إنما يتم بواسطته، رغم ما يظهر لنا من وسائل التقنيات الحديثة، وتحويل الكتب من الورقية إلى الإلكترونية، يبقى للكتاب وجوده، ونكهته ودفئه.. أقول إن التحديات التي تواجه المؤلفين كثيرة، إلا أن ما تواجهه المرأة خلال مسيرتها في مجال الكتابة والتأليف تحديداً تعد الأكثر وضوح خاصة في عدد من المجتمعات العربية، وهذه التحديات تختلف درجتها وحدتها وقوتها، فهناك نساء مبدعات سواء في تأليف القصة أو الشعر أو الرواية وغيرها من الأجناس الأدبية، توقفن تماماً عن مواصلة الركض في هذا المضمار المعرفي، وهناك أسباب متنوعة ومختلفة، فالبعض منهن توقعن نتائج كبيرة مع أول إصدار لها، وأخريات صدمن من حجم انتشار مؤلفاتهن ومحدودية القراء، وهناك من توقفت بسبب مضايقات أسرية مثل عدم موافقة الأب أو الأخوة، وهناك من ابتعدت عن هذا المجال بسبب عدم شعورها بالتقدير المعنوي أو حتى المادي.
في الحقيقة التحديات التي تواجه كل سيدة أخذت الكتابة متنفساً وهواية ورسالة، عديدة ومتنوعة حتى بعد تميزها وبعد أن قدمت للمكتبة العربية عدة منجزات سواء في الرواية أو الشعر أو المسرح أو حتى النقد وغيرها من أصناف الأدب، حيث تبقى العوائق مستمرة ومتواصلة. هذه التحديات تبقى وتستمر مرافقة للمرأة العربية بصفة عامة والخليجية ليست في معزل عن مثل هذه الهموم والتحديات. لكن هناك تحدياً كبيراً يواجه الأدباء الرجال ويواجه أيضاً المرأة، إنه تحدٍ جدير بالإشارة والتنبيه، وهو الافتقار لعنصر التطوير المعرفي، ففي مرحلة ما يحدث توقف عن القراءة، توقف عن التزود بالمعارف والعلوم، توقف عن النهل من الكتب، ومعها تبتعد عن معرفة تطور العلوم، فلا تعرف آخر الأخبار، وتجهل ما يقع في العالم، وهنا يحدث خلل في ميزان الإبداع الكتابي، أو خلل في جودة ما يتم تأليفه، هو الكتابة أكثر من القراءة، ووضع الميزان الطبيعي هو القراءة أكثر من الكتابة، ومع مرور الأيام ودون انتباه، يبدأ التكرار، وهو ما يعرف بتكرار نفسها وكلماتها ومواضيعها، وأنا أسمي هذه الحالة، الإفلاس المعرفي، وهذه الحالة أعتبرها من أهم التحديات التي قد يواجهها أي مؤلف، خاصة المرأة، ومعها يجب على المبدع أن ينتبه.
أؤمن بقوة وذكاء المرأة، خاصة الأديبة، وأثق بأنها تستطيع التغلب على عوائق النشر والتواصل مع صناع هذه المهنة، إلا أن السيدة الأديبة إذا اشتغلت على نفسها وتطوير ثقافتها، أعتبر أنها بدأت بحق في التعامل الجاد مع أول تحد، وفي ظني أنه من أكبر التحديات والتي في مرحلة ما قد يسبب نكسة مدوية لقلمها. وأخيراً، لم تكن الكتابة في أي يوم عملاً سهلاً أو متواضعاً أو بسيطاً، خاصة بالنسبة للمؤلفين المسكونين بالإبداع والتميز، ورغم هذا فإنهم يتوجهون نحوه بكل إرادة واحترام لشروطه القاسية المؤلمة، وكما قال الروائي البريطاني دوجلاس آدامز: «الكتابة عمل سهل، فليس عليك إلا أن تحدق في ورقة بيضاء إلى أن تنزف جبهتك»، وهو ما يشير إلى صعوبة هذه المهمة وأيضاً قسوتها، وحجم التميز والإبداع التي نحتاجها للكتابة بشكل مذهل وشيق.
المصدر: البيان
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر