سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
بهزاد عبدالله بور
تواجه الصين حربًا تجارية مع الولايات المتحدة، فضلاً عن تباطؤ في معدلات النمو الاقتصادي، لكن الإنجازات الاقتصادية التي تحققت على مدار العقود السبعة الماضية منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية، تشير إلى أنها لا تزال تتمتع بمستقبل مشرق. والملاحظ أن الكثير من نجاح الصين يكمن في سياسات الإصلاح والانفتاح التي طبقها كبار القادة الصينيين، بداية من “ماو تسي تونغ”، و”دنغ شياو بينغ”، و”جيانغ تسه مين”، و”هو جين تاو” والزعيم الحالي “شي جين بينغ”، حيث اتبعوا جميعهم نفس مسار التنمية الشاملة على مدار السبعين عامًا الماضية. ومع ذلك، فقد سعى كل منهم إلى تحديث وتطوير عملية التنمية، وتمهيد الطريق للجيل التالي وذلك لتنفيذ الأفكار الأصلية التي لها خصائص صينية فريدة من نوعها.
التعايش السلمي
منذ تأسيسها في عام 1949، حملت الصين شعار “التعايش السلمي”، الذي أكد على توحيد البلدان ذات الأنظمة المختلفة لضمان التعايش السلمي. وفي الواقع، فقد تمَّ اعتبار هذا المفهوم بمثابة “حجر الأساس للسلام والتنمية”، إذ إن المبادئ الكامنة وراءه، وهي “المساواة والمنفعة المتبادلة والاحترام المتبادل للسلامة الإقليمية والسيادة”، كانت دائمًا تشكل الأفكار الأساسية التي تسعى جميع الأمم لتحقيقها في هذا العالم المعولم. ويمكن إرجاع جذور هذا المفهوم إلى التقليد الصيني المتمثل في إقامة عالمٍ متناغمٍ من أجل تحقيق الرخاء والسلام للجميع. ويركز “شي” أيضًا على مبدأ التعايش السلمي ودوره الهام في تاريخ السياسة العالمية والاقتصاد العالمي. وبالطبع، فإن هذا يوفر فرصةً للبشرية من أجل حل القضايا التاريخية والنزاعات السياسية.
التحديث الاشتراكي
على مدار السبعين عامًا الماضية، اقترح القادة الصينيون استراتيجيات تنمية مختلفة ركزت بالأساس على التحديث الاشتراكي ذي الخصائص الصينية، وأعلت من شأن السلام والاستقرار والازدهار العالميين ووضعتهم في المقدمة. وفي هذا السياق، أكد الرئيس “شي” على مفهوم “مركز واحد وقيمتين”، إذ يشير “مركز واحد” إلى التنمية الموجهة نحو الناس، وتشير “القيمتان” إلى “السلام والنظام العالميين” و”الرخاء الدائم”. ويدور هذا التحديث الاشتراكي أساسًا حول سياسات الانفتاح وبناء مجتمع مزدهر والحفاظ على اقتصاد مستدام وصحي وإقامة علاقات تعاونية متعددة الأطراف مع جميع العالم.
علاوة على ذلك، يسعى القادة الصينيون إلى تحديث الحكومة وقدراتها من أجل إنشاء نموذجٍ جديدٍ لعلاقاتها مع جميع دول العالم، بغض النظر عن توجهاتها الأيديولوجية أو نظم الحكم لديهم. وتقوم السياسة الخارجية الصينية على فكرة أن البشر يتشاركون في مصير مشترك. وفي الواقع، تتضمن رؤية المصير المشترك بين جميع الدول، فكرة التعاون المربح للجانبين، وإطار التنمية المشترك الذي يركز على سياسات التنمية السلمية وعدم التدخل. إضافة إلى ذلك، فقد سعت الصين من خلال مشاركتها في النظام الحالي للحكم العالمي، وزادت من مشاركتها في المنظمات الدولية. وهو ما يلعب دورًا مهمًا في الحفاظ على المعايير العالمية وإنفاذ القواعد، مما يشير إلى تصميمٍ واضحٍ على تعزيز تعددية الأطراف بدلاً من الأحادية في المجتمع الدولي.
التنمية المبتكرة
منذ عام 1949، كان التطوير المبتكر موجودًا في كل مكان على جداول الأعمال الصينية، حيث تسارعت وتيرة التنمية الاقتصادية والتكنولوجية والاجتماعية. فخلال السنوات السبعين الماضية، ظل القادة الصينيون يتعاملون دائمًا مع تخلف الصين في المجالات العلمية والتكنولوجية، ورأوا أنه من الضروري تضييق الفجوة بين الصين والبلدان النامية الأخرى. وفي هذا السياق، أشار “ماو تسي تونغ” إلى أنه “لا يمكننا الإصرار على مبدأ تطوير التكنولوجيا الجاهزة في مختلف البلدان في جميع أنحاء العالم، أي أننا لا نستطيع الزحف وراء الآخرين خطوة بخطوة. وبالتالي، فمن المتعين علينا تقسيم الروتين، وتطوير الصين إلى قوة عظمى من التحديث الاشتراكي في فترة تاريخية قصيرة باستخدام التكنولوجيا المتقدمة إلى أقصى حد ممكن”. إن الابتكار يوفر مفاهيم أكثر عمقًا وشمولية تغطي نمو الصين في المجالات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية ويمكن أن تتجاوز أي إنجاز ابتكاري في تاريخ البشرية.
وبالنظر إلى تاريخ تطور الصين على مدار سبعين عامًا، فإننا ندرك أن الصين هي الدولة الوحيدة التي تسعى بوضوح إلى تحقيق التنمية على نموذج “رابح رابح”، وسياسة الانفتاح على العالم الخارجي؛ ذلك أن التزامها بالحفاظ على التعاون الودي وتعزيزه مع جميع البلدان على أساس مبادئ التعايش السلمي، يوحي بأنها تهدف إلى خلق عالم يسوده السلام والاستقرار والازدهار. وفي هذا السياق، فإن وصف استراتيجيات التنمية في بكين باعتبارها إمبريالية صينية لا أساس له من الصحة على الإطلاق. فالصين لا تفرض أبدًا أيديولوجيتها، ولا أسلوب حياتها على الآخرين، فهي تبدو دائمًا حريصة جدًا على تقديم أي مساعدة ضرورية لجميع الدول.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: آسيا تايمز
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر