تجارة المفوضية الأوروبية | مركز سمت للدراسات

أوروبا تتخذ خطوات تهدد هيمنة الدولار

التاريخ والوقت : الإثنين, 1 فبراير 2021

 يلينا پوستوڤويتوڤا

 

رئيس الولايات المتحدة الجديد سيدور عجلة مطبعة بنك الاحتياطي الفيدرالي بشكل أكثر من سابقه. وقبل عام، سئمت بروكسل من التنافس مع المنصات الإلكترونية الأميركية، وقررت أن تعد بحلول خريف عام 2020 ستراتيجية لإنشاء نظام دفع موحد من أجل تقليل اعتماد السوق الأوروبية بطاقة Visa و Mastercard.

ولكن لم تنجح هذه المحاولة بسبب شيوع وباء الفايروس التاجي. ومع ذلك، مازالت النية قائمة للتحرر من الدولار.

في يوم تنصيب بايدن في 20 كانون الثاني، جرى الترحيب من جهة بالرئيس الجديد للولايات المتحدة الذي وعد بتعزيز الشراكة عبر الأطلسي، ومن الجهة الأخرى أطلقت المفوضية الأوروبية هي الأخرى محاولة جديدة “لاستخدام العملة الأوروبية المشتركة على المستوى العالمي للقضاء على ضعف السوق المالية التي تعتمد بشكل مفرط على الدولار الأميركي. وستتم مراجعة هذا الإجراء العاجل والموافقة عليه في كانون الثاني.

وقد تمت المصادقة على ما يطلق عليه بالاتصالات الخاصة بالمفوضية الأوروبية. وإن العنصر الثوري في الوثيقة هو أنها تلزم المفوضية الأوروبية كي يبادر شركاؤها التجاريين “بتحفيز استخدام اليورو واستقراره، وتعزيز مكانة اليورو كعملة أساسية في قطاعات التجارة والطاقة والمواد الخام، وتعزيز تنفيذ وترسيخ سياسة فرض العقوبات من قبل الاتحاد الأوروبي”. وهنا لا يختلف موقف الاتحاد الأوروبي عن جهود روسيا والصين لفك ارتباط اقتصاداتهما بالدولار وإجراء تسويات متبادلة بالعملات الوطنية. دعونا نذكر أن 8 دول من أمريكا اللاتينية وهما كل من بوليفيا وفنزويلا وهندوراس وكوبا ونيكاراغوا والإكوادور والبرازيل وأوروغواي، قد تخلت بالفعل عن الدولار في التجارة المتبادلة.

إن المجال المتنامي للمدفوعات الإلكترونية الأوروبية ، الذي تهاوى بشكل غير رسمي على يد شركات التكنولوجيا الأميركية ، يحفز الاتحاد الأوروبي على إنشاء نظام الدفع السريع الخاص به بشكل مستقل عن النظام القائم، والقدرة على التنافس مع الشركات العالمية. ويجب ألا يستمر الإعتماد على الدولار.

لم يكن دونالد ترامب وفايروس كورونا فقط هما ما أجبرا بروكسل على تحقيق النشاط المستقل في الاقتصاد العالمي. فوفقاً لـ New York Project Syndicate ، كان اليورو في طليعة الهجمات لسنوات عديدة. وبعد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي وبدء “الوباء”، تم إنقاذ أوروبا الموحدة من الانهيار بمقدار 750 مليار يورو فقط من صندوق الانتعاش المزعوم وإصدار سندات اليورو التي راكمت ديون دول الاتحاد الأوروبي. وهذا ما أجبر بروكسل على تأجيل سياسة “الصفر الأسود” ، مما يعني وجود توازن إلزامي خالٍ من العجز لدول الاتحاد الأوروبي.

لقد دفع ترامب مجلس الاحتياطي الفيدرالي لطباعة الدولار طوال السنوات التي قضاها في منصبه. وجلب الضعف المستمر للدولار أرباحاً على الصادرات، وعوّض جزئياً الأضرار الناجمة عن زيادة المعونات الاجتماعية أثناء “الوباء”. لقد أدار الرئيس الجديد للولايات المتحدة عجلة مطبعة الاحتياطي الفيدرالي بشكل أكثر. وخصص ترامب 600 دولار لكل دافع ضرائب ، وأضاف بايدن 1400 دولار لكل دافع ضرائب. إن حزمة التحفيز للرئيس الجديد تستقطب ما يقرب من 2 تريليون دولار، سيخصص نصفها لمساعدة المواطنين الأميركان، و 400 مليار لمكافحة فايروس كورونا وتأمين اللقاحات، والباقي لدعم المتضررين من “الوباء”. وليس لدى وول ستريت أية شكوك في أن العملة الرئيسة في العالم ستستمر في الضعف. ثم هناك المملكة المتحدة، فمع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وانخفاض الصادرات إلى الاتحاد الأوروبي بأكثر من الثلث، سيؤدي إلى ضعف الجنيه الإسترليني.

الآن جميع المضاربين بالعملات ينتزعون اليورو مثل الكعكة. ولا يرغب البنك المركزي الأوروبي (ECB) اتخاذ خطوات لرفع معدل إعادة التمويل. ويعتبر مشروع “بروجيكت سنديكيت” ، في إشارة إلى المضاربين في بورصات العملات، أن البنك المركزي الأوروبي “صنع من اليورو كبش فداء، والذي أصبح من السهل عليه الآن إصدار التعليمات”. في الوقت نفسه ، فإن المصدرين الأوروبيين هم كقطيع “الماعز” ، وهم كذلك، يتعين عليهم تحمل عبء ارتفاع اليورو. ويحتاج الاتحاد الأوروبي بشكل عاجل إلى إيجاد الفرص لدعم البنوك دون الإضرار بالصادرات. والإجابة على ذلك معروفة معروفة: إذ ينبغي على البنوك أن تحفز الصادرات إلى الأسواق المحلية لمنطقة اليورو..

إن الإيطاليين، إذ يبيعون المزيد من السلع إلى ألمانيا ودول شمالي الاتحاد الأوروبي الأخرى، سيكونون أقل اعتماداً على تقوية اليورو. ومع ذلك، فإن هذا لا يعفي الاتحاد الأوروبي من الخطر الرئيس، فالسوق المالي العالمي يعتمد بشكل كبير على الدولار الأميركي ليكون قادراً على تخفيف التوترات المالية. ودقت شركة Eurаctiv ناقوس الخطر وحذرت قائلة: “لقد أثار انخفاض قيم أصول الشركات الأوروبية في السنوات الأخيرة بالفعل مخاطر عمليات الاستحواذ الجائرة لشركات أوروبية ستراتيجية” للسيطرة على عملته الخاصة. ويحتاج الاتحاد الأوروبي من أجل السيطرة على عملته أن يعزز استقلاله الستراتيجي من خلال تقوية الدور الدولي لليورو. وجعل اليورو قادراً على مقاومة الممارسة غير القانونية خارج الحدود الإقليمية للعقوبات من جانب واحد من قبل الولايات المتحدة. وبذلك تبدأ مؤشرات تقويض آخر للقوة العالمية للدولار.

تعتقد المفوضية الأوروبية أن تعزيز دور اليورو سيجلب “استقراراً أكبر للمنظومة الأوروبية” ، حيث يتنوع نظام سعر الصرف في العالم ويمكن أن يقلل من الصدمات المحتملة جراء السياسة النقدية الأميركية. لقد حدّدت بروكسل 15 إجراءً رئيساً يجب إتخاذها لتحقيق هذا الهدف الهدف. ويشمل ذلك استكمال الاتحاد المصرفي للاتحاد الأوروبي، وإحراز تقدم في اتحاد أسواق رأس المال، وتطوير مشتقات السلع المقومة باليورو للطاقة والمواد الخام، وتحفيز الاستثمارات المقومة باليورو، وإجراء البحوث مع النخب المالية والمستثمرين المؤسسيين والمنظمات الأخرى لدعم استخدام اليورو كعملة في الحسابات وفي الأسم.

لقد سئمت أكبر سوق أوروبية في العالم من الجلوس تحت سقف للدولار. ففي سياق الغياب الفعلي لنمو الناتج المحلي الإجمالي في الاتحاد الأوروبي ، يصبح هذا الأمر خطيراً بشكل خاص. وقد دعا الأوروبيون بالفعل وزير خارجية الولايات المتحدة الجديد أنتوني بلينكين إلى اجتماع غير رسمي لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في لشبونة في 4 آذار القادم.

 

المصدر: صحيفة المدى

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر