هل نحن أمام مرحلة جديدة من الاستخدام التكنولوجي الأكثر إنتاجية؟ | مركز سمت للدراسات

هل نحن أمام مرحلة جديدة من الاستخدام التكنولوجي الأكثر إنتاجية؟

التاريخ والوقت : الخميس, 12 يناير 2023

جون ثورنهيل 

 

إحدى أكثر الزوايا غرابة وكوميديا على الإنترنت هي قسم تقييمات عملاء “أمازون” لأداة تقطيع الموز “هتزلر 571”. حتى الآن، قيم أكثر من سبعة آلاف مستخدم القطعة البلاستيكية الصفراء التي تباع بسعر 7.80 دولار، داحضين وجهة النظر القائلة “إن الأمريكيين ليسوا ساخرين”. كتب أحد المستخدمين إنه اعتاد قطع الموزة بسكين وتنظيف الشفرة بالماء. “الآن بفضل هذه الأداة، أنظف 17 شفرة فردية في كل مرة أقطع فيها موزة”، كما كتب.

استمع إلى النقاد وسيتكون لديك انطباع بأن وادي السيليكون أنتج أكثر قليلا من قطاعة موز مجازية واحدة كبيرة في الأعوام الأخيرة. بينما تهتف بعبقريتها الإبداعية، تتهم شركات التكنولوجيا العملاقة بالسعي وراء الابتكار لمجرد الابتكار، وبأنها تحل قليلا من مشكلات العالم الحقيقي بينما تتسبب في مشكلات جديدة. حتى إن بريان ميرشانت الكاتب في مجال التكنولوجيا أعلن نهاية خرافة وادي السيليكون، مجادلا بأن شركات التكنولوجيا الكبرى مهتمة الآن باستخراج الإيجارات وسحق المنافسة الناشئة أكثر من ابتكار أي شيء جديد مفيد. “هناك شعور بأننا وصلنا إلى نهاية الإنترنت”، كما كتب.

يقتبس ناقد آخر فكرة أن 90 في المائة من الشركات الناشئة التي أسسها شباب مهووسون في سان فرانسيسكو تحاول ببساطة الإجابة عن السؤال “ما الأشياء التي لم تعد أمي تفعلها من أجلي؟” يبدو أن إنشاء مستقبل بلا مجهود يعني إطلاق خدمة توصيل للوجبات السريعة وتطبيقات لتمشية الكلاب وغسل الملابس. كتب أدريان دوب، أكاديمي في جامعة ستانفورد “هناك ميل في وادي السيليكون إلى الرغبة في أن تكون ثوريا دون – كما تعلم – إحداث ثورة في أي شيء”.

من الواضح أن هذه الحجج تبالغ لإحداث تأثير لكنها تحتوي على أكثر من مجرد جزء من الحقيقة. لا تزال كثير من المشاريع شبه المستحيلة تتلاشى في مهدها. لم يتضح بعد إذا ما كانت الابتكارات مثل وسائل التواصل الاجتماعي أو العملات المشفرة أو ميتافيرس تمثل أي محصلة إيجابية للبشرية. كما لا يمل الاقتصاديون المتشككون أبدا من الإشارة إلى أن الثورة الرقمية لم يكن لها حتى الآن سوى قليل من التأثير القابل للقياس في رفع الإنتاجية.

لكن هذا اليأس الشائع من التقدم التكنولوجي ينتشر فقط في الوقت الذي يوشك فيه هذا التقدم على أن يكون له تأثير حقيقي في مواجهة التحديات الكبيرة، كالرعاية الصحية وتغير المناخ. كتب كارلوتا بيريز المؤرخ الاقتصادي “إنه غالبا ما يكون هناك فارق زمني يمتد لعقود بين تطوير تكنولوجيات جديدة قوية واستخدامها على نطاق واسع. هكذا كانت الحال مع ثورات البخار والسكك الحديدية والكهرباء والإنتاج الشامل في القرون الثلاثة الماضية.

هناك ثلاثة أسباب على الأقل للاعتقاد أننا قد ندخل مرحلة جديدة من الاستخدام التكنولوجي الأكثر إنتاجية. أولا، أدى التراجع الحاد في تقييمات التكنولوجيا في السوق العامة إلى تدفق كبير للموظفين خارج شركات التكنولوجيا الكبرى وتدفق العمال البارعين رقميا إلى الشركات السائدة. طردت شركات التكنولوجيا في جميع أنحاء العالم في 2022 أكثر من 150 ألف عامل، وفقا لـ Layoffs.fyi، وهو موقع إلكتروني يتتبع هذا الاتجاه السائد. يتزامن ذلك مع زيادة قدرها 12 في المائة في العدد الإجمالي للوظائف في مجال التكنولوجيا في الولايات المتحدة إلى 6.4 مليون خلال العام الماضي، حيث توظف البنوك وتجار التجزئة والشركات المصنعة وشركات الرعاية الصحية مزيدا من الموظفين ذوي الكفاءة التكنولوجية.

ثانيا، يمكن أن تصل كل شركة بشكل متزايد إلى بعض أقوى الأدوات التكنولوجية، كالذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية والبرمجيات منخفضة الترميز / دون ترميز. يقول أحد الاستشاريين التكنولوجيين “إنه لم يعد كبار مديري التكنولوجيا في الشركات وحدهم فقط من يفهمون هذه التكنولوجيات ويستخدمونها، بل يمكن لكبار مديري المنتجات والتسويق الرئيسين فهمها أيضا. سيكون أبطال الحقبة التالية هم مديرو المنتجات الذين يركزون على النتائج لا على المدخلات”.

ثالثا، يظل مستثمرو رأس المال المغامر متحمسين لدعم الشركات الناشئة المدفوعة بالهدف التي تحاول معالجة واحد على الأقل من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة. وفقا لتقرير حالة التكنولوجيا الأوروبية لشركة أوتوميكو، تم استثمار أكثر من 169 مليار دولار في هذه المشاريع منذ 2018. إن هذه الشهية قوية بشكل خاص في أوروبا، وشكلت العام الماضي 57 في المائة من جميع التمويل العالمي في مراحله المبكرة في هذا المجال.

بناء على الأنماط التاريخية التي حددها بيريز، يقول بعض الباحثين “إننا قد ندخل نموذجا تكنولوجيا اقتصاديا جديدا، يؤدي فيه الاستخدام الشامل للتكنولوجيات الرقمية إلى إنشاء اقتصاد عالمي أكثر إنتاجية ومحلية واستدامة”. في كتابه “المستقبل المستدام”، يجادل رافائيل كابلينسكي بأن زيادة التعاون بين القطاعين العام والخاص من شأنها تسريع العملية. لقد مكن “التطور المشترك” بالفعل من تحقيق نمو ملحوظ في الطاقة المتجددة مثلا. لكن في الوقت الحالي، كما أخبرني، تشير الاتجاهات الإيجابية إلى احتمالات لا إلى وصف الواقع.

كما يقول “إن المطلوب هو أن تحطم الحكومات مصالح الشركات القوية التي تخنق المنافسة، وأن تقدم حوافز للاستثمار في الاقتصاد الأخضر. لن يحدث هذا إلا إذا فرض المجتمع المدني تلك القضية”، ويضيف “السؤال هو: هل نحن في نقطة انعطاف يوفر فيها المنطق المربح للاستثمار فرصا جديدة؟”.

إننا لا نعرف الجواب بعد. لكن يمكن بالتأكيد توظيف أفضل العقول في وادي السيليكون في غايات أكثر إنتاجية بكثير من مجرد إقناع مستخدمي الإنترنت بالنقر فوق الإعلانات. هناك طرق أبسط لتقطيع موزة وفواكه أخرى.

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر