سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
وسط تطلعات نووية تسيطر على الفكر والأفق الإيراني، وتحركات إقليمية وعالمية تحاول طهران من خلالها البروز كقوة منافسة للقوى العالمية، مُنيت البنية التحتية الإيرانية بزلزال ضرب غرب البلاد قرب الحدود مع العراق، ما أدى إلى مقتل شخصين وإصابة ما يربو على مئتي شخص. ويبدو أن خسائره لم تقف عند هذا الحد، بل امتد إلى خسائر تتعلق بالبنية التحتية للبلاد، إذ يبدو أن الزلزال قد أدى إلى مشكلات في مياه الشرب والكهرباء، وهو ما يتضح من حديث مدير الهلال الأحمر، محمد رضا، الذي أشار إلى احتمال وجود مشكلات في مياه الشرب جراء الدمار الذي تعرضت له البنى التحتية في القرى.(1)وهو ما يثير تساؤلات عدة بشأن أمان المفاعلات النووية الإيرانية وقدرتها على الصمود أمام الزلازل التي تضرب إيران والتي سيمتد تأثيرها إلى الدول المجاورة إذا ما تعرضت لأذى، بالإضافة إلى اهتمام حكومة طهران بتحقيق طموحاتها النووية على حساب بنيتها التحتية وتاريخها المليء بالزلازل.
تساؤلات حول أمان المفاعلات النووية
تكرار ظاهرة الزلازل في الآونة الأخيرة، طرح عدة تساؤلات حول أمان المفاعلات النووية في إيران، وخاصة بعد وجود توقعات عدة من العلماء بتعرض إيران لزلزال مدمر، فإيران التي تقع فوق صفيحتين تكتونيتين كبيرتين يؤدي احتكاكهما المتواصل بعضهما ببعض إلى نشاط زلزالي- تمتلك عددًا لا بأس به من المحطات والمنشآت النووية – أهمها مفاعل “أراك” لإنتاج الماء الثقيل، ومحطة “بوشهر” النووية، ومنجم “غاشين” لليورانيوم، ومحطة “أصفهان” لمعالجة اليورانيوم، ومنشأة “نطنز” لتخصيب اليورانيوم، وموقع “بارشين” العسكري، ومحطة “قم” لتخصيب اليورانيوم.
ومن الواضح أن الحكومة الإيرانية تصر على تجاهل تحذيرات من هيئات علمية دولية بشأن احتمالية تعرض المفاعل النووي الإيراني الذي بناه الروس في “بوشهر” على ساحل الخليج العربي لكارثة كبيرة. فتحذيرات العلماء في هذا الصدد تتعلق بسببين رئيسيين يتمثل أولهما في: موقع إيران في رقعة جغرافية تعد من أكثر بقاع العالم تعرضًا للزلازل (إذ تعرضت إلى أكثر من 130 زلزالاً منذ القرن التاسع الميلادي حتى الآن)، والثاني يتعلق بإجراءات السلامة المشكوك بها في المفاعل النووي.(2)
ونظرًا لاتجاه الرياح في الخليج العربي، فإن الأضرار التي تلحق بالمحطات النووية في إيران – بالطبع – ستؤثر، وبصورة فورية، في دول: الكويت، والبحرين، وقطر، والمنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية، وتسبب التلوث النووي لمياه الخليج العربي. كما أن تسريبات المواد النووية إلى مياه الخليج العربي من شأنها أن تلحق الأضرار البيئية الهائلة بالممرات المائية ونظمها البيئية ومواردها السمكية.
ومن اللافت للنظر أنه في عام 2007، أعربت الكويت على لسان وزير خارجيتها، الشيخ محمد صباح السالم الصباح، عن مخاوفها من بناء طهران للمحطة النووية في “هيليه”، إلا أن الرئيس الإيراني السابق نجاد، قد قدّم ضمانات متعلقة بهذا الشأن، لكنه – على الجانب الآخر – لم يلتزم بوعوده بالسماح لفريق دولي من العلماء المعتمدين لدى الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي بدراسة المشروع((3.
تاريخ مليء بالزلازل
روايات تاريخية عديدة تشير إلى أن إيران قد تعرضت إلى أكثر من 130 زلزالاً منذ القرن التاسع الميلادي، تسببت في سقوط عدد هائل من الضحايا يقدر بنحو 200 ألف قتيل.
ومن المعروف أن إيران تقع فوق صفيحتين تكتونيتين كبيرتين يؤدي احتكاكهما المتواصل بعضهما ببعض إلى نشاط زلزالي، وهو ما جعلها تتعرض لزلازل عديدة عبر تاريخها، إذ تعرضت منذ عام 1969إلى عدة زلازل مدمرة ذهب ضحيتها الآلاف من القتلى والجرحى، بالإضافة إلى التدمير الذي أصاب القرى والمدن التي ضربتها هذه الزلازل. وكان أكبر هذه الزلازل من حيث القوة ذلك الذي وقع عام 1990 في منطقة “رودبار”، وكان بدرجة 7.3 على مقياس ريختر، وراح ضحيته حوالي 40 ألف شخص. وتعرضت إيران – أيضًا – لزلزال قوي في ديسمبر 2003 في منطقة “بم” وأسفر عن مقتل 42 ألفًا وتشريد آلاف آخرين.(4)
ويبدو أن تكرار الزلازل والهزات الأرضية، ليس أمرًا عشوائيًا، أو مصادفة في إيران، وهو ما نستدل عليه من حديث خبراء في شؤون البيئة وتأكيداتهم على أن إيران تقع في منطقة تصادم بين الصفائح الواقعة مباشرة تحت قشرة الكرة الأرضية، ومن ثَمَّ تتعرض لزلازل متكررة، بالإضافة إلى أن الحدود العراقية الإيرانية على وجه التحديد، بخاصة غربى جبال زاجروس، تشهد تفاعلاً بين الصفيحة العربية والصفيحة الأوروآسيوية، بمعدل 26 ملليمترًا كل سنة، ما يؤدي إلى تكرار تلك الهزات على فترات قريبة((5.
ومن اللافت للنظر أن الحكومة الإيرانية غير مدركة لذلك الأمر بشكل جيد، أو أنها تصر على التغاضي عنه عند بناء المفاعلات النووية، فمن الواضح أن القشرة الأرضية الإيرانية لا تحتمل ذلك الضغط من المفاعلات، وأن وقوع إيران في منطقة أرضية نشطة من حيث الزلازل يمثل خطرًا يهدد أمنها وأمن الدول المجاورة لها أيضًا.
بنية تحتية منهارة
لعل تطلعات وطموح طهران النووية وسعيها المطرد لزيادة قوتها النووية عبر بناء محطات ومنشآت جديدة، جعلتها تغفل الاهتمام ببنيتها التحتية التي تمثل مؤشرًا هامًا من مؤشرات نجاح الأنظمة والحكومات، إذ مرت إيرانبثلاثة عقود من سوء الإدارة تسببت في نشوء أزمة مالية، والبنية التحتية لها تكاد تكون أكثر من متهالكة، منها: الطرق والجسور والصرف الصحي والكهرباء والخدمات الأساسية للأفراد. بيد أن إيران تعاني مشكلات – أيضًا – في قطاع الطيران والصرف الصحي والاتصالات، وهذا ما دفع بالمرشد الأعلى الإيراني خامنئي، للوقوف وراء استعادةالعلاقات المتهاوية مع المجتمع الدولي والتوصل إلى حل ثنائي فيما يتعلق ببرنامج طهران النووي – منذ عدة سنوات.(6)
ويبدو أن إيران تعيش – الآن – في خضم كارثة بيئية، حيث تجف البحيرات والأنهار، وقد جفت بحيرة “ناماك” إلى الجنوب من طهران، تاركة كميات من جزيئات الملح والمعادن، ويقال إن عاصفة صحراوية يمكنها نقل هذه الجسيمات بسهولة إلى طهران، إلا أن الحكومة الإيرانية يبدو أنها غير مدركة لذلك؛ إذ إنها تسعى وراء الحلم النووي تاركة كل تلك المشكلات من دون حل.(7)
نتائج وتوقعات مستقبلية
– إذا استمرت الحكومة الإيرانية في غض الطرف عن مشكلات الزلازل وتهديداتها البيئية لإيران والدول المجاورة لها والاستمرار في بناء المفاعلات النووية وتخصيب اليورانيوم، فإن القشرة الأرضية في إيران لن تتحمل ذلك، ومن المؤكد أنها ستتعرض لمشكلات كبيرة لن تؤثر عليها وحدها.
– من المتوقع أن تتضرر المفاعلات النووية في إيران بدرجة كبيرة جراء الزلازل، وهو ما سيؤثر – بالطبع – على الدول المجاورة لإيران كالكويت، والبحرين، وقطر، والمنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية، وتسبب التلوث النووي لمياه الخليج العربي.
– من المحتمل أن تتعرض إيران، خلال الفترة القادمة، لعدة زلازل مدمرة، وهو ما توقعه علماء بيئيون، إذ أكدوا أن الأرض سوف تتعرضلزيادة عدد الزلازل خلال عام 2018، بأضرار تصل إلى مليار نسمة من كوكب الأرض، وخاصة في المناطق التي تعاني من نشاط زلزالي ضخم مثل إيران(8).
– مفاعل “بوشهر” الإيراني يمثل خطورة كبرى على الدول المجاورة تكمن في وقوع الأخير ضمن منطقة تعتبر نشطة، في حال حدوث أي خلل في مفاعل “بوشهر” سيعرض تلك الدول لتسريبات مادة اليورانيوم والإشعاع النووي.
وحدة الدراسات الإيرانية*
المراجع
1- إيران.. قتيلان ومئات الجرحى في زلازل متتالية، الحرة.
2-إيران والزلازل.. قنبلة نووية موقوتة، سكاي نيوز عربية.
3-الزلازل في إيران تهدد المحطة النووية في بوشهر، الشرق الأوسط.
4-نبذة عن تاريخ الزلازل في إيران، وكالة وام.
5-7.3ريختر تهز “بلد الملالي”.. تعرف على أسباب تكرار الزلازل في إيران، اليوم السابع.
6-البنية التحتية في إيران تنهار وسط إهمال حكومتها مما دفعها الى إبرام اتفاق بشأن النووي، أخبار الآن.
7-إيران أمام خيارين: الانهيار التام أو تغيير النظام، الشرق الأوسط.
8-علماء يحذرون: 2018 عام الزلازل، وكالة سبوتنيك الروسية.
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر