سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
فيكتور بهروما
يظل قطاع التعدين في زيمبابوي على درجة عالية من المرونة رغم موجة الاضطراب التي يمر بها الاقتصاد في البلاد، الذي يواجه تحديات كبيرة، مع درجة من عدم اليقين على المستوى الاقتصادي، ومستوى متدنٍ من التناغم في السياسات، فضلاً عن ارتفاع معدلات التضخم، ونقص الاستثمار.
فقد انخفض معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي للبلاد من مستوى 12٪ عام 2011 إلى 2.9٪ عام 2017. ومع ذلك، شهد قطاع التعدين نموًا تجاوز حاجز الـ8.5٪ في عام 2016 و2017 على التوالي. كما أنه من المتوقع أن تتجاوز أرباح الصادرات في قطاع التعدين 3 مليارات دولار عام 2018، وبذلك يساهم هذا القطاع الحيوي بأكثر من 70% من إيرادات النقد الأجنبي بالبلاد.
وقد تزامن ذلك مع توقعات إيجابية بشأن المستقبل الواعد لهذا القطاع، وكان آخرها توقعات غرفة المناجم في زيمبابوي بأن يصل إنتاج هذا القطاع إلى 11 مليار دولار بحلول عام 2022، و18 مليار دولار بحلول 2030.
أمَّا على مستوى العمالة، فإن هذا القطاع يستوعب حاليًا ما يزيد على 80 ألف عامل بشكل مباشر وغير مباشر في الأعمال المختلفة بهذا المجال، حيث يضم قطاع التعدين ما يزيد على خمس مئة ألف من عمال المناجم والحرفيين وصغار العمال، حيث يمثل هؤلاء العمال شريان الحياة لمختلف الضواحي والمدن، مثل: زيفشافان، وبيندورا، وكويكوي، وشوروغوي، وغواندا، وكادوما، وغيرها، كما يغذي هذا القطاع الصناعة التحويلية بشكل كبير ويتم تنقية بعض المعادن.
ومن الأهمية بمكان، الإشارة إلى أن الاقتصاد الزيمبابوي، يتسم بدرجة من الميل نحو قطاع التعدين خلال العشرين سنة الأخيرة. ورغم أن المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي تبلغ 13% فقط، فإن إمكانية النمو في هذا القطاع واعدة جدًا. كما أن هناك مجموعة من المعادن التي لم يتم استغلالها حتى الآن على النحو الأمثل، مثل: النيكل، والليثيوم، والكروم، والميثان في طبقات الفحم، والحديد، والنحاس، والفحم.
وتتمتع زيمبابوي بقاعدة متنوعة من الموارد المعدنية التي تضم أكثر من 60 معدنًا قابلاً للاستغلال. كما تتميز باثنتين من المزايا الجيولوجية تبرزان بوضوح في منطقتي “دايك غريت”، وجزر “جرينستون” القديمة؛ حيث تستحوذالمنطقة الأولى على أكبر قاعدة من الكروم عالي الجودة في العالم. كما تمتلك زيمبابوي ثاني أكبر مورد في العالم لمجموعة من البلاتين، بالإضافة إلى احتياطيات تقدر بمليارات الدولارات من النحاس والليثيوم والنيكل.
لقد تمَّ تقييد نشاط الاستثمار في صناعة التعدين نتيجة للعديد من العوامل التي كان أهمها قانون التوطين والتمكين الاقتصادي لعام 2008 (المعدل في عام 2018)، بالإضافة إلى هبوط أسعار السلع الأساسية في السوق العالمية، وارتفاع مستويات الضرائب في هذا القطاع؛ إذ يعتبر رفع قيمة المعادن وإضافة القيمة إليها قبل التصدير، إحدى الركائز الأساسية لتسريع التنمية الاقتصادية في زيمبابوي؛ فقد كان التحدي الرئيس لقانون القيمة المضافة هو الافتقار إلى الحوافز اللازمة لجذب المستثمرين المحتملين، بالإضافة إلى الحوافز التي يمكن أن تشجع المشتغلين بالتعدين على إضافة قيمة إلى منتجاتهم محليًا. لقد ظلت جنوب إفريقيا تلعب دورًا رئيسًا بالنسبة لزيمبابوي في مجال القيمة المضافة خلال السنوات العشرين الماضية، ذلك أن المناجم الخاصة بها على قدر كبير من النضج، كما يتوقع أنها تكون عميقة جدًا بحيث لا يمكن استخراجها أو الاستفادة منها اقتصاديًا.
بجانب ذلك، فقد كانت جنوب إفريقيا سباقة في تطوير صناعة التعدين الخاصة بها؛ حيث ركزت على سياسة الاستفادة من المعادن من مناجمها الخاصة ودول الجوار على المستوى الإقليمي والأعضاء في تجمع “سادك”، مثل زيمبابوي. كما أنها تشمل نقاط القوة في جنوب إفريقيا حاليًا بمستوى عال من الخبرة التقنية والتصنيعية وأنشطة البحث والتطوير الشاملة. وكذلك تفتخر الدولة بمرافق المعالجة الأولية ذات المستوى العالمي للذهب والبلاتين والماس والكربون الصلب والفولاذ المقاوم للصدأ والألمنيوم.
ولصناعة التعدين آثار مضاعفة كبيرة على بقية اقتصاد زيمبابوي، ولكنها يمكن أن تسهم بأكثر من الضعف في تنمية المؤسسات الأخرى، وذلك في حالة أن يستفيد منها قطاع المعادن على وضعه الحالي. لقد كان العاملون في معدن “المنجنيز”هم عمال المناجم الثلاثة العاملون في مجال البلاتين، مثل: منجم “أونكي Unki”، ومنجم “ماين Mimosa Mine”، ومنجم “زيمبلاتس Zimplats”.
ومع ذلك، تبقى مهمة توسيع نطاق القيمة المضافة على جميع المعادن من خلال تعليق الرسوم على معدات المعالجة لعمال المناجم الحاليين، وكذا الإعفاءات الضريبية على عائدات التعدين وضريبة القيمة المضافة (VAT)، بالإضافة إلى تعليق تراخيص التجديد، وتخفيض رسوم التراخيص وزيادة عائدات تصدير العملات الأجنبية إلى 100٪ لجميع المشتغلين بالتعدين الذين يشاركون في الأنشطة الاستثمارية. كما أنه من الواضح صعوبة تنفيذ هذه السياسات إلا إذا تخلت الحكومة عن عائدات الضرائب من التعدين على المدى القصير، كما أنها تتخذ رؤية طويلة الأجل للتنمية الاقتصادية.
ومن خلال الاستفادة من تلك التطورات، والطفرات الاقتصادية الملحوظة، فمن المتوقع أن الاقتصاد الزيمبابوي سيتعافى كثيرًا على مستوى نقاط الضعف المرتبطة بأي انخفاض في أسعار السلع العالمية التي يمكن أن تؤثر على أصحاب الصادرات الرئيسية الحالية، مثل: البلاتين والذهب والنيكل والكروم.
لقد خلفت الكثير من السلع الأساسية في السنوات الأخيرة، ديونًا هائلة جدًا بالعديد من البلدان الإفريقية، مثل: أنغولا ونيجيريا وزامبيا وغانا وسيراليون وليبيا والسودان وغيرها؛ وهو ما يمكن أن يحدث لاقتصاد زيمبابوي إذا تأثرت الإيرادات الضريبية بتقلبات أسعار السلع الأساسية في السوق العالمية.
كما أنها من الممكن أن تجلب فوائد كبيرة للبلد، مثل خلق الكثير من فرص العمل لجميع الشركات في سلسلة قيمة التعدين والنمو في قيمة صادرات المعادن مما يترجم إلى زيادة العوائد الضريبية. وبالتالي، فإن الفوائد الثانوية مثل الزيادة في الطلب المحلي على السلع والخدمات وتطوير البنية التحتية في مدن التعدين من الممكن أن تذهب هباءً.
المصدر: زيمبابوي إندبندنت
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر