هكذا تتصدى مطارات الغد لانبعاثات الكربون | مركز سمت للدراسات

هكذا تتصدى مطارات الغد لانبعاثات الكربون

التاريخ والوقت : الإثنين, 8 يوليو 2024

Alejandro De Quero Cordero

تسريع إزالة الكربون في مجال الطيران سيكون واحدًا من أكثر التحديات أهمية في السنوات المقبلة، والمطارات مستعدة لتشكيل مستقبل مستدام. بغض النظر عن حجمها أو موقعها، بدأت العديد من المطارات عالميًا في تطوير خرائط طريق لإزالة الكربون تعالج أهداف الاستدامة قصيرة ومتوسطة وطويلة الأمد، وتعمل نحو مستويات مختلفة من الشهادات تحت نظام اعتماد مجلس المطارات الدولي “ACA”.

على المدى القصير، يجب على المطارات تقييم بصمتها الكربونية الحالية لوضع استراتيجية إزالة الكربون قائمة على العلم، وتحديد الإجراءات الفورية لتقليل الانبعاثات التي تقع تحت سيطرتها المباشرة – انبعاثات النطاق 1 و2 – والتي تشكل حوالي 3% من جميع انبعاثات المطارات.

بينما تركز على النطاق 1 و2، يمكن للمطارات أيضًا تسهيل توسيع نطاق استخدام الوقود المستدام للطيران “SAF”، والذي سيصبح مهمًا بشكل متزايد لمواجهة انبعاثات النطاق 3 حتى تنضج تقنيات الدفع الخالي من الانبعاثات على المدى الطويل.

الهدف هو أن يشكل الوقود المستدام للطيران جزءًا أساسيًا من مزيج الوقود، مدعومًا بتفويضات تنظيمية مثل مطلب الاتحاد الأوروبي بأن تستخدم الطائرات ما لا يقل عن 2% من الوقود المستدام للطيران بحلول عام 2025، وزيادته إلى 6% بحلول عام 2030 و70% بحلول عام 2050.

بالنظر إلى المدى الطويل، يتزايد التحدي بينما تسعى المطارات للتصدي لانبعاثات النطاق 3، التي تشمل الانبعاثات الصادرة عن الأنشطة الأولية والنهائية، والتي لا تقع تحت سيطرة المطارات المباشرة “الموردين والمستهلكين”. من المتوقع أن تؤدي تقنيات الدفع البديلة مثل الطيران الهجين الكهربائي والطيران الكهربائي والطيران الهيدروجيني دورًا كبيرًا “مع تقليل انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة تصل إلى 15% بحلول عام 2050″، ويمكن للمطارات البدء في تجهيز الأرضية لهذه التقنيات من الآن.

المطارات تتجه نحو الكهرباء

تبنت العديد من المطارات الرائدة كهربة عمليات المطار كاستراتيجية مبتكرة لتقليل انبعاثات الكربون.

في الإمارات العربية المتحدة، قام مطار دبي الدولي بتركيب أكبر نظام للطاقة الشمسية في المنطقة في المبنى رقم 2، وهو يضم 15.000 لوحة فوتوفولتية؛ وهذا يعادل تقريبًا حجم ثلاثة ملاعب كرة قدم. يوفر متنزه الطاقة الشمسية على السطح حاليًا 29% من احتياجات الكهرباء للمبنى، ويخطط المطار لتوسيع ذلك في المستقبل.

مطار روما-فيوميتشينو في إيطاليا قد طور أيضًا استراتيجية شاملة للكهرباء، تشمل محطات فوتوفولتية كبيرة بقدرة 60 ميجاوات من الطاقة النظيفة. هذا لا يقلل فقط بشكل كبير من البصمة الكربونية للمطار، بل يضع أيضًا معيارًا عاليًا في ممارسات الاستدامة في المطارات.

تعتبر عمليات المناولة الأرضية وعمليات المستخدم النهائي في المطار أساسية أيضًا للأعمال اليومية. يعمل مطار صوفيا في بلغاريا على الانتقال إلى التنقل الكهربائي لأسطول المناولة الأرضية عن طريق التخطيط لاستبدال جميع مركباته ببدائل محايدة مناخيًا. لقد دمج المطار 34 مركبة كهربائية أو هجينة، ويقوم بنشر 22 محطة شحن لدعم هذا التحول، مما يعزز البنية التحتية للشبكة اللازمة للمركبات الكهربائية.

وبالمثل، سيقوم مطار روما-فيوميتشينو بتركيب 500 محطة شحن للمركبات الكهربائية في مواقف سيارات الركاب، وأدخل نظام تخزين بسعة 10 ميجاوات/ ساعة باستخدام بطاريات سيارات مستعملة، مما يعمل على تحسين استخدام الطاقة وتعزيز الاقتصاد الدائري.

تقدم هذه الجهود نموذجًا يمكن تكراره للمطارات في جميع أنحاء العالم، حيث تُظهر جدوى وفوائد استراتيجيات إزالة الكربون الشاملة في صناعة الطيران. كما تسلط الضوء على الحاجة المتزايدة للكهرباء في المطارات والفرصة لإنتاجها مباشرة في الموقع حيث تتوفر مساحات الأرض أو الأسطح.

انبعاثات النطاق 3 في المطارات

لكن ماذا يمكن للمطارات أن تفعل أيضًا؟ يعد الوقود المستدام للطيران “SAF” محوريًا في الحد من انبعاثات النطاق 3، ومع ذلك لا يمكن للمطارات وحدها تحقيق هذا التحول. يتطلب توسيع اعتماد الوقود المستدام للطيران جهدًا تعاونيًا يشمل شركات الطيران، ومنتجي الوقود المستدام للطيران، والركاب، وصناع السياسات.

يمكن للمطارات أن تحفز هذا التوسع من خلال الاستفادة من علاقاتها مع موردي الوقود الأحفوري لتسهيل خلط الوقود المستدام للطيران وتخزينه. بالإضافة إلى ذلك، يقدم الوقود المستدام للطيران فرصة للمطارات لإغلاق دائرة الاستدامة من خلال توفير المواد الخام لإنتاج الوقود المتجدد كما تم تجربته في مطار دالاس-فورت وورث.

بالإضافة إلى ذلك، ظهرت نهج مبتكرة مثل صناديق حوافز الوقود المستدام للطيران، حيث تساعد المطارات في تخفيف الفارق في التكلفة بين الوقود المستدام للطيران والوقود النفاث التقليدي لشركات الطيران. ويمكن تمويل هذه الصناديق، التي تغطي جزءًا من الفارق الأخضر، من خلال مصادر مختلفة. وهناك أيضًا اتجاه متزايد نحو مطالبة الركاب بتغطية أجزاء من الفارق الأخضر. في البداية من خلال أنظمة طوعية، تقوم مطارات مثل شانغي بفرض رسوم إجبارية على الركاب لجميع رحلاتها المغادرة.

تعد المطارات، التي غالبًا ما تكون حكومية، محورية أيضًا في تطبيق اللوائح مثل رسوم الهبوط ورسوم الخلط. في بعض المناطق، تختبر المطارات، على أساس طوعي، تدابير أكثر صرامة من المعايير الوطنية. كمثال، يحدد مطار روتردام-لاهاي تفويضًا بنسبة خلط 8% بحلول عام 2030، أعلى من نسبة 6% التي حددتها مبادرة ReFuelEU.

علاوة على ذلك، تعد المطارات نقاط تقارب فريدة لأصحاب المصلحة عبر قطاعات الطيران والطاقة. ويمكنها الاستفادة من هذا الموقف لإطلاق حملات توعية للركاب، وتعزيز الشراكات القطاعية، وقيادة الأبحاث لتحسين استخدام الوقود المستدام للطيران. هذه الاستراتيجيات قابلة للتكيف ويمكنها أيضًا دعم نشر تقنيات أخرى في المستقبل، مثل الهيدروجين.

دور الهيدروجين

يمثل دمج الهيدروجين كمصدر للوقود خطوة كبيرة نحو السفر الجوي المستدام. ومع ذلك، قد يتطلب هذا ما بين 600 و1700 تيراواط/ ساعة من الطاقة النظيفة بحلول عام 2050 على مستوى العالم، وهو ما يعادل الطاقة التي تنتجها حوالي 10-25 من أكبر مزارع الرياح في العالم أو مزرعة شمسية بحجم بلجيكا.

الدول التي تمتلك موارد طبيعية واسعة وإمكانيات لإنتاج الهيدروجين من مصادر متجددة، يمكن أن تكون مواقع استراتيجية لصناعة الطيران القائمة على الهيدروجين. ومع ذلك، ستحتاج المطارات إلى إجراء دراسات جدوى لتقديم رؤى حول مفاهيم الطائرات الهيدروجينية، والعمليات، والتوريد، والبنية التحتية، واحتياجات التزود بالوقود؛ وهو أمر ضروري لتطوير نظام بيئي قوي للطيران الهيدروجيني عبر مختلف المناطق.

المطارات حول العالم حريصة على فهم ما ستعنيه البنية التحتية للهيدروجين بالنسبة لها من حيث الاستثمار وفرص الأعمال. في آخر اجتماع للجمعية العامة لمجلس المطارات الدولي “ACI World Assembly”، أكدت المطارات عالميًا على الحاجة إلى نهج عالمي موحد لإزالة الكربون في الطيران، بما في ذلك ضمان توفير كمية كافية من الطاقة الخضراء للمطارات وتحفيز تطوير البنية التحتية للتكيف مع المناخ والتخفيف من آثاره من خلال آليات مالية مناسبة.

في الآونة الأخيرة، كان هناك تعاون بين مصنعي الطائرات والمطارات وشركات الطيران تهدف إلى استكشاف جدوى البنية التحتية للهيدروجين اللازمة في المطارات، مثل الاتفاقية الأخيرة بين شركة Airbus ومطار تورونتو بيرسون الدولي.

ومع ذلك، فإن تقييم تأثير الدفع البديل على عمليات المطار يعني تحديد الشركاء الطبيعيين في نظام الطاقة الخضراء، ودمج بنية الدفع البديلة في التخطيط الاستثماري والتشغيلي.

تؤدي المطارات دورًا محوريًا في التحول العالمي نحو الطيران المستدام، حيث تتبنى استراتيجيات متعددة الأطراف لتقليل الانبعاثات والالتزام بأهدافها للوصول إلى صافي صفر انبعاثات. وتؤكد مبادراتها الاستباقية في استخدام الوقود المستدام للطيران والكهرباء وإمكانية دمج الهيدروجين، دورها الحيوي في تحقيق رحلات طيران أكثر خضرة.

ستكون الهيئات التنظيمية الوطنية والإقليمية، بالإضافة إلى تطوير المعايير “على سبيل المثال، لتزويد الهيدروجين بالوقود في المطارات”، ذات أهمية بالغة في دعم الاعتماد الواسع لهذا المستقبل متعدد الوقود.

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: World Economic Forum

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر