تحقيق مستقبل العمل المُنصف والأخضر للجميع | مركز سمت للدراسات

تحقيق مستقبل العمل المُنصف والأخضر للجميع

التاريخ والوقت : الإثنين, 14 أغسطس 2023

Laura Frigenti, El Iza Mohamedou

تفاقمت تحديات تحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030 جراء جائحة كوفيد-19. ولم تؤثر الجائحة على صحة ورفاهية الأفراد فقط، بل أيضًا على سبل العيش والوظائف.

وقد أدى ذلك إلى فقدان ما يقدَّر بـ3.5 تريليون دولار في دخل العمال في العالم خلال الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2020، إذ قلَّت ساعات عملهم بشكل مفاجئ بسبب الجائحة.

على الرغم من عدم استثناء أحد من تأثيرات الجائحة، فإن الأزمة الاقتصادية والاجتماعية زادت من التفاوتات بشكل أكبر. وتأثرت المهاجرون والشباب والنساء والعمال ذوو المهارات المنخفضة بشكل أكبر، إذ كانوا يعملون في وظائف مؤقتة ومنخفضة الأجر أو في وظائف لا يمكن أداؤها عن بُعد.

من ناحية أخرى، ساهمت الجائحة أيضًا في تسريع التحول العميق الذي يشكل مستقبل العمل على مستوى العالم. وهناك عاملان رئيسيان وراء هذا التحول الفريد من نوعه وهما: التكنولوجيا الرقمية، وتغير المناخ.

تنفيذ التكنولوجيا الرقمية بشكل سريع في العقدين الماضيين، قد أثَّر في كيفية عمل الأشخاص. وسوف تستمر هذه التكنولوجيا في التطور، مما يترتب عليه زيادة الحاجة إلى المهارات الرقمية والتعاون بين الإنسان والآلة. ونتيجة لذلك، من المرجح أن يطلب سوق العمل مهارات تقنية أعلى.

ومن المحتمل أن يؤدي أتمتة القوى العاملة، الذي يدفعه التكنولوجيات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي والروبوتات، إلى تعطيل وخلق الملايين من الوظائف في السنوات المقبلة.

وفقًا لمسح نظرة المديرين التنفيذيين لعام 2021 الذي أجرته شركة KPMG، لوحظ أن حوالي 74% من قادة الأعمال الذين شاركوا في الدراسة قد سارعوا في تبني التكنولوجيا الرقمية في عملياتهم. وأشار هؤلاء القادة إلى أنهم يدركون أن مستقبل العمل يتطلب التركيز على تطوير المهارات واعتماد التكنولوجيات الناشئة. ومع ذلك، وفقًا لتوقعات التوظيف لعام 2019 التابعة لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، تبين أن العديد من البالغين لا يمتلكون المهارات المناسبة للوظائف الناشئة، وأن هناك فجوة رقمية مستمرة. ويفتقر ستة من كل عشرة بالغين إلى المهارات الأساسية في تكنولوجيا المعلومات، أو ليس لديهم خبرة في استخدام الحواسيب.

تحديات وفرص جديدة

على الرغم من أن الفوائد المحتملة لاعتماد التكنولوجيا الرقمية يمكن أن تسهم في النمو الاقتصادي وتتفوق على فقدان الوظائف، فإن التحديات والفوائد المتعلقة بالتكنولوجيا الرقمية قد تختلف من منطقة إلى أخرى. دعونا نأخذ إفريقيا كمثال، إذ هي القارة التي تضم أصغر سكان العالم، وغالبية العمالة في القطاع غير الرسمي.

على عكس الدول ذات الدخل العالي، إذ تشكل الأتمتة في قطاعات مثل التصنيع مخاطر فقدان بعض الوظائف، كما أبرز تقرير التنمية العالمي لعام 2019: “لدى الدول الإفريقية جنوب الصحراء الكبرى إمكانية خلق وظائف جديدة باعتماد التكنولوجيا في جميع القطاعات وفئات المهارات”. وعلى الرغم من أن اعتماد التكنولوجيا الرقمية الذي يمكن أن يزيد من إنتاجية العمال، فإن قطاعات التصنيع تظل صغيرة وغير مؤتمتة إلى حد كبير في المنطقة.

وفقًا لتقرير منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، تشير الإحصاءات إلى أن 14% من الوظائف معرضة لخطر التأثير التكنولوجي، خاصة في المهام الروتينية أو ذات المهارات المنخفضة. وعلى الرغم من التقدم التكنولوجي الذي تم تحقيقه في السنوات الأخيرة، فقد ارتفعت معدلات التوظيف في معظم البلدان والمناطق بمعدل متوسط يبلغ 12% من عام 2012 إلى عام 2019؛ مما يشير إلى العلاقة الإيجابية بين التكنولوجيا وزيادة الإنتاجية. ويُذكر أن قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات قد شهد أعلى معدل نمو بنسبة تفوق 51%، ومن المتوقع أن يستمر في النمو. وبالتالي، يجب على البلدان والمناطق أن تنظر إلى مستقبل العمل كمستقبل يعتمد على التكنولوجيا الرقمية.

عمل عادل وأخضر

تنفيذ سياسات المهارات التكيفية والتوظيف، وخلق نظم الحماية الاجتماعية مع التزام قوي بالمساواة، وتحسين البنية التحتية الرقمية والاتصالات في الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط؛ سيساعد على توسيع فوائد الأنشطة الاقتصادية المعنية.

أولاً، وفقًا لأحدث استراتيجية وظائف منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD)، من الضروري نقل سياسات العمل وسوق العمل من التدخل للوقاية. ويمكن أن يعزز هذا التحول الكفاءة والعدالة في الوقت نفسه. وتتطلب السياسات الوقائية من الحكومات أن تتعاون مع الصناعة للبحث والتنبؤ باحتياجات السوق المستقبلية، ثم تعديل التعليم لتزويد المجتمع بالمهارات التي يحتاجها أصحاب العمل.

هذا يعني أن مستقبل العمل يتأثر بشكل كبير بالتكنولوجيا الرقمية والتغير المناخي، وأن الطلب على المهارات الرقمية والبيئية يزداد بسرعة. ويجب على أصحاب المصلحة في القطاعين العام والخاص العمل معًا للتنبؤ بالاحتياجات التي تمكنهم من تصميم برامج تدريب وتعليم ملائمة لتلبية احتياجات أصحاب العمل، وأن يتم ذلك بطريقة تأخذ في الاعتبار الأشخاص من خلفيات وتجارب متنوعة.

وتشير هذه المعلومات إلى أنه يجب تعزيز التمثيل الأفضل والأكثر تنوعًا في مجال التكنولوجيا للحد من الاختلافات الاقتصادية والاجتماعية المتجذرة. ويتطلب التمثيل الأفضل وجود أشخاص من خلفيات متنوعة، وخاصة المجتمعات المحرومة، للتعاون في تصميم وتنفيذ التكنولوجيات المبتكرة.

في الوقت نفسه، يتطلب الأمر أيضًا سياسات تستهدف تطوير المهارات البيئية. وهناك بالفعل نقص في المهارات البيئية في قطاعات محددة في بعض البلدان والمناطق. وتعتبر السياسات التي تؤدي إلى برامج تعليم وتدريب بيئية، ضرورية لمساعدة العمال على المشاركة بشكل كامل في الاقتصاد الأخضر الناشئ. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تشجع الحكومات الوظائف الخضراء من خلال السياسات الضريبية لضمان أن ضغوط التكلفة الناجمة عن السياسات البيئية لا تمثل عقبة أمام التوظيف.

وأخيرًا، فإن وضع احتياجات المجتمعات والأفراد المتأثرين – سواء كانوا موظفين أو أصحاب أعمال – في صميم الجهود المتعلقة بالانبعاثات الصفرية، لن يكون له تأثير إيجابي فقط على تقدير هذه الجهود من قبل الجمهور والموظفين، بل سيساعد أيضًا في تقليل التشويش الناتج عن فقدان الوظائف، أو تقليل الأنشطة الاقتصادية في المناطق التي تعتمد على الوقود الأحفوري.

بشكل عام، يتطلب مستقبل العمل اعتماد نهج شامل يركز على توجيه التعليم والتدريب، وتطوير المهارات وفقًا لاحتياجات سوق العمل؛ بالإضافة إلى تعزيز التمثيل المتنوع في صناعة التكنولوجيا، وتعزيز المهارات البيئية في ظل التحول النحو الاقتصاد الأخضر. ويتطلب ذلك تعاونًا قويًا بين القطاعين الخاص والعام، وتبني سياسات وبرامج تدعم التحول وتلبي احتياجات المجتمع بشكل عام.

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

المصدر: devex

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر