سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
غابرييلا جيرسيوس
يواجه برنامج الشراكة الشرقية (EPP) جدلاً واضحًا، وانقسامًا سياسيًا منذ ما يقرب من عقد من الزمان. فقد بدأت سياسة الجوار الأوروبية – في أعقاب تدشين البرنامج – عام 2004 لتعزيز التعاون والاستقرار في دول الاتحاد السوفييتي السابق. فبعد خمس سنوات، تمَّ تدشين برنامج الشراكة الشرقية، لتشجيع البلدان وتحديدًا – أرمينيا وأذربيجان وروسيا البيضاء وجورجيا ومولدوفا وأوكرانيا – على إجراء إصلاحات ديمقراطية مقابل حوافز اقتصادية.
ونظرًا إلى نمو البرنامج، تستضيف جامعة الإمارات اجتماعًا يضم الممثل الأعلى للاتحاد للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية (وزير خارجية الاتحاد) والدول الست المشاركة في مايو 2019 لمناقشة برنامج الشراكة الشرقية لما بعد عام 2020، وهو ما يزعج روسيا، التي أعربت عن قلقها من أن البرنامج يعتبر ضارًا بالمصالح الروسية.
وعلى الرغم من أن هدف برنامج الشراكة الشرقية (EPP) يتمثل في تقريب الدول الست المذكورة آنفًا من الاتحاد الأوروبي، فإن روسيا ترى أن الوضع مختلف تمامًا. فبدلاً من النظر إلى هذه الشراكات باعتبارها محاولة لتحقيق الاستقرار في المنطقة، تنظر روسيا إلى الاتحاد الأوروبي، باعتباره يتعدى على المجال الحيوي لنفوذها. وفي حقيقة الأمر، ترى روسيا أن أي سياسة “بدون روسيا” تعدُّ “ضد روسيا”؛ ذلك أن المخاوف الروسية لا تخلو من الوجاهة. لقد أبرمت جورجيا ومولدوفا وأوكرانيا اتفاقيات شراكة مع الاتحاد الأوروبي، ومنذ تدشين برنامج الشراكة الشرقية وانطلاقه يتوقع أن تقوم أذربيجان بهذه الخطوة أيضًا في المستقبل القريب. وفي حين أن لكل دولة دوافعها للمشاركة في هذا البرنامج، إلا أن روسيا ترى ذلك جهدًا متضافرًا لإعاقة نفوذها.
وردًا على ذلك، اتخذت روسيا خطوات لضمان بقاء هذه البلدان في فلكها. ففي جورجيا وأوكرانيا ومولدوفا، تواصل القوات الروسية احتلال الأراضي بالتوازي مع الانفصاليين المتشددين، وكذلك تتمركز القوات الروسية في أذربيجان وأرمينيا. وعلاوة على ذلك، قامت روسيا بفرض عقوبات اقتصادية ذات دوافع سياسية ضد جورجيا ومولدوفا وأوكرانيا.
ماذا يحمل المستقبل لبرنامج الشراكة الشرقية (EPP)؟
في حين أن بعض البلدان قد تعاملت مع سياسة الشراكة الأوروبية (EPP) باعتبارها الخطوة الأولى للعضوية الكاملة بالاتحاد الأوروبي، إلا أن الواضح أن الاتحاد الأوروبي لا يعتبر هذه الدول أعضاء محتملين. إذ لا يوجد إجماع حول ما إذا كان من المفترض أن تتاح لهذه الدول بعد انهيار الاتحاد السوفييتي فرصة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. علاوة على ذلك، فغالبًا ما يتم تجاهل موضوع الفساد في كثير من الدول الأوروبية لصالح توثيق العلاقات من أجل تعزيز الديمقراطية والأسواق الحرة.
فأي وعد غربي بعضوية الناتو لجورجيا وأوكرانيا من شأنه أن يزعزع استقرار المنطقة. ويُشار إلى أن ذلك يعدُّ بمثابة إشارة رمزية فقط، مع عدم وجود دليل فعلي على أن عضوية الناتو أو الاتحاد الأوروبي باتت وشيكة، فقد أصبح العديد من سكان هذه البلدان يشعرون بخيبة أملٍ تجاه القيم الغربية. ثم إن مثل هذا الخطاب يوفر الأساس المنطقي لروسيا لكي تتصرف بقوة ضد هذه البلدان.
وفي أوكرانيا، يشير الاحتلال الروسي لشبه جزيرة القرم ومناطق “دونباس”، إلى أن الكرملين أراد أن يتصرف قبل اعتماد أي عضو آخر في الناتو أو الاتحاد الأوروبي. ففي جورجيا ومولدوفا، تُجبر القوات الروسية كلا البلدين على النظر في ردود الفعل الروسية المحتملة قبل اتخاذ أي خطوات جادة نحو الاندماج مع المؤسسات الغربية.
وفي حين سيجتمع الدبلوماسيون في شهر مايو لمناقشة مستقبل برنامج الشراكة الشرقية (EPP)، فإن نجاح ذلك البرنامج في المستقبل يعتمد بشكل كبير على شكل العلاقة بين روسيا والاتحاد الأوروبي. ذلك أن خيار المضي نحو المستقبل، يفرض على الاتحاد الأوروبي أن يقر بأن هذه البلدان غير مستعدة لتلبية متطلبات الانضمام إليه، والحال نفسه بالنسبة للناتو، ومن ثَمَّ ينبغي دفع روسيا نحو تحقيق الاستقرار باعتباره تطورًا إيجابيًا وليس تهديدًا لسيادتها ومجال نفوذها.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر