سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
رافايللو بانتوشي
مع انتشار وباء فيروس كورونا المستجد، كانت استجابات الجماعات الإرهابية مختلفة عن بعضها البعض، حيث رآه البعض فرصة للفوضى التي يمكنهم الاستفادة منها، فيما رآه البعض الآخر باعتباره القصاص الإلهى من غير المؤمنين، في حين أن البعض رآه فرصة لإظهار قدراتهم على الحكم، وقد أعادت الحكومات استخدام بعض قدراتها لمكافحة الإرهاب وذلك لدعم الاستجابة لفيروس كورونا مع تغيير بعض التعريفات القانونية للإرهاب مثل محاكمة الأشخاص الذين يرتكبون أعمالًا مثل السعال على الآخرين.
وحتى الآن، كان عدد الأفعال التي يمكن أن يطلق عليها إرهاب محدودًا للغاية، فعلى سبيل المثال أدى الخوف من ربط تقنية الـ5G بانتشار المرض إلى حرق أبراج الهواتف المحمولة في أنحاء أوروبا، ومثل هذه الأعمال هي في الأساس أعمال تمرد ضد النظام القائم.
فالشعور بالحرمان من الحقوق، بات يتفاقم أكثر بفضل انعدام الثقة المتزايد تجاه الحكومات على مستوى العالم، ونظرًا لميل القادة إلى التصريح علنًا بالأكاذيب أو بأنصاف الحقائق، فإن الثقة الجماعية لدى المواطنين في الحكومة قد باتت تتآكل.
وقد استخدمت الجماعات الإرهابية مثل حزب الله وحركة طالبان، الفوضى لإبراز قدراتها في الصحة العامة، كما تسعى الجماعات الإجرامية في البرازيل والسلفادور والمكسيك إلى إظهار قوتها ومواردها، وستؤدي الاستجابة الحالية لوباء كورونا للفت الانتباه إلى أوجه عدم المساواة التي ستتفاقم في اقتصاد ما بعد الوباء، وحينها سيغضب البعض إذا لم يتم التعامل مع مشاكلهم واهتماماتهم.
إن العدد المتنامي للمحرومين حول العالم، سيخلق مجتمعًا من الراغبين في إلقاء اللوم على غيرهم، ففى الغرب، كانت هناك مجموعة كبيرة تلقى باللوم على الصين، وهو أمر يحدث بين كبار المسؤولين وبشكل متزايد بين عموم السكان في البلدان التي تتزايد فيها نبرة المشاعر المعادية للصين، وهو أمر واضح في الصبغة العنصرية السيئة التي تلون الكثير من الخطاب المتعلق بفيروس كورونا.
وبمجرد أن تندلع المشاعر المعادية للصين بين عامة الناس، فإنها تميل إلى أن تكون أقل تمييزًا مما يؤدى إلى الإساءة والعنف تجاه جميع أولئك الذين يبدو أنهم من عرق شرق آسيا، وصحيح أن جرائم الكراهية ليس دائمًا تتساوى مع جرائم الإرهاب، إلا أنها غالبًا ما تكون مقدمة له.
وهذه المشكلة ليست مقصورة على الغرب فقط، ففي إندونيسيا، حذر الباحثون من تزايد التوتر تجاه الصينيين داخل البلاد، ويرجع ذلك لوجود قدر كبير من الغضب تجاه الصين بشكل أعم في البلاد وهو نابع جزئيًا من التوترات العرقية التاريخية، لكنه تفاقم في الآونة الأخيرة بسبب معاملة بكين لمسلمي الأويجور، وقد كانت هناك تحذيرات من أن يؤدي هذا الشعور إلى شن عمليات إرهابية ضد السكان الصينيين في إندونيسيا.
وصحيح أن لا شيء من هذا يعد إرهابًا بالطبع، ولكن هناك تركيزا أوضح على الغضب الشعبى تجاه الصين، فعندما تصبح الصين لاعبًا أكثر هيمنة في الشؤون العالمية، فإنها ستصبح مستهدفة بشكل متزايد، وهو أمر مدفوع جزئيًا بمعاملة بكين للأقليات في الداخل، وقد يظهر ذلك من خلال شن الهجمات على المواطنين أو الشركات الصينية.
واليوم، فإن هناك تحولا سريعا للعمل عبر الإنترنت من المنازل من قبل نسبة متزايدة من العمال وذلك بسبب انتشار فيروس كورونا، حيث تعمل الشركات على تقليص عدد الموظفين والعمل عن بُعد.
وفي حين أن العديد من هؤلاء العمال سيعودون إلى العمل بعد انتهاء الأزمة، فإن عددا كبيرا آخر سيجد أن نمط عمله قد تغير بشكل دائم أو أنهم قد يواجهون رغبة الشركات في توفير النفقات، وقد يخلق هذا حركة غاضبة تجمع العمال السابقين الساخطين باستخدام الإنترنت.
وغالبًا ما يظهر الإرهاب في الأماكن التي يُنظر فيها إلى فشل الحكومات أو عندما يشعر الناس أنهم مستبعدون من قبل النظام، ومن المرجح أن يقلل الوباء من شعور الناس بالثقة بالسلطة بشكل أكبر، وستكون النتيجة هي وجود مشاكل متزايدة من أولئك الذين يستخدمون العنف للتعبير عن شكاواهم.
لقد شهد العالم بالفعل فشلًا في التعاون الدولي فيما يتعلق بالتصدي لوباء فيروس كورونا، كما أن الشعور بالغضب والحرمان بين السكان والذي سيتبع ذلك الوباء سيخلق أشكالًا جديدة من العنف السياسي، وسيعتمد البعض على الأيديولوجيات والجماعات القديمة، بينما سيظهر الآخرون بطرق جديدة مدهشة، ولن ينتهى الإرهاب في أعقاب فيروس كورونا، ولكنه بدلاً من ذلك، من المحتمل أن يتطور بطرق أكثر تطرفًا.
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر