إستراتيجية الهيمنة الإيرانية في إفريقيا | مركز سمت للدراسات

إستراتيجية الهيمنة الإيرانية في إفريقيا

التاريخ والوقت : الأربعاء, 13 مايو 2020

مدني قصري 

 

يقول محمود صادقي، عضو في المجلس (البرلمان) الإيراني “لقد وصل الفساد في إيران إلى أبعادٍ لا يمكن تصورها بل وأصبح فساداً نظامياً. فهو لم يعد يتعلق بقطاعات معيّنة، بعد أن صار في كل مكان، في جميع الدوائر السياسية، والسلطة التنفيذية، والسلطة القضائية، والسلطة التشريعية، والجيش …”.

كشف الملياردير باباك زنجاني، وهو الآن في السجن، أنه ساعد أسرة الخميني في الحصول على 8 مليارات دولار، مخبّأة في إحدى الدول. وبحسب آية الله هاشمي شهرودي، رئيس مجلس الفُرص، فقد استثمر الملالي ومصالحهم الأمنية 700 مليار دولار في الخارج.

ارتفعت الميزانية العسكرية بنسبة 145٪ في عام 2017، وارتفعت المساهمة في حزب الله من 300 مليون دولار إلى 800 مليون دولار في 8 سنوات. لم تتحول أعمال الشغب المرتبطة بالبطالة والجوع إلى ثورة للأسباب الرئيسية التالية: إنّ البلاد تخضع لمراقبة وسيطرة عالية من قبل حراس الثورة والميليشيات الشعبية الباسيجية. صغار التجار أو “البازارجي” لم يشاركوا في أعمال الشغب، فيما هم الذين أسقطوا الشاه، قبل أربعين عاماً، والعديد من المنظمات الخيرية التابعة لآيات الله تسيطر على المتديّنين والشعب البسيط، ولم يجد المتمرّدون بعدُ قائداً لتوحيد المعارضة والإطاحة بنظام آية الله. لكن حسب موقع dreuz.info فإنه من الممكن أن تأتي الانتفاضة عن طريق الأقليات العرقية التي تشكل نصف سكان إيران.

إيران تؤكد وجودها في القارة الأفريقية

منذ ظهور الثورة الإسلامية، جعلت إيران القارة الأفريقية واحدة من وجهاتها المفضلة، لتوسيع نفوذها السياسي والمالي، وبالتالي التحايل على الحصار الاقتصادي الذي فُرض عليها من قبل القوى الغربية وجيرانها العرب.

تسعى إيران إلى أن تكون حاضرة في معظم البلدان الأفريقية الإستراتيجية أو الغنية بالموارد. وتدعم مشاريعها منظماتٌ حكومية وغير حكومية، مجتمعة في شبكة تعرف باسم “شبكة الأعمال الإيرانية” (AYAN ). ويقوم أعضاؤها بإنشاء وتنفيذ العناصر السرية التي تسهم في تحقيق السياسة الخارجية الإيرانية.

تتكون AYAN من ثلاثة أجهزة قوية:

– كتيبة حراس الثورة التابعين للثورة الإيرانية، وتسمى فيلق القدس (كتيبة القدس).
– وزارة الأمن والاستخبارات الإيرانية.
– حزب الله اللبناني.

وتشرف وزارة الأمن والاستخبارات، بالتعاون الوثيق مع فيلقالقدس، على جميع عمليات الترويج والتصدير الدولي للثورة.

وتتعاون هذه الوزارة تعاوناً وثيقا مع حزب الله اللبناني، وكذلك مع شبكة من الوكلاء والمنظمات المعتمدة، مثل الجماعات الشيعية، والإخوان المسلمين، وتنظيم القاعدة.

يتم تصميم هذه الخطط والأنشطة من قبل جامعة آل البيت العالمية في (قُم) برئاسة المرشد الأعلى للثورة آية الله خامنئي. ثم يتم الإشراف عليها من قبل أجهزة المخابرات الإيرانية، ويليها الحرس الثوري من خلال فيلق القدس. وهذا يدل بوضوح على طبيعة هذه الخطط والغرض من هذه الإجراءات.

وفي هذا السياق، لم تفلت البلدان الأفريقية من هذه الخطط التوسعية، حيث بدأت إيران في نشر النسخة الإيرانية من الفكر الشيعي، كما كان الحال في العراق وسوريا ولبنان، وفياليمن وبعض دول الخليج.

إنّ توسع إيران في أفريقيا يستجيب إلى حد كبير لرغبتها في الاستثمار والتعاون الاقتصادي بقدر رغبتها في السيطرة على بعض الموارد الطبيعية في أفريقيا واستغلالها.
وتعج أفريقيا باحتياطيات النفط الخام والغاز والفحم واليورانيوم. وهذه الموارد تثير شهية أي دولة تطمح إلى القيام بدور على الساحة الإقليمية والدولية.

ووفقاً لدراسة أجريت مؤخراً من قبل مركزين للبحثوث، وهما ” Africa Investor ”  (أفريقيا للإستثمار) و” Africa Group ”  (مجموعة أفريقيا)، تقدر الثروة الطبيعية في أفريقيا بأكثر من 13.5 تريليون دولار وأكثر من 1.7 تريليون دولار في قطاعات أخرى مثل المياه والزراعة والسياحة.

وبلغت التبادلات الاقتصادية بين افريقيا وإيران ما قيمته مليار دولار أمريكى. هذا المبلغ لا يبدو هائلاً، ولكنه يسمح للإيرانيين بتحقيق أهداف أخرى، لا تتم إلا من خلال الاستثمارات المالية والتعاون التجاري.

لقد فتحت إيران أكثر من ثلاثين سفارة في القارة السوداء. وقد منحها هذا الحضور الدبلوماسي المكثف دور المراقب في الاتحاد الأفريقي. ومعظم هؤلاء السفراء هم قادة في الحرس الثوري، ويعملون على نشر المذهب الشيعي الإيراني في أفريقيا.

ويستند نهجهم في انتشار الشيعة الإيرانية إلى ثلاثة عناصر رئيسية هي:

توظيف الطلاب الأفارقة من ذوي الثقافة العربية الإسلامية، وتسجيلهم في المدارس والمعاهد الإيرانية التي أنشئت في هذه البلدان لهذا الغرض. هناك على سبيل المثال 25 مدرسة ثانوية تابعة للمؤسسات الإيرانية في أربع مقاطعات شمال في نيجيريا. وهذه المدارس تستقبل أكثر من 10000 طالب وطالبة سنويا.

المنح الدراسية التي تمنح للشباب الأفارقة لتدريبهم على المذهب الشيعي الإيراني، في لبنان أو إيران، وجعلهم وعاظاً في العقيدة الشيعية، عند عودتهم إلى بلدانهم.

الأنشطة الخيرية والإغاثة في حالات الكوارث

العديد من العمليات الخيرية في المناطق الفقيرة يتم تنفيذها من قبل الجمعيات الخيرية، إخفاءً لهدفها المتمثل في نشر العقيدة الشيعية في أفريقيا.

البلد الرئيسي في هذا الصدد هو نيجيريا، وهي واحدة من أكثر البلدان اكتظاظاً بالسكان في أفريقيا. ولها موقع إستراتيجي مميز، وتمتلك موارد طبيعية كبيرة، وخاصة النفط.

وتمتلك طهران في نيجيريا محطة إذاعية، وتتمتع بصداقات سياسية تعرف كيف تستغلها لتعزيز الوجود الشيعي الإيراني في نيجيريا، ولتسهيل الانخراط في مشاريع المرشد الأعلى الإيراني.
لقد دعمت إيران بشدة الشيخ إبراهيم يعقوب زكزكي زعيم الشيعةالنيجيريين. ويخضع هذا الأخير لـ “القسم 7000 فيلق إفريقيا” بقيادة السيد علي أكبر طبطبائي ضابط الحرس الثوري الذي يحمل جواز سفر باسم طه مصعبي.

وقد لاحظ المراقبون أنه من خلال دعم الزكزكي ومجموعته، تحاول إيران إنشاء ميليشيات، مثل حزب الله في لبنان. وستستخدم هذه الميليشيات كوسيلة للضغط على السلطات النيجيرية، لصالح الأهداف الإيرانية في القارة الأفريقية عموماً، وفي نيجيريا على وجه الخصوص، نظراً لأهميتها الاقتصادية والإستراتيجية.

ويضيف مراقبون آخرون أن الإيرانيين يدرسون إنشاء حزب سياسي يكون هدفه الرئيسي الوصول إلى السلطة أو إلى قيادة مؤسسات الدولة، أو المشاركة في السلطة التنفيذية. أو أيضاً جعل هذا الحزب أكبر حزب معارض. وبهذه الكيفية ستفرض إيران، بطريقة أو بأخرى، سياستها الخاصة بها في نيجيريا.

كما تعد نيجيريا واحدة من أكبر الدول الإسلامية، وتقع في وسط وغرب القارةالأفريقية. وهي تمثل نقطة استراتيجية مواتية للتدخلات الإيرانية في القارة السوداء.

ويعتبر الدعم الاقتصادي والعمل الاجتماعي والخدمات الاجتماعية الوسيلة الرئيسية التي أتاحت لإيران موطئ قدم لها في نيجيريا. فالأسر الفقيرة لا تتردد في إرسال أطفالها إلى المدارسالمدعومة من إيران. وفي هذه المدارس يتم تلقين العقيدة الشيعية لأصغر الأطفال. وفي العديد من المدارس يجري التدريس باللغة الفارسية.

وفي أيار (مايو) 2009، كان الملحق الثقافي الإيراني قد نظم مؤتمراً في جامعة لاغوس تحت عنوان “ما هي التحديات التي يواجهها تعلم اللغة والثقافة الفارسية في المجتمع النيجيري؟”.

ولدى نيجيريا جالية لبنانية كبيرة يستخدمها الإيرانيون لفرض تواجد سياسي أفضل. وكانت صحيفة “الأخبار” اللبنانية أشارت في تقرير لها صادر في كانون الثاني  (يناير) 2002 إلى أنّ عدد الشيعة اللبنانيين الذين استقروا في نيجيريا بلغ نحو 30 ألف شخص. وهم منتشرون في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك مدينة كانو، حيث يعمل أكثر من 000 3 شخص في تجارة المنسوجات والبلاستيك والجلود.

ومن بين هؤلاء اللبنانيون من انخرطوا في حزب الله وفي الحركة الإسلامية التي يرأسها علي زكزكيوهو ما يثبت المزامنة ما بين المنظمتين.

كما كان حراس الثورة الإسلامية مصدر إنشاء الحركة الإسلامية التابعة لإبراهيم الزكزكي. فهم يدعمونه مالياً وفي وسائل الإعلام، من خلال وسائل الإعلام الشيعية بشكل عام. وهم يقدّمونه على الساحة الإعلامية النيجيرية كرمز للنضال من أجل القضية الفلسطينية والغزو الغربي.

وقد لعب الاتحاد الإسلامي للطلاب الأفارقة في إيران دوراً كبيراً في تجنيد الشباب النيجيريين والأفارقة. فهو يرسلهم إلى إيران للدراسة في التعليم العالي. كما تمول إيران العديد من مراكز الفكر الشيعي، بما في ذلك مركز حيدر نيجيريا، الذي يدّعي أنه “واحد من أهم المعاهد في مجال الفكير من أجل تطوير مذهب آل البيت”.

وقال السني داوود عمران، الأمين العام لـ “الجماعة الإسلامية” إن المقاتلين الإيرانيين الذين يرسلون إلى سوريا تلقوا تدريباً جيداً من قبل السفارة الإيرانية في أبوجا والقنصلية الإيرانية في لاغوس. وقد دعا مراراً حكومة بلاده إلى مكافحة هذه الحركات التى يُعدُّ نشاطُها فى البلاد غير شرعى، والتي تتحدى الدولة وتقوّض السيادة النيجيرية.

وفي شباط  (فبراير) 2013، أعلنت أجهزة المخابرات النيجيرية أنها اكتشفت خلية عسكرية سرية مرتبطة بعناصر إيرانية كانت تُعدّ الهجمات ضد أهداف إسرائيلية وغربية في نيجيريا.
وقال المتحدث باسم المخابرات النيجيرية مارلين اوغار إن هذه الشبكة كانت تخطط لاغتيال الرئيس السابق للمجلس العسكري النيجيري إبراهيم بابانجيدا.

المصدر: حفريات

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر