نيكولاس كاسبيرسون

يؤدي تنامي تعليم مهارات التمويل الشخصي على تطبيق “تيك توك” TikTok، دورًا أساسيًا في توسيع منتجات وخدمات شركات التكنولوجيا المالية إلى جمهور أوسع، لا سيما النساء والجيل الجديد، ويعرف باسم “الجيل زد Z”، إضافة إلى العديد من الجماعات المهمشة في المجتمعات.

لقد اكتسب التعليم المالي Financial أهمية ثقافية جديدة في عام 2020، وهو ما يرجع بالأساس إلى عمليات الإغلاق التي كانت تغذيها جائحة “كوفيد-19” التي أدت إلى زيادة المشاركة في محتوى التمويل الشخصي على تطبيق “تيك توك”.

وقد تم تنفيذ ذلك في عالم التكنولوجيا المالية Fintech، إذ يبحث 79% من المستخدمين عن التعليم حول بدء صندوق للطوارئ، وتحسين درجات الائتمان، وخلق عادة ادخار من تطبيقات التكنولوجيا المالية الخاصة بهم، وذلك وفقًا لتقرير “بليدس فينتك” Plaid’s fintech لعام 2022. فعلى سبيل الاستجابة لهذا الطلب، بدأت العديد من الشركات مثل: “كورينت”Current، وشركة “سو في” SoFi، وشركة “ستيب” Step في الاستفادة من تطبيق “تيك توك” لمقابلة المستخدمين أينما كانوا من خلال الشراكة مع المؤثرين واستضافة الأحداث وتقديم نصائح في الشؤون المالية المخصصة عبر مقاطع فيديو قصيرة. ومع ذلك، فإن الحظر المحتمل لهذا التطبيق في الولايات المتحدة قد يترك العديد من المجتمعات تبحث عن التعليم المالي والأدوات في مكان آخر، وسيكون من الحكمة لقادة صناعة التكنولوجيا المالية أن يلتزموا بذلك.

قيم المجتمع

لقد انفجر محتوى التمويل الشخصي بمليارات المشاهدات على تطبيق “تيك توك”، حيث كان لدى الشخص العادي وصول محدود إلى المشورة المالية بسبب الحد الأدنى من الحساب أو نقص المعرفة. لكن التكنولوجيا قد أسهمت في تمكين أي شخص لديه هاتف ذكي من الوصول إلى نفس المستوى من التوجيه المالي الذي كان يقتصر في السابق على الأثرياء والمطلعين. وقد جاءت الزيادة الملحوظة في الفائدة من خلال أولئك الذين لا يتلقون خدمات مالية بشكل تقليدي. إذ يشارك منشئو التمويل الشخصي مثل المؤثرة “فيفيان تو” وشهرتها “يوريتشبوف” Vivian Tu yourrichbff مع 3.5 مليون متابع لها، منهم النساء، والأشخاص ذوو البشرة السوداء، والمجتمعات المهمشة – كما تقول هي – في محو الأمية المالية لهم.

وقد وجد استطلاع بتكليف من شركة “فوربس أدفايزورز” Forbes Advisor وأجرته شركة “بروليفيك” Prolific لأبحاث السوق أن 78% من جيل الألفية والجيل الجديد (Z) يعتقدون أن لديهم إمكانية وصول أكبر إلى الاستشارات المالية الآن، بفضل وسائل التواصل الاجتماعي مثل “تيك توك”، وذلك مقارنة بما سيحصلون عليه لو كانوا ضمن الأجيال السابقة بسبب هوياتهم، مثل: العرق أو الجنس أو الدخل.

فقد استفاد منشئو “تيك توك” من المنصة لبناء الأعمال وإطلاق الحركات نحو الشمول المالي ومشاركة المعرفة لتلبية هذه التركيبة السكانية غير المستغلة. فعلى سبيل المثال، فإن المؤثرة “تروي دونلاب” Tori Dunlap وحسابها (@ herfirst100k)، وهي مؤسِّسة شركة التعليم المالي Her First 100K، قد حصلت على 2.3 مليون متابع على تطبيق “تيك توك”، فأسست حركة “النسوية المالية” لإلهام النساء بامتلاك مواردهن المالية، تحت شعار “الاستقلال أعظم أداة لمحاربة الحواجز الذكورية”. كذلك المؤثرة “ليا لاندافيردي” Lea Landaverde وحسابها على التطبيق يحمل اسم (latinawealthactivist) تستخدم منصتها التي تضم أكثر من 80 ألف متابع للتغلب على الفجوات الخاصة بالثروات بين الأجيال في المجتمع الذي تعيش فيه من خلال التعليم المالي، وهو ما يمثل حاجة ملحة نظرًا لإجمالي الناتج الاقتصادي للاتينيين الأميركيين كان يقدر بـ2.7 تريليون دولار في عام 2019، مما يجعل الأميركيين اللاتينيين في المرتبة السابعة بين أكبر اقتصادات العالم.

وحتى المؤثر “همفري يانغ” صاحب الحساب “همفري تالكس” على التطبيق، والذي أنهى مسيرته المهنية كمستشار مالي محترف في عام 2012 ليبدأ مسيرة أعمال التجارة الإلكترونية الخاصة به، فقد بدأ في البداية في نشر مقاطع فيديو مالية على “موقع يوتيوب” YouTube وكانت لا تلقى صدى لدى المشاهدين. لكن بمجرد أن بدأ في نشر مقاطع فيديو أقصر على “تيك توك” كانت أشبه بمقاطع كوميدية لشرح المصطلحات المالية للجنرال “زيرس” Zers، وصل عدد المتابعين على حسابه إلى نحو 3.3 مليون.

لقد قام منشئو المحتوى على “تيك توك” بتحويل المحتوى التعليمي القائم على القيمة إلى أعمال تجارية مع تحويل فئات متنوعة من المستهلكين المهتمين بالتكنولوجيا المالية إلى عملاء؛ وهو ما يمثل فرصة تسويقية لشركات التكنولوجيا المالية للاستفادة من محتوى التعليم المالي لجلب الجيل القادم من بناة الثروات بين الأجيال الجديدة التي تمثل نحو 47% من سكان الولايات المتحدة، إلى قواعد المستخدمين الخاصة بهم. ومن خلال ذلك، يمكن لقادة صناعة التكنولوجيا المالية إثبات أنفسهم وشركاتهم كمؤثرين في مجال التعليم المالي لكسب نجاح مماثل لمبدعين مثل: “دنلاب” و”لاندافيردي” و”يانغ” الذين تحولوا من مؤسسين إلى معلمين. 

وبصفتي منشئ محتوى على “تيك توك”، فقد رأيت أن هناك الكثير من الإمكانات لدى شركات التكنولوجيا المالية للاستفادة من المحتوى التعليمي لبناء الثقة والمجتمع في قاعدة عملائها، ومع ذلك فقد تقدم البعض فقط إلى المنصة. فقد اكتشف مؤسسو التكنولوجيا المالية في المراحل المبكرة بسرعة إمكانية إنشاء المحتوى على “تيك توك” كاستراتيجية عمل مهمة. ويوفر ذلك النهج الفعال من حيث التكلفة خيارًا قابلاً للتطبيق للشركات ذات الميزانيات التسويقية المحدودة، إذ يمكن أن يكون مجانيًا وعمليًا مقارنة بتكلفة الأساليب التقليدية المستخدمة من قبل المنافسين الكبار والأكثر شهرة.

إن أحد أفضل الأمثلة على ذلك هو صفحتي التي تحمل عنوان Startup Alinea، وهي منصة استثمارية تضم 55 ألفًا مع قاعدة مستخدمين يمثل الإناث فيها 78%، وتبلغ نسبة المستثمرين للمرة الأولى بها 72%، أمَّا الجيل الجديد (Z) فيمثلون 60%. وتشارك المؤسستان المشاركتان “أنام لاخاني” و”حواء حليمي” قصصهما علانية على “تيك توك”، بما في ذلك توجيه الرسائل حول كيف نشؤوا. ويحتوي المضمون الخاص بهم على قدر من التعلم بشأن الاستثمار كنساء من الجيل Z وأطفال المهاجرين. ثم إنهما تستخدمان “تيك توك” لإجراء محادثات مباشرة مع عملائهما، والتفاعل مع ما لا يقل عن 15 أو 20 شخصًا يوميًا. كما تستخدم المؤثرة “فريندا كوبتا” Vrinda Gupta، وهي مديرة تنفيذية سابقة لشركة VisaV + %0.6 ومؤسسة حالية في مجال التكنولوجيا المالية على تطبيق “تيك توك” من أجل تمكين جمهورها المستهدف من النساء من خلال مشاركة تجاربها الشخصية مع التمويل. فبعد رفض الحصول على بطاقة ائتمان، التي شاركت في تطويرها، أسست شركة “كوبتا سيكوير فاينانس” Gupta Sequin Finance (sequinfinance)؛ إذ ابتكرت هذه الشركة عبر “تيك توك” لتسويق بطاقات الائتمان الخاصة بشركتها مع توفير محتوى تعليمي حول زيادة درجات الائتمان.

لقد قامت شركات “التكنولوجيا المالية” Fintech والمؤسسون ومبدعو التمويل الشخصي بعمل رائع على تطبيق “تيك توك” بغرض سد فجوة التعليم المالي التي واجهتها الولايات المتحدة لسنوات. إلا أنه لا تزال هناك حاجة إلى المزيد من المنظمات للانضمام إلى هذا المجال، خاصة أن هدف هذه الصناعة للتكنولوجيا المالية يتمثل في تعزيز التعليم المالي والوصول إليه.

وبغض النظر عما يخبئه المستقبل لتطبيق “تيك توك”، فقد تركت هذه المنصة بصماتها بالفعل على مجال التكنولوجيا المالية. فقد جعل “تيك توك” الأمر سهلاً على المستخدمين أكثر من أي وقت مضى من أجل الوصول إلى المحتوى التعليمي المتعلق بالرفاهية المالية، وهو ما خلق فرصةً لجيل جديد من منشئي التكنولوجيا المالية لمشاركة معارفهم وإنشاء مجموعة واسعة من نماذج الأعمال.

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

المصدر: Forbes