سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تايلر كاون
سيناريوهان لاستخدام الذكاء الاصطناعي يعتمدان على تكلفة الطاقة، ومستقبل مع الوفرة وآخر من دونه, وفي المستقبل القريب، قد يعتمد نوع الثقافة التي ينتجها العالم بشكل كبير على تكلفة الكهرباء.
وهناك رؤيتان مختلفتان تمامًا حول مستقبل الذكاء الاصطناعي، وكلتاهما تعتمد على تكلفة الطاقة, في السيناريو الأول، يؤدي انخفاض أسعار الطاقة إلى وفرة كبيرة في الاستخدام.
وفي هذا السياق، لن يكون الناس بحاجة إلى الحرص الشديد في كيفية استخدامهم لأدوات الذكاء الاصطناعي.
على سبيل المثال: لا أدفع حالياً تكلفة إضافية مقابل نماذج اللغة الكبيرة “LLMs” التي أستخدمها، لذلك لا أتردد في الاستعانة بها كثيرًا دون قلق حول ما إذا كان أي استخدام معين سيحقق فائدة ملموسة،والنتيجة هي بعض الأمور العبثية، وبعض النكات، وأكثر من ذلك بقليل من التساهل في اهتماماتي العشوائية، إلى جانب المساعدة في أسئلة التاريخ والاقتصاد,وهذا برأيي “مستقبل الذكاء الاصطناعي مع الوفرة”.
ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح إلى متى سيستمر هذا النظام، مع تزايد اعتماد المؤسسات على الذكاء الاصطناعي التوليدي، وستزداد المتطلبات على هذه الخدمات, وستجد شركات الذكاء الاصطناعي نفسها مضطرة للاستثمار بكثافة لمواكبة الطلب المتنامي على القدرات الحاسوبية، إضافة إلى ذلك، ستواجه هذه الشركات نهاية فترات التمويل الاستثماري، ما سيجبرها على تحقيق الأرباح، وعلى المدى البعيد، ستصبح تكلفة استخدامات الذكاء الاصطناعي التوليدي ملحوظة بشكل أكبر.
أرى أن “مستقبل الذكاء الاصطناعي من دون وفرة” الذكاء الاصطناعي ونمو الاقتصاد العالمي، واستخدام الذكاء الاصطناعي جنبًا إلى جنب مع النمو الاقتصادي العالمي سيؤدي إلى زيادة الطلب على الطاقة، ما سيؤدي بالتالي إلى ارتفاع أسعارها، وقد تسهم القدرات الحاسوبية الهائلة التي يتطلبها الذكاء الاصطناعي في رفع تكاليف الطاقة بشكل ملحوظ، ومع ذلك هناك عديد من العوامل التي تؤثر في تكاليف الطاقة، بدءًا من التقدم في تقنيات الاندماج النووي، وتطوير البطاريات، وصولًا إلى القرارات التنظيمية المختلفة.
وعلى الرغم من صعوبة التنبؤ الدقيق، يمكن القول إن الطاقة ستظل رخيصة نسبيًا للأسر “أي الناخبين”، بينما ستصبح أكثر تكلفة نسبياً لشركات الذكاء الاصطناعي.
وفي حال وجود وفرة كبيرة في الموارد، سيؤدي الذكاء الاصطناعي إلى ابتكار منتجات جديدة وغير تقليدية، بفضل تطور قدراته الحاسوبية ومهاراته، وستتفاعل تقنيات الذكاء الاصطناعي مع بعضها بعضا، وتقوم بالتواصل والتبادل التجاري، ما سيفتح الباب أمام بدائل لم نفكر فيها نحن البشر، وسيتحدد أي من هذه الممارسات سينتشر وفقًا للاندفاع المحموم نحو التطوير في بيئة الذكاء الاصطناعي.
أما إذا كانت لديك حقوق لاستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، فيمكنك تشغيلها والسماح لها “بإنجاز مهامها” بشكل مستقل، وقد يختار بعض الأشخاص إعطاء توجيهات أولية لأدوات الذكاء الاصطناعي، مثل استلهام حركات ثقافية سابقة كحركة “الهيبيز” في ستينيات القرن الماضي، أو استكشاف جوانب أدبية كالشعر في العصر الفيكتوري. لكن في النهاية، سيكون معظم العمل منجزًا من قبل أدوات الذكاء الاصطناعي نفسها.
من السهل تصور أن إنتاج هذه الأدوات سيصبح أسرع بكثير مما ينتجه البشر، وفي حال وجود وفرة كبيرة في الطاقة، يمكن توقع زيادة إنتاج الأفلام والفيديوهات التي تستهلك الكثير من الطاقة الحاسوبية، أما في حال وجود موارد أقل، ستصبح النصوص والشعر أرخص نسبيًا وأكثر انتشارًا.
بمعنى آخر: في المستقبل القريب، قد يعتمد نوع الثقافة التي ينتجها العالم بشكل كبير على تكلفة الكهرباء، مدى اهتمام البشر بثقافة الذكاء الاصطناعي، ويبقى أن نرى إلى أي مدى سيُظهر البشر اهتماماً بالإنتاج الثقافي المتمخّض عن الذكاء الاصطناعي، قد ينجذب بعضهم إلى هذه الأعمال، إلا أن هناك احتمالاً بأن تكون مملة بالنسبة إلى الكثيرين، تماماً كما لا يميل الكثيرون إلى الاستماع لأغاني الحيتان، لكن حتى لو كان المشككون في الإنتاج الثقافي الذي يخلقه الذكاء الاصطناعي محقين إلى حد كبير، فإن الكم الهائل من هذه الإنتاجات سيترك أثرًا واضحًا، خصوصًا مع تحسين عمليات التطوير وزيادة التوجيه البشري.
وقد يجد البشر بعض المتعة في هذه الأعمال، ما يؤدي إلى بيعها وتحقيق أرباح منها، واستخدام هذه الأرباح لتمويل مزيد من الإنتاج الثقافي القائم على الذكاء الاصطناعي، ما سيعزز التطوير في اتجاهات أكثر شعبية.
ومع ارتفاع تكاليف الطاقة، قد يتجه إنتاج الذكاء الاصطناعي نحو التوافق مع الأذواق الثقافية السائدة لتحقيق الأرباح اللازمة لدفع تكاليف الاستهلاك، أما إذا انخفضت أسعار الطاقة، فسيكون هناك مجال أوسع للتجارب الفنية المتقدمة، سواء كانت جيدة أو سيئة، وقد نتعلم حينها مزيدا عن إمكانيات الأساليب الموسيقية والفنية غير التقليدية.
وفي السيناريو الأكثر غرابة، قد تتنافس أدوات الذكاء الاصطناعي للحصول على المنتجات الثقافية التي ينتجها البشر، وربما تدفع بالعملات الرقمية. لكن يبقى التساؤل: هل ستتحمل أدوات الذكاء الاصطناعي هوسنا الزائد بأنفسنا وتفاصيل حياتنا؟
قد نشهد ظهور كاتب أو كاتبين يكسبون عيشهم من كتابة مقالات موجهة خصيصًا للذكاء الاصطناعي، بهدف تزويده بفهم أعمق لما نفكر فيه نحن البشر.
وتبقى كل الاحتمالات مفتوحة أمامنا، وما زلنا في مراحلنا الأولى لاستيعاب هذه الثورة، والحقيقة هي أننا على أعتاب واحدة من أهم الثورات الثقافية في تاريخ البشرية.
المصدر: الاقتصادية
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر