ما الذي يجعل الأشياء تنتشر؟ | مركز سمت للدراسات

ما الذي يجعل الأشياء تنتشر؟

التاريخ والوقت : الثلاثاء, 1 يونيو 2021

يعرف “حقل العلاقات العامة” العديد من المُسلّمات والحقائق التي دأب المتخصصون على نشرها، وفي مقدمة تلك الحقائق يمكن الإشارة إلى دور الأساليب والأنشطة الترويجية في الدفع بمبيعات المنتجات أو الخدمات التي تقدمها الشركات المختلفة، وهو ما يثير بدوره العديد من التساؤلات مثل: ما الذي يجعل الأشياء رائجة؟ إذا قلت الإعلان فعليك أن تفكر مرة أخرى فالناس لا يستمعون إلى الإعلانات بل هم يستمعون إلى أقرانهم، لكن لماذا قد يتحدث الناس عن منتجات وأفكار معينة أكثر من غيرها؟ وما الذي يجعل بعض القصص والإشاعات معدية أكثر من غيرها؟ وما الذي يجعل محتوى معين عبر الإنترنت ينتشر بسرعة؟

أمضى أستاذ التسويق في جامعة وارتن “Jonah Berger” العقد الماضي في الإجابة على هذه الأسئلة، ولقد قام بدراسة سبب كون مقالات صحيفة “نيويورك تايمز New York Times” الأكثر رواجًا على قائمة الصحف عبر البريد الإلكتروني، ولماذا يتم تداول المنتجات شفهيًا، وكيف يساهم التأثير الاجتماعي في كل شيء يخصنا من السيارات التي نشتريها إلى الملابس التي نرتديها إلى الأسماء التي نطلقها على أطفالنا.

يكشف “Jonah Berger” في كتابه “ناقل العدوى: لماذا تنتشر الأشياء؟ ? Contagious: Why Things Catch On” عن العلم السرّي وراء تناقل الكلام الاجتماعي والشفهي، بعد أن اكتشف كيف تدفع ست مبادئ أساسية جميع أنواع الأشياء لتصبح معدية، بداية من المنتجات الاستهلاكية وصولاً إلى المبادرات السياسية والشائعات في مكان العمل ومقاطع الفيديو على  موقع “يوتيوب YouTube”، من بعد أن أضحت وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمطبوعة من صحف ومجلات ومواقع إلكترونية أكثر انتقاداً للمؤسسات، وأكثر تدخًلًا في أعمالها من ذي قبل، ولذلك لا يمكن لإدارة التسويق أن تقف وحدها في مواجهة ظروف وتحديات العمل، ومن هنا يأتي دور العلاقات العامة لتتواصل بتلك الوسائل لتوضيح الصورة وتقديم أي تفسيرات مطلوبة وفق الحاجة.

يوفر الكتاب العديد من التقنيات القابلة للتنفيذ بهدف المساعدة في نشر المعلومات وتصميم الرسائل والإعلانات والمحتوى الذي يتشاركه الأشخاص، سواءً كنت مديرًا في شركة كبيرة، أو صاحب عمل صغير تحاول زيادة الوعي بشأن منتجاتك، أو سياسيًا ترغب بالترشح لأحد المناصب، أو كنت مسؤولًا صحيًا يحاول نشر خبر ما، لذا فإن الكتاب يركز على توضيح كيف يمكن نشر الأفكار أو المنتجات، كما يسلط المؤلف الضوء على ظواهر قد تبدو مألوفة، لكنه يوضح بدقة سبب انتشار هذه الظواهر كما يقول “دانييل ساكس” من شركة “فاست Fast”.

يقدم الكتاب مثالًا على إحدى الشركات صاحبة الخبرة في مجال الائتمان في مواجهة إحدى أزماتها المتعلقة بالنشاط العام، حيث كانت البطاقة الذهبية مقتصرة على العملاء الذين ينفقون مبالغ طائلة ولديهم تاريخ ائتماني ممتاز، ولكن حينما بدأت الشركة في تقديمها للعملاء بمختلف درجات الائتمان فقدت البطاقة الذهبية معناها، لذلك ابتكرت الشركة خيارات جديدة لعملائها الأثرياء، مثل: البطاقة البلاتينية، البطاقة الماسية، بطاقة الياقوتية وغيرها، ولكن أيهما له مكانة أكبر، البطاقة الماسية أم الياقوتية؟ هل البطاقة البلاتينية أفضل أم أسوأ من البطاقة الياقوتية؟ وكان ذلك المزيج المحير من الألوان والمعادن والكلمات الحصرية يخلق فوضى تعمل على إرباك المستهلك، حيث لا يعرف الناس مدى جودة أدائهم ناهيك عن مقارنتهم مع أشخاص آخرين، ولإدراك أزمتها زكزت إدارة العلاقات العامة في الشركة على استغلال نقطة القوة المتصلة باستراتيجياتها الاتصالية لتتمكن أخيرًا من تجاوز أزمتها.

يخلُص الكاتب إلى أنه بالبرغم من وجود علاقة متصلة بين الأنشطة التسويقية وأنشطة العلاقات العامة، إلا أن من الضروري أن يقتنعا أنهما مجالان مستقلان يؤدي كلٌ منهما دورًا مختلفًا ومنفصلًا عن الآخر، على أن يتم التواصل بينهما على الأقل لتحقيق المصلحة العامة للمؤسسة، لأنهما في نهاية المطاف يسعيان لتحقيق هدف واحد وهو نجاح الشركة وبقائها في سوق العمل، وعلى الرغم من الإختلاف في طبيعة النشاطات التي يؤديها كل منهما في مجاله، إلا أنهما يحملان بعض الصفات المشتركة التي يمكن تسميتها بـ”العلاقات العامة التسويقية”؛ والتي تمثل نقطة الإلتقاء بين التسويق والعلاقات.

ولتجاوز الأزمات التي أشار إليها الكاتب في أمثلته، يدعو المتخصصين في مجال العلاقات العامة إلى تقييم جميع الأنشطة السابقة، والوقوف على مدى وصول رسالتهم الإعلامية بالشكل المطلوب، والتعرف على ما إذا كان مردودها إيجابيًا على الشركة كما هو متوقع أم أن ليس لها مردودٌ يُذكر؟ فمثلًا في حال الترويج لمنتج غذائي عبر وسائل الإعلام، يجب عليك تقييم حجم المبيعات والانتشار الذي حققه المنتج؛ لكي تحكم على نجاح خطة العلاقات العامة من عدمه.

يستشهد الكتاب بعددٍ وافرٍ من الأمثلة على حملات التسويق الناجحة وغير الناجحة، كما أن المؤلف يتناول أفكاره بأسلوب رشيق يعكس مهاراته وخبراته في علم النفس والسلوك الاجتماعي، مع تركيزه على مساعدة رجال الأعمال حتى يتمكنوا من نشر رسائلهم.

لذا يمكن القول أن الكتاب مفيد وممتع في آنٍ واحد، فهو يقوم الكاتب بتحديد عدد كبير من الإشكاليات التي يواجهها المتخصصون في مجال العلاقات العامة، الأمر الذي يجعل اقتناء الكتاب أو الاطلاع عليه مُفيدًا للمهتمين بأنشطة العلاقات العامة في كافة مستوياتها.

معلومات الكتاب

المصدر: نشرة elleven – العدد الثامن عشر

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر