Anish Shah

للحد من الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية، نحتاج إلى خفض الانبعاثات بنسبة حوالي 7% سنويًا. في الوقت الحالي، ترتفع الانبعاثات بنسبة 1.5% كل عام. وتساهم الانبعاثات المتعلقة بالطاقة بأكثر من 80% من هذا الإجمالي العالمي. وعلى الرغم من أن إنتاج الطاقة المتجددة قد تضاعف أكثر من مرتين في العقد الماضي، فإنه لا يزال يشكل فقط ما يزيد قليلاً على 13% من إجمالي استخدام الطاقة، ارتفاعًا من 9% في عام 2011.

بحلول عام 2050، من المتوقع أن يتضاعف الطلب العالمي على الكهرباء أكثر من مستوياته الحالية بسبب النمو السكاني وزيادة الاعتماد على الكهرباء في مجالات مثل النقل وعمليات التصنيع كثيفة الحرارة. على الرغم من توفر المزيد من الطاقة المتجددة، فإنها لن تكون كافية لتحقيق أهدافنا في خفض الكربون. نحتاج إلى التركيز على إدارة الطلب لتحقيق تقدم أسرع.

تحويل الطلب على الطاقة

تغيير كيفية استخدامنا للطاقة أمر حيوي لتحقيق كل من أمن الطاقة وخفض الانبعاثات. ونحتاج إلى إعطاء الأولوية لكفاءة الطاقة بقدر أهمية التحول إلى الطاقة المتجددة، خاصة في العقد المقبل. ومع مواجهة العالم لهذا الانتقال الحاسم نحو أنظمة طاقة أكثر استدامة، يجب أن نصغي إلى الرؤى القادمة من العالم النامي. العديد من هذه الدول تعمل بالفعل على تحويل الطلب على الطاقة ويمكنها تقديم دروس لا تقدر بثمن، بينما يواجه بقية العالم هذا الانتقال.

تُنفذ العديد من السياسات والمبادرات والبرامج الخاصة بكفاءة الطاقة في مختلف أنحاء الجنوب العالمي، خاصة في الهند وبنغلاديش وبوتان ونيبال وسريلانكا. يوضح تقرير بنك التنمية الآسيوي بعنوان “كفاءة الطاقة في جنوب آسيا” بعضًا من هذه الأمثلة، بما في ذلك قوانين البناء المستندة إلى كفاءة الطاقة، والمعايير وبرامج التوسيم، والمبادرات المستهدفة للاستخدام النهائي مثل المواقد والإضاءة وتقنيات التبريد.

تعزيز كفاءة الطاقة إلى جانب تطوير مصادر الطاقة المتجددة، هو أمر ذو أهمية خاصة للعالم النامي، حيث تحاول هذه الدول تحقيق التوازن بين الاستدامة، والقدرة على تحمل التكاليف، وأمن الطاقة بما يتماشى مع أهداف التنمية. ولكن الفكرة السائدة عن وجود ارتباط مباشر بين النمو الاقتصادي ومتطلبات الطاقة لم تعد صحيحة. الهند هي مثال رئيسي على ذلك: حيث إن انبعاثاتها للفرد الواحد البالغة 1.7 طن من ثاني أكسيد الكربون هي بالفعل أقل بحوالي 60% من المتوسط العالمي البالغ 4.3 طن من ثاني أكسيد الكربون للفرد.

فصل النمو عن الطلب على الطاقة يتطلب استثمارات كبيرة في كفاءة الطاقة، خاصة أثناء تطوير البنية التحتية الجديدة وقدرات التصنيع. أطلقت الهند العديد من المبادرات في هذا المجال، مثل خطة “أونّات جيوتي بالإضاءة الاقتصادية للجميع” (UJALA) التي أطلقها رئيس الوزراء ناريندرا مودي في عام 2015. كأكبر مشروع في العالم لاستبدال الإضاءة المنزلية بالمصابيح المتوهجة غير الفعّالة من حيث الطاقة، أظهر هذا المشروع كيف يمكن للإجراءات الصغيرة أن تتراكم لتؤدي إلى نتائج هائلة، في هذه الحالة، بتقليل حوالي 40 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا.

استراتيجية الهند طويلة الأجل للتنمية منخفضة الانبعاثات “LTLEDS”، التي قُدمت في مؤتمر COP26، تشمل هدفًا لخفض كثافة الكربون في الاقتصاد بنسبة 45% بحلول عام 2030 مقارنة بمستويات عام 2005. هذا هو أحد الأهداف الرئيسية الخمسة للبلاد، إلى جانب زيادة استخدام الطاقة المتجددة. كما أنه مبدأ أساسي في مبادرة أخرى من الحكومة الهندية تُدعى “مهمة نمط الحياة من أجل البيئة” (LiFE)، التي تشجع الناس على إجراء تغييرات بسيطة في حياتهم اليومية لمواجهة تغير المناخ.

الفوائد التجارية لكفاءة الطاقة

تعزيز إنتاجية الطاقة ليس جيدًا للبيئة فحسب، بل هو مُجزٍ ماليًا أيضًا. إذا تم اتخاذ تدابير معينة بحلول عام 2030، فقد يؤدي ذلك إلى تقليل كثافة الطاقة بحوالي 30% وتحقيق ما يصل إلى تريليوني دولار في التوفير السنوي. يمكن أن يكون للتقنيات والحلول الحالية المستخدمة في قطاعات مثل التصنيع الصناعي والنقل والبيئة المبنية التأثير الأكبر.

مع أخذ ذلك في الاعتبار، تبنت Mahindra Group كفاءة الطاقة كرافعة رئيسية لإزالة الكربون عبر مجموعة شركاتها بالكامل. لقد حسنت أعمالنا في قطاع السيارات والزراعة إنتاجية الطاقة بشكل كبير، مما أدى إلى زيادة حوالي 90% بين عامي 2009 و2023. وهذا يعني أننا ننتج تقريبًا ضعف المخرجات باستخدام نفس كمية الطاقة، مما يؤدي إلى خفض تكاليف التصنيع وتحقيق فوائد مالية.

لقد أصبح هذا ممكنًا من خلال سلسلة من التدخلات المستمرة لتقليل الطلب على الطاقة لكل وحدة إنتاج. لقد وجدنا أن تغييرات السلوك، مثل إيقاف تشغيل الآلات عندما لا تكون قيد الاستخدام وتركيب معدات موفرة للطاقة، غالبًا ما تكون انتصارات سريعة. الابتكارات في العمليات مثل استعادة الحرارة تستغرق وقتًا أطول للتنفيذ، ولكن يمكن أن يكون لها تأثير كبير. تغييرات أخرى مثل تصميم المباني بكفاءة، واستخدام أنواع معينة من المواد لتحسين العزل في حالة البيئة المبنية، والكهرباء وبناء مركبات أخف وزنًا في قطاع النقل، كانت فعالة أيضًا.

الحجة للاستثمار في حلول كفاءة الطاقة واضحة. لزيادة الأثر إلى أقصى حد، تحتاج الشركات في القطاع الخاص إلى التركيز على ثلاثة عوامل رئيسية:

• إعطاء الأولوية الاستراتيجية لكفاءة الطاقة: التركيز على العمل السريع، والاعتراف بالتكلفة الفرصية الكبيرة للتأخير في الاستثمار في كفاءة الطاقة.

• إنشاء هيكل حوكمة: تنفيذ عملية حوكمة قوية بقيادة كبار القادة مع ملكية واضحة، وتعطيل الوضع الراهن لما يعتبر غالبًا الأعمال كالمعتاد.

• تطوير عقلية تعاونية: تفعيل سلسلة القيمة من خلال التعاون الفعال، بما في ذلك بناء الوعي، ومشاركة القدرات والتكنولوجيا والتمويل، حيثما أمكن. والتركيز على كل من التحولات العقلية والممارسات الحوكمة الملموسة.

لا يكفي أن نعمل بمفردنا. يجب على الشركات الانخراط مع شركاء سلسلة القيمة الخاصة بها لتحفيز الاستثمار والعمل على نطاق أوسع، وهذا ما سيضاعف التأثير. تقدم منصات مثل المجلس الدولي للأعمال التابع للمنتدى الاقتصادي العالمي معلومات عن أفضل الممارسات، وتبادل المعرفة، والمساعدة في تنفيذ مسارات واضحة للتحول عبر المناطق والقطاعات. يمكن للاعبين في الصناعة أيضًا التعاون لزيادة الوعي. على سبيل المثال، تعاونت Mahindra Group مع شركة Johnson Controls المصنعة للبنايات المستدامة في مبادرة لتسريع تطوير البنية التحتية الموفرة للطاقة في الهند.

إلى جانب ذلك، يمكن للحكومات زيادة الوعي وإطلاق السياسات، على سبيل المثال من خلال وضع إرشادات للبنية التحتية المبنية الموفرة للطاقة أو تقديم حوافز للتجديد. سيؤدي ذلك إلى خلق بيئة مواتية لتسريع كفاءة الطاقة.

تقوم الدول النامية بتنفيذ نتائج كفاءة الطاقة التي يمكن تكرارها. ولديها الآن فرصة لتكون في طليعة تحويل الطلب على الطاقة بنجاح. والتعاون والتأثير التراكمي للعديد من المبادرات الصغيرة أمران حاسمان. وقد حان الوقت للتوحد لتمهيد الطريق لمستقبل أكثر خضرة ونظافة.

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: World Economic Forum