حرب إثيوبيا الأهلية كارثة تزداد سوءاً | مركز سمت للدراسات

حرب إثيوبيا الأهلية كارثة تزداد سوءاً

التاريخ والوقت : السبت, 4 سبتمبر 2021

Bobby Ghosh

 

في حين تستقطب المأساة التي تتالى فصولها في أفغانستان أنظار العالم الذاهلة؛ فإنَّ كارثة إنسانية أخرى تتلقَّى اهتماماً ضئيلاً.

يتمدد صراع في إثيوبيا، كان جذره نزاعاً بين الحكومة المركزية لرئيس الوزراء آبي أحمد، وسلطات منطقة تيغراي الشمالية، إلى المقاطعات المجاورة، وتوسَّع ليصبح حرباً أهلية شاملة، أذكتها عداوات عرقية بقدر المظالم السياسية نفسها. حان الوقت كي ينتبه الغرب، ويصبح أكثر حزماً في التعامل مع الحكومة في أديس أبابا.

تشهد جماعات حقوق الإنسان الدولية نمطاً مألوفاً للغاية يعيد نفسه في إثيوبيا، إذ يستخدم الاغتصاب والتجويع كأسلحة للحرب إلى جانب تجنيد الأطفال، علاوةً على وجود تقارير حول تطهير عرقي، وتحذيرات من جرائم إبادة جماعية. كما يُعتقد أنَّ عدد القتلى جراء القتال بلغ عشرات الآلاف، كما اضطر الملايين للنزوح.

الأسوأ من ذلك هو أنَّ مئات الآلاف من الإثيوبيين يواجهون المجاعة، وفقاً لوكالات الأمم المتحدة. كما يمنع القتال وصول المساعدات الغذائية إلى من هم في أمَسِّ الحاجة إليها. تجاهل أبي الحائز على جائزة نوبل للسلام نداءات المجتمع الدولي لوقف القتال. بعد أن ألحقت جبهة تحرير شعب تيغراي سلسلة من الهزائم بالقوات الحكومية، دعا رئيس الوزراء المدنيين للانضمام إلى الجيش والميليشيات المسلحة، مما أثار مخاوف من احتدام نيران الصراع على نطاق أوسع.

مجاعة الثمانينيات

أحيت الأزمة حتماً ذكريات تجربة إثيوبيا السابقة مع المجاعة، فقد مات في الثمانينيات نحو مليون شخص جرَّاء الجوع وأمراض سوء التغذية. كما تضرب مقارنات بالصراعات العرقية الكارثية الأخرى في إفريقيا، بما فيها جرائم الإبادة الجماعية في رواندا.

إثيوبيا هي ثاني أكبر دولة في إفريقيا من ناحية عدد السكان، وكانت حتى اندلاع الحرب الأهلية في الخريف الماضي تعتبر منارة لبقية القارة، إذ يستشهد المستثمرون والجهات المانحة للمساعدات على حدٍّ سواء بنجاحها الاقتصادي أخيراً على أنَّه نموذج يجدر أن تحتذي به البلدان النامية الأخرى.

يفرض الصراع عبئاً ثقيلاً على الاقتصاد مهدِّداً هذا النجاح بالخطر، فقد تضاعفت علاوة مخاطر ديون إثيوبيا بالدولار تقريباً هذا العام، كما تراجعت حماسة المستثمرين مع مناشدات الحكومة لإعادة هيكلة الديون. أظهر تقرير من “بلومبرغ نيوز” ارتفاع العلاوة المطلوبة للاحتفاظ بسندات اليوروبوند الإثيوبية لعام 2024 بدلاً من سندات الخزانة الأمريكية إلى 987 نقطة أساس، وهو أعلى مستوى في إفريقيا بعد زامبيا، التي تخلَّفت عن السداد. يبلغ متوسط ​​فروق أسعار السندات الدولارية الإفريقية 541 نقطة أساس.

مع ذلك، لا تؤثر الاعتبارات الاقتصادية أو الإنسانية بطريقة كبيرة على آبي أحمد. يبدو أنَّ رئيس الوزراء قد حقق انتصاراً انتخابياً في يونيو حين فاز حزبه بأغلبية كبيرة في البرلمان كتأييد لموقفه الرافض للتسوية في تعاطيه مع الحرب ضد إقليم تيغراي.

تحالف عقد الحرب

أصبح الصراع أكثر تعقيداً منذ ذلك الوقت، فقد شكَّل متمردون من أورومو، أكبر مجموعة عرقية في إثيوبيا، تحالفاً مع إقليم تيغراي ضد الحكومة.

من يستطيع أنْ يدرأ الكارثة القادمة عن إثيوبيا؟. إنَّ الاتحاد الإفريقي مدين بالفضل للحكومة، التي تمنحه مقرَّاً في أديس أبابا، مما يحدُّ من نفوذها على آبي، كما أنَّه

لا يحظى بثقة المتمرِّدين. ذهبت نداءات الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار أدراج الرياح لدى الجانبين.

بيد أنَّ إدارة بايدن تتمتَّع ببعض النفوذ لكون إثيوبيا أكبر المتلقين للمساعدات الخارجية الأمريكية في منطقة إفريقيا وجنوب الصحراء، وقد بلغت حوالي مليار دولار العام الماضي. يُعتبر الاتحاد الأوروبي جهة مانحة، وشريكاً تجارياً رئيسياً آخر. عُلقت أو أُجلت بعض مساعدات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لكن هذا لم يكن له أي تأثير لكبح جماح آبي، الذي رفض حتى مقابلة رئيسة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية سامانثا باور عندما زارت أديس أبابا الشهر الماضي.

إنْ كانت قد فاتت جو بايدن ظاهرة التحدي تلك، فقد تجاهل آبي أيضاً المبعوث الأمريكي الخاص إلى القرن الإفريقي، جيفري فيلتمان، الذي سافر إلى العاصمة الإثيوبية في الأسبوع الذي تلاه.

قطع المساعدات

ستحتاج الحكومات الغربية مع فشل جهود الدبلوماسية المكوكية والقيود المالية الضعيفة للاعتماد بشكل أكبر على رئيس الوزراء لوقف القتال، والسماح بوصول الإمدادات الإنسانية إلى منطقة الحرب. يمكن لإدارة بايدن أن تقود الطريق من خلال تعليق جميع المساعدات غير الضرورية لأديس أبابا، وكذلك وقف المساعدة المقدَّمة من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. يجب على واشنطن أيضاً متابعة تهديدها بإلغاء الوصول المعفى من الرسوم الجمركية للصادرات الإثيوبية إلى السوق الأمريكية بموجب قانون النمو والفرص الإفريقي.

بعد الإعلان عن بعض القيود على تأشيرات دخول المسؤولين الحكوميين والعسكريين الإثيوبيين المتورطين في “اقتراف القتال”؛ يتعين على وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين الآن فرض عقوبات أشد، بما فيها تجميد أي أصول يحتفظ بها المسؤولون في الولايات المتحدة، والضغط على الأوروبيين لفعل مثل ذلك.

يسعى آبي- توقُّعاً لتصاعد الضغط الغربي- للحصول على دعم من أماكن أخرى، فقد حصل على بعض الدعم من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال زيارة لأنقرة في وقت سابق من أغسطس. لكن ما يزال النفوذ المشترك للولايات المتحدة وأوروبا كبيراً، ويجب استغلاله الآن لإنقاذ ملايين الإثيوبيين من الكارثة.

 

المصدر: صحيفة الشرق بلومبيرغ

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر