إذا لم تعد الجائحة حالة طوارئ صحية عامة.. فما هي إذاً؟ | مركز سمت للدراسات

إذا لم تعد الجائحة حالة طوارئ صحية عامة.. فما هي إذاً؟

التاريخ والوقت : الخميس, 11 مايو 2023

ديفيد كوامن

توقفت صافرة الإنذار الواضحة الآن، على الرغم من أن الحرب لم تنته. ففي 5 مايو، أعلن الأمين العام لمنظمة الصحة العالمية، “تيدروس أدهانوم غيبريسوس”، أن فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) لم يعد “حالة الطوارئ الصحية العامة تستدعي القلق”، والتي تختصر بـ(PHEIC).

يشير هذا الإعلان إلى دخول البشرية في مرحلة جديدة من التحديات في مكافحة فيروس كورونا. وبالرغم من رفع حالة الطوارئ الصحية العامة الدولية، فإن ذلك لا يعني نهاية الجائحة، وآراء الخبراء حول هذا الإعلان متباينة. ولا يمكن التنبؤ من دون الاستناد إلى معلومات دقيقة كيف ستبدو المرحلة القادمة من كوفيد-19 على مدى السنوات والعقود التالية؛ إذ يتوقع أن يظل “سارس-كوف-2” بيننا، ويستمر في التطور.

ماذا يعني هذا الإعلان؟ يقول الأمين العام لمنظمة الصحة العالمية: “إن الوقت قد حان للدول للتحول من مرحلة الطوارئ إلى مرحلة إدارة كوفيد-19 إلى جانب الأمراض المعدية الأخرى”.

لكن لا ينبغي لأي بلد أن يتخلى عن الحذر، أو يهمل الأنظمة الوقائية اللازمة لمجابهة الجائحة. ولا ينبغي لأحد أن يكون مضللاً ويقلل من أن “كوفيد – 19” لا يشكل خطرًا .ومع أن الوفيات تتجه نحو التراجع منذ أكثر من عام، لكن حتى الأسبوع الماضي، لُوحظ أن الوباء لا يزال يقتل ما لا يقل عن 480 شخصًا يوميًا. وسواء كان ذلك يمثل حالة طوارئ، أم لا، سيكون السؤال الآن فرديًا، وليس عالميًا، اعتمادًا على ما إذا كانت الوفاة التالية هي أنت أو شخص تحبه أو شخص غريب.

لقد تم تطبيق تصنيف PHEIC على ستة أحداث مرضية أخرى فقط منذ إنشائه في عام 2005، وهي: جائحة أنفلونزا الخنازير في عام 2009، وعودة انتشار شلل الأطفال في عام 2014، وتفشي فيروس إيبولا في غرب إفريقيا الذي بدأ أيضًا في عام 2014، وانتشار فيروس زيكا في عام 2016، وإيبولا مرة أخرى عام 2019 في شمال شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، وتفشي مرض mpox (الذي كان يسمى سابقًا بجدري القردة)، الذي كان منخفض نسبيًا في أعداد الحالات ومعدلات الوفاة.

مع ذلك، تسبب الأمراض المعدية الأقدم والأقل خطرًا وفيات بمعدلات أعلى من “كوفيد – 19” حاليًا. إذ تقتل الملاريا، وفقًا لتقديرات حديثة في عام 2021، ما يقرب من 1700 شخص يوميًا، معظمهم في إفريقيا وتحت سن الخامسة. وقد قتل مرض الإيدز حوالي 1800 إنسان يوميًا خلال العام نفسه. وكانت حصيلة الوفيات من السل أكبر، حوالي 4000 شخص يوميًا. 

هل الملاريا حالة طوارئ؟ نعم، إذا كنت أحد الآباء في قرية نيجيرية ولا تملك المال لشراء الأدوية، بل لشراء (ناموسيات) لتقي أسرتك من الذباب، ويعاني طفلك البالغ من العمر 4 سنوات من حمى تهدد حياته. هل السل موضوع يثير القلق الدولي؟ لن تعرف ذلك من العناوين الرئيسية.

لست خبيرًا في الصحة العامة ولا عالمًا، لذا أقدم رأي المواطن: نعم، لقد حان الوقت للتوقف عن تسمية “كوفيد-19” بأنها حالة طوارئ صحية عامة تثير القلق الدولي. لكن فيروس كورونا لا يزال بيننا، في معظم أنحاء الكوكب حيث يعيش البشر، ويُتداول أيضًا بين الغزلان ذات الذيل الأبيض والنمس البري، وربما بعض الثدييات البرية الأخرى. ومن المرجح أنه سيظل قادرًا على التغير والتكيف بشكل أسرع من طفيليات الملاريا.

لذلك، لا يزال “كوفيد – 19” حالة صحية عامة تثير القلق الدولي. وسنعيش معه، وسنموت بسببه. وفي هذه الأثناء، يجب أن نستغل فترة الراحة ونقيِّم مصطلح “الطوارئ” ونحتفظ به للمرة القادمة التي قد يكون أنفلونزا الطيور H5N1 أو شيء آخر، يأتينا في أي وقت.

يجب أن تتحول جهودنا إلى التدابير المطلوبة لمواجهة “كوفيد -19” كسبب طويل الأمد لمرض الإنسان ومعاناته ووفاته، وليس ككارثة قصيرة الأمد. 

سنحتاج إلى تحسين تقنيات المختبر وقدرات التصنيع المستمرة للقاحات “كوفيد – 19” المحتملة المتحورة دائمًا. وكذلك سنحتاج إلى حل التفاوت الكبير في توفر اللقاحات بين البلدان ذات الدخل المرتفع والمنخفض. وإلى حل مشكلة التردد ورفض اللقاح من الأشخاص المتعنتين، وأيضًا بين أولئك الذين عانوا من سوء الخدمات الطبية من قبل الطب الغربي وذلك بتحسين التواصل معهم وتعليمهم. سنحتاج أيضًا إلى الحفاظ على اختبارات تشخيص “كوفيد – 19” وتسلسل الجينوم من عينات المرضى، بدلاً من تقليلها (كما كان يحدث)، من أجل اكتشاف وتتبع السلالات الجديدة والمقاومة للمناعة.

سنحتاج إلى مواصلة دعم البحث المخبري حول التبادلات الخطيرة التي يمكن أن يسببها فيروس SARS-CoV-2 وغيره من الفيروسات. وسنحتاج إلى التحضير، ليس فقط لمواجهة فيروس SARS-CoV-2 (عندما يظهر بشكل جديد وضار من إنسان مصاب مزمن، أو من غزلان أو نمس)، ولكن أيضًا لفيروس كورونا التالي، أو فيروس الأنفلونزا أو غيره من الفيروسات الحيوانية المتكيفة بشكل كبير (هناك قائمة كاملة من الاحتمالات الخطيرة) التي تظهر في البشر؛ وعلى ذلك، فإن هذه المخاطر لا تأتي من العدم، بل من الطبيعة.

في نفس المؤتمر الصحفي الذي أعلن فيه “تيدروس” رفع حالة الطوارئ الصحية العامة الدولية؛ تحدث اختصاصي الأوبئة الدكتور “مايكل رايان”، الذي يعمل مديرًا تنفيذيًا لبرنامج الطوارئ الصحية التابع لمنظمة الصحة العالمية نيابة عن منظمته؛ إذ قال: “نحن باستمرار في وضع الطوارئ، لكننا نحتاج أن يكون العالم في وضع الاستعداد. لا يمكننا أن نستمر في الاستجابة فقط، بل يجب أن نبدأ في التحضير بشكل أفضل”.

الخطوة الأولى هي أن ندرك “أننا نعيش على كوكب الفيروسات”.

 إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

المصدر: nytimes

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر