الآثار المترتبة على الأصول المكتسبة في جنوب إفريقيا | مركز سمت للدراسات

الآثار المترتبة على الأصول المكتسبة في جنوب إفريقيا

التاريخ والوقت : السبت, 23 نوفمبر 2019

كيفين لينجز

 

في عام 2019، صرح المؤتمر الوطني الإفريقي بوضوح في مبادئه الحزبية أن الحزب سيحقق في تطبيق نظام الأصول المكتسبة في أموال المؤسسات المالية للبحث عن مصادر جديدة للاستثمار في التنمية الاجتماعية والاقتصادية.

من المعروف أن ذلك، بالإضافة إلى البيانات السابقة بشأن تطبيق الأصول المكتسبة من كبار مسؤولي المؤتمر الوطني الإفريقي بمن فيهم وزير التجارة والصناعة، قد أثار القلق بين مجموعة كبيرة من المستثمرين محليًا ودوليًا.

فبصفة خاصة، انتاب المساهمون القلق من أنه في مرحلة ما في المستقبل ستفرض حكومة جنوب إفريقيا معاشًا محليًا وصناديق تقاعد، بالإضافة إلى غيرها من مدخرات التقاعد لتحويل جزء كبير من أصولهم لتمويل عبء الدين الكبير والمتنامي في القطاع العام. وسيتضمن ذلك على الأغلب التمويل الإجباري للمشروعات الهشة التي تملكها الدولة مثل “إسكوم”.

ولقد أدى التدهور الملحوظ في المؤشرات المالية الأساسية للحكومة في السنوات الأخيرة إلى زيادة كبيرة في حجم دين القطاع العام، وتدهور التصنيف الائتماني، وزيادة التخوف من الصعوبات التي قد تواجهها الحكومة في جمع الأموال اللازمة لسوق السندات المحلي.

وفعلاً معظم المشروعات التي تملكها الدولة غير قادرة على جمع التمويل اللازم لسوق السندات، وأصبحت معتمدة بالكامل على تحويلات الحكومة. ومن بين المخاطر الأساسية التي تواجه استمرار الاستقرار المالي في جنوب إفريقيا، زيادة تكلفة الدين الحكومي، الذي أصبح الآن من أسرع عناصر الإنفاق الحكومي نموًا.

هل يشكل تطبيق الأصول المكتسبة تهديدًا؟

يستند دعم الأصول المكتسبة داخل المؤتمر الوطني الإفريقي إلى كون الاستثمار في القطاع الخاص لا يدعم حاليًا الاستثمارات الثابتة في جنوب إفريقيا ويحتاج إلى إعادة توجيه. ومع سرعة رصد قرارات المؤتمر الوطني الإفريقي، من المتوقع أن يبدأ العمل على نظام الأصول المكتسبة بنهاية العام.

ولكن سيكون على المؤتمر الوطني الإفريقي أن يعي أن إدارة الأموال تنطوي على التزام ائتماني بإدارة أموال العملاء بشكل حكيم ومسؤول. وينص تمهيد القانون رقم 28 على “أن صناديق الاستثمار لها واجب ائتماني وهو التعامل بما يصب في مصلحة أعضاء الصندوق”. ومن ثَمَّ، سيكون من الصعب إحداث توافق يبين سياسة الأصول المكتسبة والمسؤوليات الملقاة على عاتق أمناء صناديق المعاشات بموجب القانون رقم 28، الذي يحد من قدرة الحكومة على تطبيق الأصول المكتسبة بدون إجراء تعديل على القانون 28.

وبالنظر إلى الماضي، لا تتمتع جنوب إفريقيا بسابقة أعمال جيدة في هذا المجال. فخلال عصر التفرقة العنصرية، طبقت الحكومة سياسة الأصول المكتسبة التي نُفذت بموجب قانون صناديق المعاشات واستمرت ثلاثة عقود من 1956 إلى 1989. وقد تكون سياسة الأصول المكتسبة قد نجحت في ذلك الوقت في إعادة توجيه رأس المال من القطاع الخاص إلى القطاع العام، ولكن ترتب عليها عدد من النتائج غير المرجوة، وهو ما لم يمكن أمناء صناديق المعاشات من تحقيق مصلحة أعضائه.

وقد يزيد مد متطلبات الأصول المكتسبة لغيرها من أشكال مدخرات التقاعد وشركات الاستثمار من تخصيص الأصول لدين القطاع العام.

وقد يؤثر إعادة تطبيق سياسة تقرر نسبة محددة من استثمارات القطاع العام بشكل كبير على الشعب الجنوب إفريقي محققًا أضرارًا تتجاوز مجرد التأثير على عوائد التقاعد. وبصفة عامة، قد تقلل هذه السياسة من ثقة المستثمرين الدوليين والمحليين، وتشجع على هروب رؤوس الأموال الأجنبية، وتثبط المدخرات التقديرية، وتضعف التصنيف الائتماني الدولي لجنوب إفريقيا، وتحد من قدرة البلاد على جمع التمويل الأجنبي.

لكن.. هل يمكن الحد من هذه الأضرار؟

يمكن الحد من الأضرار، ولكن في رأيي تحتاج الحكومة إلى تطبيق المعايير التالية:

تحدد فئة واضحة المعالم للأصول المكتسبة.

يجب أن تقل نسبة الأصول المكتسبة قدر الإمكان لتجنب تركز المخاطر، وقلة التنوع، والتعرض للأخطار السيادية. كما ينبغي أن تكون النسبة في نطاق محدد بدلاً من نسبة محددة مع منح صناديق المعاشات فترات أطول لتحقق متطلباتها.

يجب أن تستخدم أموال الأصول المكتسبة في الاستثمار في تنمية البنية التحتية أو مشروعات مماثلة ولا ينبغي استخدامها في أغراض الاستهلاك. فذلك سيحد من فرصة تآكل ثروات صناديق المعاشات ويحقق الأغراض الإنمائية.

كما ينبغي وضع قواعد ملزمة بشأن تنفيذ سياسة الأصول المكتسبة، وبصفة خاصة القواعد التي تحد من قدرة الحكومة على زيادة النسبة اعتباطًا.

هل يمكن أن تكون فرصة؟

هناك سياسات أفضل بكثير لتحقيق نفس النتائج ومنها الشراكات بين القطاعين العام والخاص؛ حيث يؤكد التاريخ على شهية القطاع الخاص تجاه برامج الاستثمار المعدة جيدًا في القطاع العام. ويوجد لدى البلاد ـ بالفعل ـ نماذج لبرامج ناجحة مثل برنامج جنوب إفريقيا لمشتريات الطاقة المتجددة المستقلة (REIPPP).

وقد يكون من بين الحلول قصيرة الأمد أيضًا بيع الأصول غير الاستراتيجية للحكومة، مثل: ملكية الأسهم في الكيانات المدرجة، وملكية الأسهم غير الاستراتيجية في المشروعات الحكومية، وفائض الأرصدة النقدية في الكيانات العامة.

فمن الواضح من مختلف الأبحاث أنه عندما تزاحم الحكومة القطاع الخاص، تميل أنشطة الاستثمارات الثابتة إلى الضعف وينخفض النمو الاقتصادي، وخاصة إذا صاحب ذلك عدم تيقن في السياسات. وسيكون لتطبيق سياسة الأصول المكتسبة نفس العواقب، وخاصة مع قلة المدخرات في جنوب إفريقيا واعتماديتها على الاستثمار الأجنبي.

وقد نجحت عدة دول في استخدام الأصول المكتسبة، في حين لا تشجع المؤسسات متعددة الأطراف، مثل صندوق النقد الدولي، على استخدامها.

ومن ثَمَّ، سيكون لفرض الأصول المكتسبة نتائج بعيدة المدى تتخطى عوائد فئة الأصول وإجراءات المخاطر. وبصفة خاصة، ستؤدي إلى قلة الثقة بين المستهلكين والمشروعات وتتسبب في التدفق الخارجي لرؤوس الأموال، مع خفض التصنيف الائتماني لجنوب إفريقيا. وفي نفس الوقت، هناك الكثير من البدائل تعدُّ أكثر جاذبية وأقوى فاعلية من فرض الأصول المكتسبة التي تؤدي إلى نتائج مماثلة وبدون التداعيات السلبية غير المرجوة.

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

المصدر: fin24

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر