اقتصاد كوريا الشمالية يعاني أكبر أزمة له منذ عشرين عاما | مركز سمت للدراسات

اقتصاد كوريا الشمالية يعاني أكبر أزمة له منذ عشرين عاما

التاريخ والوقت : الإثنين, 23 يوليو 2018

آم تايلور

 

شهد اقتصاد كوريا الشمالية أكبر هبوط له منذ عقدين بسبب العقوبات الدولية المفروضة عليها، وذلك وفقًا لتقديرات البنك المركزي في “بيونغ يانغ”. وتشير تلك التقديرات إلى أن الحملة التي يقودها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، تحت مسمى حملة “الحد الأقصى من الضغط”، قد أثرت بشدة في الاقتصاد الكوري الشمالي، رغم نفي مسؤولي “بيونغ يانغ” ذلك مرارًا، لكن ذلك دفعهم إلى الدخول في مفاوضات مع الولايات المتحدة خلال العام الجاري.

ووفقًا لبيان صادر عن البنك المركزي الكوري الجنوبي، فإن الناتج المحلي لكوريا الشمالية، انخفض بنسبة 3.5% عام 2017. وقد كان آخر مرة يلاحظ فيها هبوط مماثل للاقتصاد الكوري الشمالي عام 1997، حينما انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 6.7% عندما عانت البلاد مجاعة كارثية أسفرت عن مقتل الملايين.

وقد استقر الاقتصاد الكوري الشمالي بدرجة كبيرة في نهاية التسعينيات، مما أدى إلى انخفاض محدود، وفقًا للتقدير السنوي لبنك كوريا، حيث وصلت عام 2016 إلى 3.9% وهي أكبر طفرة عرفها الاقتصاد الكوري الشمالي على مدار أكثر من عقد من الزمان.

ومن الواضح أن العقوبات التي فرضها كل من مجلس الأمن الدولي، والولايات المتحدة، قد أصابت اقتصاد “بيونغ يانغ” في مقتل، العام الماضي، رغم التكهنات بعكس ذلك. ووفقًا لتقديرات البنك الكوري، فإن إجمالي التجارة الخارجية لكوريا الشمالية، انخفض بنسبة 15% ليصل إلى 5.55 مليار دولار، مع انخفاض الصادرات بنسبة 37.2% خلال نفس العام.

والواضح أن كوريا الشمالية، لم تجرِ أية اختبارات صاروخية منذ 28 نوفمبر 2017، عندما أطلقت نوعًا جديدًا من الصواريخ الباليستية العابرة للقارات التي ادعت أنها قادرة على حمل رؤوس نووية ثقيلة. وفي أبريل من نفس العام، أعلن الرئيس الكوري الشمالي “كيم جونغ أون” أنه سيعلق كل تجارب الصواريخ والأسلحة النووية.

ففي 12 يونيو، التقي “كيم” مع الرئيس الأميركي “ترمب” في سنغافورة؛ حيث اتفق الطرفان على العمل من أجل نزع السلاح النووي في شبه الجزيرة الكورية. وبدا الرئيسان في وسائل الإعلام الرسمية بكوريا الشمالية، متعهدين بالابتعاد عن اختبار الأسلحة النووية كدليل على الحالة المتقدمة التي وصل إليها برنامج “بيونغ يونغ”، في حين قلّل دبلوماسيو كوريا الشمالية من تأثير العقوبات المفروضة على “بيونغ يانغ”.

وقد أعرب المفاوض النووي الكوري الشمالي “كيم يونغ تشول” لوزير الخارجية الأميركية، عن نية بلاده التوجه ببرنامجها النووي إلى ناحية أخرى، حيث برر “تشول” ذلك التحول بأنه لم يأتِ نتيجة العقوبات، بل لقناعة لدى بلاده.

رغم ذلك، فإن الطبيعة السرية لكوريا الشمالية، تضفي قدرًا من الصعوبة على إمكانية قياس حجم اقتصاد كوريا الشمالية، لكن الباحثين يعتبرون أن تقديرات بنك كوريا أكثر دقة في هذا الخصوص.

إلا أن هناك من يرى أن الانخفاض الحاد في الصادرات، العام الماضي، إنما جاء نتيجة تأثير مباشر للعقوبات الاقتصادية من قبل الأمم المتحدة وواشنطن، وهو ما يذهب إليه الخبير الاقتصادي الكوري الشمالي، والأستاذ في جامعة “سيول” الوطنية، “كيم بيونغ يون”. كما أن العقوبات التي فرضتها الصين، وهي أكبر الأسواق الخارجية لكوريا الشمالية، مثلت هي الأخرى ضربة قوية في هذا السياق؛ فقد أعلنت “بكين” العام الماضي، أنها ستحظر استيراد خام الحديد والفحم من كوريا الشمالية بحجة أن تتوافق سياساتها مع عقوبات الأمم المتحدة. كما أظهرت بيانات بنك كوريا، أن التعدين لدى الشماليين شهد انخفاضًا بنسبة 11%، العام الماضي، وهو ما يعود بدرجة كبيرة إلى الانخفاض الحاد في قطاع الفحم. وأشارت التقديرات إلى أن صادرات المنتجات المعدنية بنسبة 55.7% على الأساس السنوي. وقد تزامن ذلك مع توسيع العقوبات المفروضة بعد أن أجرت “بيونغ يانغ” مجموعة متنوعة من الصواريخ الباليستية المتطورة العابرة للقارات، بشكل متزايد، إضافة إلى شكوك في مساعي “بيونغ يانغ” لتطوير قنبلة هيدروجينية، وقد جاء تسويغ العقوبات في إطار استراتيجية “الحد الأقصى من الضغط” التي اتبعتها الولايات المتحدة في إطار حملة عالمية لعزل كوريا الشمالية دبلوماسيًا واقتصاديًا.

وقد تعززت تلك العقوبات التي أعلنت عنها واشنطن في أغسطس الماضي، عن طريق إزالة أجزاء من العقوبات السابقة التي حاولت تجنب العقوبات الإنسانية، وقد صرح وزير الخارجية الأميركية “بومبيو” أن العقوبات ستبقى سارية في أثناء المفاوضات مع كوريا الشمالية، في حين غرد “ترمب” قائلاً: “لا يوجد اندفاع، فالعقوبات باقية لا محالة”.

ومع ذلك، ربَّما يكون من الصعوبة الحفاظ على الإجماع الدولي في هذا السياق؛ فقد اقترح السفير الروسي لدى كوريا الشمالية “ألكسندر ما تسغورا”، على مجلس الأمن أن يبقى مستعدًا لمناقشة رفع العقوبات عن كوريا الشمالية، في حين أوقفت الصين وروسيا محاولات الحد من مبيعات النفط المكرر إلى “بيونغ يانغ”، إلا أن كوريا الشمالية ترى أن تحولها جاء نتيجة لرؤية مفادها ضرورة التحول إلى التنمية الاقتصادية بعد أن تمكنت من تطوير قدراتها العسكرية، فخلال جولة أخيرة في مصانع كوريا الشمالية تحدث “كيم” عن خلل في أداء المسؤولين المحليين بسبب ضعف العمل وانخفاض معدلات الإنتاجية.

 

المصدر: صحيفة واشنطن بوست الأميركية

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر