نهاية عصر الوقود الأحفوري.. الرياح والطاقة الشمسية تحطمان الأرقام القياسية | مركز سمت للدراسات

نهاية عصر الوقود الأحفوري.. الرياح والطاقة الشمسية تحطمان الأرقام القياسية

التاريخ والوقت : الأحد, 2 يوليو 2023

 Lottie Limb

يستشرف الخبراء الوقت بشأن العصر الأحفوري، إذ أظهر تحليل جديد أن طاقة الرياح والطاقة الشمسية أنتجت كمية قياسية من الكهرباء في العالم العام الماضي.

فقد أنتجت مصادر الطاقة المتجددة 12% من الكهرباء العالمية في عام 2022، ارتفاعًا من 10% في العام السابق، وفقًا لتقرير صادر عن مركز أبحاث الطاقة النظيفة “إمبر” Embr. وبينما دفعت الزيادة الطفيفة في حرق الفحم انبعاثات إنتاج الكهرباء إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق، يتوقع المحللون أن تكون هذه ذروة التلوث. ففي هذه المرحلة الحاسمة بشأن المناخ، قد نكون بصدد بداية النهاية للعصر الأحفوري؛ إذ إننا مقبلون على عصر الطاقة النظيفة. فإذا كانت الطاقة النظيفة تلبي كل الطلب الجديد هذا العام كما هو متوقع، فإن المراجعة السنوية الرابعة للكهرباء العالمية الصادرة عن مركز “إمبر” تتوقع انخفاضًا طفيفًا في توليد الأحافير في عام 2023. كما أنه من المقرر أن يَتْبَع ذلك انخفاضات أكبر، مع زيادة انتشار طاقة الرياح والطاقة الشمسية.

كيف تصبح مصادر الكهرباء أكثر اخضرارًا؟

في العام الماضي، كانت الطاقة الشمسية هي المصدر الأسرع نموًا للكهرباء للعام الثامن عشر على التوالي، إذ ارتفعت بنسبة 24% ابتداء من عام 2021. ووفقًا للتقديرات الأخيرة، فإن مصادر الطاقة المتجددة التي تعمل بالطاقة الشمسية قد أضافت ما يكفي من الكهرباء لتشغيل كل جنوب إفريقيا. وفي غضون ذلك، ارتفع توليد الرياح بنسبة 17%؛ بما يكفي لتشغيل كل المملكة المتحدة تقريبًا. وفي المجمل، فقد وصلت مصادر الكهرباء النظيفة (مصادر الطاقة المتجددة والنووية) إلى 39% من الكهرباء العالمية. وأنتجت الطاقة الكهرومائية 15% من هذا الرقم القياسي الجديد وفقًا لأحدث التقارير.

ورغم هذا التقدم، فقد ظلت طاقة الفحم أكبر مصدر منفرد للكهرباء في جميع أنحاء العالم، وقد أنتجت 36% من إجمالي الطاقة في عام 2022. لكن – كما أوضح “ديف جونز”، الرئيس السابق لوحدة البيانات في مركز “إمبر” – لم تحدث العودة المخيفة إلى الفحم خلال أزمة الغاز العالمية. فقد بلغ النمو في توليد طاقة الرياح والطاقة الشمسية نسبة 80% من الارتفاع المذهل في الطلب العالمي على الكهرباء العام الماضي، مما ساعد على إبقاء الوقود الأحفوري في باطن الأرض. وارتفع توليد الفحم بنسبة 1.1% فقط، وانخفضت طاقة الغاز بنسبة طفيفة جدًا قدرها 0.2%.

لقد تم إعداد المرحلة لطاقة الرياح والطاقة الشمسية لدفعها نحو القمة. فالكهرباء النظيفة سوف تعيد تشكيل الاقتصاد العالمي، من النقل إلى الصناعة وما بعدها. ذلك أن حقبةً جديدةً من انخفاض الانبعاثات الأحفورية تعني أن طاقة الفحم سوف تتأثر، وأن نهاية عصر الطاقة المنبعثة من الغاز باتت الآن على مرمى البصر.

ما هي الدول التي تنتج أكبر قدر من الكهرباء من الطاقة النظيفة؟

كما يذهب الخبراء فإن التغيير قادم بوتيرة متسارعة في بلدان عديدة. فبدراسة البيانات الخاصة بالكهرباء في 78 دولة، تمثل 93% من الطلب العالمي على الكهرباء. وهو ما يكشف أن أكثر من ستين دولة تولد الآن أكثر من 10% من الطاقة لديها من طاقة الرياح والطاقة الشمسية؛ إذ تتقدم عدد من الدول الأوروبية فعلاً في هذا المجال. فقد كان لدى الدنمارك أكبر نسبة من طاقة الرياح والطاقة الشمسية في مزيج الكهرباء لديها بنسبة 60.8% في العام الماضي. تليها ليتوانيا ولوكسمبورغ بنسبة 48.4%، و46.6 % على التوالي، رغم أن ذلك يمثل كمية صغيرة نسبيًا من الطاقة على مستوى الاستهلاك (تيراواط لكل ساعة). وبهذا المقياس، أنتجت ألمانيا أكبر قدر من طاقة الرياح والطاقة الشمسية وذلك مقارنة بأي دولة أوروبية عند 185 تيراواط ساعة، تليها إسبانيا والمملكة المتحدة. وفي المجمل، أنتجت أوروبا كلها 805 تيراواط لكل ساعة من الكهرباء من الرياح والطاقة الشمسية، وهو ما يتضاءل أمام الصين عند 1241 تيراواط لكل ساعة (ما يعادل 14% من توليد الكهرباء في البلاد).

وفي هذا يعلق “لي شو”، كبير مستشاري السياسة في منظمة السلام الأخضر شرق آسيا بالقول: “إن الصين هي التنين الذي لا يعبأ بأحد فيما يتعلق الأمر بقطاع الطاقة العالمي، وهذا لا يرجع إلى الحجم الهائل للصين فقط، ولكن أيضًا بسبب التوجه المثير لتنمية قطاع الكهرباء فيها. فلا شك أن الصين تقود التوسع العالمي في مجال الطاقة المتجددة. لكن في الوقت نفسه، تسرع حكومتها في الموافقة على مشروع الفحم”. وقدمت الولايات المتحدة والهند واليابان جزءًا من أكبر المساهمات في قدرة الطاقة الشمسية الكهروضوئية العالمية، وذلك كما يشير الدكتور “أجاي ماثور”، المدير العام للتحالف الدولي للطاقة الشمسية.

لكن “داميلولا أوجونبي”، الرئيس التنفيذي والممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للطاقة المستدامة للجميع، والرئيس المشارك لشبكة الأمم المتحدة للطاقة، يبدي ملاحظة تحذيرية حول الإطلاق العادل لمصادر الطاقة المتجددة؛ بأن التقدم العالمي، رغم أنه مشجع، فهو لا يكشف عن التفاوت المتزايد في اعتماد الطاقة المتجددة الذي يميل بشكل غير متناسب لصالح البلدان المتقدمة والاقتصادات الناشئة في آسيا. ثم إن ثمة الكثير مما يتعين القيام به لضمان عدم تخلف البلدان النامية عن الركب وحبسها في مستقبل مرتفع من الكربون. 

هل العالم يسير على الطريق الصحيح لتحقيق هدفصفر انبعاثاتفي مجال الطاقة الكهربية؟

يعد إنتاج الكهرباء من أكثر القطاعات انبعاثًا للكربون في العالم، كما أن إزالة الكربون منها تمثل حجر الزاوية في إطار منظومة العمل على تحقيق طاقة ذات انبعاثات صفرية. فوفقًا للنمذجة التي أعدتها الوكالة الدولية للطاقة، يتعين أن تكون الكهرباء أول قطاع يصل إلى صافي الانبعاثات الصفرية بحلول عام 2040 وذلك على مستوى الاقتصاد بالكامل بحلول عام 2050. إن ذلك يعني أن طاقة الرياح والطاقة الشمسية سوف تصلان إلى 41% من الكهرباء العالمية وذلك بحلول عام 2030؛ وهو ما يعني تحسنًا كبيرًا يزيد بنسبة 12% عن العام الماضي. غير أن ذلك يعتمد في مجمله على الإجراءات التي سوف تتخذها الحكومات والشركات والمواطنون من أجل وضع العالم على طريق الطاقة النظيفة. ثم إن قدرة الفحم على التحمل تعني أن قطاع الطاقة يظل بعيدًا عن المسار الصحيح لتحقيق أهداف الانبعاثات الصفرية على مستوى العالم بحلول منتصف القرن. لكن الخبر السار حاليًا هو أن لدينا التكنولوجيا التي نحتاجها، ذلك أن الطريق نحو المستقبل يكمن في تسريع الطاقة المتجددة وجعل تكنولوجيا الطاقة المتجددة منفعة عامة عالمية.

ولمواجهة بعض التحديات، لا بدَّ من تبني سياسات أقوى بشأن تسهيل التمويل وتحسين الوصول إلى المكونات والمواد الخام، فضلاً عن زيادة التنويع الجغرافي لسلسلة التوريد. إضافة إلى ذلك، فإن بناء القدرات المستمر، وتحويل دعم الطاقة من الوقود الأحفوري إلى الطاقة المتجددة، والشبكات الشمسية الصغيرة؛ من شأنه أن يؤدي إلى تحرك أسرع نحو الوصول الشامل إلى الطاقة.

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

المصدر: Euro News

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر