سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
أربع طرق للاستثمار في “اقتصاد أزرق” مستدام
مورجان ستانلي
تساعد محيطات العالم في التخفيف من بعض الآثار القاسية لتغير المناخ؛ فهي لا تمتص ما يقرب من 90% من انبعاثات الاحتباس الحراري وتنتج نصف الأكسجين الذي نتنفسه فحسب، بل إنها تدفع أيضًا نحو التقدم الاقتصادي وخلق فرص العمل. إذ تولد الصناعات المرتبطة بالمحيطات نحو 2.5 تريليون دولار من القيمة الاقتصادية على مستوى العالم. كما أنها تدعم سبل العيش لما يقرب من 3 مليارات شخص في الصناعات بما في ذلك المأكولات البحرية وبناء الموانئ والسياحة الساحلية.
لكن الفوائد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للمحيطات تبدو حاليًا معرضة للخطر. فالمستويات المرتفعة من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي تجعل البحار أكثر حموضة ما يهدد النوع بالنسبة للكائنات البحرية، والنظم البيئية كلها، وكذلك اقتصاد صيد الأسماك المزدهر الذي يعد أكبر مصدر للمحيطات للتوظيف المباشر. ويمكن أن يُعزى ما يقرب من 3% من الانبعاثات العالمية إلى صناعة الشحن البحري على مدار العام. إضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي ارتفاع مستوى سطح البحر أو الأعاصير التي سجلت أرقامًا قياسية إلى نزوح المجتمعات الساحلية من مومباي إلى ميامي التي ربما يصل عدد سكانها إلى 400 مليون شخص هذا القرن.
فمن بين أهداف الأمم المتحدة السبعة عشر للتنمية المستدامة، حصل الهدف المتمثل في “الحياة تحت الماء” على أقل مبلغ من المال العام. لكن هذا قد يتغير مع اتفاقية الأمم المتحدة الأخيرة بشأن معاهدة أعالي البحار، وهي تمثل إطارًا قانونيًا ينشئ مناطق بحرية محمية ويضع أهدافًا لعام 2030 للحفاظ على صحة المحيطات والتنوع البيولوجي. فمع وجود إطار عمل للحفاظ على المحيطات في الوقت الحالي، فإن ثمة حُجَّة قوية للمستثمرين لتقييم الفرص في الاقتصاد الأزرق كما تقول “جيسيكا ألسفورد”، كبير مسؤولي الاستدامة في مورجان ستانلي والرئيس التنفيذي لمعهد الاستثمار المستدام؛ وهو ما يعني أن ثمة حاجة إلى أكثر من 3 تريليونات دولار من التمويل في العقود المقبلة لحماية محيطاتنا حتى تتمكن من الاستمرار في لعب دور حاسم في معالجة تغير المناخ، والحد من فقدان التنوع البيولوجي ودعم النمو الاقتصادي الشامل.
لقد اجتذب الاقتصاد الأزرق – فعلاً – مستثمرين متنوعين، مع أصول في رأس المال الاستثماري والأسهم العامة والدخل الثابت وذلك على النحو التالي:
تنشط شركات رأس المال الجريء والمستثمرون الآخرون في المراحل المبكرة بشكل خاص في حلول الاقتصاد الدائري، مثل تقليل النفايات البلاستيكية وإزالتها، وكذلك الاستخدامات المبتكرة للأعشاب البحرية والحياة البحرية الأخرى، والتكنولوجيات الزرقاء الناشئة مثل توربينات المد والجزر.
أمَّا في الأسواق العامة، فقد كان متوسط تعرض ما يقرب من 500 من صناديق الأسهم أكثر من 3% لهدف “الحياة تحت الماء” في عام 2022، مع تعرض أكثر من 100 من هذه الصناديق بنسبة 10% أو أكثر. في حين أن بعض هذه الصناديق مخصصة للمياه فقط، والبعض الآخر ينظر في مواضيع أوسع تلعب فيها المحيطات الصحية دورًا حاسمًا، مثل مستقبل إنتاج الغذاء أو انتقال الطاقة النظيفة.
أمَّا في مجال الدخل الثابت، فقد بدأت السندات الزرقاء في الظهور لتمويل مشاريع اقتصاد المحيطات المستدامة. فعلى سبيل المثال، عملت مؤسسة مورجان ستانلي كمدير حسابات مشترك لإصدار سندات بنك التصدير والاستيراد الكوري بقيمة 3.5 مليار دولار في عام 2022، والتي تضمنت شريحة زرقاء بقيمة مليار دولار للنقل البحري المستدام.
أين تكمن فرصة الاستثمار؟
سوف يتطلب الوفاء بالتزامات معاهدة أعالي البحار التابعة للأمم المتحدة ودعم الاقتصاد الأزرق المستدام، مشاركة مستمرة من الصناديق العامة والخاصة، فضلاً عن المنظمات الخيرية وغير الحكومية. ويمكن الإشارة إلى أكبر أربعة مجالات للاستثمار هي:
نزع الكربون عن الصناعة البحرية
تعد المحيطات الطريق السريع في العالم، إذ يحمل الشحن البحري 80% من التجارة العالمية من حيث الحجم، و70% من حيث القيمة، وحوالي 3% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية السنوية التي تُنسب إلى الصناعة. فالمنظمة البحرية الدولية، التي تنظم انبعاثات السفن، قد حددت هدفًا في عام 2018 لخفض الانبعاثات من الصناعة إلى النصف بحلول عام 2050 من خلال الوقود منخفض الكربون وتعديل السفن والحلول الأخرى. ومن المتوقع أن تتكلف هذه الجهود ما بين 50 مليار دولار و70 مليار دولار سنويًا من عام 2030 إلى عام 2050.
حلول بحرية لحماية النظم البيئية
مع ارتفاع مستوى سطح البحر، سوف تحتاج المجتمعات الساحلية إلى طرق لحماية البنية التحتية الحيوية، مثل الطرق والمنازل. فقد أثبتت الحلول القائمة على الطبيعة البحرية، مثل أحواض الأعشاب البحرية وأشجار المانغروف والمستنقعات المالحة، أنها تحمي المجتمعات الساحلية من العواصف والفيضانات مع التخلص من الكربون بالغلاف الجوي، وهو ما سيتطلب توسيع نطاق هذه الحلول ما يقرب من 1.1 تريليون دولار في الاستثمار بين عامي 2022 و2050.
الطاقة البحرية المتجددة
يمكن للمحيطات أن تفتح المزيد من الفرص لتسهيل الانتقال العالمي إلى الطاقة النظيفة. وتعدُّ مزارع الرياح البحرية الثابتة في المياه الساحلية الضحلة أكبر مصدر بحري للطاقة النظيفة. ومع ذلك، فإن هناك بعض التقنيات الأخرى مثل توربينات الرياح البحرية العائمة في المياه العميقة، وأدوات لتسخير طاقة الأمواج والمد والجزر. فبحلول عام 2040، يمكن أن تلبي مواقع الرياح البحرية العالمية الطلب المتوقع على جميع احتياجات الكهرباء العالمية تقريبًا. لذلك، فمن أجل الانتقال نحو اقتصاد الطاقة النظيفة، سوف يتطلب الأمر إنشاء مزرعة الرياح 840 مليار دولار من النفقات الرأسمالية.
تربية الأحياء المائية المستدامة
يأتي ما يقرب من نصف إنتاج المأكولات البحرية العالمي في الوقت الحالي من مصادر مستزرعة أو تربية الأحياء المائية، ومعظمها في آسيا. بينما يأتي النصف الآخر من مخزون الأسماك البرية، التي تواجه ضغوطًا من الصيد الجائر مع استمرار نمو الطلب العالمي على المأكولات البحرية. ويعد التوسع في تربية الأحياء المائية لتلبية هذا الطلب فرصة استثمارية كبيرة مع ما يقدر بنحو 150 مليار دولار إلى 300 مليار دولار من النفقات الرأسمالية اللازمة للتوسع. ففي السنوات العشر المقبلة يتعين بذل المزيد من الجهود للتخفيف من تلوث المياه ومخاطر العمل الملازمة لصناعة تربية الأحياء المائية. كما أنه في بعض الحالات، يمكن لتربية الأحياء المائية المستدامة أن تخدم أهدافًا مناخية حيث يمكن أن تكون المزارع السمكية مشتركة مع مواقع الطاقة المتجددة الجديدة والمأكولات البحرية المستزرعة، مصدر بروتين منخفض الكربون نسبيًا.
استشراف المستقبل: تقييم أداء الاقتصاد الأزرق
يمكن أن يكون تحديد مؤشرات الأداء الرئيسية لمشاريع الاقتصاد الأزرق معقدًا، لذا يتعين على المستثمرين مراقبة كيفية تطور التقييس والمقاييس. فلا يوجد مقياس واحد لقياس التأثير على أهداف اقتصاد المحيطات كما هو الحال بالنسبة للمشاريع البرية التي تهدف إلى تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. ولمعالجة هذا الأمر، تقوم جمعية أسواق رأس المال الدولية بإضفاء الطابع الرسمي على إرشادات إصدار “السندات الزرقاء”؛ إذ أنشأت مجموعة صناعية، مؤخرًا، إطارًا لتأثير المحيطات، وتم تحديد أكثر من 30 مؤشر أداء رئيسي عبر ستة مواضيع تأثير. لذا، يجب على المستثمرين استخدام كليهما للمساعدة في التقييم المناخ والتنوع البيولوجي والآثار الاجتماعية والاقتصادية لاستثمارات الاقتصاد الأزرق جنبًا إلى جنب مع الأداء المالي.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: Morgan Stanly
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر