سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
حسن أبو النجا
يقدم الاقتصاد الأزرق نموذجًا جديدًا لخلق فرص العمل والتنمية المستدامة في منطقة البحر الأبيض المتوسط، التي تعاني حاليًا من أعلى معدلات البطالة في العالم، وخاصة بين الشباب والنساء. إذ يواجه جنوب البحر المتوسط، على وجه الخصوص، تحديات هيكلية تتعلق بفرص العمل، لكن الاقتصاد الأزرق يمكن أن يوفر طريقًا للمضي قدمًا نحو مستقبل أكثر ازدهارًا واستدامة.
فالاقتصاد الأزرق هو الاستخدام المستدام لموارد المحيطات بغرض تحقيق النمو الاقتصادي وتحسين سبل العيش والاستدامة البيئية. وتعد منطقة البحر الأبيض المتوسط غنية بالموارد البحرية، بما في ذلك مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية والسياحة البحرية والطاقة المتجددة. ويمكن أن تخلق هذه الموارد فرصًا ووظائف اقتصادية جديدة مع معالجة التحديات البيئية الملحة مثل تغير المناخ وتلوث المحيطات.
يبلغ عدد السكان في محيط البحر الأبيض المتوسط نحو 150 مليون نسمة، وتوافد عليها 360 مليون سائح في عام 2017، يتركز 50% منهم في المناطق الساحلية. وفي إطار الاقتصاد الأزرق بدول البحر الأبيض المتوسط الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تتوفر نحو مليوني فرصة عمل، وتوفر السياحة الساحلية 79% من هذه الوظائف. ويوجد في المنطقة مليون شخص يعملون في قطاع مصايد الأسماك، الذي يدرُّ ما يقدر بنحو 12 مليار دولار. ثم إن البحر المتوسط يبدو مسؤولاً عن 20% من الناتج البحري العالمي، و25% من حركة النقل البحري العالمية، و30% من حركة النفط في العالم. ويوجد بالمنطقة نحو 110 آلاف سفينة صيد، و30.900 مزرعة سمكية، ويتم التخلص من نسبة 18% من إجمالي الصيد. ومن المتوقع أن يزداد إنتاج الاستزراع المائي في دول الاتحاد الأوروبي المتوسطية بنسبة 112% في عام 2030 بناءً على مستوى الإنتاج الذي سجِّل في عام 2010.
لقد اُعتمد الإعلان الوزاري الثاني للاتحاد من أجل المتوسط بشأن الاقتصاد الأزرق المستدام في فبراير 2021 من قبل 42 دولة أوروبية متوسطية لتعزيز وتوسيع عملية التعاون الحالية. وقد تمثل الهدف منه في تسريع تعافي قطاعات الاقتصاد الأزرق في البحر الأبيض المتوسط مع ضمان الاستدامة على المدى الطويل. ويحدد الإعلان تسعة مجالات ذات أولوية للتعاون وتتضمن: الحوكمة، والبحوث البحرية، والغذاء المستدام من البحر، والنقل البحري المحايد مناخيًا، والقمامة البحرية، والسياحة الساحلية والبحرية، والتخطيط المكاني البحري، والطاقات البحرية المتجددة، والسلامة والأمن البحريين. كذلك يسلط الإعلان الضوء على الحاجة إلى الاستثمار المستدام في الاقتصاد الأزرق.
إن تطوير الاقتصاد الأزرق في منطقة البحر الأبيض المتوسط ينطوي على قدرات كامنة لخلق فرص عمل جديدة والمساهمة في الحد من البطالة. فعلى سبيل المثال، يمكن أن يؤدي التوسع في النقل البحري والسياحة ومصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية، إلى خلق فرص عمل جديدة للمجتمعات المحلية. إضافة إلى ذلك، فإن تطوير تقنيات وابتكارات جديدة في مجال إدارة المحيطات والسواحل يمكن أن يخلق وظائف جديدة في قطاعات الاقتصاد الأزرق الناشئة.
ومع ذلك، نجد أنه من المهم ملاحظة أن تطوير الاقتصاد الأزرق يجب أن يتم بطريقة مستدامة وشاملة؛ وهو ما يعني أن النمو الاقتصادي يجب أن يكون متوازنًا مع حماية البيئة والاندماج الاجتماعي، ما يضمن حصول جميع أفراد المجتمع على فرص متساوية في الاستفادة من مزايا الاقتصاد الأزرق.
علاوة على ذلك، ينبغي أن يأخذ تطوير الاقتصاد الأزرق في الاعتبار الآثار السلبية المحتملة على سبل العيش والمجتمعات التقليدية التي تعتمد على المحيط والموارد الساحلية. لذلك من المهم التحقق من أن فوائد الاقتصاد الأزرق يتم توزيعها بشكل منصف، وأن المجتمعات المحلية تشارك في عمليات صنع القرار.
تفعيل محركات الاقتصاد الأزرق في منطقة البحر المتوسط
يمكن للاقتصاد الأزرق تعزيز التنمية المستدامة في منطقة البحر الأبيض المتوسط من خلال التأكيد على خمس رسائل رئيسية: أولاً، التنويع الاقتصادي ضروري لتوسيع الاقتصاد خارج القطاعات التقليدية مثل السياحة والزراعة؛ إذ يمكن لهذا التنويع أن يخلق فرص عمل جديدة ويقلل الاعتماد على قطاعات قليلة. فعلى سبيل المثال، يمكن للطاقة البحرية المتجددة أن تخلق فرص عمل جديدة وتقلل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
ثانيًا، يعد الابتكار والتكنولوجيا أمرًا بالغ الأهمية لتطوير منتجات وخدمات وعمليات جديدة في الاقتصاد الأزرق. ويمكن أن يؤدي تطوير التقنيات الجديدة والابتكار إلى خلق فرص عمل جديدة، ولا سيما للشباب الذين يميلون أكثر إلى تبني التقنيات الجديدة.
ثالثًا، يشجع الاقتصاد الأزرق الممارسات المستدامة الصديقة للبيئة والمسؤولة اجتماعيًا والمجدية اقتصاديًا. إذ يمكن لممارسات مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية المستدامة ضمان توافر الموارد البحرية على المدى الطويل ودعم سبل عيش المجتمعات الساحلية.
رابعًا، تعد مشاركة المرأة أمرًا حيويًا في الاقتصاد الأزرق، خاصة في قطاعات مثل تربية الأحياء المائية والسياحة. ويمكن لمشاركة المرأة أن تخلق فرص عمل جديدة وتساهم في التمكين الاجتماعي والاقتصادي.
أخيرًا، تعد الشراكة والتعاون بين مختلف أصحاب المصلحة، ومنها الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني والأوساط الأكاديمية، أمرًا بالغ الأهمية لنجاح الاقتصاد الأزرق. إذ يمكن لهذه الشراكة والتعاون أن تخلق التآزر والاستفادة من الموارد لتحقيق الأهداف المشتركة، مثل إنشاء مناطق بحرية محمية يمكن أن تخلق فرص عمل جديدة في قطاع السياحة وتضمن استدامة الموارد البحرية.
وبتبني الاقتصاد الأزرق، يمكن للمنطقة خلق فرص عمل جديدة، والحد من التدهور البيئي، وتعزيز التمكين الاجتماعي والاقتصادي.
الإطار المعتمد لتمكين الاقتصاد الأزرق
يمكن استخدام “إنترميد” ENTREMed كإطار عمل لتمكين الاقتصاد الأزرق من خلق فرص العمل والتنمية المستدامة بعدة طرق:
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات*
المصدر: Smart Water Magazine
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر