سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
مارتن جيلين
كانت “أنيكا أناس”، المديرة التنفيذية لشركة التطوير السويدية “أرتيوم لونبيرج”، تنظر عبر ساحة الانتظار الشاسعة في «سيلكا»، في الضواحي الجنوبية لاستوكهولم، وقالت: “كل هذا سيختفي”، مشيرة إلى السيارات بالقرب من المستودعات القديمة ذات المتاجر غير الجذابة، وسيحل محلها منطقة بيئية جديدة مبنية من الخشب المصمم هندسياً، والتي تقول الشركة المطورة إنها ستكون الأكبر من نوعها في العالم.
سيضم الحي 7000 مكتب و2000 منزل بالإضافة إلى متاجر ومطاعم، وسيعتمد على مصادر الطاقة النظيفة. تطلق شركة “أرتيوم لونبيرج” هذا المشروع الطموح خلال فترة تشهد تقلبات في سوق العقارات السويدية، إذ تسبب ارتفاع معدلات التضخم وأسعار الفائدة في حدوث فوضى في سوق العقارات هذا العام، مع العديد من حالات الإفلاس وانخفاض قيمة المساكن.
هذا إلى جانب الاضطرابات في أسعار الأخشاب وعمالة البناء وتغير المناخ السياسي، حيث تعمل الحكومة السويدية الجديدة على تقليل الاهتمام بالمخاوف البيئية. يمكن أن تصبح خطة التطوير الهائل لكتل الأخشاب – فئة من مكونات المباني الخشبية التي تم تصنيعها لتكون قوية للغاية – نموذجاً عالمياً، مما يؤدي إلى استخدام أوسع للمادة، والتي يقول المؤيدون والباحثون إنها يمكن أن تقلص بشكل كبير بصمات الكربون في المدن. لكن أولاً، سيتعين عليها أن تتغلب على الرياح القوية داخل البلاد. تقول أناس: “بالتأكيد، هناك الكثير من التقلبات في الوقت الحالي. لكن قطاع العقارات سيتعافى بالتأكيد”.
وأضافت: “المنازل مهمة بشكل لا يصدق، وسيكون هناك طلب مستمر. سنبدأ في البناء في عام 2025 وسينتقل المستأجرون في غضون عامين بعد ذلك، لذا بالنظر إلى الدورات الاقتصادية، أعتقد أن توقيتنا قد يكون مثالياً”.
وتشير إلى أنه سيتم بناء المشروع على مراحل، وأن”أرتيوم لونبيرج” تمتلك الأرض، مما أدى إلى خفض تكاليف المشروع الأولية. وترى أناس أن الأمر الأكثر خطورة في عصر تغير المناخ، هو محاولة الحفاظ على الوضع الراهن: “في غضون سنوات قليلة لن يهتم أحد بالمباني إذا لم يفكروا في الاستدامة”. في السويد، تعد انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن البناء هدفاً واضحاً. وعلى الصعيد العالمي، يأتي القطاع في المرتبة الثانية بعد النقل من حيث الضرر الذي يلحق بالبيئة.
جاء حوالي 37% من الانبعاثات العالمية المتعلقة بالطاقة من عمليات التشييد والبناء في عام 2021، وفقا لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة. ويساهم الأسمنت وحده بنسبة 8% من انبعاثات الكربون في العالم، أي أكثر من ثلاثة أضعاف ما يساهم به الطيران.
وتعتبر مدينة استوكهولم الخشبية (استوكهولم وود سيتي) مثالاً على كيفية انتقال السويد من الفولاذ الثقيل والخرسانة إلى الأخشاب المتجددة. ولا عجب. يقول “بير هيدبيرج”، مؤسس “فيركيسبورسين” Virkesbörsen، وهو سوق رقمي لصناعة الأخشاب السويدية يضم 50,000 عميل: “السويد في وضع فريد للاستفادة من هذا التحول العالمي. إذ إن معظم الدولة تقريباً تتألف من الغابات”.
في يونيو، قام متخصصون ومسؤولون في مجال البناء من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأيرلندا واليابان بزيارة السويد لمشاهدة مبانيها الخشبية الحديثة البارزة، حيث زاروا أول ناطحة سحاب خشبية بالكامل في البلاد، والتي تضم شققاً مبنية على طراز معياري، ومصنع نسيج تاريخياً بعد توسعة جديدة مؤطرة بالخشب في استوكهولم. الاتجاه ليس فقط للمباني التذكارية المعمارية ولكن للمباني العادية أيضاً. حتى بعض سلاسل المتاجر الكبرى تُبنى الآن في الغالب من الخشب، وفقاً لسوزان رودنستام، رئيسة الوكالة الوطنية السويدية للمباني الخشبية الحديثة. قبل خمس سنوات، توقعت الوكالة مضاعفة المباني الخشبية التي تضم العديد من العائلات.
تأسست وكالة رودنستام – وهي منظمة شاملة للبناء الخشبي – بدعم حكومي في عام 2005. وهي مثال واحد على كيفية دمج السويد بين مزاياها الطبيعية وتقاليدها العريقة في بناء المنازل الخشبية مع الجهود المتضافرة لتصبح مركزاً عالمياً للأبنية الخشبية الحديثة. وقامت الحكومة بتحديث اللوائح للسماح للمباني الخشبية ذات الطوابق المتعددة. (لسنوات عديدة، لم يكن يسمح بأن يزيد ارتفاع المبنى عن طابقين).
“هناك أيضاً مجموعة مهمة من المواهب في جميع أنحاء سلسلة التوريد بأكملها، من صناعة الأخشاب إلى المهندسين المعماريين والمطورين والمخططين الحضريين”، بحسب كارينا كارلمان، رئيس قسم البحث وتطوير الأعمال في معهد الأبحاث الحكومي “رايز”، الذي يعمل مع “أرتيوم لونبيرج”، في استوكهولم وود سيتي. يقول هيدبيرج: إن مالكي الأراضي وشركات الأخشاب أصبحوا أيضاً أكثر وعياً للمخاوف البيئية، ويرجع ذلك جزئياً إلى الأحداث المناخية القاسية مثل إعصار “جودرون” Gudrun في عام 2005، الذي دمر المزيد من الأخشاب في السويد أكثر مما يتم تسجيله عادةً على أساس سنوي.
يقول: «يفضل العديد من [عملائنا] استخدام أخشابهم في المباني المستدامة بدلاً من رؤيتها تستخدم فقط في ورق التواليت». مع ازدياد ناطحات السحاب المصنوعة من الخشب (المباني الخشبية الشاملة) من فيينا إلى سيدني ومن سياتل إلى طوكيو، زادت السويد صادراتها من الأخشاب للمباني، خاصة إلى دول مثل فرنسا وهولندا، حيث تطلب الوكالات الحكومية الآن استخدام الأخشاب والمواد الحيوية في المباني العامة. هناك أيضا طلب متزايد من البلدان الواقعة على طول حافة المحيط الهادئ، حيث غالباً ما تُفضل المباني الخشبية باعتبارها أكثر مقاومة للزلازل.
لكن في السويد، تواجه الصناعة الآن أزمة العقارات. فقد كانت معدلات الفائدة المرتفعة والتضخم مدمرين لقطاع العقارات وقد يعرضان المشاريع الخضراء للخطر في جميع أنحاء البلاد. كما أدى ارتفاع أسعار الفائدة إلى انخفاض أسعار المساكن، مما أدى بالفعل إلى تباطؤ في بنائها. تقول رودنستام: “هناك خطر أن تؤخر هذه الأزمة التحول الأخضر في البناء بالسويد.
هناك أيضاً خطر هجرة العقول، حيث يؤجل المطورون المشاريع الكبيرة، ويبدأ المهندسون المعماريون والمهنيون ذوو المهارات العالية في البحث عن عمل في مكان آخر». وكما كانت أسعار الأخشاب متقلبة، مع تصاعد التضخم ما بعد الوباء بعد الحرب في أوكرانيا، مما أدى إلى فرض عقوبات على واردات الأخشاب من روسيا وبيلاروسيا. يتوقع هيدبيرج زيادة تدريجية في الأسعار خلال السنوات القليلة المقبلة.
المصدر: صحفية الاتحاد الإماراتية – خدمة واشنطن بوست لايسينج آند سينديكيشن
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر