سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
جون إم روبرت
كشفت رئيسة الوزراء البريطانية “تيريزا ماي” في 21 مايو عن خطةٍ جديدةٍ مفترضةٍ لمغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبي تتشابه بشكل ملحوظ مع الخطة التي رفضها البرلمان ثلاث مرات فيما سبق.
وقد كانت هناك بعض الاختلافات المهمة، أبرزها أن “ماي” كانت تحدد مشروع قانون حكومي فعلي لتنفيذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، في حين أن الأصوات السابقة كانت بمثابة رفض لاتفاقية الانسحاب المحددة التي وافق عليها رئيس الوزراء مع المفوضية الأوروبية في نوفمبر الماضي.
وكانت هناك أيضًا بعض الافتراضات من جانب حزب العمال المعارض، لا سيما فيما يتعلق بخيارات البرلمان للنظر في مطلبين رئيسيين هما: الاتحاد الجمركي مع الاتحاد الأوروبي(EU) ، والاستفتاء على أي اتفاق وافق عليه البرلمان قدَّمه مفاوضو حزب العمال في المحادثات الأخيرة بين الأحزاب. وتكررت أيضًا التعهدات السابقة عندما قالت إن مشروع القانون سوف يتضمن أحكامًا لمواءمة حقوق العمال وحماية البيئة مع حقوق الاتحاد الأوروبي.
ولكن لم تكن ثمة التزامات صارمة بأن الحكومة ستضم إمَّا نقابة جمركية أو استفتاء ثانيًا في تشريعاتها؛ حيث كان المفترض فقط أنه سيتم السماح للبرلمان للنظر في هذه القضايا. ولكن لكي يناقشها البرلمان، كان من المتعين عليه أولاً التصويت لصالح مشروع القانون عندما تمَّ تقديمه رسميًا من أجل تمكينه من الاستمرار نحو المرحلة التي يمكن فيها أن تتم المناقشات الموضوعية وكذلك التعديلات المقترحة.
وحتى مع ذلك، فبالنسبة إلى حزب العمال، لن يكون هناك أي ضمان بأن تكون هناك أغلبية برلمانية تضمن أيًا من هذه النتائج. ثم إن الحساب البرلماني يجعل من المرجح بشكل متزايد أن الصفقة الجديدة – التي أكدت “ماي” أنها تهدف إلى “إيجاد أرضية مشتركة في البرلمان” – ستظل تشكِّل التحدي الرئيس بالنسبة لها.
وبداية، فقد كان توقيتها مؤسفًا، حيث إن إعلانها جاء في اليوم الذي تقول فيه شركة “بريتش ستيل”، ذات الاسم التاريخي في الصناعة البريطانية، ولكنها ظلت بعيدة عن عظمتها السابقة، إنها تحتاج إلى 30 مليون جنيه إسترليني كمساعدات حكومية طارئة لتفادي الإفلاس، وقال مسؤول نقابة الصلب، “مارتن فوستر”، إنه “يمكن أن نكون أول الضحايا في حال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لكنني أشك في أننا سنكون الأخير”.
علاوة على ذلك، فإن كل مبادرةٍ تهدف من خلالها “ماي” لكسب تأييد نواب حزب العمال، وبخاصة من جانب الجناح الذي يمثل الخطورة الشديدة، حيث يدفع في اتجاه مغادرة الاتحاد الأوروبي دون أي اتفاق على الإطلاق.
وفي الواقع، كانت ردود الفعل الأولية أن “ماي” شددت بالفعل على المواقف من جميع الأطراف، إذ قال كلٌّ من قادة حزب العمال ونوابه الذين ينتمون إلى المناطق المؤيدة لخطة الخروج، إنهم لم يظنوا أن “ماي” قطعت شوطًا كبيرًا ، في حين أن المعترضين من حزب المحافظين صوتوا بالرفض لها.
وقد أعلن زعيم حزب العمل “جيريمي كوربين” أنه “بمثابة إعادة صياغة لما تمت مناقشته من قبل، وأن الخطة التي تقدمها (ماي) لا تقدم أي خطوات جوهرية حول التوافق في السوق أو الاتحاد الجمركي أو أنها لا تقدم شيئًا لحماية الحقوق”. وبالتالي “ليس هو الاتحاد الجمركي الدائم الذي نحتاجه”، وفقًا لعضو حزب العمال في حكومة الظل، “جون ماكدونيل”.
ويقول “جاكوب ريز موغ”، المسؤول بالمجموعة الأوروبية للبحوث، إن مقترحات “ماي” كانت “أسوأ مما سبق”، بينما قال زعيم حزب المحافظين السابق “إيان دونكان سميث” إن خطة “ماي” جعلت الاتحاد الأوروبي “يسيطر بقوة على مصيرنا.”
وتتمثل تلك الخطة في تقديم مشروع قانونها إلى البرلمان في أوائل يونيو، وربَّما في 7 يونيو، بعد الزيارة الرسمية التي قام بها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وزيارته المزمعة لقاعدة “نورماندي” للاحتفال بالذكرى السنوية الخامسة والسبعين للهبوط في يوم النصر في 6 يونيو.
لكن في غضون ساعات من خطابه، كان هناك همسات حول “وستمنستر” بشأن رئيسة الوزراء إن كانت ستنجو خلال تلك الفترة الطويلة؛ وإنه إذا توصل مديرو حزب المحافظين إلى استنتاج مفاده أنه لا يوجد أملٌ في الحصول على تصويت إيجابي من أجل القراءة الثانية، في أعقاب الانهيار الكارثي المتوقع في تصويت الحزب في الانتخابات الأوروبية في 23 مايو، فإن عليها أن تترك على الفور للسماح لخليفتها بإمكانية تدارك الموقف.
وإذا كان هناك أي شيء، فإن جهود “ماي” لإضفاء المزيد من الوضوح على خطة الخروج Brexit تبدو وكأنها تجعل الموضوع أكثر ضبابية مقارنة بأي وقت مضى. وأنها لم تقدم اتحادًا جمركيًا كاملاً، فقط يمكن النظر في اتحاد جمركي مؤقت للبضائع. ولكن إلى متى يستمر ذلك، وبخاصة في أيام “ماي”؟
لقد سبق لرئيسة الوزراء أن قالت إنها ستجري محادثات حول وضع جدول زمني لاختيار خلفها بمجرد تقديمها لمشروع القانون؛ وهو ما يعني أن سياسيي المعارضة، وخاصة أولئك الذين يعارضون خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مباشرة أو الذين يرغبون في ضمان علاقات اقتصادية وثيقة مع الاتحاد الأوروبي بعد خروج بريطانيا من الاتحاد، لن يرغبوا في الالتزام بهذه المرحلة؛ لأن خليفة “ماي”، أو رئيسة الوزراء القادمة في كافة الأحوال ربَّما تأتي من جناح حزبها الذي يرغب فيه الاتحاد الأوروبي، وربَّما يفضل مغادرة الاتحاد الأوروبي دون اتفاق.
وعلى افتراض أن مبادرتها قد فشلت في الحصول على قراءة ثانية، ستضطر “ماي” إلى التنحي. ولكن ما سيحدث بعد ذلك أمر غير مؤكد. وفي غياب مشروع القانون، لا توجد آلية برلمانية رسمية لمنع رئيس الوزراء الجديد من إخراج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون أي اتفاق، أو حتى ترتيب استفتاء جديد لمعرفة إن كان الشعب البريطاني يوافق أو يعارض الإجراء الذي تتقدم به الحكومة.
وفي الممارسة العملية، قد تتحول الأمور بشكل مختلف، فقد شهدت أشهر النقاش العنيف حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في البرلمان، انقلابًا على الاتفاقيات القديمة؛ إذ اتخذ المتحدث “جون بيركو”، موقفًا استباقيًا بغرض ضمان إمكانية حصول البرلمان على أصوات موضوعية بشأن القضايا الرئيسية.
وبالتالي، فإن النتيجة الأساسية في 21 مايو مفادها أن “ماي” ستخسر تصويتها في أوائل يونيو، وأن الجدول الزمني لانتخاب زعيم جديد لحزب المحافظين سيتم الإعلان عنه بعد بضعة أيام (أو حتى ساعات)، وأن النزاعات البرلمانية ستركز بشكل متزايد على خيار آخر يتمثل في الخروج دون صفقة أو عقد استفتاء لمعرفة إن كان لدى الناخبين البريطانيين أفكار ثانية حول البقاء في الاتحاد الأوروبي.
ولكن بالنظر إلى التقلب الشديد في الموقف، فإن الكاتب يحتفظ بالحق في التوصل إلى استنتاجات مختلفة جذريًا في أي وقت، من الآن حتى 31 أكتوبر، وهو التاريخ الذي ينتهي فيه التمديد الحالي للاتحاد الأوروبي لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: المجلس الأطلنطي
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر