أزمة النظام الإيراني التي لا تنتهي: استقالة ظريف وعودته | مركز سمت للدراسات

أزمة النظام الإيراني التي لا تنتهي: استقالة ظريف وعودته

التاريخ والوقت : الثلاثاء, 5 مارس 2019

حسان محمودي

 

عاد وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، المثير للجدل إلى منصبه في السابع والعشرين من فبراير بعد أن رفض الرئيس حسن روحاني استقالته. ومع ذلك، فقد كشفت هذه التجربة (ذهابًا وعودة) مدى تعمُّق الأزمات الداخلية التي يعانيها النظام الثيوقراطي الحاكم في إيران.

أمَّا حسن روحاني، فرغم سعادته بعودة رئيس الدبلوماسية، الذي لا غنى عنه بالنسبة إليه، فإن هذا الحدث يضع حدًا فاصلاً لمصداقية الحكومة الإيرانية على الساحة الدولية. وفي حين أن اتخاذ جميع القرارات المتعلقة بالسياسة الخارجية للنظام الإيراني تأتي من جانب المرشد الأعلى وحارسه المقرب، وليس من جانب الرئيس وحكومته، فإن تصرف محمد جواد ظريف يبدد أي شكوك لا تزال قائمة.

رغم ذلك، فقد تولى قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، زمام مبادرة التعليق على عودة “ظريف” حينما قال إنه كان – بالفعل – رأس الشؤون الخارجية في إيران. وكان اختيار القائد العام لفيلق “القدس”، والمسؤول عن العمليات الخارجية للحرس الثوري الإيراني، أقل ما يمكن وصفه بأنه أخرق نتيجة لإطلاقه تلك التصريحات. فإذا كان هناك أي شخص آخر غير المرشد الذي لا يتحمل مسؤولية أية شخص، بما في ذلك رئيس الدبلوماسية لتحريضه عبر الحدود، فهو الجنرال قاسم سليماني نفسه الذي يلقب بـ”جزار سوريا”.

وعلى أية حال، فهناك من لا يتفق مع “سليماني”، مثل موقع “فارارو” المقرَّب من الرئيس حسن روحاني، حيث جاء فيه أن “هذه الاستقالة تثبت أن الحكومة لا تلعب دورًا أساسيًا في صنع السياسة الخارجية”.

ويقول “مهدي موتارنيا”، الخبير والمقرَّب من “روحاني” أيضًا، نقلاً عن فارارو: “لقد وضعت استقالة ظريف حدًا لمصداقية الحكومة ومكانتها في النظام السياسي الإيراني على الساحة الدولية”. ذلك أن السياسة الخارجية للنظام ليست هي مجال الحكومة، كما أن رحيل وزير الخارجية أو حتى رئيس الجمهورية لن يغير ذلك، ويشير “موتارنيا” إلى أنه يجب اتخاذ قرارات جادة في غضون الأشهر الستة المقبلة، خاصة فيما يتعلق بالعلاقات مع الولايات المتحدة.

ومن جانبه يقول “فريدون مجليسي”، وهو دبلوماسي سابق بالنظام الإيراني، ومقرَّب أيضًا من “روحاني”، إن “هذا النزاع ليس تكتيكيًا”، مضيفًا أنه “علينا أن نرى إن كنا نريد العودة إلى المسار الصحيح أم لا، وهي سياسة خارجية بدأت مع خطة العمل المشتركة التي وقعتها في عام 2015 مع خمس قوى دولية، وتمَّ نسفها فيما بعد”. ويضيف الدبلوماسي السابق أنه “خلال الوضع الراهن، ربَّما يكون رفض تشريع “فرقة العمل المالية” كافيًا لاستقالة الحكومة برمَّتها، ذلك أنه لا ينبغي أن يكون مفاجئًا أنه حتى حسن روحاني سيضطر إلى الاستقالة”.

وفي نفس الوقت، فإن زمرة المرشد الأعلى لا تخفي غضبها، إذ بدا “حسين شريعتمداري”، رئيس تحرير صحيفة “كيهان”، غاضبًا لأن استقالة الدبلوماسي الأول من حكومة “روحاني” قد طغت على زيارة بشار الأسد لطهران، والتي وصفها بـ”النصر”، وقال “شريعتمداري”: “يبدو أن السيد ظريف لا يقدِّر هذا الانتصار كثيرًا”، وهو ما يعدُّ قصفًا لسجل “ظريف” الذي ينظر النظام إليه باعتباره متميزًا. ويذكر رئيس تحرير “كيهان” أيضًا، أن “أعداءهم الخارجيين يشيرون بدهاء إلى استقالة ظريف باعتبارها نتيجة لضعف النظام”.

وفي 26 فبراير الماضي، قام موقع “أخبار المشرق”، وهو موقع إلكتروني قريب من المرشد علي خامنئي، بانتقاد “ظريف” واتهمه بمحاولة التأثير على المجتمع لممارسة الضغوط على الدولة من أجل “القبول بتنازلات جديدة للولايات المتحدة”.

ذلك أن استقالة وزير الخارجية، التي جاءت في أسوأ وقت يمر به النظام الإيراني، تنقل بدورها رسالةً مهمةً إلى الغرب.

وهو ما يؤكد أنه من الممكن أن يقتنع الغرب، بصرف النظر عن الأزمة الاقتصادية والظروف الحياتية المتدهورة التي يعيشها الشعب الإيراني، أن الوضع السياسي لرأس الدولة والحكومة يواجه أزمة أيضًا.

 

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

المصدر/ أوراسيا ريفيو

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر