لجنة الحوار الوطني الليبي | مركز سمت للدراسات

آفاق مستقبل السلطة الليبية الجديدة

التاريخ والوقت : الإثنين, 22 فبراير 2021

وفاء صندي

 

بعد حصولها على تأييد محلي ودعم دولي، لم يدم التفاؤل طويلا في عقب انتخاب لجنة الحوار الوطني الليبي، برعاية الأمم المتحدة، السلطة التنفيذية الجديدة التي ستقود البلاد حتى الانتخابات البرلمانية في آخر ديسمبر من العام الحالي.

من ناحية، وجه رئيس المجلس الأعلى للدولة، الإخواني خالد المشري، انتقادات لرئيس المجلس الرئاسي المنتخب، محمد المنفي، الذي يميل أيضا الى تيار الإسلام السياسي، بسبب بدء جولاته في المدن الليبية بزيارة مدينة بني غازي في الشرق، ولقاء خليفة حفتر، قائد قوات الجيش الوطنى الليبي. هذه الانتقادات تعكس الخلاف والانقسام داخل المعسكر الغربي، كما أنها تنذر باحتمالية عدم الالتزام بمسارات الحوار السياسي، وربما عرقلة الرؤية العامة لتحقيق المصالحة الليبية وتوحيد مؤسسات الدولة، في وقت تؤكد فيه مخرجات هذا الحوار التوصل لسلطة تنفيذية توحد كل المؤسسات الليبية، وتتواصل مع كل الأطراف.

من ناحية أخرى، وفق مخرجات الحوار السياسي، أمام رئيس الحكومة المنتخب، عبدالحميد دبيبة، حتى 26 فبراير لتشكيل الحكومة وتقديم برنامج عملها إلى مجلس النواب للمصادقة ثم نيل ثقة البرلمان خلال 21 يوما. اول عائق امام دبيبة هو حالة الانقسام الحاد داخل مجلس النواب الليبي، والذي ظهر من خلال دعوة بعض الأعضاء للاجتماع فى مصراتة، ودعوة البعض الآخر للاجتماع فى طبرق، لمنح الحكومة الجديدة القادمة ورئيسها الثقة.

ومن المتوقع ألا تحصل حكومة دبيبة على مصادقة البرلمان في الآجال المحددة، مادام المجلس منقسما على نفسه، وبالتالى، من غير المتوقع ان ينجح في عقد جلسة موحدة. فى هذه الحالة سيتم تقديم برنامج الحكومة لملتقى الحوار السياسى الليبي. وسواء تمكن دبيبة من الحصول على ثقة البرلمان، أو تمت العودة الى ملتقى الحوار السياسى للحصول على ثقته، فإنه مطالب بمراعاة التوازنات فى تشكيلته الحكومية، وأن يفتح قنوات اتصال مع دول الجوار، خاصة مصر.

كما أن مسألة مقر الحكومة ستكون حاسمة في تحديد توجهات سياساتها. فإذا كانت ستعمل انطلاقا من طرابلس فستجد نفسها أمام ما حصل لحكومة السراج من سيطرة للميليشيات وتدخل خارجى في توجيه دفة الأمور بما قد يعيد الأزمة إلى مربع العنف.

أما إذا اختارت العمل بعيدا عن سيطرة الميليشيات، فسيكون امامها مهام إعادة توحيد مؤسسات الدولة، وضمان الأمن، وتوفير خدمات عامة أساسية للشعب الليبي ورفع المعاناة عنهم، ودعم وتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، بما في ذلك انسحاب جميع القوات الأجنبية والمرتزقة، وتنظيم استفتاء على الدستور، وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية فى 24 ديسمبر المقبل.

لن تكون الطريق معبدة أمام الحكومة الجديدة، بل ستصطدم منذ بدء مهامها بمجموعة من الملفات الشائكة أبرزها فتح الطريق الساحلي وخروج المرتزقة، وهي من النقاط التي نص عليها اتفاق وقف إطلاق النار الذى وقع بين الأطراف المتنازعة فى أكتوبر الماضى. بالنسبة للطريق الساحلى بنغازي-طرابلس المغلق من قبل الأطراف المتناحرة (قوات خليفة حفتر وحكومة الوفاق) على مستوى مدينة سرت، هناك بوادر امل بنهاية هذه الازمة مع انطلاق المباحثات لإعادة افتتاحه في ديسمبر 2020، وتشكيل فرق هندسية بالتعاون مع الأمم المتحدة والأجهزة الاستخباراتية لتنظيفه من الألغام. أما فيما يتعلق بالمعضلة الأساسية فى الأزمة الليبية والمتمثلة في خروج المرتزقة وتفكيك الميليشيات وانهاء الوجود الاجنبي، فلايزال الوضع معقدا. المسار السياسى الراهن لا يضمن إنهاء الوجود العسكرى التركي في ليبيا.

وأنقرة رغم كل التحذيرات لاتزال نشيطة في نقل الإرهابيين من سوريا الى ليبيا. والاعتقاد بأن الأمم المتحدة او التفاهمات الدولية، بالشكل الحالي، يمكنها ان تنهى الوجود التركي أو تحد من أطماعه هو اعتقاد خاطئ، والا كانت قد استطاعت إيقاف الاحتلال التركي للمزيد من الاراضي السورية التي أصبحت خاضعة بالكامل لسيطرتها.

أنقرة مصرة على بقائها في ليبيا، كما صرح بذلك المتحدث باسم الرئاسة التركية الذي أكد أن قوات بلاده المنتشرة في ليبيا ستظل هناك مادام الاتفاق الثنائي العسكرى قائما بين أنقرة وطرابلس، وما دامت الحكومة الليبية تطلب ذلك. وتركيا ترى انه لا يمكن لأي مفاوضات أو مسار سياسي أن ينجح فى ليبيا دون وجودها، وسوف تجد دائما من يدعم تدخلها السافر. هذا يعنى أنها ستبقى متحكمة في خيوط اللعبة، ويمكنها في أي لحظة نسف المسار السياسى وتهديد أمن المنطقة بالكامل، إذا لم تحقق ما يحافظ على مطامحها ومطامعها في المنطقة.

تيار الإسلام السياسي الليبي يمكنه أيضا في أي لحظة العودة بالأزمة للمربع صفر مادام يفتقر إلى الحاضنة الشعبية، ومادام على وعي بأن أي عملية ديمقراطية ستعني نهايته، لذلك سيحاول أيضا إفشال مساعي السلطة التنفيذية الجديدة.

للخروج من هذا النفق، سيكون ضغط الأطراف الدولية، والتزام الأمم المتحدة بالوصاية على الحكومة الجديدة ودعمها، حاسما لمواجهة أعداء الداخل والخارج، باعتبار أن ليبيا ما زالت تحت البند السابع للأمم المتحدة، وهذه الاخيرة ومجموعة برلين هي من تتخذ القرارات وليس الحكومة الحالية.

 

المصدر: صحيفة الأهرام

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر