“آبي” وأدواته الثلاث لإعادة تشغيل الاقتصاد الياباني | مركز سمت للدراسات

“آبي” وأدواته الثلاث لإعادة تشغيل الاقتصاد الياباني

التاريخ والوقت : الإثنين, 10 سبتمبر 2018

تحليل/ تيد جوفر

لسنوات عديدة، كان يُتوقع الكثير من “الحزمة الثالثة” للسياسات الاقتصادية لرئيس الوزراء الياباني “شينزو آبي”، والمعروفة باسم “الأبينومكس”. بعد الحزمتين: الأولى التي تضمنت التيسير النقدي والتحفيز المالي، وبينما هدفت الثانية إلى دفع الإصلاح الهيكلي، وهو ما كشف عن عدد من التحديات التي تواجه تصحيح مسار الاقتصاد الياباني وفي مقدمتها مقاومة عدد كبير من أصحاب المصالح الخاصة وصعوبة التغيير المتأصلة.

ملاحظة لتشجيع صانعي السياسات: ادخل في العمق؛ ففي حين أن التغيير الهيكلي يعد أمرًا حيويًا، ويستغرق بعض الوقت، فإن لديك أدوات أخرى بإمكانها إعادة تشغيل اقتصاد اليابان.

الشركات المبتدئة

هناك أخبار جيدة يمكن الاطلاع عليها، فقد أصبحت الشركات المبتدئة جزءًا من التيار الواسع للشركات في اليابان، حيث تسعى الشركات الكبرى بانتظام إلى البدء في أعمال تجارية متزايدة بالمشاركة مع بعضها البعض. وعلى حين ترتبط هذه الشراكات عادة بالمشاريع الصغيرة، فإن ذلك الأمر يشهد تغيرًا ملحوظًا منذ نحو عقدين عندما عملت الشركات المبتدئة للحصول على الثقة والتمويل واحترام الشركات اليابانية الكبرى.

ويمكن أن يُعزى هذا التغيير جزئيًا إلى تشجيع رئيس الوزراء “آبي” للشركات الناشئة، وكذلك إلى الوعد بإيجاد فرص عمل طويل الأجل بالمجتمع الياباني. وتزدهر حاليًا الشركات الناشئة على المستوى القاعدي بسبب الانفتاح الجديد على مساعدة الهيئات الريادية للحصول على القروض المصرفية التقليدية والدعم من مجتمع رأس المال الاستثماري الياباني الآخذ في النمو.

وتبتكر الشركات الناشئة أساليبها المتميزة في نهجها الريادي بالأعمال التجارية، مما يوفر تغييرًا ضروريًا في التفكير والسرعة التدريجية للشركات اليابانية؛ حيث يبدو أن المؤسسة التجارية اليابانية قد تحولت إلى كيان رئيس بالنسبة للاقتصاد الياباني حاليًا، وتحتضن الفوائد المختلفة لثقافة “المبادئة” الجديدة. وإذا استمر هذا الاتجاه، فإنه ربَّما يساعد على تعزيز القدرة التنافسية لليابان.

الهجرة

يكمن التحدي الهيكلي الذي يواجه الاقتصاد الياباني في الأزمة الديمغرافية التي يعاني منها؛ ففي عام 2017، تقلص عدد السكان في اليابان بمقدار 227 ألف نسبة، مما يعني سبع سنوات متتالية من التراجع.

ولوضع الأمور في نصابها الصحيح، فقد تقلص عدد السكان في سن العمل في اليابان بأكثر من 11 مليون نسمة على مدار السنوات العشرين الماضية، حيث من المتوقع أن ينخفض ​​إجمالي عدد السكان البالغ 126.7 مليون نسمة إلى أقل من 100 مليون في عام 2053 وإلى 88.08 مليون بحلول عام 2065. كما يوجد في اليابان أكبر عدد من كبار السن في العالم، إذ إن أكثر من 25٪ من مواطنيها تبلغ أعمارهم 65 سنة أو أكثر. ومع التقدم في أعمار السكان، يقل عدد الأشخاص الذين هم في سن العمل لدعم القاعدة الضريبية اللازمة لنظام الرعاية الاجتماعية.

ولمواجهة النقص في عدد العمال، فإن اليابان في حاجة إلى المزيد من التغييرات في سياسة الهجرة الخاصة بها، ولا سيَّما ما يتصل بالعمال الأجانب؛ فعلى مدى السنوات الخمس الماضية، خففت الحكومة القيود المفروضة على العمال غير المهرة من أجل التخفيف من نقص العمالة في مجالات التمريض وبناء السفن والبناء والزراعة. وقد شهدت هذه التدابير بداية جيدة، مما أدى إلى مضاعفة عدد العمال الأجانب في اليابان بين عامي 2012 و2017.

ومن الأمور المشجعة، من خلال هذه الأرقام، فإن إجراء تغييرات إضافية في قوانين العمال الأجانب والهجرة، سيكون ضروريًا خلال السنوات القادمة لمواجهة التحديات الناجمة عن الخلل الديمغرافي ومواجهة التحديات المرتبطة بها.

الذكاء الاصطناعي

سيتعين على اليابان معالجة التحديات التي يطرحها الانخفاض الديموغرافي على العديد من الجبهات؛ فالذكاء الاصطناعي يبشر بالتفاؤل لدعم قاعدة العمل المتقلصة في البلد. وعلى حين يُنظر إلى الذكاء الاصطناعي في كثير من الأحيان على أنها تحمل تهديدًا للوظائف الغرب، فإنه سيتم قبولها بشكل متزايد كمصدر للمساعدة المطلوبة للعمال في اليابان.

وستوفر مشاركة الذكاء الاصطناعي لليابان، المساعدة اللازمة المستندة إلى البيانات في العديد من القطاعات كالزراعة، وحماية البيئة، والمبيعات والتسويق، والرعاية الصحية، والنقل والتعليم، والتمويل، والحوسبة، والهندسة، والقانون، والإسكان، على سبيل المثال لا الحصر؛ ذلك أن القدرات الجديدة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي تعد بإطلاق سراح مجموعة العمل اليابانية على مستوى المهام غير الأساسية، مما يسمح للعمال بالتركيز على القطاعات الرئيسة التي تتطلب مشاركة إنسانية تقليدية، كما يمكن أن يساعد النساء وكبار السن على البقاء في القوى العاملة بخلاف المعايير الحالية.

إن إمكانات الذكاء الاصطناعي لمساعدة اليابان على مواجهة التحديات المرتبطة بتراجع قوتها العاملة ولتعزيز الإنتاجية، تتطلب اهتمامًا واسعًا لتسخير هذه التكنولوجيات الجديدة بطرق فعالة. وسيكون التطبيق المناسب للذكاء الاصطناعي في المجتمع الياباني بمثابة اختبار مهم لصانعي السياسة اليابانيين في السنوات القادمة، مما يتطلب مستوى جديدًا من التخطيط والتعاون بين الهيئات الحكومية والمدنية والتجارية والتعليمية.

آفاق المستقبل

مما لا شك فيه أن إعادة إنعاش الاقتصاد الياباني يجب أن يشتمل على الحزمة الثالثة واسعة النطاق للإصلاح الهيكلي لرئيس الوزراء “آبي”، التي تتضمن بعض التغييرات الإضافية في قوانين العمل، وإلغاء القيود على الصناعات الرئيسية، وتمكين المرأة في القوى العاملة، وتوافر الرعاية للأطفال، وتخفيض الديون العامة، والسياسة الضريبية، وإصلاح ممارسات حوكمة الشركات القديمة، وكذلك العديد من مجالات أخرى.

ومع ذلك، يمكن تحقيق زيادة في التغيير الهيكلي بالاقتصاد عن طريق تنفيذ تدابير إضافية، بمعنى دعم ثقافة المبادئه الناشئة والمتزايدة، وإصلاح الهجرة، والذكاء الاصطناعي. كما يتوافر كافة الأسباب التي تدعو اليابانيين للاعتقاد بأن بلادهم ستضع نفسها في طريقها نحو التنشيط مع الجهود المتواصلة في هذه المجالات حتى مع استمرار تقدم سكانها في العمر والتقلص.

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

الناشر: آسيا تايمز

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر