الأمم المتحدة تكشف اعتماد الحوثيين على الأسلحة الإيرانية | مركز سمت للدراسات

الأمم المتحدة تكشف اعتماد الحوثيين على الأسلحة الإيرانية

التاريخ والوقت : الأحد, 16 فبراير 2020

فرزين نديمي

 

في 27 كانون الثاني/ يناير، قدّمت لجنة خبراء الأمم المتحدة المعنيّة باليمن تقريرها السنوي الأخير حول الصراع، مع تركيز أجزاء كبيرة من النص على فشل الحكومة المستمرّ في سن [تشريعات] ضبط وتحكّم مناسبة على قوّات التحالف، وهو موضوع تمت تغطيته في مرصد سياسي آخر نُشِر مؤخراً. وتناقش أقسام أخرى تطوّرات الأسلحة من جانب المتمرّدين الحوثيين، محلّلةً شبكة الإمدادات لديهم ودورهم المزعوم في الهجوم الكبير الذي وقع العام الماضي على منشآت النفط السعودية، واعتمادهم الأوسع على التكنولوجيا الإيرانية.

دليل “أرامكو”

تدعم مجموعة الأدلّة المزوّدة في الوثيقة استنتاجاً واحداً واضحاً على الأقلّ، وهو: لا يمكن لهجمات 14 أيلول/سبتمبر على منشآت “أرامكو” السعودية في بقيق وخريص أن تكون قد شُنّت من اليمن. ويرتكز هذا الاستنتاج على مجموعة واسعة من المعلومات المعروفة حول الطائرات بدون طيّار والصواريخ الجوّالة المستخدمة في العملية، من مداها الأقصى وصولاً إلى مسار طيرانها.

وبين منتصف عام 2018 ونهاية عام 2019، أفادت تقارير أنّ الحوثيين قد زادوا من وتيرة ومعدل فتك هجماتهم من الجوّ على أهداف مدنية في السعودية، بينما قللوا إلى حد كبير من هجماتهم من البحر (انظر الملحق 14 من التقرير، الفقرة 2). فقد شنّوا الهجمات على “أرامكو” مستخدمين أحدث مركبات جوية مقاتلة بدون طيّار [طائرات بدون طيار مجنحة] بجناح دلتا وصواريخ “قدس 1” الجوّالة الهجومية الأرضية، وهي أسلحة تشير جودتها الأعلى بشكل ملحوظ إلى أنها أُنتجت خارج اليمن، على االأرجح في إيران، على الرغم من التعريف العام المستمر عن “قدس 1” بأنّه صاروخ حوثي محلّي.

ولا يزال اسم المركبة الجوية المقاتلة بدون طيّار بجناح دلتا المعنيّة غير معروف، لكنّها ظهرت للمرّة الأولى في إيران خلال عرض خاص في 11 أيّار/مايو 2014 نظّمه «الحرس الثوري الإسلامي» الإيراني للمرشد الأعلى. كما تشبه المركبة إلى حدّ كبير طائرة “ASN-301” الصينية بدون طيّار (التي يرتكز صنعها على طائرة “هاربي” الإسرائيلية بدون طيّار المضادة للرادار). وهناك دلائل تشير إلى أنّ طهران قد حصلت في الماضي على عدد من الطائرات الصينية بدون طيّار.

ويعطي مدى طائرة “ASN-301” الذي يصل إلى 280 كم، فكرة حول المدى المحتمل للنموذج الإيراني. بالإضافة إلى ذلك، يمكن إطلاق ما يصل إلى ثمانية عشر نموذجاً صينياً من صناديق مكدسة على خلفية شاحنة – وهو عدد الطائرات نفسه الذي أفادت بعض التقارير أنها استُخدمت في هجمات 14 أيلول/سبتمبر (الملحق 14، الفقرة 4).

وتدحض بيانات المسار والمدى الخاصة بتلك العملية بشكل أكبر ادعاء الحوثيين عن مسؤوليتهم. وتؤكّد اللجنة أنّ ضربة بقيق قد أتت من الشمال/ الشمال الغربي، في حين جاءت ضربة خريص من الشمال/ الشمال الشرقي. وكلا الموقعين بعيدان تماماً عن الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون – 1200 و 1000 كيلومتر على التوالي وفقاً للجنة. ومن المرجح أن تكون المسافتين الفعليتين الـ 1000 و900 كم، لكنّهما لا تزالان حتى أبعد من توقعات المدى الأكثر تفاؤلاً للأسلحة المعنيّة.

ولتحديد هذه النطاقات، فحص أعضاء اللجنة الحطام الذي عُثر عليه في كل من مسرحَي الهجمات، وكذلك الأجزاء التي استولت عليها البحرية الأمريكية من مركب شراعي لا يحمل علماً في جزء لم يتم الكشف عنه من بحر العرب في 25 تشرين الثاني /نوفمبر. وقد خلص الجمع بين هذه الأدلّة والتقديرات المختلفة لسعة الوقود إلى أنّه كان لطائرات جناح دلتا بدون طيّار مدى أقصى يتراوح بين 540-900 كم، والصواريخ الجوالة بين 700-800 كم.

ومع ذلك، فعلى النحو المشار إليه في الملحق 15 من التقرير (صفحة 93)، فإن للمركبات الجوية المقاتلة بدون طيّار التي نفذت هجمات 14 أيلول/سبتمبر و14 أيّار/مايو على محطات ضخ النفط السعودية (المناسبة الأخرى الوحيدة هي الطائرات بدون طيار المجنحة) تم تشغيلها بواسطة نسختَين غير مرخضتَين من محرّك “AR-731 وانكل” البريطاني أو نسخته الصينية “MDR-208“. وقد أنتجت إيران نسختَين محليتَين على الأقل من محرّك “MDR-208” وهما “MADO/ Shahed-783” (تم الكشف عنها في أيار/مايو 2014) و”Serat-01” (تم الكشف عنها في كانون الأول/ديسمبر 2016). ويتميز الأول بقدرة إنتاجية معلنة تبلغ 38 حصاناً، بينما ينتج الثاني 35 حصاناً للغلايات ويستهلك 420 غراماً من الوقود في الدقيقة، أي ما يعادل 25.2 ليتر/الساعة لتحقيق قدرة محرّك قصوى تبلغ ساعة واحدة فقط (أقل بكثير من زمن اللجنة المقدر بثلاث ساعات، انظر الملحق 14، الفقرة 15).

وتُترجم كل هذه الأرقام إلى أقصى مدى يتراوح بين 180 و300 كم للمركبات الجوية المقاتلة بدون طيّار التي ضربت أهداف نفط سعودية العام الماضي، معوّلة على سعة الوقود. ويتوافق الحدّ الأعلى لهذا المدى كثيراً مع مدى طائرة “ASN-301” الذي يصل إلى 280 كم. وهذا يؤكد أيضاً لماذا لم يكن بالإمكان إطلاق الطائرتَين بدون طيار اللتَين ضربتا بقيق وخريص من اليمن، كما يحدد نقاط إطلاق أخرى محتملة وهي: في عمق الأراضي السعودية ضمن شعاع (دائرة نصف قطرها) 300 كم من الهدف، أو عبر الخليج العربي – سواء بشكل مباشر من القاعدة العسكرية لـ «الحرس الثوري» الإيراني بالقرب من ميناء دير (306 كم من أبقيق)، أو من “جزيرة فارسي” (على بعد 230 كم)، أو من منصة شبه انغمارية معدلة خصيصاً لهذا الغرض. ويتطلّب سيناريوهات الخليج العربي انعطافاً جنوبياً شرقياً في نهاية الرحلة. ويلمّح تقرير اللجنة إلى هذَين البديلين، مشيراً إلى أنّ الهجمات قد تكون قد أُطلقت نظرياً من داخل السعودية أو عبر منصات بحرية أو محمولة جواً [مجوقلة] (الملحق 14، الفقرة 19).

أمّا بالنسبة إلى صاروخ “قدس 1″، فقد أكّدت اللجنة أنّ نوع المحرك الذي يقوم بتشغيل الصاروخَين المستخدمَين في الهجوم كان “نسخة غير مرخصة” من محرّك “توربوجت TJ-100” الصغير الذي تنتجه الشركة التشيكية “PBS Aerospace” (الملحق 16، الفقرة 1). وكانت محرّكات صاروخ “قدس” موسومة ببساطة بـ”طراز T10S“. وعلى نحو لافت، يُقال إنّ “منظمة صناعات الطيران الإيرانية” قد أنتجت نسخة عن محرّك “TJ-100” تحت اسم “Toulou-10” وعرضته على الرئيس حسن روحاني خلال زيارته للشركة في 21 آب/أغسطس 2016. لذا ليس من المبالغ التقدير بأنّ “طراز T10S” هو اختزال لـ”Toulou-10“.

وإلى جانب افتقار صاروخ “قدس 1” للمدى المطلوب لبلوغ بقيق من اليمن، فمن المعتقد على نطاق واسع أنّه معقّد جداً بحيث يصعب على الحوثيين إنتاجه بأنفسهم. وقد كان صاروخ “قدس 1” مفكك (رقم المسلسل MC79042) من بين الأسلحة التي تم الاستيلاء عليها من المركب الشراعي في بحر العرب، كما تشير علامة فارسية على قسم الصاروخ الخاص بإلكترونيات الطيران إلى أنّه اجتاز مرحلة “الاختبار الإطاري” في منشأة إيرانية في 8 شباط/فبراير 2019 (الشكل 16.5، الصفحة 99).

سلسلة إمدادات الأسلحة

وفقاً لتقرير اللجنة، يستمرّ الحوثيون في تلقي أجزاء جاهزة لطائراتهم بدون طيّار وصواريخهم عبر شبكة من الوسطاء، إلى جانب أنظمة كاملة برّية (بما فيها أسلحة إيرانية) عبر عُمان وعن طريق البحر على طول الساحل الجنوبي لليمن. وجاءت المكونات المهرّبة من اليابان (أجزاء من المركبات الجوية المقاتلة بدون طيّار وعبوات ناسفة بحرية) والصين (أجزاء الطائرات بدون طيار)، وإيران (محركات الطائرات بدون طيار والقذائف الصاروخية)، وبيلاروس (العدسات البصرية للقذائف الصاروخية)، وجمهورية التشيك (مكونات نظام الوقود)، وألمانيا (محركات الطائرات بدون طيار).

وتمّ اكتشاف الوسطاء الذين يمكّنون عمليات التسليم هذه في هونغ كونغ وبانكوك وأثينا وطهران ومسقط وأبوظبي (الملحق 18، صفحة 114). وقد أرسلت شركات في هونغ كونغ أجزاءً إلى محافظة الجوف اليمنية جوّاً (عبر بانكوك ومسقط) وهربّتها عبر الحدود العُمانية. كما وجدت اللجنة أنّ الحوثيين ما زالوا يستخدمون الطرق البحرية للحصول على الأسلحة ومكوناتها، وذلك في انتهاك لحظر توريد الأسلحة.

وبالإضافة إلى ذلك، فحصت اللجنة العناصر التي تم الاستيلاء عليها أثناء اعتراض المركب الشراعي في تشرين الثاني، ووجدت ما يلي:

  • عشرون صاروخاً من طراز “دهلاوية” (النسخة الإيرانية من الكورنيت الروسي من طراز 9M133)، بشكلَين؛ مضاد للدبابات شديد الانفجار وفراغي منفجر ذو طاقة عالية
  • صاروخاً جوّالاً لم تسبق رؤيته، حدّدته اللجنة على أنه صاروخ أرض جوّ محتمل، وقد كان مزوّداً بمحرّك نفاث مركّب على الذيل، وتوجيه نهائي بصري، وصمامة تفجير اقترابي بصرية، مما يشير إلى وضع مضاد للطائرات (ربما مضاد للطائرات العامودية) (الملحق 20، الشكل 20.4)
  • صاروخ “C-802” مضاد للسفن (الشكل 20.9)
  • صاروخ “قدس 1” المذكور أعلاه، مجهّز بلوحة مفاتيح طرفية الحاسوب باللغة الفارسية (الشكل 20.11)
  • معدات متجانسة مثل المفجرات ومحركات الطائرات المقاتلة بدون طيار ومكوناتها والأجهزة البصرية الحرارية للقذائف الصاروخية [“الآر بي جي”] ومعدات تحويل العبوات الناسفة البحرية.

الخاتمة

تؤكّد النتائج التي توصلت إليها لجنة الأمم المتحدة المخاوف المستمرة منذ فترة طويلة من أنّ إيران تنتهك الحظر الدولي من خلال تزويد الحوثيين بأسلحة متطوّرة ومكونات عالية التقنية لأنظمتهم المحلّية. ويوضح التقرير أيضاً مدى سهولة حصول الحوثيين على مكوّنات أجنبية باستخدامهم شركات واجهة. على سبيل المثال، يمكن شراء محرّك طائرة بدون طيّار من طراز “MDR-208” عبر الإنترنت مقابل 29 ألف دولار. وأثبت الحوثيون أنّهم قادرون على استخدام مثل هذه المكوّنات لإنتاج صواريخ وطائرات بدون طيّار وأسلحة أخرى فعّالة لدى حصولهم على تدريبات (وربما تمويل) من «فيلق القدس» التابع لـ «الحرس الثوري» الإيراني.

وفيما يتعلق بانتقال الحوثيين من الهجمات البحرية إلى الهجمات الجوية، فيرجع ذلك جزئياً إلى وقائع جغرافية مثل خسارة القواعد الساحلية. كما يشير ذلك إلى تنوع الاستخدامات والفوائد المتزايدة للطائرات الانتحارية بدون طيّار والصواريخ الجوّالة. ومع ذلك، لا ينبغي استبعاد إمكانية إعادة ظهور تكتيكات قديمة (أو دمجها مع تكتيكات جديدة) إذا قرّر الحوثيون استهداف أصول بحرية ذات أهمية كبرى عبر خليج عدن وجنوب البحر الأحمر.

وأخيراً، تُبرز كافة هذه الأمثلة أهميّة شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2020. إنّه تاريخ انتهاء قيود الأسلحة الحالية المفروضة على إيران بموجب الاتفاق النووي، مما قد يمنح النظام حرية أكبر في تصدير أسلحته ويزيد من زعزعة استقرار المنطقة.

المصدر: معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر