أم الجماعات الإرهابية | مركز سمت للدراسات

أم الجماعات الإرهابية

التاريخ والوقت : الأحد, 2 يوليو 2017

علي بن يعقوب

 

أعلنت وزارة الداخلية في بيان لها قبل ثلاث سنوات من الآن تقريبًا، قائمة تضم عددًا من الجماعات الإرهابية، وقد اشتملت هذه القائمة على عدد من المنظمات الإرهابية التي مارست صنوفًا شتى من الإرهاب على المستويين الفكري والعملي.
ولعل من أبرز ما تضمنته هذه القائمة من جماعات، هي جماعة (الإخوان المسلمين)، حيث جاءت على رأس القائمة كجماعة إرهابية، وهي الجماعة التي ارتبط اسمها بكثير من القضايا الأمنية والفكرية طوال تاريخ الأعمال الإرهابية في المملكة العربية السعودية، يشهد لذلك ما ذكره المغفور له – بإذن الله – الأمير نايف بن عبدالعزيز في تصريحات صحفية عام 2002 حينما قال بالنص: “… إن مشكلاتنا وإفرازاتنا كلها – وسمِّها كما شئت – جاءت من الإخوان المسلمين”. وهنا أقف بضع وقفات مع هذه الجماعة، ولماذا تعد فعلاً (أم الجماعات الإرهابية):
الوقفة الأولى: خروج العديد من الشخصيات والمنظمات الإرهابية من تحت عباءة هذه الجماعة، ولعل من أبرز هذه الشخصيات: شكري مصطفى (زعيم جماعة التكفير والهجرة)، وأسامة بن لادن (زعيم تنظيم القاعدة)، وأبو بكر البغدادي (زعيم داعش). أما انتماء بن لادن للإخوان، فقد ذكر ذلك الظواهري في إحدى خرجاته (الكهفية). وأما انتماء البغدادي للإخوان، فقد ذكر ذلك أحد كبار منظري الإخوان وهو يوسف القرضاوي، وكلاهما – أي الظواهري والقرضاوي ليسا بمتهمين عند القوم -.
أما من حيث المنظمات التي خرجت من عباءة الإخوان فتبرز كلٌّ من: منظمتي داعش والنصرة، اللتين خرجتا من تحت تنظيم القاعدة المؤسس من قبل الإخواني (عبدالله عزام).
الوقفة الثانية: انتماء العديد من منظري هذه الجماعات الإرهابية بمختلف مسمياتها لجماعة الإخوان، إما انتماء تنظيمًا، أو انتماء تأثرًا، وتبرز هذه المسألة بشكل واضح وجلي في شخصيات، تعد مرجعيات للفكر الحركي الإرهابي. ولعل من أبرزهم سيد قطب، الذي يقول القرضاوي عن كتاباته: “في هذه المرحلة ظهرت كتب سيد قطب، التي تمثل المرحلة الأخيرة من تفكيره بتكفير المجتمع وإعلان الجهاد الهجومي على الناس كافة”.
الوقفة الثالثة: قدرة هذه الجماعة – الإخوان المسلمين- على التشكل والتلون وفق ما تقتضيه المرحلة، وليس هذا وحسب، بل قدرتها أيضًا على فعل المتناقضات في الوقت نفسه، كأن يقوم طرف منها بالتفجير، والآخر بالاستنكار. يقول صلاح الصاوي، أحد كبار منظري الإخوان: “هذا، ولا يبعد القول بأن مصلحة العمل الإسلامي قد تقتضي أن يقوم فريق من رجاله ببعض هذه الأعمال الجهادية، ويظهر النكير عليه آخرون…”.
الوقفة الرابعة.. وقبل أن أذكر ما يندرج تحت هذه الوقفة، أقف أمام تساؤل قد يطرحه البعض، وهو: كيف يمكن أن تكون جميع هذه الفرق منشقة من تحت الإخوان المسلمين، وهي في واقع أمرها تتناحر وتتقاتل فيما بينها، بل وتُكفِّر إحداهما الأخرى – كما هو الحال بين داعش والنصرة – على سبيل المثال؟ وإجابةً على هذا التساؤل أقول: إن تشظي جماعات الخوارج وأهل البدع، معهود منذ الخوارج الأوائل الذين خرجوا على عثمان وعلي رضي الله عنهما، ومن بعدهما من الولاة والخلفاء، ومن يعود إلى كتب الفرق سوف يجد الإشارة إلى ذلك واضحة صريحة، فمثلاً: يقول عبدالقاهر البغدادي في كتابه (الفرق بين الفرق) ما نصه: “ثم اختلفت الخوارج بعد ذلك فيما بينها، فصارت مقدار عشرين فرقة، كل واحدة تكفر سائرها”، ويقول أبو المظفر السمعاني في كتابه (الانتصار لأصحاب الحديث): “وكذلك سائر رؤوسهم وأرباب المقالات منهم، إذا تدبرت أقوالهم رأيتهم متفرقين يُكفِّر بعضهم بعضًا، ويتبرأ بعضهم من بعض، وكذلك الخوارج والروافض فيما بينهم وسائر المبتدعة بمثابتهم”، وهذا ما حدث فعلاً عند هذه الجماعة في العديد من الوقائع، منها – على سبيل المثال لا الحصر – ما ذكره محمد الغزالي – أحد المعظمين لحسن البنا والعضو في جماعة الإخوان قبل أن يختلف مع مرشدها الثاني حسن الهضيبي – في حديثه عن التنظيم السري: “فألف – حسن البنا – ما يسمى بالنظام الخاص، وهو نظام يضم شبابًا مدربين على القتال، كان المفروض من أعدادهم مقاتلة المحتلين الغزاة، وقد كان هؤلاء الشباب الأخفياء، شراً وبيلاً على الجماعة فيما بعد، فقتل بعضهم بعضًا، وتحولوا إلى أداة تخريب وإرهاب في يد من لا فقه لهم في الإسلام…”، فهؤلاء الشباب من الدائرة الضيقة جدًا، ومع ذلك يقول الغزالي بأنهم قتلوا بعضهم بعضًا، فكيف وقد توسعت هذه الدائرة ، وزاد الخلاف بين أصدقاء الأمس أعداء اليوم؟! أكتفي بهذا القدر إجابة عن التساؤل المشروع الذي قد يتبادر إلى ذهن القارئ الكريم، وأعود إلى:
الوقفة الرابعة: إن منهج جماعة الإخوان المسلمين، قد أحدث شرخًا عظيمًا بين فئة الشباب وعلاقتهم مع ولاة أمورهم من حكام وعلماء، وهذا الشرخ الناتج عن منهج جماعة الإخوان، إنما هو شرخ مقصود، وليس من قبيل المصادفة. فمنهج الإخوان قام على إعطاء البيعة للمرشد، والطاعة العمياء، التي تنحي كل سلطان لتنصب سلطان المرشد، وتلغي كل ولاة لتكون ولاة المرشد هي الحاكمة على غيرها؛ ولذلك لا عجب أن تصدر من بعض الأغرار عبارة كــ(علماء حيض ونفاس، أو وعاظ سلاطين، أو طواغيت).
ختامًا: تطول الوقفات المتعلقة بهذا الموضوع، ولكن الأيام تمضي وتمضي لتثبت صحة ما ذكره الأمير نايف – رحمه الله تعالى – من أن هذه الجماعة هي أصل الشر والبلاء.

باحث في الدراسات الإسلامية*

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر