وفي استطلاع آخر أجراه موقع “يوغوف”، اعتبر 53% من المشاركين أن “بي بي سي” أخطأت في تعليقها لخدمات لينيكر، بينما وافق 27% منهم على القرار. وحافظ هذا الموضوع على اهتمام الإعلام بقضية سياسة الهجرة الجديدة وزاد من التدقيق عليها. وأثار المؤيدون لها، مثل وزيرة الداخلية السابقة بريتي باتيل، أسئلة تتعلق بشأن البنود الخاصة بالأطفال في هذه السياسة الجديدة.
لقد كان من الممكن تجنب مثل هذه النتائج السلبية بالكامل لو أن الحكومة تجاهلت تغريدة لينيكر الأولى كما تجاهلت العديد من انتقاداته في السابق. إلا أن العديد من الوزراء والمحافظين البارزين، بما في ذلك وزيرة الداخلية سويلا برافرمان، أبقوا النار مستعرة وظل الخبر يتصدر العناوين الرئيسية، ودعوا “بي بي سي” للقيام بتصرف ما، كما ضغطوا، بحسب بعض التقارير، على المدير العام لهيئة الإذاعة البريطانية.
وقد يكون هذا الأمر جزءا من استراتيجية الحرب الثقافية الانتخابية الأوسع للمحافظين. إذ، وتكرارا للانقسام المشابه الذي حصل في الولايات المتحدة الأميركية بين مؤيدي ومعارضي دونالد ترامب، يحاول جزء من حزب المحافظين تصوير خصومهم على أنهم نخب ليبرالية بعيدة بسبب سياساتهم الضعيفة فيما يخصّ شؤون الهجرة وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. ومن غير الواضح ما إذا كانت هذه الاستراتيجية ستنجح في الانتخابات المقبلة أم لا، إلا أن التركيز على لينيكر واعتباره هدفا لهم كان خطأ تسبب بنتائج عكسية. كما أن صمت المحافظين الذين طالبوا بالتعامل مع لينيكر بعد قيام “بي بي سي” بإيقاف المذيع وإثارة الأزمة لم يكن من قبيل المصادفة. فعند استجوابهم، ترك سوناك ووزراء آخرون أمر التعامل مع لينيكر لـل”بي بي سي”، وكأن الحكومة لم تلعب أي دور في هذه القضية.
ويأمل سوناك أن تنتهي هذه القضية باتفاق لينيكر و”بي بي سي” على تسوية خلافاتهما وعودة المذيع إلى عمله بعد الاتفاق على إرشادات جديدة لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن هذا الأمر لا يبدو مرجحا، إذ وعلى الرغم من أن أنصار سوناك المتشددين سيدعمونه بدون شك، فإن هجوم حزبه على لينيكر ربما قد يكون كلفه الشعبية التي كان يعمل من أجلها.
وبالطبع، فإن الضرر بالنسبة لـ “بي بي سي” أكبر بكثير. فقد أثارت هذه القضية دعوات لاستقالة كل من المدير العام ورئيس مجلس إدارة المؤسسة، وتم اعتبار هذه المؤسسة المحايدة تابعة لأجندة الحكومة. ويأمل سوناك أن يتم التخلص من آثار هذه الأزمة خلال أسابيع قليلة، إلا أنها قد تؤثر على صورة “بي بي سي” بين جمهورها وموظفيها لأعوام. ومن الممكن أن تكون الحكومة قد حققت هدفها الخاص، إلا أن “بي بي سي” قد واجهت ضربة قاسية.