استراتيجيات التوازن بين الجنسين وإدماج النوع الاجتماعي في التنمية الاقتصادية | مركز سمت للدراسات

استراتيجيات التوازن بين الجنسين وإدماج النوع الاجتماعي في التنمية الاقتصادية

التاريخ والوقت : السبت, 31 مارس 2018

د. نوف الغامدي

على قدر ما يعتمد إحراز التقدم في سياسات التنمية الشاملة على عوامل عدة، منها وجود رؤى استراتيجية بعيدة المدى، وتوفر الموارد الطبيعية والبشرية والإدارة الجيدة، يعتمد أيضًا، وبشكل خاص، على المساواة بين الجنسين وتعزيز الوضع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي للمرأة. ومع تزايد الاهتمام العالمي والإقليمي والمحلي بتحقيق مؤشرات ملموسة، وإدراك المخططين لأهمية الدور الذي يلعبه أفراد المجتمع، رجالهم ونساؤهم، في عملية التنمية والتأثير المتبادل بين المتغيرات في تلك الأدوار ومتغيرات التنمية، قفزت قضايا المرأة في السنوات الأخيرة إلى مقدمة أولويات الخطط الاقتصادية والاجتماعية للحكومات في مختلف أنحاء العالم.

يهدف البحث إلى دراسة الفرص الاقتصادية للمرأة، ويركز على عدة أهداف، منها:

– تعزيز الفرص الاقتصادية للنساء في مختلف القطاعات.

– ضمان الصحة الجيدة للمرأة.

– زيادة التغطية الصحية.

– تحسين جودة الخدمات.

– التنفيذ والمتابعة الجيدة للقوانين الخاصة بالحقوق الصحية.

– التكافؤ في التعليم والتدريب المهني.

– تكوين آليات مؤسسية تهتم بقضايا التعليم.

– تطوير المناهج لتصبح مؤيدة للنوع الاجتماعي وملبية لاحتياجات المرأة.

– مناهضة العنف ضد المرأة، وضمان أمن وسلامة المرأة من أجل تكوين بيئة تمكنها من المساهمة بشكل كامل في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

– نشر التوعية حول حقوق المرأة الاجتماعية والتشريعية والقانونية.

– معالجة قضايا العنف الأسري والاجتماعي والقانوني.

– تقديم خدمات استشارية ونفسية.

– رفع مشاركة النساء في اتخاذ القرار.

– رفع نسبة مشاركة المرأة في المناصب القيادية في كافة الوزارات وهيئات الدولة.

– تقوية البنى التنظيمية لإدماج النوع الاجتماعي.

– تقوية الوزارات والجهات الحكومية.

– تطبيق الاتفاقيات الدولية.

– مراقبة التقدم تجاه هدف المساواة في النوع الاجتماعي.

ومن المعوقات التي تطرق لها البحث:

– عدم وجود خبرات مؤهلة بإدماج مفاهيم النوع الاجتماعي.

– عدم اعتماد قواعد البيانات والمعلومات مفصلة حسب النوع الاجتماعي.

– عدم اعتماد موازنات خاصة لقضايا النوع الاجتماعي.

– ضعف قنوات الاتصال والتنسيق بين الجهات المختلفة المهتمة بقضايا المرأة.

– ضعف البناء المؤسسي في الجهات المختلفة.

لقد حرص البحث على إيضاح مفهوم التوازن بين الرجل والمرأة، وعلى محاولة تفسير الفجوة النوعية بينهما في كل مجتمع في إطار ظروفه الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية مستخدمًا أدواته التحليلية. وقد تمَّ تطوير “مقاربة النوع الاجتماعي” ردًا على فشل مشاريع المرأة في التنمية في إحداث تغييرات نوعية طويلة الأمد في المكانة الاجتماعية للمرأة، وتركُّز مقاربة النوع الاجتماعي والتنمية على القوى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية، التي تحدد كيفية الاختلاف بين الرجل والأنثى من حيث المشاركة في موارد المشاريع ونشاطاتها والاستفادة منها والتحكم بها، وتنتقل هذه المقاربة من التركيز على النساء كمجموعة إلى التركيز على العلاقات المحددة اجتماعيًا بين النساء والرجال.

كما ناقش البحث إدماج عمل المرأة بالتنميــة، فعلى الرغم من التغيير الاجتماعي والخطابات الرسمية الناتجة عن المؤتمرات الدولية التي خصت المرأة، فما زال مخططو برامج التنمية في العالم العربي بالذات، ينظرون إلى المرأة من منطلق وضعها التقليدي في المجتمع، وبالتالي دورها الإنجابي فقط، ويتجاهلون أدوارها الإنتاجية الأخرى داخل الأسرة وخارجها. وتؤدي هذه الرؤية إلى عجز خطط وبرامج التنمية عن تلبية احتياجات المرأة المتنوعة وإهمال أدوارها المتعددة، وبالتالي فشل الكثير من المشاريع في تحقيق الأهداف المرجوة .

شهدت عقود التنمية الأربعة تدرجًا للاعتراف بدور المرأة في التنمية، حيث إن العقد الرابع أعطى الأولوية لموضوع المرأة من خلال تبني مفهوم “الجندرة”، فأصبح بالإمكان إقناع المسؤولين ومخططي البرامج والمشاريع التنموية بأن قضايا التفاوت بين الجنسين حقيقة موجودة ومتنوعة، وإن كانت تختلف حدتها من بلد إلى آخر، ومن بيئة إلى أخرى داخل البلد الواحد. كما أصبح من السهل إقناعهم بأن النساء يعانين من هذا التفاوت في جميع أنحاء العالم، ولكن مع اختلاف هذه المعاناة في حدتها باختلاف البلدان والفئات الاجتماعية .

إن قضية مشاركة المرأة في التنمية لا تعني فقط تنمية قدراتها، بل أيضًا تعني معالجة قضايا النوع الاجتماعي التي لا تعتبر فقط مســــألة عدالة اجتماعية أو مساواة أو تمكين، وإنما تعني مسألة بقاء وتطور من أجل الخروج من حلقة ثالوث الفقر والجهل والتخلف، والدخول الحقيقي في التنمية بمفهومها الشامل والكامل. وانطلاقًا من جعل الجندر ومفهوم الفوارق بين الجنسين، جزءًا من خطة العمل في برامج التنمية، فلا بدَّ من إدخال مفهوم الجندر ضمن كافة البرامج والنشاطات التي تصب في عملية التنمية. بمعنى آخر، تركيز مفهوم التنمية على الإنسان، سواء كان رجلاً أم امرأة، حيث تشكل هذه المقاربة استراتيجية تجعل الاهتمام بالمرأة جزءًا لا يتجزأ من البرامج التنموية.

التخطيط عملية مستمرة، وعملية يومية تتعرض لها كل القطاعات، ويمكن أن يكون التخطيط على مستويين :

  • على مستوى الدولة، ويسمى هذا بالتخطيط التنموي، ويحتاج هذا النوع من التخطيط إلى أعداد من المختصين، ونشر الوعي، واستخدام المرونة اللازمة لمواجهة التغييرات في المجتمع.
  • على مستوى التنمية المحلية، وذلك لتنفيذ الخطة الوطنية، ولا بدَّ لذلك من وضع خطط صغيرة قابلة للتنفيذ، وعليه تكون هذه الخطط استجابة لاحتياجات ومشاكل المجتمع، وعلى ضوء مقدرتها ومواردها المالية والبشرية.

وبحسب تقرير صادر، مؤخرًا، عن منتدى الاقتصاد العالمي، فإن الفجوة بين الجنسين اتخذت منحنى صاعدًا خلال عام 2017، ما يعبر عن زيادة اتساع الفجوة بين الرجل والمرأة في جميع المجالات للمرة الأولى منذ عام 2006.

ويقيس المؤشر العالمي الفجوة بين الرجل والمرأة في 144 دولة حول العالم من حيث 4 عوامل أساسية، وهي: الصحة، والتعليم، والسياسة، والاقتصاد.

فيما يشير مؤشر الفجوة في الاقتصاد إلى الفرق بين الجنسين من حيث المرتبات وشغل مناصب قيادية وحجم المشاركة في العمل، في حين يقيس مؤشر التعليم المستويات الأساسية والعليا. أمَّا مؤشر الصحة، فينظر إلى متوسط العمر، بينما يميل مؤشر السياسة إلى القدرة على صنع القرار.

وقفزت الفجوة بين الجنسين على المؤشر العالمي إلى 68% خلال العام الحالي، ليسجل أعلى مستوى له منذ إطلاق المؤشر في عام 2006، في حين سجلت الفجوة الاقتصادية ارتفاعًا بنسبة 58%.

ومن خلال البحث تظهر أهمية مراعاة التوازن بين الجنسين عند إعداد كافة الموازنات والخطط، سواء التخطيطية أو الخطط العامة للدولة، في ظل وجود برامج محددة وأداء مستهدف في إطار محدد للمتابعة والتقييم، ومن ثَمَّ تقييم الأداء بما يضمن تحقيق كلٍّ من النتائج والآثار، وعمل مؤشرات تتبعها كل المصالح والشركات الحكومية والخاصة لتحقيق التوازن، ويطلق من قبل الدولة ويكون إلزاميًّا لمتخذي القرار في الوظائف القيادية، بحيث تعم الفائدة من التوازن ودفع عجلة التنمية الاقتصادية؛ لأن أساليب التخطيط التقليدية لا تأخذ الاختلافات والاحتياجات في الحسبان؛ مما يؤثر سلبًا في الخطط والبرامج من حيث انخفاض الكفاءة والحقوق، وبالتالي ضعف قدرة هذه الخطط والبرامج في تحقيق الأهداف والآثار المطلوبة.

ومن الأسس العامة لإعداد موازنة برامج التوازن بين الجنسين والأداء: تحديد القضايا والمشكلات وما يرتبط بها من أهداف، وتحديد مؤشرات تقييم الأداء كمؤشر الكفاءة والفاعلية والإنتاجية والجودة، وتحديد مصادر المعلومات (إنشاء قاعدة بيانات ضخمة)، وأيضًا تطبيق مؤشرات تقييم الأداء وقياس المشكلات، وتحديد السياسات البديلة لحل المشكلات، واختيار السياسات المناسبة من حيث التكلفة والعائد، وتنفيذ البرامج ومتابعتها وتقييمها.

ولتحقيق التوازن بين الجنسين في سياق التنمية، لا بدَّ من المرور بعدة مراحل: بداية من الدراسة والإعداد للتأكد من البيانات وتحديد الآثار الإيجابية والسلبية وتحديد الأهداف والأولويات، ثم مرحلة التقييم المبدئي والتصميم وهيكلته وتحديد مؤشرات التقييم التي تراعي التوازن بين الجنسين، واستخدام كافة المعلومات في مؤشرات التقييم للتأكد من تحقيقها للأهداف والنتائج المتوقعة وقياس الانحرافات في مرحلة التنفيذ، وبالتالي نتمكن من تحديد مدى تحسن بيئة العمل وتحقيق نتائج متقدمة في التوازن بين الجنسين.

وأكد البحث أهمية دور الإحصاءات في تحقيق التوازن بين الجنسين عند اتخاذ سياسات الاقتصاد الكلي، وزيادة معدلات مساهمة المرأة في عملية التنمية؛ مما يتيح مواكبة معدلات التنمية لمعدل التعداد السكاني، وضرورة مراعاة الموازنة العامة لإعداد موازنة لتحقيق التوازن بين الجنسين تعكس أوجه الإنفاق على مشروعات دعم وتنمية مكانة المرأة في المجتمع والموارد المخصصة؛ مما ينعكس على الأداء الاقتصادي الكلي، وبناء قاعدة معلومات نوعية، وأيضًا استخدام مناهج التحليل النوعي عند التخطيط للبرامج التنموية القطاعية والشاملة، وبناء القدرات في مجال التحليل والتخطيط من منظور النوع الاجتماعي، والتواصل والتنسيق بين القطاعات المختلفة، والالتزام السياسي لترجمة الوعود إلى واقع، واعتماد نظام الموازنات الجندرية لتحويل السياسات إلى إجراءات عملية.

 ونظرًا لأهمية تكامل الأدوار بين المرأة والرجل، لبناء مجتمع حيوي متماسك قادر على مواكبة المستجدات المحيطة به، وتوفير مقومات الحياة الكريمة، والذي أصبح معه دور المرأة، كشريك في التنمية، مهمًا وأساسيًا في صناعة التحول للخروج ببرنامج وطني يضع الأطر التشريعية والتنظيمية لتحقيق التوازن المطلوب ويدعم رؤية السعودية 2030 وبرامج التحول الوطني، كان البحث عن “استراتيجيات التوازن بين الجنسين وإدماج النوع الاجتماعي في التنمية الاقتصادية” من هيئة سيدات الأعمال الأميركية ومجلس القيادات النسائية ضمن فئة الأبحاث الاقتصادية.

ولتحقيق التوازن في السعودية لا بدَّ من إنشاء مرصد وطني يعنى بالتوازن بين الجنسين، ويضع دليلاً وطنيًا ومؤشرات تدعو إلى تقليص الفجوة بين الجنسين في العمل، وتعزيز مكانة السعودية في تقارير التنافسية العالمية، بالإضافة إلى مراجعة اقتراح تحديث تشريعات وسياسات وبرامج لتحقيق التوازن بين الجنسين في مجال العمل، والتوصية بتفعيل القوانين واللوائح والقرارات والاتفاقيات الدولية ذات الصلة بالتوازن بين الجنسين في مجال العمل، لتحقيق عدم التمييز ضد المرأة. وفي إطار الاهتمام بالتقارير والإصدارات الدولية في هذا الصدد، يهدف المرصد إلى مراجعة ومتابعة تقارير التنافسية العالمية والتقارير الدولية، إضافة إلى العمل على وضع التوصيات لتقليص الفجوة بين الجنسين في مجال العمل، ثم اقتراح مؤشرات التوازن بين الجنسين ورفعها للاعتماد، والسعي لتعزيز تطبيقها بالتنسيق مع الجهات المحلية في الدولة، بما يحقق التوازن بين الجنسين في المجتمع، ويدعم مكانة الدولة عالميًا.

مستشارة تنمية اقتصادية*

@consultant_nouf

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر