منظمة أوبك | مركز سمت للدراسات

“أوبك” تطلق تسوية صعبة

التاريخ والوقت : الخميس, 10 ديسمبر 2020

بن كاهيل

 

اتفقت منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) والمنتجون المتحالفون معها في 3 ديسمبر على إضافة 500 ألف برميل يوميًا إلى السوق بدءًا من يناير، مع زيادات مماثلة يحتمل أن تتبعها في الشهرين المقبلين. وستقوم مجموعة (أوبك +) بالتحرك التدريجي نحو تخفيضات إنتاج النفط بدلاً من إضافة 1.9 مليون في يناير كما هو مخطط. وبدءًا من الشهر المقبل، ستجتمع المجموعة شهريًا لتقييم ظروف السوق وستقوم بتعديل الإنتاج وفقًا لذلك. لذا، يجب أن تتجنب الصفقة إغراق سوق النفط بإمدادات جديدة مع إرضاء بعض المنتجين الذين يفقدون صبرهم مع التخفيضات الكبيرة في الإنتاج.

لقد اضطرت “أوبك” إلى الاندفاع أكثر من المعتاد، وذلك بغرض التوصل إلى حل وسط. ففي 30 نوفمبر الماضي، أجَّلَت مجموعة “أوبك” الأساسية المرحلة الثانية من المحادثات لمدة يومين بسبب الانقسامات الداخلية حول كيفية التعامل مع عدم اليقين الكبير الذي يعاني منه الطلب ومعالجة فائض الإنتاج المزمن من قبل عدد قليل من البلدان.

وبعد حرب أسعار قصيرة الأمد لكنها قاسية، قامت (أوبك +) بخفض إنتاج النفط في أبريل بمقدار 9.7 مليون برميل في اليوم. كما قامت بتقليص هذا الخفض إلى 7.7 مليون برميل في اليوم في شهر أغسطس، وكان من المقرر أن تنتقل إلى التخفيضات “بالمرحلة الثالثة” والبالغة 5.8 مليون برميل في اليوم في يناير 2021. وكانت المملكة العربية السعودية حذرة من إضافة ما يقرب من مليوني برميل في اليوم إلى سوق الطلب الضعيف، واقترحت تمديد التخفيضات الحالية لمدة ثلاثة أشهر، لكنها وافقت على الزيادات المتتابعة في العرض لكسب الإجماع داخل المجموعة.

ويأمل نادي المنتجين أن ينتقل الانتعاش الأخير في سوق النفط إلى العام المقبل. حتى الأسابيع القليلة الماضية، حيث كان العديد من المراقبين يتوقعون أن يستمر التخفيض باستمرار تقديرات الطلب لعام 2021، بما في ذلك منظمة الأوبك نفسها. لكن الأخبار الإيجابية المحتملة عن اللقاحات الخاصة بفيروس “كوفيد – 19” أسهمت في رفع معنويات سوق النفط، وانعكست بشكل إيجابي على منحنى العقود الآجلة (حيث ارتفعت أسعار خام برنت إلى ما يقرب من 50 دولارًا للبرميل بعد الصفقة). وتبدو “أوبك” متفائلة بأن صورة الطلب على النفط ستتحسن بشكل كبير بحلول نهاية عام 2021.

ومع ذلك، لا تزال “أوبك” حذرة من التحرك بسرعة كبيرة. ويبدو الطلب ضعيفًا إلى حد ما في الأشهر المقبلة، خاصة في الأميركتين وأوروبا، إذ تؤدي عمليات الإغلاق والقيود الجديدة إلى كبح الطلب على وقود النقل. أمَّا على جانب العرض، فقد ارتفع الإنتاج في ليبيا مرة أخرى من أقل من 100 ألف برميل في اليوم في سبتمبر إلى أكثر من مليون برميل، وذلك بعد إعادة فتح محطات التصدير. كما تخشى “أوبك” أيضًا أن تضيف إيران كميات كبيرة في وقت لاحق في عام 2021 إذا تمَّ إبرام صفقة من شأنها أن تخفف العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة. وأخيرًا، تشكل مخزونات النفط أحد التحديات طويلة الأجل. فقد أدى انهيار الطلب في وقت سابق من هذا الربيع إلى تراكم سريع لمخزونات النفط الخام والمنتجات على مستوى العالم. وقد بدأت عمليات سحب الأسهم، مع الولايات المتحدة. كما انخفضت مخزونات النفط الخام بنسبة 10% منذ منتصف يونيو. لكن مخزونات الخام التجارية في دول “منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية” لا تزال أعلى بكثير من نطاق 2015-2019.

وتميل المخزونات المرتفعة إلى كبح الأسعار، لذا تعمل “أوبك” على ضمان استمرار سحب المخزون.

تزايد التوترات

لقد أثبتت الصفقة الأخيرة أن “أوبك” تميل نحو التعاون تحت الإكراه وصياغة حلول قصيرة الأجل. لكن بعد سنوات من التخفيضات الكبيرة في الإنتاج، تصاعدت التوترات داخل المجموعة في الأسابيع الأخيرة. وقال وزير النفط العراقي إن نموذج “إجراء واحد يناسب الجميع” لأهداف الإنتاج لا ينبغي تطبيقه، بالنظر إلى المستويات المتفاوتة من الاستقرار المالي والموارد بين دول “أوبك”. وتشكو العديد من الدول من أن روسيا، وهي لاعب مهم في (أوبك +) والرئيس المشارك للجنة المراقبة الوزارية المشتركة، حصلت على تصريح مرور مجاني على الرغم من ضعف امتثالها منذ عام 2017.

وقد جاء التحدي الأبرز من الإمارات العربية المتحدة. إذ أفادت التقارير بأن الإمارات العربية المتحدة، وهي العضو القوي في “أوبك” والحليف المقرب للمملكة العربية السعودية، كانت غير راضية عن مكانتها في مجموعة (أوبك +) الموسعة. وقد بلغت الطاقة الإنتاجية لدولة الإمارات العربية المتحدة 4 ملايين برميل في اليوم، وتأمل في زيادة الطاقة الإنتاجية إلى 5 ملايين برميل في اليوم بحلول عام 2030، لكن هدفها الحالي الخاص بإنتاج (أوبك +) هو 2.59 مليون برميل في اليوم فقط. وتجادل أبو ظبي بأن هذه الحصة (مع خط أساس الإنتاج في أكتوبر 2018) قديمة. وتخطط لاستثمار 122 مليار دولار في قطاع النفط والغاز بين عامي 2021 و2025.

ومن غير المرجح أن تقوم أبو ظبي بهذه الاستثمارات الضخمة ببساطة لزيادة الطاقة الاحتياطية، وذلك بخلاف المملكة العربية السعودية، وهي المنتج الرئيس في “أوبك”. إلا أن المخاوف من انسحاب الإمارات من “أوبك” تبدو مبالغ فيها، فأبو ظبي ستعمل على زيادة الإنتاج.

وبشكل عام، فإن إطار (أوبك +) يبدو ناجحًا جدًا، لا سيَّما في التغلب على صدمة جائحة “كوفيد – 19” لهذا العام. وعندما سقطت “أوبك” في حالة من الفوضى في شهر مارس الماضي، أصيبت الأسواق بالذعر وانهارت أسعار النفط، لكن منذ أبريل، أدت أكبر تخفيضات إنتاج على الإطلاق إلى وضع حد أدنى للأسعار وقدمت تأكيدات للسوق. فقد أشار وزير الطاقة السعودي، الأمير عبدالعزيز بن سلمان، إلى أن امتثال الإنتاج لمجموعة “أوبك” كلها منذ مايو كان بنسبة مئة في المئة. وإذا نظرنا إليها من منظور واحد، فإن (أوبك +) تحتاج ببساطة إلى التماسك لبضعة شهور أخرى حتى تتحسن صورة الطلب وتعود الأسعار.

ومع ذلك، فبعد مرور ثلاث سنوات على اتفاق (أوبك +)، بدأت الدول تفقد صبرها. ومن الواضح أن التخفيضات الكبيرة لم تنجح حتى الآن في تحقيق الإيرادات التي تحتاجها العديد من البلدان. ويعتقد البعض أن التخفيضات الدائمة إنما هي ببساطة تنطوي على تنازل الولايات المتحدة ودول أخرى عن جزء من حصتها في السوق. وتزداد صعوبة إبقاء جميع البلدان في تحالف (أوبك +). كما أن هناك درجة أكبر من التسامح مع بقية أعضاء المنظمة. وفي الوقت الحالي، فإن المنتجين لديهم سلسلة من الحوافز القوية التي تساعدهم على البقاء معًا بمرور الوقت، خاصة إذا استمرت الأسعار في الارتفاع وتراجع الامتثال، إذ قد تتسع بعض التصدعات.

 

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

المصدر: مركز الدراسات الدولية

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر