الأغلبية الديموقراطية وسياسة أميركا في الشرق الأوسط | مركز سمت للدراسات

الأغلبية الديموقراطية وسياسة أميركا في الشرق الأوسط

التاريخ والوقت : الأحد, 11 نوفمبر 2018

 

“بدأت رئاسته الفعلية”.. بهذه الجملة، يمكن أن نصف ما تبقى من الفترة الرئاسية للرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي جرى انتخابه في عام 2016 متفوقًا على الديموقراطية هيلاري كلينتون، وعلى استطلاعات الرأي، ووسائل الإعلام الليبرالية، بعد أن تمكن الحزب الديموقراطي، أخيرًا، من الحصول على أغلبية مجلس النواب في انتخابات التجديد النصفي التي جرت حديثًا.

وأسفرت الانتخابات النصفية التي جرت على كل مقاعد مجلس النواب البالغ عددها 435 مقعدًا، عن سيطرة الحزب الديموقراطي على أغلبية المجلس، بعد أن فاز الحزب بـ220 مقعدًا، بزيادة قدرها مقعدين عن العدد المطلوب للحصول على الأغلبية، وهو 218 مقعدًا، مقابل 194 للحزب الجمهوري، في حين تمكن الجمهوريون من حسم انتخابات مجلس الشيوخ التي جرت على  35 مقعدًا من أصل 100 مقعدًا، بعد أن تخطوا العدد المطلوب للأغلبية، وهو 51 مقعدًا.

ورغم فوز الحزب الديموقراطي بأغلبية مجلس النواب، فإن هذا الأمر ليس بالمفاجئ فيما يخص أدبيات السياسة الأميركية، فغالبًا ما يفشل حزب الرئيس في الفوز بأغلبية مجلس النواب في أول انتخابات نصفية من عهده، لكن كان اللافت للانتباه هو نجاح الحزب الجمهوري “حزب الرئيس” في المحافظة على أغلبية مجلس الشيوخ. وتاريخيًا، الرؤساء الأميركيون لم ينجحوا في الفوز بمقاعد الشيوخ إلا 5 مرات في 105 سنوات، ولعل ذلك ما جعل الرئيس ترمب يؤكد أن الانتخابات تحدت التاريخ، وكانت نجاحًا هائلاً، وأنها أكبر مكسب لحزب منذ عهد الرئيس الأسبق جون كينيدي، وهو ما يجب أن ينسب إلى الرئيس نفسه، بحسب كثير من التحليلات الغربية، بعد ما منعت جهوده حدوث “تسونامي ديموقراطي”، أو موجة زرقاء من الديموقراطيين.

الرئيس الأميركي حرص، خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده للتعقيب على نتائج الانتخابات النصفية، على مد غصن زيتون إلى الأغلبية الديموقراطية، مؤكدًا أن هناك فرصة لتحسين العلاقة بينه وبين الديمقراطيين، وأنه رغم الأغلبية التي حققها حزبه الجمهوري في مجلس الشيوخ، فإنه سيبقى حريصًا على العمل المشترك. وشدد على أن الكونجرس يمكن أن يتوصل لتفاهمات في مجالي البنية التحتية والرعاية الصحية، معربًا في الوقت ذاته عن احترام ما قالته زعيمة الأغلبية الديموقراطية والمتحدثة باسمها “نانسي بيلوسي” عن ضرورة العمل المشترك بعيدًا عن الحزبية.

ترمب والديموقراطيون.. من المنتصر؟

قد يتعامل البعض مع نتائج الانتخابات على أنها ضربة للرئيس الأميركي وحزبه، وهو أمر به كثير من المبالغة، وربَّما المراهقة السياسية، لعدة أسباب، منها أن الإحصاءات – تاريخيًا – تقول إن الحزب الذي ينتمي إليه الرئيس الأميركي أيًا كان، لا يؤدي بشكل جيد في الانتخابات النصفية، فأوباما، وبيل كلينتون، ورونالد ريغان، وليندون جونسون، وهاري ترومان، خسرت أحزابهم جميعًا في الانتخابات النصفية، فالأمر أشبه بناموس تاريخي سياسي. كذلك، يمكن القول إن ترمب خرج من هذه الانتخابات بأقل الخسائر، فالرئيس ما زال قويًا واحتمالات فوزه بفترة رئاسية ثانية هي الأكبر، بعد أن حافظ الرئيس وحزبه على الأغلبية في مجلس الشيوخ، وكذلك النصيب الأكبر من حكام الولايات.

أيضًا، الجمهوريون، طبقًا لمعظم المقاييس، تغلبوا على الصعاب التاريخية وتوقعات الناخبين بما حققوه خلال الانتخابات الأخيرة، في حين القليل فقط مما توقعه الديموقراطيون المتغطرسون ووسائل الإعلام هو ما تحقق. إن الديموقراطيين ربَّما فازوا بمجلس النواب، أمَّا الرئيس الأميركي فقد فاز بالانتخابات، وإن تمكنت الانتخابات من إثبات أي شيء، فسيكون وقوف ترمب بقوة في الوقت الذي اعتقد فيه الديموقراطيون وحلفاؤهم أن ترمب سيُرفض بشدة، لكن ما حدث هو العكس. لقد كان ترمب ذا قيمة بالنسبة للحزب الجمهوري، في حين كان الرئيس السابق باراك أوباما، كارثة لحزبه الديموقراطي، فالناخبون كانت لديهم الفرصة للتخلي عن ترمب، لكنهم لم يفعلوا؛ وكثير من التعليقات أوضحت أن أميركا تدعمه.

إن حصول الحزب الجمهوري على الأغلبية في مجلس الشيوخ، جعل بإمكان الجمهوريين تسمية القضاة الاتحاديين براحة أكبر، وإذا كان فوز الديموقراطيين بأغلبية النواب سيخولهم بفرض رقابة مؤسسية على رئاسة ترمب، وهو الدور الذي اختار الجمهوريون عدم القيام به خلال فترة حصدهم الأغلبية، فقد يلجأ ترمب إلى الأوامر التنفيذية، ربطًا بالقضايا التي لن يتمكّن فيها من جعل الكونجرس يتعاون معه.

 

جدول أعمال الديموقراطيين

منذ الإعلان عن نتائج انتخابات التجديد النصفي، والجميع ينتظر ماذا ستسفر عنه هذه الأغلبية؟ وكيف سيكون التعامل بين الديموقراطيين الذين شنوا هجومًا ضاريًا على الرئيس الجمهوري منذ اللحظة الأولى لتنصيبه؟ وما هي سيناريوهات التعامل بين الرئيس ومجلس النواب الجديد؟ وهل البلاد مقبلة على حالة أعمق من الاستقطاب والانقسام؟ وهل سيعمل الديموقراطيون على عرقلة جدول أعمال ترمب التشريعي والتحقيق في تصرفات إدارته؟

ولعل القضية الأهم التي طُرحت عقب إعلان فوز الحزب بالديموقراطي بأغلبية مجلس النواب، هي مدى جدية الحزب الديموقراطي في قضية عزل ترمب من منصبه، وهو ما ترجمه تصريح لمحامي ترمب الشخصي “رودي غيلياني”، الذي قال إن الانتخابات النصفية ستدور حول العزل أو عدمه، متوقعًا أن إجراءات العزل قد تبدأ إذا ما سيطر الديموقراطيون على مجلس النواب.

لكن عزل ترمب، تبقى مجرد احتمالات ضعيفة بشكل كبير، بل من المتوقع أن يخوض قادة الحزب الديموقراطي معركة من أجل احتواء مطالب قواعد الحزب وجماهيره بعزل ترمب، خصوصًا أنهم لن يتمكنوا من حشد تصويت ثلثي مجلس الشيوخ اللازم لإقالته من منصبه، وهو ما سيؤدي إلى نتائج عكسية، أهمها ربَّما حدوث شرخ بين قواعد الحزب الديموقراطي والجماهير الذين صوتوا للديموقراطيين في هذه الانتخابات، وبين الحزب الديموقراطي وأعضائه وقادته.

في الوقت الراهن، يبدو أن الديموقراطيين البارزين يستبعدون البدء في إجراءات العزل، وفي مقدمتهم “نانسي بيلوسي” التي يُتوقع أن تصبح المتحدثة باسم مجلس النواب رغم شعبيتها المتدنية بين الناخبين الديموقراطيين. وقالت “بيلوسي” في مؤتمر صحفي عقب إعلان النتائج، إن البلاد “سئمت من الانقسام والاستقطاب”، مؤكدة سعي حزبها لتحقيق نتائج ملموسة عبر “حلول تجمعنا”.

بعض التوقعات تشير إلى أن الديموقراطيين سيستخدمون أغلبيتهم في مجلس النواب من أجل بدء تحقيقات بشأن إدارة ترمب وأعماله، بما في ذلك سداده للضرائب وأي تضارب محتمل بين أعماله ومنصبه الرئاسي، بالإضافة إلى تحقيقات مزاعم التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية الرئاسية الأخيرة. لكن، تغفل هذه التوقعات أن الرئيس المثير للجدل، الذي يصعب التكهن بخطوته المقبلة، ربَّما يقدم، في حالة بدء هذه التحقيقات، على فتح تحقيقات مماثلة مستغلاً أغلبية حزبه في مجلس الشيوخ، متهمًا الديموقراطيين بتسريب معلومات سرية.

وبنظرة أكثر واقعية، يمكن الجزم أن جدول أعمال الديموقراطيين خلال العامين المقبلين سيركز على الأمور الداخلية فقط، من أجل إقناع الناخب الأميركي بجدارة الحزب بالحصول على ثقة الناخبين، استعدادًا لماراثون الانتخابات الرئاسية في عام 2020، لذلك، ستكون أولويات مجلس النواب ذي الأغلبية الديمقراطية تتماشى مع اهتمامات ناخبي الحزبين، وكلها اهتمامات بملفات داخلية بحتة، مثل نظام رعاية صحية يحمي الجميع، ومشاريع بنى تحتية تشجع التوظيف، وتعليم عام بجودة عالية. إن الديمقراطيين يدركون جيدًا أن هذه الانتخابات النصفية منحتهم فرصة لإعداد الساحة للاقتراع الرئاسي المقبل، عبر استعادة ثقة الناخبين الذين خسروهم خلال عهد الرئيس السابق باراك أوباما، والوصول إلى الأصوات الجمهورية المعتدلة، فهم لا يملكون رفاهية إهدار هذا الوقت القليل نسبيًا – عامان فقط قبل انتخابات الرئاسة المقبلة – في قضايا لا تهم الناخب الأميركي ولا تدخل بؤرة اهتمامات المواطنين بشكل يؤثر على تصويتها في الانتخابات، وستفضل أن تقدم كل جهدها في الملفات الداخلية التي تشغل الشعب الأميركي، مثل: الرعاية الصحية، والبنية التحتية، والضرائب، وسعر الأدوية، والتعليم.

 

أين الشرق الأوسط؟

كان من ضمن الأسئلة التي طرحت عقب إعلان نتائج الانتخابات النصفية الأميركية، هو إلى أي مدى ستتأثر السياسة الأميركية الخارجية بهذه النتائج؟ وإلى أي مدى سيتأثر الشرق الأوسط، باعتباره البقعة الأكثر سخونة في العالم؟

من المتوقع أنه سيكون هناك تأثير لنتائج الانتخابات على سياسة أميركا الخارجية، ولكنه سيكون تأثيرًا محدودًا، وبشكل غير مباشر، خاصة أن الرئيس ترمب هو من يضع ويحدد السياسة الخارجية، لا مجلس النواب. وإذا كانت الأغلبية الديموقراطية ستحاول التدخل في سياسات الرئيس الخارجية، فإن التدخل سيكون من باب المناكفات والصفقات السياسية، إذ إن المتوقع من الديموقراطيين أن يقوموا بإعاقة سياسات ترمب في الملفات الداخلية وتحقيق مكاسب لخططهم المتعارضة معه ليثبتوا للناخبين جدارتهم بالحصول على أصواتهم، وبالتالي، سيلجؤون إلى أهم نقطة قوة في شخصية ترمب، وهي حبه وعشقه للصفقات، فتكون الصفقة هي تقديم ترمب تنازلات في الملفات الداخلية مقابل مرونة موافقة مجلس النواب على إجراءات خارجية. إن الأمر الوحيد المرتبط بالسياسة الخارجية الذي سيتدخل فيه الديموقراطيون بكل قوتهم، هو محاولات ترمب الحصول على تمويل لبناء جدار عازل على الحدود مع المكسيك، نظرًا لاعتماد الديموقراطيين على أصوات اللاجئين والأقليات، التي تذهب غالبيتها لهم، بالإضافة إلى ما للقضية من أبعاد داخلية، ومن ثَمَّ فلا يمكن اعتبارها ملفًا خارجيًا بحتًا.

أمَّا عن الشرق الأوسط، فليس من المبالغة القول إن انتخابات التجديد النصفي لن تؤثر كثيرًا على سياسة إدارة الرئيس الأميركي تجاه الشرق الأوسط، وسيكون تأثير أغلبية الحزب الديموقراطي على سياسة أميركا في الشرق الأوسط محدودًا جدًا، والأسباب التي تؤكد ذلك عديدة، منها كما ذكرنا أن السياسة الخارجية تظل إلى حد بعيد من صلاحيات الرئيس، والرؤساء السابقون، مثل: باراك أوباما، وجورج دبليو بوش، استمروا في مساراتهم في سياستهم الخارجية حتى بعد خسائر أحزابهم في انتخابات التجديد النصفي، وبالإضافة إلى ذلك، فإن هذه الانتخابات لم تظهر قضايا سياسة الشرق الأوسط بشكل كبير في أذهان الناخبين، بل كان التركيز من كلا الحزبين على ملفات داخلية بحتة.

وإذا كنا نتوقع أن تنصب اهتمامات الأغلبية الديموقراطية على الملفات والقضايا ذات الشأن الداخلي، وما يتبع ذلك من إجراءات تعرقل خطط ترمب في ملفات الرعاية الصحية والضرائب وغيرها، فإنه من المرجح أن تسمح هذه الإجراءات للرئيس بصرف المزيد من التركيز على السياسات الخارجية، المجال الذي يمكنه العمل فيه بحرية أكبر، في الوقت الذي يوجه الاتهامات فيه إلى النقاد الديمقراطيين بضيق الأفق، إن لم يكن السعي للإضرار بمصالح الأمن القومي للبلاد، وهي اللغة التي يجيدها ترمب، ما يعني أن تصبح السياسة الخارجية على رأس قائمة أولويات الرئيس كجزء من استعداده لخوض حملة الانتخابات الرئاسية لعام 2020 المقبل.

يستمد ترمب الدعم لسياساته الخارجية، وفي القلب منها سياساته في الشرق الأوسط، من نجاحاته التي شعر بها الناخب الأميركي، وعلى رأسها قوة الاقتصاد والانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران وتخفيض الضرائب على الشركات والأشخاص، فالناخب الأميركي – كأي ناخب في أي بلد – همه الأول هو تلبية احتياجاته وتوفير مستلزماته ومتطلباته من بنى تحتية وتعليم وصحة ووظائف، ولا تمثل سياسات بلاده في الشرق الأوسط إلا جزءًا صغيرًا من بين تلك الاهتمامات. ولعل حسم الجمهوريين لأغلبية مجلس الشيوخ وحكام الولايات، تدلل على رضا الناخب الأميركي عن قرارات وسياسات الرئيس ترمب في الشرق الأوسط، خاصة قرار الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني وإعادة العقوبات على طهران، باعتبار هذه القضية هي أكثر القضايا التي تحظى بمتابعة المواطن الأميركي.

في الوقت نفسه، يعلم الديموقراطيون أن الرئيس ترمب أعاد دور أميركا الفاعل بقوة في منطقة الشرق الأوسط – المنطقة الأكثر اضطرابًا وإزعاجًا على مستوى العالم – بعد سياسات الرئيس السابق أوباما التي كانت تهدف إلى تخلي واشنطن عن دورها في هذه المنطقة. وبالتالي، فإن أي محاولة من الديموقراطيين من أجل التدخل مرة أخرى بشكل مغاير لسياسات ترمب في الشرق الأوسط، ستقابل بامتعاض كبير في صفوف الناخبين الذين شهدوا استعادة الدور الأميركي في المنطقة على يد الرئيس، بعد أن تمكن من إحياء بعض الخطط التي كان قد نالها الجمود إبان رئاسة باراك أوباما للبلاد.

ورغم عودة الدور الأميركي في المنطقة، فإن ترمب لم يقحم المواطن الأميركي في هذه العودة بشكل يهدد حياته، والحديث هنا عن تدخل أميركي عسكري أو شن حروب في المنطقة تستلزم وجود جنود أميركيين سيكونون عرضة – بالطبع – للموت، وأبقى ترمب مستوى التفاعل الأميركي مع مشكلات المنطقة عند حده الأدنى الممكن، مستثمرًا الجهود الدبلوماسية والوجود العسكري أفضل استثمار.

كذلك، لا يجب أن يغفل من يراهن على عرقلة ديموقراطية لسياسات ترمب في الشرق الأوسط، أن الرئيس الأميركي يُنظر إليه على أنه صاحب فضل كبير في دحر تنظيم “داعش” الإرهابي، بعد أن تكبد التنظيم خسائر فادحة جراء التحالف الدولي ضد التنظيم الإرهابي. ومع أن التحالف نشأ في عهد أوباما، فإنه اكتسب زخمًا كبيرًا بعد تنصيب ترمب، بالإضافة إلى أن الناخب الأميركي الذي لا ينشغل كثيًرا بقضايا السياسة الخارجية، سيكون ما يترسخ في ذهنه هو أن القضاء على “داعش” تم في عهد ترمب.

ولم تكن “داعش” فقط هي التي اهتم ترمب بسحقها، فقد دخلت الولايات المتحدة في حملة تواصلات مباشرة وأخرى غير مباشرة مع مختلف القوى المعادية النشيطة أو المحتملة من حركة طالبان المتمردة في أفغانستان حتى الميليشيات الشيعية المسلحة في العراق. وعلى الجانب الآخر، استعادت إدارة ترمب، بل وعززت، من روابطها مع حلفاء الولايات المتحدة التقليديين في المنطقة. تلك الروابط التي نالها الوهن، أو لم تلقَ الاعتناء الكافي من قبل إدارة باراك أوباما السابقة. كما تشير المبادرة الأميركية الأخيرة بشأن الأزمة في اليمن إلى رغبة واشنطن في الاضطلاع بدور أكثر زخمًا ونشاطًا في الشرق الأوسط الذي تمزقه الصراعات.

أيضًا، سجل ترمب نجاحًا مهمًا في ملف يجمع بين السياسة الأميركية في الشرق الأوسط، وبين اهتمامات المواطن الأميركي الداخلية، وذلك عندما تمكن من إطلاق سراح القس الأميركي  “أندرو برونسون” الذي عاد إلى الولايات المتحدة بعد قضاء عامين في السجن بتركيا، رغم اتهام الأخيرة له بالتجسس، إلا أن الرئيس الأميركي نجح في إعادة القس سالمًا إلى بلاده.

لقد اتفق عدد من المعلقين على ما بات يُطلق عليه “مبدأ ترمب”، وهو صياغة السياسات استنادًا إلى المصالح الوطنية المستنيرة، وهو جزء من التجارة الدولية التي برز آخر أمثلتها في الانتخاب المفاجئ للسياسي الراديكالي “جايير بولسونارو” رئيسًا للبرازيل. وإذا كانت انتخابات التجديد النصفي قد أفرزت أغلبية ديموقراطية، فإن الكونجرس الأميركي لن يخرج بعيدًا عن الالتزام بمواءمات هذا المبدأ الذي بات يواجه نصيبه الحتمي من الاختبارات الحاسمة عبر العامين المقبلين.

لقد أثبتت نتائج الانتخابات الأخيرة نجاح سياسات ترمب في الشرق الأوسط ورضا المواطن الأميركي عنها. ومن ثَمَّ، إذا كانت هناك مشاريع يقدمها ترمب، خاصة بسياسات الشرق الأوسط، ويقابلها الكونجرس بالرفض، فإن هذا سيكون نقطة سلبية على الكونجرس، بشكل يثير الشعب الأميركي الذي انتخب الرئيس، وهو ما لا يرغب فيه الحزب الديموقراطي. لذلك، لن يغامر بالتضحية بفرص المنافسة في انتخابات الرئاسة المقبلة، من أجل الانخراط في سياسات المنطقة التي لا تشغل بال الناخب الأميركي إلا قليلاً، خوفًا من أن يتهم ترمب المجلس الديمقراطي بتعطيل سياساته والمزايدة على الأمر، حتى يبدو في عيون الناخبين الأميركيين وكأنه ضحية الديمقراطيين، ما يكسبه زخمًا جديدًا في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

 

الشرق الأوسط والأغلبية الديموقراطية.. في نقاط

– لن يتأثر الشرق الأوسط بأغلبية الديموقراطيين، فالسياسة الخارجية تظل إلى حد بعيد من صلاحيات الرئيس، والرؤساء السابقون، مثل: أوباما، ودبليو بوش، استمروا في سياستهم الخارجية حتى بعد خسائر أحزابهم انتخابات التجديد النصفي.

– الانتخابات لم تظهر قضايا سياسة الشرق الأوسط بشكل كبير في أذهان الناخبين، بل كان التركيز من كلا الحزبين على ملفات داخلية بحتة.

– لن تهتم الأغلبية الديموقراطية كثيرًا بالسياسات الأميركية في الشرق الأوسط، وستركز فقط على الملفات الداخلية التي تهم الناخب الأميركي.

– لن يغامر الديموقراطيون بالتضحية بفرص المنافسة في انتخابات الرئاسة المقبلة، بعرقلة سياسات ترمب في الشرق الأوسط، خوفًا من اتهامهم بتعطيل سياسات الرئيس، ويبدو في عيون الناخبين الأميركيين وكأنه ضحية الديمقراطيين، ما يكسبه زخمًا جديدًا في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

– هناك اتفاق على الالتزام بـ”مبدأ ترمب”، وهو صياغة السياسات استنادًا إلى المصالح الوطنية المستنيرة، والكونجرس لن يبتعد عن هذا الالتزام.

– تركيز الديموقراطيين على الملفات الداخلية، سيمكن ترمب من التركيز على السياسات الخارجية، المجال الذي يمكنه العمل فيه بحرية أكبر.

– يستمد ترمب الدعم لسياساته الخارجية، وفي القلب منها سياساته في الشرق الأوسط، من نجاحاته التي شعر بها الناخب الأميركي، وعلى رأسها قوة الاقتصاد، والانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، وتخفيض الضرائب على الشركات والأشخاص.

– ترمب أعاد دور أميركا الفاعل بقوة في الشرق الأوسط على عكس سياسات أوباما، وأي محاولة ديموقراطية للتدخل بشكل مغاير لسياسات ترمب في المنطقة، ستقابل بامتعاض كبير في صفوف الناخبين الذين شهدوا استعادة الدور الأميركي في المنطقة على يد الرئيس.

– ترمب تمكن من إحياء بعض الخطط التي كان قد نالها الجمود إبان رئاسة باراك أوباما للبلاد.

– الرئيس الأميركي يُنظر إليه على أنه صاحب فضل كبير في دحر تنظيم “داعش” الإرهابي، بعد أن تكبد التنظيم خسائر فادحة خلال فترة رئاسة ترمب.

– دخل ترمب حملة تواصلات مباشرة وأخرى غير مباشرة مع مختلف القوى المعادية النشطة أو المحتملة بداية من تنظيم القاعدة، مرورًا بحركة طالبان الأفغانية، وصولاً إلى المليشيات الشيعية المسلحة في العراق.

– استعادت إدارة ترمب، بل وعززت، من روابطها مع حلفاء الولايات المتحدة التقليديين في المنطقة. تلك الروابط التي نالها الوهن خلال إدارة أوباما.

– المبادرة الأميركية الأخيرة بشأن الأزمة في اليمن تؤكد رغبة واشنطن في الاضطلاع بدور أكثر زخمًا ونشاطًا في الشرق الأوسط الذي تمزقه الصراعات.

– ترمب تمكن من إطلاق سراح القس الأميركي “أندرو برونسون” الذي عاد إلى الولايات المتحدة بعد قضاء عامين في السجن بتركيا، رغم اتهام الأخيرة له بالتجسس.

– حسم الجمهوريين لأغلبية مجلس الشيوخ وحكام الولايات تدلل على رضا الناخب الأميركي عن سياسات ترمب في الشرق الأوسط، خاصة الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني وإعادة العقوبات على طهران.

– من المتوقع أن تصبح السياسة الخارجية على رأس قائمة أولويات الرئيس كجزء من استعداده لخوض حملة الانتخابات الرئاسية لعام 2020 المقبل.

 

وحدة الدراسات السياسية

المراجع

– انتخابات التجديد النصفي: الديمقراطيون ينتزعون مجلس النواب والجمهوريون يحتفظون بأغلبية “الشيوخ”، موقع “بي بي سي”. https://bbc.in/2PhOrH9

– دليل تفاعلي: انتخابات التجديد النصفي الأميركية، موقع “بي بي سي”. https://bbc.in/2OzldOv

– ترمب: نتائج الانتخابات أكبر مكسب لحزب منذ عهد كينيدي، موقع سكاي نيوز عربية.

– أول تعليق لترمب على نتائج الانتخابات النصفية 2018، موقع “سي إن إن”. https://cnn.it/2PgU5Jw

– انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأميركي وما تسفر عنه من آثار، موقع سبوتنيك.  

– انتخابات التجديد النصفي وسياسات ترمب الخارجية، جريدة الشرق الأوسط

– خبير: نتائج انتخابات الكونجرس لن تؤثر على سياسة ترمب بالشرق الأوسط ، بوابة العين الإخبارية

– السيطرة على الكونغرس وتقييم ترمب محور الانتخابات النصفية، موقع سكاي نيوز عربية

– في صحف عربية: هل أصبحت يد دونالد ترمب مغلولة؟ موقع “بي بي سي”. https://bbc.in/2PNIS2v

– ماذا يعني فوز الديمقراطيين بأغلبية مجلس النواب الأميركي؟موقع “سي إن إن”.https://cnn.it/2JQ7CSk.

– خبير: نتائج انتخابات الكونغرس ستؤثر على سياسة أميركا الخارجية، موقع سبوتنيك.

– كيف ستؤثر الانتخابات النصفية على ترمب؟ موقع سكاي نيوز عربية

– ترمب: نتائج التجديد النصفي “تحدت التاريخ”، موقع “بي بي سي”.https://bbc.in/2FdbzBJ

– ماذا يعني مجلس نواب ديمقراطي لترمب؟ جريدة الشرق الأوسط

– Democrats won the House, but Trump won the election, ED Rogers, washingtonpost.

https://wapo.st/2FaFzyj

– What will House Democrats fight the Trump administration on first?, theguardianm. https://bit.ly/2OvQcLj

– كونجرس 2018.. تكافؤ الأضداد في الروح الأميركية، بوابة العين الإخبارية. https://bit.ly/2FajEat

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر