سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
حلمي النمنم
هناك أزمة معلنة بين فرنسا من جانب، والولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا من جانب آخر، فقد عقد تحالف دفاعي بين الدول الثلاث في مواجهة الصين، وبمقتضى ذلك التحالف ألغت أستراليا فجأة تعاقدها مع فرنسا على استيراد غواصات فرنسية الصنع.
مسؤول فرنسي رفيع المستوى قال: «إن إلغاء الصفقة يترتب عليه خسارة مادية كبيرة لفرنسا، والخسارة الأبعد هي تراجع صادرات فرنسا من الأسلحة على مستوى العالم».
فرنسا، قررت استدعاء سفيريها في كل من الولايات المتحدة وأستراليا للتشاور، وهو إجراء دبلوماسي يعبر عن قمة الغضب، أما جان إيف لودريان، وزير خارجية فرنسا فأبدى امتعاضه من بريطانيا وقال: «لقد اعتدنا منهم على الانتهازية»!
إن المعنى الأعمق للخطوة الأميركية أنها قررت المضي في المواجهة مع الصين بعيداً عن الاتحاد الأوروبي، فخروج بريطانيا من الاتحاد ضمن للأخيرة مقعداً تستريح إليه – تاريخياً – إلى جوار الولايات المتحدة، فالقضية مع الصين أميركية في المقام الأول.
عموماً ليست هذه الأزمة الأولى التي تعانيها فرنسا مع الولايات المتحدة، فقد حدثت أزمة أشد عام 2003، حين كانت إدارة جورج بوش الابن تبني تحالفاً دولياً لغزو العراق وإسقاط الرئيس الراحل صدام حسين، وكانت فرنسا ضد هذه الخطوة. وقتها تحدث رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق دومينيك دو فيلبان في مجلس الأمن مندداً بتلك الخطوة ومدافعاً عن العراق، وأثبتت الوقائع فيما بعد دقة الموقف الفرنسي، ولفترة تأزمت العلاقات الفرنسية – الأميركية.
نحتاج في عالمنا العربي لتأمل ذلك المشهد، لنتبين ألا تطابق في المواقف السياسية بين دولتين على طول الخط، حتى لو كانتا في معسكر وموقع فكري وحضاري واحد أو متقارب جداً، ومهما كانت الروابط والمواقف التاريخية بينها، لنتذكر أن بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة خاضت معاً الحرب العالمية الثانية ضد «هتلر»، فيمكن أن تلتقي المصالح في موقف وتتباعد في موقف آخر، ولحظة الالتقاء لا تعني «الاندماج»، كما أنها ليست زواجاً كاثوليكياً، ليست هناك شيكات مفتوحة في العلاقات بين الدول؛ التقارب والتباعد واردان، كما أن «التباعد» في موقف ما لا يعنى العداء بالضرورة ولا يستدعي حروب «داحس والغبراء» التي برعنا فيها تاريخياً.
ولنتأمل كذلك كيف تدار الخلافات، فلا حروب وخصومات إعلامية تؤذي الشعوب نفسها أو تحاول المساس بكبرياء المجتمعات والمواطنين، أو تنهش في تاريخ كل دولة وتمس استقرارها أو وجودها ذاته، ذلك أن الجميع يدركون ويعون تماماً أن «الخلاف سنة الحياة ومرادف لها»، لذا يتقبلون الأمر!
المصدر: صحيفة الرؤية
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر