أزمة كورونا في الهند.. 4 أسباب ستخرج الاقتصاد العالمي عن مساره | مركز سمت للدراسات

أزمة كورونا في الهند.. 4 أسباب ستخرج الاقتصاد العالمي عن مساره

التاريخ والوقت : الثلاثاء, 8 يونيو 2021

أوما كامبهامباتي

 

ضربت الموجة الثانية من الوباء الهند بآثارٍ مدمرة، مع أكثر من 28 مليون حالة إصابة؛ من بينها 329,000 حالة وفاة في جميع أنحاء البلاد؛ وهي النسبة الأكبر في جميع أنحاء العالم. ومن الواضح أن إحصاءات الحكومة الهندية أقل بكثير من الواقع.

ويبدو أن ضراوة الموجة الثانية في الهند ترتبط بتضافر عدة عوامل؛ منها تهاون الحكومة، الذي يحركه سوء جمع البيانات والإنكار بشأن حقيقة المعلومات، وتحور جديد مع انتشار مفاجئ وسريع للغاية بعد فترة طويلة من ثبات حدة الانتشار، فضلاً عن بعض الأحداث الدينية والسياسية الكبيرة للغاية وغير المنظمة.

ولا شك أن جائحة كورونا في بلد بحجم الهند هي أزمة إنسانية ذات أبعاد كبيرة؛ فالهند بلد يبلغ عدد سكانه 1.4 مليار نسمة، ويشكل سدس سكان العالم. وفي ما يلي بعض الطرق التي سيؤثر بها تضرر الهند من الجائحة على الاقتصاد العالمي:

1- سنة ضائعة للهند

الهند هي نفسها خامس أكبر اقتصاد في العالم، وتُسهم بشكل كبير في النمو الاقتصادي العالمي. وبسبب معدلات نموها المرتفعة نسبياً والتي (تتراوح بين 4 و8%) وحجمها الكبير؛ فهي تتمتع بتأثير كبير على الاقتصاد العالمي. وحتى في أوائل عام 2020، قبل انتشار الوباء، كان صندوق النقد الدولي قد أشار إلى الإنتاج غير المبالي للهند باعتباره السبب الرئيس لتباطؤ أرقام النمو العالمي في عامَي 2018 و2019.

كما خفَّض صندوق النقد الدولي توقعاته لعام 2020 إلى 5.8%، ويرجع ذلك جزئياً إلى أنه يتوقع المزيد من الشيء نفسه من شبه القارة الهندية. والآن يبدو وكأن النمو العالمي لعام 2020 قد انخفض بنحو 4%، مع انخفاض الهند بنسبة 10%. وكان الجميع يتوقع انتعاشاً كبيراً في عام 2021 في كل من الهند، والعالم على حد سواء؛ لكن هذا يبدو الآن مشكوكاً فيه إلى حد كبير.

فعلى سبيل المثال، تتوقع سونال فارما، كبيرة الاقتصاديين الهندية في مجموعة نومورا الاستثمارية، أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي الهندي بنحو 1.5% في الربع الحالي. وإلى جانب المشكلات الكبيرة المرتبطة بالجائحة أيضاً في البرازيل وجنوب إفريقيا؛ فقد نتوقع أن يكون التأثير على النمو العالمي كبيراً، حتى قبل أخذ أي آثار غير مباشرة في الاعتبار.

2- القيود الدولية

وفي ما يتعلق بالآثار السلبية، من المرجح أن يعني حجم الأزمة في الهند أن القيود الدولية ستظل قائمة لفترة أطول مما كان متوقعاً. وعلى حد تعبير سمية سواميناثان، كبيرة العلماء في منظمة الصحة العالمية: “إن الفيروس لا يحترم الحدود، أو الجنسيات، أو العمر، أو الجنس أو الدين”. وكما تساءل آخرون بلاغياً، هل يمكن عزل بلد بهذا الحجم؟

ففي رحلة جوية حديثة من نيودلهي إلى هونغ كونغ، على سبيل المثال، كان تحليل 52 راكباً إيجابياً بـ”كوفيد”. ونحن نعلم أيضاً أن سلالة “كورونا” الهندية موجودة بالفعل في المملكة المتحدة (في حين أن جزءاً من الموجة الثانية في الهند؛ لا سيما في البنجاب، كان سببها السلالة الناشئة في المملكة المتحدة).

ويتطلب منع هذا الانتشار من الهند فرض حجر صحي صارم وقيود على السفر. وتعد هذه أخبار سيئة لشركات الطيران، والمطارات والشركات التي تعتمد عليها، وسيكون لهذا أيضاً تأثير مثبط بشكل كبير على النمو الاقتصادي العالمي.

3- مشكلات الأدوية

صناعة الأدوية في الهند هي ثالث أكبر صناعة في العالم من حيث الحجم، والحادية عشرة من حيث القيمة؛ حيث تسهم بنسبة 3.5% من مجموع الأدوية المصدرة عالمياً ونحو 20% من الصادرات العالمية من الأدوية المكافئة. وإذا كانت هذه الصادرات موضع شك، فلسوف يترتب على ذلك كل أشكال العواقب على الرعاية الصحية في مختلف أنحاء العالم؛ وهو ما سيؤثر مرة أخرى على النمو العالمي.

وعلاوة على ذلك، ففي الوقت الحالي تنتج الهند 70% من اللقاحات في العالم. وقد منح معهد اللقاح الهندي “إس آي آي” حقوق إنتاج لقاح أسترازينيكا لـ64 بلداً منخفض الدخل في مرحلة ما قبل مبادرة منظمة الصحة العالمية للوصول العالمي للقاحات، فضلاً عن 5 ملايين جرعة مخصصة للمملكة المتحدة.

وقد أدت الأزمة في الهند بالفعل إلى تأجيل أو إلغاء هذه الصادرات من اللقاح؛ ما جعل العديد من البلدان عرضةً إلى موجاتٍ جديدة من الفيروس، وربما تأخر جهودهم للعودة إلى العمل كالمعتاد. وإذا عجزت الهند عن توفير إمدادات اللقاحات لبقية العالم، فبوسعنا أن نتوقع حدوث آثار غير مباشرة في شكل عمليات إغلاق متكررة، وزيادة الحاجة إلى تدابير التباعد الاجتماعي، وانخفاض كبير في النشاط الاقتصادي.

4- الخدمات المعطلة

توفر الهند موظفي خدمات الدعم الإداري للعديد من الأنشطة في أوروبا الغربية والولايات المتحدة؛ خصوصاً في قطاعَي الصحة والمالية. ومع تعرض هذه الخدمات إلى الخطر الآن، فإن غرفة التجارة الأمريكية، على سبيل المثال، تشعر بالقلق من أن الاقتصاد الهندي قد يتسبب في “عرقلة الاقتصاد العالمي”.

وبالنسبة إلى المملكة المتحدة أيضاً، فإن الروابط التجارية مع الهند تشكل أهمية كبيرة؛ خصوصاً في أعقاب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. ويتجلى ذلك في محاولتَي رئيس الوزراء بوريس جونسون، لزيارة الهند عام 2021، اللتين ألغيتا في اللحظات الأخيرة بسبب الوباء.

ونظراً لكل هذه القضايا، والأزمة الإنسانية التي تتكشف، فقد بات من المحتم أن يتحرك العالم بسرعة لمساعدة الهند؛ سواء تم طلب هذه المساعدة أم لا. ونحن نشهد بوادر قادمة على ذلك، وإن كانت بعد تأخر قصير؛ فمن المملكة المتحدة هناك (مكثفات الأكسجين، وأجهزة التنفس الصناعي)، ومن الولايات المتحدة (المواد الأولية للقاحات والعقاقير والاختبارات السريعة وأجهزة التنفس الصناعي)، ومن ألمانيا (الأكسجين والمساعدات الطبية).

وأياً كان ما يتم توفيره فهو على الأغلب مجرد قطرة في محيط متطلبات الهند؛ لكنه على الأقل يبرهن على اعترافنا بأننا في هذا الأمر معاً. وقد تكون الحكومة الهندية غير فعالة في التعامل مع الأزمة الحالية؛ لكن الفشل في إدراك الكيفية التي ستؤثر بها على العالم، من شأنه أن يرقى إلى مستوى مماثل لما حدث في الهند من تهاون. وإذا فشلت القوى العظمى في بذل كل ما في وسعها للمساعدة؛ فإن أزمة الهند سوف تتحول إلى أزمة عالمية في وقتٍ قصير، ليس فقط بالنسبة إلى الصحة؛ ولكن أيضاً بالنسبة إلى الاقتصاد.

 

المصدر: كيو بوست – خدمة ذا كونفرزيشن

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر