سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
إميل أفدالياني
أي استراتيجية لمواجهة الأنشطة الروسية يجب أن تبدأ من حقائق بسيطة:
أولًا، روسيا لا تخشى حلف شمال الأطلسي أو القوات الأميركية في غياب الحرب، وتمامًا مثل أي تحالف عسكري في التاريخ فإن هناك قيودًا وانقساماتٍ داخلية يجب الاستفادة منها.
ثانيًا، تخشى روسيا التقدم الاقتصادي بين جيرانها، فالازدهار سيؤدي إلى تفكيك الركود والخوف والكراهية الذي يساهم في إستدامة نفوذ الكرملين.
العائق المشترك على طريق النجاح الاقتصادي يكمن في المؤسسات الضعيفة، الأمر الذي يسمح باستفادة روسيا من الفوضى ومن التلاعب بالجيران ومن إبقاء الغرب بعيدًا، ولمواجهة روسيا يجب على الولايات المتحدة في المقام الأول، أن تفكر في زيادة الاستثمار في آلية المشروعات الوطنية للدول المحيطة بروسيا في أوروبا، حتى تتمكن دول مثل أوكرانيا وجورجيا وأرمينيا من الارتباط بشكل أكثر إحكامًا بالغرب.
الثلاثة “أوكرانيا وجورجيا وأرمينيا” يواجهون مشاكل خطيرة في الوقت الحالي:
في أوكرانيا؛ يستمر التدخل العسكري الروسي في استنزاف طاقات الحكومة والشعب، وتتعثر الآمال في التماسك الداخلي، مما يؤدي إلى ركود اقتصادي سياسي طويل الأمد.
وفي جورجيا؛ تكافح الأحزاب للتوصل إلى حل وسط للأزمة السياسية، ومن الواضح أن النظام السياسي بات في مأزق، وأن النخبة السياسية تفتقر القدرة على تقديم خطة إنقاذ، ونتيجة لذلك فإن عدد قليل جدًا من الشخصيات الجديدة مناسبة لقيادة البلاد الغير مستقرة.
أمّا في أرمينيا؛ تتحدى المعارضة الحكومة الحالية لنيكول باشينيان بعد الهزيمة في حرب كاراباخ الثانية التي وقعت العام الماضي، ويشير سوء التعامل مع جائحة “كوفيد – 19″، والتعامل مع المشاكل الاقتصادية، إلى مقدار الفوضى الممتدة منذ فترة في البلاد.
تختلف المشاكل الداخلية لهذه الدول فبعضها يمثل نتيجة صدمات داخلية فورية، والبعض الآخر ينتج عن تضارب المصالح و الرؤى فعندما ترى الدولة مشاكل تحتاج إلى إصلاح، يرى الكرملين فرصًا وأرضًا خصبة لتعزيز أهدافه الجيوسياسية، مما يعني أنه من الممكن أن تُعزى جميع المسببات إلى النفوذ الروسي بشكل أو بآخر.
بالطبع يمكن للإدارات الأميركية ببساطة أن تختار تجاهل هذا الوضع المتفاقم، أو أن ترد بنشر القوات على الحدود كما فعل الناتو في دول البلطيق لكن هذا أمر مكلف، وأغلب المؤشرات تدل على أن عمليات النشر العسكرية الجديدة خارج قائمة سياسات عشرينيات القرن الحالي، وسيكون من الأفضل بكثير ومن الأقل تكلفة، الاستثمار في هياكل الدولة الضعيفة في أوكرانيا وجورجيا وأرمينيا، يساهم بشكل مباشر على جني حصاد تحسين العدالة وإصلاح التعليم والتأسيس للانتخابات، حيث يؤدي سوء الإدارة الحالي إلى انخفاض الاستثمار الأجنبي بشكل مباشر، كما أن الفساد يقضي على فاعِلية الدولة، ويثير سخرية مريرة بين الفقراء من الشعب والحكام.
إن برنامج مثل الجمع بين التنمية الاقتصادية والحماسة الديمقراطية بين جيران روسيا، من شأنه أن يدق جرس الإنذار ويجعل الكرملين يقف ويلاحظ، فبالنسبة لروسيا فإن إبقاء الدول المجاورة في صف واحد من الفقر يعني بقائها تحت السيطرة وبعيدة عن الاقتصاد الغربي.
تعد التعليم و التنمية والديمقراطية أكثر الأماكن منطقية للدعم الأميركي لتحقيق أكثر النتائج المرجوة، لكن قبل كل شيء يجب أن تكون الولايات المتحدة واضحة بشأن ما تريده، وأين يمكنها تقديم مساهمة حاسمة لتغيير توازن جيوسياسي على طول الحدود الغربية والجنوبية لروسيا، و في الوقت الراهن معرفة حدود المرء هو أساس جيد، يمكن بعدها تطوير خطة مرنة بناءً على نقاط ضعف المنافس، وعلى خطى روسيا يجب على الولايات المتحدة أن تلعب لعبة التخفي الطويلة.
لن تظهر نتائج بين ليلة وضحاها، استغرق الأمر سنوات حتى تشهد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي هذه النتائج الملموسة من دعم الديمقراطية والتعليم والعدالة، والآن من المحتمل أن تؤتي مضاعفة جهود تعزيز عدالة أفضل، وانتخابات نزيهة، وأنظمة تعليم أفضل ثمارها، ولكن مرة أخرى نؤكد أنه سيكون خلال سنوات طويلة، وفي حين أن غالبية السياسيون يفضلون السياسات السريعة والأكثر براعة، يجب الصبر على سياسات بطيئة ومحكمة، الوقت مناسب للتغيير كما إنه مناسب أيضًا للدعوة إلى حلول منخفضة التكلفة للمشاركة الدولية.
تعيد إدارة بايدن تقييم دور الولايات المتحدة حول العالم، وتدرج ملف حدود روسيا على أولوية قائمة المهام، حتى لو لم يكن يمثل أولوية قصوى في الوقت الحالي لكنه مفتاح الحل.
في نهاية المطاف، ستؤدي الديمقراطية وإعادة بناء مؤسسات الدولة إلى تحرير القوقاز من قبضة روسيا.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: CEPA
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر