يعني تطوير البرمجيات بالشكل التقليدي إعداد الرموز والبرامج التي تلبي أفضل الممارسات وتجسدها في التطبيقات المؤسسية. أما أتمتة عمليات الروبوتات فتعني تسجيل إجراءات العمل التي يقوم بها فريق العمل في واجهة تلك التطبيقات حيث يعملون وينجزون، وبالتالي تجري أتمتة العمليات في روبوتات البرمجيات.
تؤدي عملية الأتمتة إلى تقليل العقبات التي تمنع الأتمتة الكاملة عبر استخدام رموز البرمجيات وواجهات برمجة التطبيقات بشكل فعال، وقد ساهم ذلك في تحقيق نجاح سريع مع الوقت.
ونظرًا لأن بناء روبوتات البرمجيات باستخدام أدوات أتمتة عمليات الروبوتات RPA، عملية سريعة نسبيًا، فإن ثلثي تلك الأدوات وإنجاز المجموعة الأولى من الروبوتات لأية مؤسسة كانت مهمة سهلة. فتقنية أتمتة عمليات الروبوتات تمتاز بمتانة تتيح لها التعامل مع أتمتة العمليات المعقدة والتوسع سريعًا، ولكن حلّ المشاكل المعقدة يتطلب محاكاة دقيقة للدماغ البشري – وهذه هي العقبة الرئيسية عند استخدام تلك الأدوات.
تمكنت أتمتة عمليات الروبوتات حتى الآن من إطلاق قوة العمل الرقمية في روبوتات البرمجيات التي حققت إنجازات بارزة في مجموعة واسعة من المبادرات المؤسسية، كالتحول الرقمي. ولكن على تلك التقنية التكامل بشكل أفضل وأعمق مع جوانب أخرى كتعلم الآلة والرؤية الحاسوبية إذا ما أرادت تحقيق مزيد من التقدم.
ويقود ذلك إلى شكل أكثر تطورًا من الأتمتة، تمثل عمليات الروبوتات جوهره الرئيسي لتكون بمثابة «أتمتة ذكية».
لننظر إلى مثال واسع الانتشار وهو ما يسمى «حساب الخيار». ففي اليابان نرى الخيار بتنوع كبير جدًا من الأشكال والأحجام والألوان ونعومة القشرة، ولا بد من فصل الحبات بدقة بناء على تلك العوامل البصرية إلى أصناف مختلفة لكل منها سعر مختلف. وجرت كتابة خوارزمية لتعلّم الآلة بحيث يمكنها تصنيف تلك الحبات بناء على صورة فوتوغرافية، وبهذا تم حلّ مشكلة بسيطة تحتاج إلى جهد بشري كبير بكل سهولة بفضل الأتمتة الذكية.
كما أن التسارع اللافت في مبادرات التحول الرقمي بعد الجائحة سلّط الضوء على الحاجة إلى استخدام الأتمتة الذكية في العديد من الجوانب الدقيقة للتحول في المؤسسة، بدلًا من الاستخدام السابق في الأطراف وحسب. وفي ظل ازدياد الضغط على الأداء التنظيمي والكفاءة بعد الجائحة، أصبحت الأتمتة تركز بشكل متزايد على جوهر التحول الرقمي.
فيما يلي بعض النقاط المستفادة من استخدام الأتمتة الذكية:
العملية: وفقًا لتقرير شركة فوريستر عنوان «عشر قواعد ذهبية لنجاح أتمتة عمليات الروبوتات» في مايو 2020، فإن أكثر من نصف برامج أتمتة عمليات الروبوتات في العالم تستخدم أقل من 10 برمجيات للروبوتات. وتقول فوريستر إن أقل من 19% من استخدامات أتمتة عمليات الروبوتات وصلت إلى مرحلة متقدمة من النضج، فيما أدّت بعض العوامل لتأخر البرامج أو توقفها، بما في ذلك تشتت الجهود والمبادرات وتعدد المزودين وعدم اكتمال هيكل الحوكمة.
التقنية: من خلال أتمتة عمليات الروبوتات، يمكن للمستخدمين في مجال الأعمال تطبيق الأتمتة على تدفقات العمل المختلفة، ولكن ذلك غالبًا ما يتطلب كتابة النصوص – والتي تزداد كلما ازداد تعقيد العملية. فبرمجيات الروبوتات أو العمليات الخاضعة للأتمتة تنهار عند فشل تلك النصوص، والتي تتأثر بدورها بالبنية التحتية والبرمجيات والبيانات وغيرها.
الثقافة: تعد الأتمتة الذكية من الحلول المطبقة على مستوى المؤسسة، ولهذا لا بد من إدارتها من خلال إدارة التغيير ودراسات الجدوى والممارسات الأمنية. ورغم أن الأتمتة الذكية مبادرة، إلا أن بناء وترسيخ ثقافة الأتمتة أمر مهم على المدى الطويل نظرًا لتأثيرها على الأفراد الذين إما سيقاومونها أو يصبحون أحد عناصر قوتها.
في أي نوع من الأتمتة، قد يكون من الضروري الاطلاع على العملية بأكملها للتخطيط للأتمتة بشكل متكامل وشامل. ويمكن لتعدين العمليات المساعدة في تبسيطها وأتمتتها بشكل أسرع، بينما يمكن استعمال مساعدي الأعمال الرقمية للعمليات البسيطة. أما العمليات الأكثر تعقيدًا فقد تحتاج لاستخدام إمكانات تحليل المهام والتفكير التصميمي والعرض البصري لمسار الرحلة. يساعد ذلك في تخطيط سلوك المستخدمين ودوافعهم وعلاقات الارتباط فيما بينهم، وبعد اكتمال العملية يصبح لدى المؤسسة رؤية أفضل بكثير لفرص الأتمتة على المدى القصير والطويل.
وبوسع برمجيات الروبوتات التي تنطوي على إمكانات تعلّم الآلة أن تتعلم كيفية استقاء المعلومات واستخلاصها من أنواع البيانات المتعددة، بما فيها البيانات الهيكلية وغير الهيكلية والصور والاستنتاجات، ومن مختلف المصادر كنماذج الويب وملفات PDF والرسائل الإلكترونية والصور الممسوحة ضوئيًا، وذلك باستخدام الخوارزميات.
كما تستطيع تلك البرمجيات معالجة البيانات والقيام بعمليات لجلبها أو تصحيحها أو ملء ثغرات البيانات، إلى جانب مقارنة البيانات من مصادر مختلفة للتحقق من الإجراء التالي. وبوسعها كذلك إعطاء إشارات قائمة على البيانات لأتمتة عمليات الروبوتات، والتي تتصرف بناء على تلك الإشارات، لتتمكن من بدء تغييرات ديناميكية في العمليات أو دعم تدفقات العمل البشرية عبر التنبؤ باستثناءات العمليات. ويذكر أن قائمة الاستخدامات والتطبيقات الممكنة تتزايد باستمرار.
نظرًا لكون المؤسسة تدمج العنصر البشري مع الروبوتات وتعلم الآلة ضمن العمليات، فإن المكاسب والفرص المستقبلية ستنمو بشكل مستمر – ولكن نجاحها يتطلب بناء ثقافة تدرك أهمية الأتمتة وتمنحها الأولوية.
على سبيل المثال، يمكن للأتمتة الذكية أن تستخدم لغة الآلة للتعامل مع الاستثناءات، وتحتاج إلى البشر لتدريب الخوارزميات والتحقق من النتائج وإدارة استثناءات العملية. وتتيح أتمتة العمليات للمؤسسات إمكانية إعادة التفكير بالعمليات القديمة والتركيز على عملائها وموظفيها.
ولا يعني منح الأولوية للأتمتة أن الموظفين والبشر ليسوا هم جوهر المؤسسة – فهناك مزايا هائلة يمكن للبشر تحقيقها عبر دمج الأتمتة بشكل متقن في المؤسسات الرقمية وبيانات التدريب وجعل تعلم الآلة جزءًا أساسياً من العمليات.