سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
عودة التوتر إلى البلقان مع تجدد أعمال العنف شمالي كوسوفو؛ حيث تعيش أقلية صربية، ومسارعة بلغراد إلى تحريك جيشها إلى الحدود، ليس فألاً حسناً لأوروبا، لا سيما في هذا التوقيت الذي تشهد فيه الأزمة الأوكرانية احتقاناً شديداً وقطيعة شبه تامة بين روسيا والقوى الغربية. وبالتوقيت الأوروبي، فهذه الأزمة، مهما بدت صغيرة، ليس هذا أوانها، فأي مشكلة، ولو كانت عابرة، يمكن أن تتضخم وتكبر بسرعة وتصبح محط التجاذبات الدولية.
حلف شمال الأطلسي «الناتو»، الذي ينشر قوة «حفظ سلام» قوامها 3800 عنصر منذ 24 عاماً لحفظ الأمن في كوسوفو، أعرب عن قلق كبير من احتمال تطورات سيئة، كما سارعت الولايات المتحدة ودول أوروبية إلى انتقاد سلوك حكومة كوسوفو بتعيين رؤساء بلديات من أصل ألباني، إثر انتخابات قاطعتها الأقلية الصربية، وما تلا ذلك من اشتباكات مع الشرطة واندلاع أعمال عنف واسعة.
وبينما أعلنت صربيا وضع جيشها في حالة تأهب قصوى، دخلت روسيا على الخط وأعلنت أنها ستواصل دعم صربيا في الدفاع عن حقوقها الشرعية وسيادتها ووحدة أراضيها. ومثل هذه المواقف يمكن أن تجعل من تلك المنطقة الواقعة في قلب الاتحاد الأوروبي، ساحة تجاذب واصطراع قد تعرض السلام والاستقرار للخطر، خصوصاً أن للبلقان في الذاكرة الأوروبية قرائن سيئة، فمنها اندلعت الحرب العالمية الأولى وظلت أكثر بؤرة أوروبية متوترة إلى اليوم.
من الواضح أن الدول الغربية، تريد أن تخمد هذه الأزمة في مهدها، ولذلك سارعت إلى حث كوسوفو على خفض التوتر والتراجع عن القرارات المثيرة للجدل المتصلة بالبلديات، وربما سيطور الانتقاد إلى ممارسة ضغوط على حكومة بريشتينا حتى تقطع الطريق على تمدد الأزمة التي بدأت تتفاعل في صربيا وتسفر عن إجراءات تذكر بأيام الصراع الذي كان مع انهيار يوغوسلافيا السابقة. والخلاف الكبير بين صربيا وكوسوفو، هو من طبيعة الأزمات الخامدة، التي جرى التحذير من انفجارها في قلب أوروبا، إثر اندلاع الحرب في أوكرانيا، وما جرى في الساعات القليلة الماضية من توتر وتصعيد يوحي وكأن الحرب ستندلع، في وقت قرر فيه الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش تنحيه عن رئاسة الحزب التقدمي الصربي الحاكم، واقترح انتخاب وزير الدفاع ميلوس فوسيفيتش لقيادة الحزب من بعده، وقد يكون هذا التطور ليس وليد الأزمة شمالي كوسوفو مباشرة، لكنه يتفاعل معها وربما تعقبه قرارات وخطوات أخرى تلقي بظلالها على منظومة الحكم في بلغراد.
إذا اتسعت هذه الأزمة وأصبحت صراعاً مفتوحاً، فستضع الاتحاد الأوروبي أمام معضلة جديدة إضافة إلى أوكرانيا، وقد تكون مدخلاً لإحياء خلافات قديمة تم حلها قهراً في وقت من الأوقات، وما قد يجري هناك لا يبتعد كثيراً عن مجريات التغيرات العالمية والاتجاه إلى نظام دولي متعدد الأقطاب. وبالنسبة إلى الخلاف بين الصرب والألبان الكوسوفيين، فتاريخي وعميق، ولا يمكن حله قهراً كما جرى قبل سنوات، وإنما باعتماد نهج جديد يستدعي أخذ الحيطة والحذر من انفجار كبير قد يلتحم مع أوكرانيا ويكون عنوان مرحلة جديدة في أوروبا.
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر