إخوان ليبيا.. والهويّة المزيّفة | مركز سمت للدراسات

إخوان ليبيا.. والهويّة المزيّفة

التاريخ والوقت : الأحد, 9 مايو 2021

عبدالجليل معالي

 

«بيان للنَّاس» لجماعة الإخوان المسلمين الليبية، الذي أعلن تحول الجماعة إلى جمعية تحمل اسم «الإحياء والتجديد» كان إيهاماً بذهاب الجماعة بعيداً عن التنظيم الدولي للإخوان، لكنه مناورة تتقصّد الانحناء حتى مرور العاصفة.

في السياق الليبي الراهن، وفي الظرفية الإقليمية التي تكتنفها التحولات، يصبح إعلان جماعة الإخوان التحول إلى جمعية حدثاً مهماً من منطلقين، فكري وسياسي، على أن أهمية الحدث تقتضي التشديد على أن الإعلان نفسه ليس سوى تغيير للاسم ولا يَعِد بتحولات فكرية وسياسية اكتظّ بها البيان.

مفيد الإشارة إلى أن جماعة الإخوان الليبية هي أضعف الفروع الإخوانية في المنطقة، لأن البيئة المجتمعية الليبية لا تمثل بيئة خصبة لازدهار الجماعة باعتبار أهمية المعطى القبلي في ليبيا، وباعتبار أن مشاريع التمكين الإخواني تتطلب بيئات حضرية لتطبيقها، وهو ما لا يتوفر في ليبيا عكس أقطار عربية أخرى.

تفشل الجماعات الإخوانية دائماً في البيئات القبلية لأسباب تاريخية وفكرية ومتداخلة، ولذلك نتبين أن القيادات الإخوانية الليبية، التي وصلت إلى مناصب مهمة في الدولة، اعتمدت في ذلك على ولاءاتها القبليَّة لا على انتمائها للجماعة.

ما يضاف إلى هذا المعطى الاجتماعي، هو أن جماعة الإخوان في ليبيا تعيش منذ سنوات انشقاقات كثيرة قصمت ظهرها.

ففي يناير 2019 أعلن رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، خالد المشري، استقالته من جماعة الإخوان مع استمراره في العمل السياسي، وفي أكتوبر 2020 أعلنت جماعة الإخوان فرع مصراتة حل نفسها. حدثان مثّلا ضربة موجعة لإخوان ليبيا، تبعاً لأهمية مدينة مصراتة في المشهد السياسي الليبي، وللوزن الذي يمثله خالد المشري في المشهد الليبي.

أدرك إخوان ليبيا أن المرحلة الراهنة لا تسعفهم بترف سياسي أو دعة اجتماعية، فحاولوا الانحناء حتى تمر العاصفة، وبادروا إلى تغيير اسم الجماعة للهروب من كل انتماء قد يجرّ عقوبة أو تضييقاً، وتوارَوْا وراء هوية دعوية معلنة تخفي حقيقة سياسية مضمرة، لكنهم حافظوا على أروقة خفية مع الحزب الإخواني (حزب العدالة والبناء)، تتيح لهما اعتماداً متبادلاً يضمن تقاسم أدوار يجنب الجمعية مآلات مخيفة مقبلة لكل الفروع الإخوانية العربية، ويزود الحزب برأس ماله البشري.

تحول جماعة الإخوان في ليبيا إلى جمعية دعوية هو استباق ماكر لما تنذرُ به المرحلة الليبية والإقليمية المقبلة، وهو أيضاً اعتراف بضعف الجماعة الليبية مقارنة بأخواتها العربيات، وهو كذلك إقرار ضمني بعمق الأزمة التي تعيشها الجماعات الإخوانية في المنطقة، ولذلك خيرت الجماعة أن تعيش المرحلة القادمة بهويّة مزيفة.

 

المصدر: صحيفة الرؤية

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر