أنانية نظام “أردوغان” تهدد بلاد الرافدين بالجفاف | مركز سمت للدراسات

أنانية نظام “أردوغان” تهدد بلاد الرافدين بالجفاف

التاريخ والوقت : السبت, 4 يوليو 2020

نورا بنداري

 

تصاعدت حدة التصريحات من قبل المسؤولين العراقيين خلال الأيام الماضية، بعد أن أعلن النظام التركي مطلع يونيو 2020، عن ملء خزان “سد أليسو” العملاق على نهر دجلة، الأمر الذي يهدد حصة بلاد الرافدين المائية؛ ما دفع بغداد لمطالبة أنقرة بضرورة تأمين حصة العراق المائية، ورغم نداءات المسؤولين العراقيين إلا أن تركيا لم تلتفت إلى الأمر، مبينة عزمًا واضحًا على الاعتداء على المياه.

وصعد العراق ملوحًا باستخدام خيار اللجوء إلى “مجلس الأمن الدولي” لرفع شكوى ضد تركيا في ملف تأمين حصته المائية، وأعلن المتحدث باسم وزارة الموارد المائية العراقية “عون ذياب عبد الله” في تصريح صحفي لموقع “بغداد بوست” العراقي في 27 يونيو 2020، أن المشاورات الثنائية مع تركيا مازالت كافية في الوقت الحالي، مطالبًا نظام أنقرة بأن يكون واقعيًّا في هذا الموضوع، وأن يصلا معًا إلى اتفاق مشترك بشأن الحصص المائية المنصفة والعادلة للعراق.

ولفت إلى أن ذهاب العراق إلى مجلس الأمن بعد اكتمال خزان سد اليسو، سيكون الخيار الثاني، فيما إذا كان هناك تعنت من قبل الجانب التركي في تأمين احتياجات العراق من المياه.

وليست هذه المرة الأولي التي يحذر فيها العراق الجانب التركي، إذ سبق أن حذر من الدخول في حرب مياه، من خلال “منصور البعيجي” نائب رئيس لجنة الزراعة والمياه النيابية الذي قدم طلبًا في البرلمان العراقي 29 مايو 2020، لمطالبة الحكومة بالضغط على أنقرة من أجل زيادة حصة الدولة العراقية المائية.

وأكد النائب وفقًا لوسائل إعلام عراقية، أن حرب المياه لا تقل خطورة عن الحرب ضد تنظيم «داعش» الإرهابي؛ لأنها ستدمر القطاع الزراعي فى البلاد، مشددًا على أن تركيا لديها ملف اقتصادي كبير في العراق، وعليه يجب على حكومة بغداد استخدامه كوسيلة ضغط، وعدم اتخاذ موقف المتفرج جراء ما يحدث من حرب مياه يتعرض لها العراق منذ فترة طويلة من قبل دول المنبع.

ومن الجدير بالذكر أن الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” أعلن في مايو 2020، بدء تشغيل أول توربين في “سد إليسو” بجنوب شرق تركيا، وتم البدء في ملء الخزان في يونيو، ووضع حجر الأساس لهذا السد في أغسطس 2006، وافتتح في 2018.

تداعيات “إليسو”

يؤثر السد بشكل كبير على حصة العراق المائية، إذ إنه سيُقلل واردات مياه نهر دجلة إلى نحو 60%، وستنخفض حصته من 20 مليار م3 إلى 9 مليارات م3 تقريبا، وعقب ملء خزان السد ألمحت مصادر عراقية إلى انخفاض مياه العراق بنسبة 40%، فضلًا أنه حين افتتحت أنقرة السد في 2018، نشرت وسائل الإعلام العراقية، مقاطع فيديو تبين انخفاض منسوب مياه نهر دجلة في العراق بشكل غير مسبوق، لدرجة بات من الممكن عبور النهر سيرًا على الأقدام.

وفي يونيو الحالي، أعلن وزير الموارد المائية العراقي “حسن الجنابي” أن بدء الحكومة التركية ملء سد “إليسو”، انعكس مباشرة على النهر في العراق؛ ما أدى إلى انخفاض منسوب مياهه، فيما قال مدير مشروع سد الموصل “رياض عز الدين” إن كميات المياه المتدفقة من تركيا انخفضت بنسبة 50%، وفقًا لقناة “السومرية العراقية”.

وأشار خبراء عراقيون في مجال المياه، إلى أن السد سيمثل أزمة، خاصة على المجال الاقتصادي والزراعي؛ لأن نقص المياه سيحرم العراق من ثلث أراضيه الصالحة للزراعة، وتحديدًا في الشمال والوسط والجنوب، ليتحول من بلد منتج إلى مستورد للمحاصيل؛ ما ينجم عنه تردي الأوضاع الاقتصادية المنهكة في الأساس، وارتفاع نسبة البطالة، فضلًا عن انخفاض ملحوظ للثروة الحيوانية.

ويعاني العراق منذ سنوات أزمات مائية، الأمر الذي دفع الحكومة في 2017، إلى اتخاذ إجراءات مهمة أبرزها حظر زراعة الأرز؛ ما دفع مزارعين إلى هجر أراضيهم، ووقتها شهدت مدينة البصرة احتجاجات استمرت شهورًا بسبب عدم توفر مياه صالحة للشرب.

وفي مايو 2020 سلط تقرير لمجلة “نيشن” الأميركية، الضوء على السد التركي، وبين أنه سيؤثر على منسوب نهر الفرات الذي يجري في سوريا، إذ انخفضت نسبة المياه فيه بمقدار 40% خلال الأربعين عامًا الماضية، وقلت النسبة إلى الضعف في العراق، وبذلك سيكون المصير المائي للعراق في يد تركيا.

وأوضح “مؤشر الإجهاد المائي العالمي” في مايو 2020، أن العراق سيكون أرضًا بلا أنهار بحلول عام 2040، ولن يصل النهران -نهر الفرات، ونهر دجلة- إلى المصب النهائي في البحر.

تعنت تركي

ورغم كل ما سبق ترى أنقرة أن إنشاء السدود يعد جزءًا من ممارستها لسيادتها الطبيعية على ترابها ومواردها، فعقب افتتاح “سد إليسو” ودراسات الخبراء أن السد سيؤدي إلى انخفاض حصة العراق المائية، أعلنت تركيا وقتها أنها ليست المسؤولة عن انخفاض مستويات المياه بنهر دجلة، زاعمة أن سبب الانخفاض هو الجفاف الذي تشهده المنطقة العربية، وهذا ما أدى إلى توتر العلاقة بين العراق وتركيا.

ويذكر أن تركيا التي تسعى من “سد إليسو” إلى تحسين أوضاعها الاقتصادية وتوليد الكهرباء، تسببت منذ بنائه في تشريد نحو 80 ألف مواطن تركي، وفقًا لتقرير لوكالة “رويترز” في مايو 2020.

المصدر: المرجع

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر