سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
جيفري فرانكل
على مدار العام الماضي، ارتفعت قيمة الدولار مقابل اليورو بنسبة 12 %، وعند مستوى 0.93 من اليورو، يقترب من سعر التكافؤ. إذا بدت أسعار النفط والسلع الأساسية الأخرى المقومة بالدولار مرتفعة الآن، فإنها تبدو أكثر ارتفاعاً باليورو.
مع ارتفاع قيمة العملة الأميركية، وارتفاع معدلات التضخم في العديد من البلدان إلى مستويات غير مسبوقة منذ عقود من الزمن، فربما ندخل الآن ما يسمى «حروب العملة العكسية»، حيث تتنافس البلدان لتعزيز قيمة عملاتها أمام العملات الأجنبية.
في الأصل، كان مصطلح «حروب العملة» وصفاً مزخرفاً لما أسماه خبراء الاقتصاد الدولي لفترة طويلة «خفض القيمة التنافسي» (competitive devaluations)، أو بعد أن بدأ تعويم أسعار الصرف في أوائل سبعينيات القرن العشرين، «إنقاص القيمة التنافسي» (competitive depreciations). في هذه المواقف، تشعر البلدان بالظلم لأن شركاءها التجاريين يتعمدون ملاحقة سياسات تهدف إلى إضعاف عملاتها من أجل اكتساب ميزة غير عادلة في التجارة الدولية. قد ينشأ خفض القيمة التنافسي عندما تتضمن أهداف الاقتصاد الكلي الرئيسية في كل البلدان، بالإضافة إلى تعظيم نمو الناتج المحلي الإجمالي وتشغيل العمالة، تحسين موازينها التجارية، وهذا يصف بشكل عام العقود القليلة الأخيرة في الاقتصاد العالمي.
من ناحية أخرى، تنطوي حروب العملة العكسية على رفع قيمة العملة التنافسي. هنا، تتصور البلدان أن شركاءها التجاريين يحاولون عمداً تعزيز قوة عملاتهم من أجل كبح جماح التضخم.
في كلتا الحالتين، من المستحيل أن تلاحق كل البلدان مثل هذه الاستراتيجيات، لأنها من غير الممكن أن تحرك أسعار الصرف في ذات الاتجاه في وقت واحد. يُـنـظَـر إلى خفض القيمة التنافسي أو رفع القيمة التنافسي غالباً على أنه دليل على الافتقار إلى التعاون الدولي لتحقيق استقرار أسعار الصرف.
كانت الولايات المتحدة تسارع عادة إلى الادعاء بأن عملات الدول الأخرى مقومة بأقل من قيمتها الحقيقية بشكل غير عادل. منذ عام 1988، كان الكونغرس يطالب وزارة الخزانة بتقديم تقارير نصف سنوية حول ما إذا كان شركاء أميركا التجاريون الرئيسيون يتلاعبون بعملاتهم. وتُـعَـد الصين وغيرها من الدول الآسيوية الأهداف الأكثر شيوعاً، لكن سويسرا أيضاً كانت دائماً موضع شك، حتى على الرغم من أن الفرنك السويسري يمكن اعتباره بسهولة أغلى عملة رئيسية وفقاً لمعايير أخرى.
في فبراير من عام 2013، تولت وزارة الخزانة الأميركية قيادة شكل مصغر من اتفاق بريتون وودز، الذي بموجبه تمتنع دول مجموعة السبع عن اتخاذ أي خطوات لخفض قيمة عملاتها.
صيغت عبارة «حرب العملات» في عام 2010 من قِـبَـل قادة برازيليين احتجاجاً على السياسات النقدية التي تنتهجها الولايات المتحدة، واليابان، ودول أخرى. لم يتهموا بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أو بنك اليابان بخفض قيمة الدولار أو الين صراحة، أو التدخل في سوق الصرف الأجنبي لدفع قيمة هاتين العملتين إلى الانخفاض، بل اتهموهما بتبني سياسات نقدية مفرطة في التساهل. على نحو مماثل، لا أحد اليوم يتهم السلطات الأميركية باستخدام التدخل في الصرف الأجنبي لرفع قيمة الدولار. بل تدور الشكوى حول تسبب زيادات أسعار الفائدة الحالية من قِـبَـل الاحتياطي الفيدرالي في اجتذاب تدفقات رأس المال إلى الولايات المتحدة وتعزيز قوة العملة الأميركية، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة دولياً، وبالتالي الإبقاء على النمو العالمي دون المستوى الذي من الممكن أن يكون عليه.
لا يخلو الأمر من سوابق تاريخية للمخاوف من خفض القيمة التنافسي، وكان أبرزها في ثلاثينيات القرن العشرين، عندما خفضت القوى الكبرى عملاتها مقابل الذهب، وبالتالي مقابل بعضها بعضاً. ولكن هل توجد أيضاً سابقة لرفع القيمة التنافسي؟
زعم بعض المراقبين أن أوائل الثمانينيات قدمت مثل تلك السابقة، فعندما قرر الاحتياطي الفيدرالي بقيادة بول فولكر رفع أسعار الفائدة بشكل حاد لمكافحة التضخم، كان يعلم أن ارتفاع قيمة الدولار سيعينه على هذه المهمة.
المصدر: صحيفة البيان
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر