الأمن الصحي العالمي: استجابة “الآسيان” لكوفيد -19 | مركز سمت للدراسات

الأمن الصحي العالمي: استجابة “الآسيان” لكوفيد -19

التاريخ والوقت : الجمعة, 4 سبتمبر 2020

ميلي كاباليرو أنتوني

 

بينما يجتمع وزراء اقتصاد الآسيان هذا الأسبوع لمناقشة سبل التعامل مع الآثار الخطيرة لانتشار فيروس “كوفيد – 19″، بجانب أمور أخرى، من المتعين عليهم أن يركزوا على تعزيز التعاون متعدد الأطراف. إذ ينبغي للآسيان حشد شركاء الحوار والقطاع الخاص لإتاحة اللقاحات للجميع. هنا يثار التساؤل: هل يمكن أن تساعد مركزية الآسيان في صد الاتجاه القومي لاستخدام اللقاحات؟

لقد أدى تفشي وباء “كوفيد – 19″إلى إعادة التأكيد على حقيقة أن تعزيز التعاون الإقليمي أصبح أكثر أهمية لرابطة دول جنوب شرق آسيا وجدول أعمالها متعدد الأطراف. فالآسيان لا تزال تمثل منصة مهمة لتعميق التعاون بين الدول الأعضاء في منطقة شرق آسيا. كما أنها تعمل مع دول مثل الصين واليابان وكوريا الجنوبية من خلال إطار “آسيان +ASEAN Plus Three (APT) “3؛ وانضمت أستراليا والهند ونيوزيلندا وروسيا والولايات المتحدة إلى دول “آسيان +3 ” من خلال قمة شرق آسيا. ومنذ اندلاع أزمة “كوفيد – 19″، أصبح التهديد الوجودي المشترك للآسيان أقوى من أي وقت مضى. فقد تسبب تأثير الأزمة الصحية التي طال أمدها في إلحاق خسائر فادحة باقتصاد المنطقة. حتى إن صندوق النقد الدولي(IMF) توقع أن ينكمش الاقتصاد العالمي بنسبة 4.9% هذا العام.

لذلك بات الانتعاش الاقتصادي العالمي مرهونًا باكتشاف لقاح.

السباق العالمي للقاح

دخلت العديد من الدول في سباق لإيجاد لقاحٍ، حيث دخلت العديد منها في اتفاقيات

شراء حصرية مع شركات الأدوية الكبرى لتأمين الوصول قبل طرح هذه اللقاحات بأمان للإنتاج بالجملة. هنا يمكن القول بأن نهج “بلدي أولاً” هذا يضر بشكل كبير بالبلدان التي لا تملك الموارد ولا القدرة على الانضمام إلى التوجهات القومية لاستخدام اللقاحات.

إذًا ذلك النهج من شأنه أن يقوض بشكل خطير المعركة العالمية ضد “كوفيد – 19”. حتى إن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام هو: هل يمكن للآسيان وإطارها المتعدد الأطراف أن يدفع عكس هذا الاتجاه؟

لعبت رابطة دول جنوب شرق آسيا دورًا مهمًا في حرب المنطقة ضد “كوفيد – 19” في المرحلة المبكرة من تفشي الوباء، حيث قامت الرابطة بتنشيط آلياتها الإقليمية المعنية بالتأهب لمواجهة الوباء والاستجابة لها لدعم التدابير الوطنية لمكافحة انتشار الوباء.

وتجدر الإشارة إلى العمل الذي قامت به شبكة مركز عمليات الطوارئ (EOC)التابعة لرابطة الآسيان المعنية بحالات الطوارئ والصحة العامة؛ فقد أصبحت جهود تلك الشبكة هي الإطار المركزي الذي عمل على تسهيل تبادل المعلومات في الوقت المناسب والدقيق بين الدول الأعضاء حول انتشار المرض. وأهم من ذلك، أن دورها يتمثل في المساعدة في احتواء وتخفيف انتشار الوباء.

لقد عقدت الآسيان قمة خاصة في أبريل 2020 حول” كوفيد-19″، لاستكشاف ما يمكن القيام به أكثر معًا لتعزيز التعاون الإقليمي مع الشركاء مثل الصين واليابان وكوريا الجنوبية.

وقد أدى ذلك إلى إعلان رابطة الآسيان التزام الدول الأعضاء بإنشاء صندوق استجابة الآسيان لحالات الطوارئ الصحية لمعالجة النقص في الإمدادات الطبية مثل مجموعات الاختبار ومعدات الحماية الشخصية، وتمويل الأبحاث في مجال اللقاحات الأخرى؛ فضلاً عن أية خطط لضمان مخزون إقليمي للإمدادات الطبية الأساسية التي يمكن نشرها بسهولة لتلبية احتياجات الطوارئ.

التعددية القومية

يمكن بالتأكيد بذل المزيد من الجهود لتنفيذ هذه الأفكار واستكشاف كيف يمكن لشركاء الحوار الآخرين مثل الولايات المتحدة والهند، وهما لاعبان رئيسيان في مجال تطوير اللقاحات، أن يكونا جزءًا من جهود دولية أوسع لتوفير الوصول إلى اللقاحات والعلاجات.

فأحد السبل المنطقية يكمن في تحقيق خطط لتطوير اللقاحات من خلال الاستفادة من المزايا النسبية التكميلية، بمشاركة شركاء الحوار وشركات الأدوية.

وتفرض سلاسل توريد اللقاحات العالمية نفسها بشكل لا مفرَّ منه. حتى إن البلدان القادرة على تحديد اللقاحات التي أثبتت جدواها، ستطلب على الأرجح مساعدة البلدان الأخرى لتوسيع الإنتاج واستدامته.

فعلى سبيل المثال، تعمل شركة “ساينوفاك”Sinovac الصينية مع شركة “بايو فارما”BioFarmaالمملوكة للدولة في إندونيسيا، في المرحلة الأخيرة من التجارب البشرية للقاحات. كما تتعاقد شركة “أوكسفورد أسترازينيكا”، Oxford Aztrazenecaبالمثل مع معهد المصل الهندي (أكبر مصنع لقاح في العالم) لاختبار المرحلة الثانية للقاح الرئيسي المرشح له اسم AZD-1222.

ومع هذا النوع من الشراكات الثنائية، فإن إشراك دول أخرى في الآسيان لديها شركات أدوية متعددة الجنسيات يسمح بتصنيع مجموعة أكبر من اللقاحات في المنطقة؛ وهو ما يساعد بدوره البلدان الأخرى في الآسيان على الوصول بشكل أفضل وأسهل إلى هذه اللقاحات.

ويتكامل هذا الجهد الإقليمي بالحملة العالمية التي تقودها منظمة الصحة العالمية للنهوض بتصنيع وإيصال اللقاحات المستقبلية إلى البلدان النامية، في إطار برنامج “مواجهة كوفيد”.

ويساعد مرفق اللقاحات العالمي “كوفاكس” COVAX، الذي يشارك في قيادته عدد من الشركات العالمية، وائتلاف “ابتكارات التأهب للأوبئة”(CEPI) ومنظمة الصحة العالمية، بالشراكة مع بلدان مثل سويسرا وسنغافورة، في ضمان وصول اللقاح للجميع من خلال لقاح متعدد الأطراف.

مخزون اللقاح الإقليمي

إلى جانب تطوير اللقاحات، يمكن أن تستفيد الآسيان أيضًا من مزيد من التعاون في تحقيق مخزون إقليمي من اللقاحات كإمدادات طبية أساسية. فعلى سبيل المثال، دعا وزير الخارجية الماليزي، هشام الدين حسين، إلى إنشاء مركز لقاح على المستوى الإقليمي.

ويمكن أن يتطابق هذا مع جهود تعزيز تصنيع وتوزيع لقاحات “كوفيد – 19” بالتعاون مع الولايات المتحدة، أو لتتبع التعاون في مجال اللقاحات مع الصين وحتى الهند.

وقد دعا مقال سابق في مجلة “فورين أفيرز” أيضًا إلى التوصل إلى اتفاقية خاصة بالتجارة والاستثمار في لقاح “كوفيد – 19” ، تتضمن صندوقًا للاستثمار لشراء اللقاحات مقدمًا وتخصيصها، بمجرد أن يثبت أنها آمنة وفعالة.

وتدفع الحكومات إلى صندوق الاستثمار في لقاحات “كوفيد – 19” على أساس الاشتراك، مع تصاعد المدفوعات غير القابلة للاسترداد المرتبطة بعدد جرعات اللقاح التي حصلت عليها وغيرها من المعالم الرئيسية للتقدم. كما دعا إلى دعم مشاركة أفقر البلدان كليًا أو جزئيًا.

وهناك بالفعل مبادرات أولية تجري مناقشتها على المستوى متعدد الأطراف مثل مجموعة العشرين. إننا قد نتخيل حتى الآن تحالفًا من الدول التي تمثل ما لا يقل عن 50٪ من جهود وعمليات تصنيع اللقاحات العالمية، حيث يعمل مسؤولو التجارة والصحة معًا على إيجاد نظام عادل وقابل للتنفيذ لتخصيص لقاحات”كوفيد – 19″، كما ورد في مقالة الشؤون الخارجية المشار إليها آنفًا.

مضمون مركزية الآسيان

إن احتمالات أن تكون الآسيان مركزًا للقاحات في كل من التصنيع والتوزيع من شأنها أن تقطع شوطًا طويلاً في تعزيز مركزية الآسيان ودورها في دعم الأمن الصحي العالمي والدبلوماسية، مع صد الميول القومية قصيرة النظر.

لقد أظهرت رابطة دول جنوب شرق آسيا أنها قادرة على تنسيق الجهود الإقليمية والدولية في مواجهة التحديات المشتركة مثل هذا الوباء الحالي. وبالتالي، فإن العمل عن كثب لإتاحة اللقاحات لجميع أعضائها، بغض النظر عن “حجم حقائبها” – يجعل الآسيان ذات مغزى بالنسبة لأعضائها وذات مصداقية للمنطقة وخارجها.

 

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

المصدر: مدرسة راجاراتنام للدراسات الدولية

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر