يوشك الاتحاد الأوروبي على إعلان حدوث انفراج في اتفاقية استثمار متبادل شاملة مع الصين، إذا حدث هذا؛ فإن بكين وبروكسل – إلى جانب برلين، التي لا تزال تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي – ستعلن النصر في المحادثات التي بدأت في عام 2013؛ لكنها تعثرت منذ فترة طويلة إلى حد كبير؛ بسبب المماطلة الصينية؛ لكن هذه الصفقة ليست انتصاراً؛ بل خطأ فادح.
فالتقارب الصيني الأوروبي المفاجئ سيكون محل استهجان الإدارة الأمريكية القادمة بقيادة جو بايدن، قبل ثلاثة أسابيع فقط من تنصيبه. بعد أربع سنوات من النزعة القومية الترامبية، كان بايدن يستعد للتمييز مرة أخرى بين الحلفاء الاستراتيجيين؛ مثل أوروبا، والمنافسين مثل الصين، والتنسيق بشكل أوثق مع الأولى؛ لاحتواء الثانية.
وقد أسعد الأوروبيين عموماً التغيير الحاصل في واشنطن. كان البعض، مثل الألمان، يتحدثون عن عرض «صفقة جديدة عبر الأطلسي» على بايدن؛ لتجديد التحالف. ولا يزال آخرون، بمن فيهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يؤكدون هدف جعل أوروبا «مستقلة» و«ذات سيادة» في الجغرافيا السياسية، مع الاعتراف بالحاجة إلى العمل عن كثب مع الولايات المتحدة؛ لمقاومة الاستبداد الصيني.
هذا الاحتمال؛ المتمثل في تحالف الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، هو ما يريد الرئيس الصيني شي جين بينج بشكل عاجل تعطيله. ولعل هذا ما يفسر تدخله شخصياً في المفاوضات حول الاتفاقية الشاملة للاستثمار بين الاتحاد الأوروبي والصين، ما أدى إلى انطلاق المحادثات التي كانت ميتة.
وقامت حيثيات اتفاقية الاستثمار على النهج غير المتوازن في قطاع الأعمال الذي يتبعه كل من الاتحاد الأوروبي والصين. فعلى الرغم من أن أوروبا بدأت مؤخراً في التدقيق على المعاملات الحساسة، فإنها كانت منفتحة إلى حد كبير أمام استثمارات الشركات الصينية.
ويكفي وجود خصم أكثر مهارة في البيت الأبيض إلى جانب مقاومة أشد من أوروبا؛ لإثارة مخاوف شي جين بينج حول فشل خططه لصعود الصين؛ لذا فقد ضاعف جهوده؛ من أجل إبرام اتفاقيات دولية بديلة تستبعد الولايات المتحدة.
وكان أكبر نجاح له هو الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة؛ وهي اتفاقية تجارية مع 14 دولة أخرى في آسيا والمحيط الهادئ. وتحقق ذلك فقط؛ لأن الرئيس دونالد ترامب كان قد ألغى في وقت سابق تحالفاً تجارياً مختلفاً لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ كان من شأنه أن يشمل الولايات المتحدة؛ لكنه يستبعد الصين.
ويبدو أن اتفاق الاستثمار الصيني الأوروبي ليس صفقة تجارية؛ لكن من الواضح أنه يهدف إلى أن يكون مقدمة لصفقة سياسية؛ لذلك فهو جزء من محاولة بكين لإنشاء بنية جيوسياسية ثلاثية بين أمريكا الشمالية وآسيا وأوروبا، والتي تجعل الصين أقوى في الصراع القادم مع الولايات المتحدة.