الحوار الليبي | مركز سمت للدراسات

أية فرص؟.. الحوار الليبي في تونس

التاريخ والوقت : الثلاثاء, 17 نوفمبر 2020

آية خطيب عطا الله

 

تستضيف تونس ملتقي الحوار الليبي منذ 9 نوفمبر ضمن مسار مؤتمر برلين الذي تبناه مجلس الأمن بموجب القرار 2510، وقد أعلنت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة  رئيسة بعثة الامم المتحدة  للدعم في ليبيا بالإنابة ستيفاني وليامز عن ذلك وأضافت أن هذا الملتقي سوف تسبقه سلسلة جلسات عبر الاتصال المرئي. ويهدف الملتقي الي تحقيق رؤية موحدة حول إطار وترتيبات الحكم التي تمهد لإجراء انتخابات وطنية خلال مدي زمني قصير لاستعادة سيادة ليبيا والشرعية الديمقراطية للمؤسسات الليبية. وقد اعلنت ستيفاني ويليامز أسماء المشاركين في الحوار الليبي، وهما  75 ممثل من كل الاطياف الليبية الرئيسية وتم اختيارهم علي اساس التمثيل الجغرافي والعرقي والسياسي والقبلي والاجتماعي بالإضافة الي مشاركة المرأة والشباب الليبين.

يعتبر هذا الملتقي استكمالا للمفاوضات التي تمت في مونتروبسويسرا  وبوزنيقة والقاهرة والغردقة، كما تأتي جلسات الحوار المرئي بعد ثلاثة أيام من إعلان اتفاق وقف اطلاق النار في جنيف بشكل دائم، وقد سبقت هذه المفاوضات ملتقي الحوار الليبي حيث ناقشت الخيارات القانونية والدستورية خاصة في القاهرة بينما جاءت مناقشات الغردقة للاتفاق بين الأطراف الليبية للعمل على الإفراج عن جميع الأسرى وحماية منشآت النفط والغاز في الدول الواقعة في شمال إفريقيا لاستئناف أنشطة الإنتاج والتصدير بشكل كامل.

تناولت جولتي بوزنيقة الحوار بين ممثلين عن المجلس الأعلى للدولة وآخرين عن مجلس النواب، في مدينة بوزنيقة المغربية التفاهمات حول معايير اختيار الشخصيات في المناصب السيادية وضوابطها، وفق الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات في 2015، وصولا الي اتفاق جنيف للوقف الدائم لإطلاق النار. و بدأت الجلسات المرئية الممهدة للحوار في 26 أكتوبر الماضي، وتهدف هذه المشاورات الي  مناقشة  اختيار سلطة مؤقتة محل اجماع وطني وتدير مرحلة انتقالية يجري خلالها تنظيم استفتاء علي دستور جديد وانتخابات تشريعية ورئاسية كتمهيد لنقل السلطة الي مؤسسات دستورية منتخبة، وكذلك للاطلاع علي اخر المستجدات في المسائل الاقتصادية والعسكرية ومسار حقوق الانسان والقانون الدولي الانساني التي تمت مناقشتها في الجولات السابقة للحوار الليبي.

تحديات تنفيذ الحوار

1.     انسحابات وانتقادات علي التمثيل الليبي في الملتقي

واجه الحوار انتقادات كثيرة منذ الإعلان عن أسماء المشاركين الممثلين للشعب الليبي، حيث أن أكثر من 50 مشارك ينتمون إلي الاخوان المسلمين وبالتالي لا يعتبروا ممثلين لكافة الاطياف الليبية، ورغم اعلان ستيفاني ويليامز أن المشاركين في الملتقي تعهدوا خطيا بتنحية أنفسهم من المناصب السياسية والسيادية خلال المرحلة التمهيدية للانتخابات، إلا ان المعترضين والمنسحبين لا يثقون في ذلك حيث ستكون نتائج الحوار في صالح الاخوان المسلمين علي حساب الاطراف الأخرى.

قد أصدر المجلس الأعلى للقبائل والمدن الليبية بيانا يعترض فيه علي قوائم المدعوين للحوار في تونس فهي تمثل حوار لطرف واحد بعد إقصاء الطرف الأخر كما أنها تتضمن أعضاء من تنظيمات مصنفة ارهابيا، كما اتهم المبعوثة الاممية بأنها تنكرت لقيم الديمقراطية وحقوق الانسان التي يقوم عليها ميثاق الامم المتحدة وانحرفت بالبعثة من بعثة لدعم ليبيا الي سلطة لحكم ليبيا. كما اصدرت مؤسسات المجتمع المدني وفاعليات الجنوب الليبي بيانا حول رفض اختيار مجموعة الحوار الليبي في تونس، واوضحت أن اختيار البعثة لهذه الشخصيات بكونها لا تمثل الشعب يعد اقصاء للنخب الوطنية.

تشكك قوات “بركان الغضب” التابعة لحكومة الوفاق نفسها في آلية اختيار المشاركين في ملتقى الحوار في تونس وكيفية اتخاذ القرار بينهم، كما ترفض أي مجلس رئاسي جديد ينقل الشرعية من طرابلس إلى سرت ويعيد مليشيات حفتر إلى أبواب العاصمة، حيث تخشي من أن تنجح ميليشيات حفتر في نقل شرعية السلطة التنفيذية من الغرب إلي الشرق في حال تم اختيار مجلس رئاسي جديد بقيادة عقيلة صالح رئيس برلمان طبرق التابع لحفتر، كما ستنقل مقرات المؤسسات الرسمية من طرابلس الي مدينة سرت الخاضعة حاليا لميليشيات حفتر وحتي إن تم سحب ميلشيات حفتر منها فستكون أقرب إليها من قوات بركان الغضب.

2.     المسائل محل الخلاف في الحوار

حكومة موحدة: يهدف الحوار إلي تشكيل حكومة موحدة لكل ليبيا،بحيث يتم توحيد الحكومتين الموجودتين في ليبيا حكومة الوفاق في الغرب ومقرها طرابلس وحكومة الغرب ومقرها بنيغازي، علي ان تكون سرت مقر مؤقت للحكومة الليبية ولمؤسسات الدولة، وذلك بعد تنفيذ اتفاق جنيف باخلاء سرت من السلاح.وهنا يثور الخلاف حول ان تكون هذه الحكومة انتقالية لحين اجراء انتخابات بعد مدة 18 شهر كما نص اتفاق مونتروفي سويسرا ام ستكون حكومة دائمة بحيث يتم اجراء انتخابات رئاسية وتشريعية علي الفور كما قد اعلن السراج من قبل ولكن هذا يحتاج الي تحديد المسار الدستوري.

إجراء انتخابات عامة: ترغب الأمم المتحدة في تحديد موعد اجراء انتخابات في اقصر مدي زمني ممكن ولكن هذا يعتمد علي الوضع الامني والعسكري والدستوري أولا، فكيف سيتم اجراء انتخابات ظل وضع امني متدهور ووجود مرتزقة وميليشيات عسكرية في ليبيا وحتي رغم التوصل الي اتفاق حول خروجها فانه يعتمد علي عوامل اخري منها رغبة القوي الخارجية الفاعلة في الازمة، بالاضافة الي استمرار الاختلاف علي الدستور فهناك من يرغب في العودة لدستور 1591، وهناك من يريد الاستفتاء علي مشروع مسودة الدستور ويوجد من يرغب في تعديل الاعلان الدستوري، ويوجد اختلاف بين رؤية كلا الطرفين فعقيلة صالح رئيس نواب طبرق قدم مبادرة باقامة مرحلة انتقالية من 18 شهر ودعمتها القاهرة في حين ترغب اطراف اخري في عدم تضييع الوقت والذهاب الي انتخابات رئاسية وبرلمانية يسبقها استفتاء علي الدستور وفق خارطة طريق واضحة، وبالتالي سيحدد الملتقي ما اذا سيتم تشكيل حكومة انتقالية ام اجراء انتخابات سريعة.

اختيار مجلس رئاسي جديد من رئيس ونائبين يمثلون الأقاليم الثلاثة: فمن المتوقع أن يتم تشكيل مجلس رئاسي جديد قائم علي التمثيل العادل، لكن هذا يتنافى مع رغبة  القوات المساندة للجيش الليبي والمجلس الأعلى للدولة، وبالفعل قد أعلن المجلس الأعلى للدولة رؤيته بأن الحوار الليبي الذي سيجري في تونس 9 نوفمبر الجاري يهدف إلي “إعادة تشكيل المجلس الرئاسي، وإجراء انتخابات في أقصر إطار زمني ممكن، وقد التقي السراج وستيفاني ويليامز والتي أكدت علي أن ملتقي الحوار بتونس هدفه الوصول إلي انتخابات وطنية، تجري علي قاعدة دستورية صلبة ولم يتطرق الحديث بينهما عن مجلس رئاسي جديد. يضاف الي ذلك تراجع السراج عن تقديم استقالته وذلك استجابة لدعوات مجلسي الدولة والنواب في طرابلس، والبعثة الأممية، والدول الصديقة تجنباً لحدوث فراغ سياسي. مما يثير الشكوك لدي الاطراف الفاعلة الاخري في الازمة واولها الحكومة الموازية في الشرق بقيادة حفتر برغبة حكومة الوفاق في الاستمرار والاستحواذ علي قدر كبير من السلطة فهي تمثل الأغلبية الممثلة للشعب الليبي في ملتقي الحوار السياسي في تونس.

سيناريوهات محتملة

يتضح من الجولات السابقة للمحادثات في الازمة الليبية وفي ظل المشاورات الحالية عبر الفيديوأن الحوار الليبي سيتبع احدي المسارات الآتية

– تتوافق القوي علي حكومة موحدة سواء انتقالية اودائمة ويتم إعلان رئيس للحكومة.

– تستمر الخلافات ولا يصل المتحاورون الي توافق حول تكوين حكومة موحدة وفي هذه الحالة ستظل الاوضاع كما هي عليه، المجلس الرئاسي في طرابلس برئاسى السراج   والحكومة الموازية في الشرق وستبقي حالة لا سلم ولا حرب وجدير بالذكر انه اذا لم يتم التوافق في الحوار فستقوم بعثة الامم المتحدة بإجراء انتخابات سريعة حيث أكدت ستيفاني ويليامز أنه سيتم اجراء انتخابات السلطة التنفيذية في أقصر وقت ممكن أيا كانت نتيجة الحوار.

أرجح أن ينتهي الحوار وفقا للسيناريو الثاني حيث توحي الاتفاقات السابقة وعدم الالتزام بها الي ذلك في ظل هيمنة طرف واحد علي طاولة الحوار وهوالاخوان المسلمين، وعدم توافر التمثيل العادل لكل القوي الفاعلة، وأيضا انسحاب أطراف عديدة من الحوار نظرا لغلبة الاخوان المسلمين حيث ستكون نتائج الحوار في صالح الاغلبية وهما الاخوان المسلمين وبالتالي لن تقبل القوي الاخرى بنتائجه، يضاف الي ذلك  عودة السراج مرة أخري لحكومة الوفاق، يوحي بمدي قوة الاخوان المسلمين  وسيطرتهم علي الاوضاع، بالإضافة الي عدم توافر رغبة القوي الخارجية الفاعلة في الصراع في حل الازمة خاصة تركيا التي  لم ترحب باتفاق وقف اطلاق النار في جنيف وتدعم السراج نظرا لرغبتها في استمرار وجودها في ليبيا.

 

المصدر: المركز العربي للبحوث والدراسات

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر