انتشرت عدوى الانقلابات في دول غرب إفريقيا خلال الفترة الأخيرة، ففي الرابع والعشرين من يناير 2022 قام “بول هنري سانداوجو داميبا” بالإطاحة بالرئيس “روش مارك كابوري” ببوركينافاسو. وفي سبتمبر 2021، شهدت غينيا انقلابًا عسكرًيا أطاح بالرئيس “ألفا كوندي”. وفي أغسطس 2021، أطاح انقلاب بالسلطات الانتقالية في مالي. على هذا، هيمنت “موجة الانقلابات” وفشل عملية التحوّل الديمقراطي وتعثّر المرحلة الانتقالية في دول غرب إفريقيا على أجندة قمة الاتحاد الإفريقي الأخيرة رقم (35)، بما لها من تداعيات على استقرار وأمن منطقة غرب إفريقيا، بما تُفرزه من مخاطر السيولة الأمنية وتنامي نفوذ الجماعات الإرهابية، وتغيير شكل المعادلة الاستراتيجية من خلال انخراط قوى خارجية في هذه الدول لاستغلال حالة الفوضى وانعدام الأمن، لخدمة مصالحها وإيجاد موطئ قدم جديد لها بالمنطقة.
اعتُبر الهجوم الإرهابي في 14 نوفمبر ٢٠٢١ على معسكر إيناتا في بوركينافاسو حدثًا رئيسيًا واجتيازًا لنقطة اللا عودة التي أدت إلى الانقلاب بعد شهرين بسبب عجز المقاربة السياسية التي يتبناها الرئيس البوركيني تجاه مكافحة الإرهاب. ومع تصاعد السخط داخل المؤسسة العسكرية البوركينية وفي الأوساط الجماهيرية كذلك، شهد يوم 22 يناير 2022 مظاهرات عنيفة في العاصمة واجادوجو وكذلك مدينة بوبوديولاسو، تحت شعار استعادة الأمن، وأعقب هذه الحركات الاحتجاجية، يوم 23 يناير 2022، إطلاق النار داخل عدة ثكنات عسكرية في واجادوجو، أسفرت عن تقديم مجموعة من الضباط قائمة من ستة مطالب، بما في ذلك استبدال رئيس الأركان ومدير وكالة المخابرات الوطنية (ANR) لمعالجة قصور أداء الحكومة في مُكافحة الإرهاب. وفي الرابع والعشرين من يناير 2022، تمت الإطاحة برئيس بوركينافاسو. ويمكن توضيح أهم الدوافع والعوامل المُحفزّة لتكرار الانقلابات في بوركينافاسو وانتشارها في غرب إفريقيا كذلك في التالي:
• تشابك القضايا الأمنية والسياسية: في ظل تقويض دور المؤسسات الأمنية المنوطة بالحفاظ على الأمن والاستقرار في دول غرب إفريقيا، وتنامي التهديدات الأمنية، وحالة الفراغ الأمني، والأزمات السياسية، والعلاقة بين انتشار الإرهاب، والتغيير غير الدستوري؛ فقد شكّلت هذه العوامل مدخلًا وذريعة للسيطرة على السلطة، فضلًا عن عوامل أخرى منها: تدهور الأوضاع الاقتصادية والإنسانية، حيث بلغت مستويات انعدام الثقة في قدرة الرؤساء على وقف موجة التطرف العنيف وتأمين البلاد إلى مستوى غير مسبوق. فعلى سبيل المثال، في عام 2021 ظلت قوات بوركينافاسو غير مجهزة للتعامل مع انعدام الأمن، حيث زاد عدد الحوادث لأكثر من الضعف بين عامي 2020 و2021 إلى أكثر من 1100 هجوم، وهو أكبر من عدد الأحداث العنيفة المسجلة في مالي والنيجر معًا خلال الفترة نفسها. كما أدى عدم الاستقرار الواسع النطاق الناجم عن العنف والهجمات الإرهابية إلى أزمة إنسانية، حيث نزح قرابة 1.5 مليون شخص قسرًا داخل بوركينافاسو.
واتصالًا بالسابق، تمتلك بوركينافاسو قوات أمن أضعف من معظم دول غرب إفريقيا، فجيشها غير مجهز للتعامل مع تكتيكات الكر والفر، وقوة الشرطة خارج العاصمة لا تتمتع بالتجهيز الكافي. وعلاوةً على ذلك، تم إرباك المشهد الأمني في بوركينافاسو، باعتماد الحكومة في عام 2020 مرسومًا بإنشاء “مجموعات الدفاع الذاتي”، والسماح لهم بحمل السلاح للدفاع عن الأشخاص وحماية ممتلكاتهم، ولكن ساهم ذلك بشكل سلبي في مشهد أمني مُعقد تمثل في تصاعد التوترات بين المكونات الإثنية في بوركينافاسو.
• ارتباط النخب بالعصابات الإجرامية والإرهاب: خلقت حالة اختلاط التنافس بين النخب السياسية والعسكرية من أجل الحصول على نسبة من أموال الجريمة المنظمة من مهربي المخدرات والاتجار بالبشر في دولة غينيا بيساو في ظل سهولة عملية التهريب عبر الحدود من دول غرب إفريقيا إلى دول أوروبا وأمريكا اللاتينية، مدخلًا لتدفق الجماعات الإرهابية من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي إلى مناطق متعددة بهذه البلدان، وقاموا بتهريب الأسلحة والمخدرات وتحديدًا من منطقة الحدود الثلاثة (المنطقة الواقعة بين بوركينافاسو ومالي والنيجر). وتُعد بوركينافاسو مركزًا للاتجار لسلع مثل الأسلحة الخفيفة والمخدرات والأحجار الكريمة والماشية والخشب والقهوة والشوكولاتة، ونجح تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في الاندماج مع شبكات التهريب الموجودة مسبقًا، والتسلل إلى المناطق النائية، مع سهولة الوصول إلى موانئ غرب إفريقيا، مما وفر طرقًا جديدة لتهريب الأسلحة والمخدرات.
• الحواضن الآمنة للإرهاب: شكّلت منطقة غرب إفريقيا، وتحديدًا دول الساحل الإفريقي (مالي، وتشاد، والنيجر، وبوركينافاسو، وموريتانيا)، ودول بحيرة تشاد (نيجيريا، والنيجر، وتشاد، والكاميرون)، بيئات خصبة لانتشار الجماعات الجهادية والتنظيمات الإرهابية وتمددها من هذه البؤر المُلتهبة بالصراعات المستعصية والأزمات السياسية والاقتصادية والكوارث الإنسانية والبيئية إلى مناطق نفوذ جديدة بالدول الساحلية بمنطقة بخليج غينيا بغرب إفريقيا، وأصبح الإرهاب عابرًا للحدود ويتشابك مع ظواهر أخرى مُتعلقة بالجريمة المنظمة والهجرة غير الشرعية، وتبرز دولة بوركينافاسو مثالًا لتمدد تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” و”القاعدة”، وقد استغلت هذه التنظيمات ضعف الوجود الأمني في المناطق الحدودية في بوركينافاسو لشن مزيد من الهجمات وترسيخ وجودها.
وعطفًا على السابق، بعد أن كانت بوركينافاسو بمنأى عن نشاط التنظيمات الإرهابية، أصبحت مُستهدفة من قبل هذه التنظيمات، وتزايد معدل هجماتها في مناطق الشمال والشمال الشرقي من البلاد، في ظل نقص الدعم الإنساني وغياب وجود الدولة عن هذه المناطق التي أصبحت ملاذًا آمنًا لهم، ودخلت البلاد في دائرة من الهجمات الإرهابية المتكررة، حيث شهدت البلاد في يونيو 2021 أكثر الهجمات دموية في قرية صلحان الشمالية، وكذا هجوم أغسطس 2021 على قافلة عسكرية. وفي نوفمبر 2021، عانت قوات الأمن في بوركينافاسو من الهجوم الأكثر دموية بمعسكر “إيناتا”، وأدى تفاقم العنف إلى فقدان الثقة بين الشعب والجيش في قدرة الحكومة السابقة على محاربة الإرهاب.
• أنسنة التدخلات الخارجية (تفاقم الأزمة الإنسانية): خلال السنوات العشر الماضية منذ تدخل المجتمع الدولي في مالي، ازداد الوضع سوءًا، حيث زاد عدد المنضمين إلى التنظيمات الإرهابية وتفاقمت عدد الهجمات الإرهابية، فضلًا عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من قبل قوات الأمن، بما في ذلك عمليات القتل خارج نطاق القضاء والاعتقالات على أساس العرق، وعلى الرغم من تزايد عمليات مُكافحة الإرهاب في منطقة الساحل، إلا أن الجماعات الجهادية أثبتت أنها أكثر مرونة، مما أسفر عن نتائج كارثية، حيث ارتفع عدد الوفيات في بوركينافاسو إلى سبعة أضعاف بين عامي 2018 و2019. وفي هذا السياق، لم تترجم المساعدات الخارجية إلى مشروعات تعود بالنفع والفائدة على السكان المحليين في بوركينافاسو التي تعتبر من أفقر دول العالم، حيث يعيش أكثر من نصف سكانها على 1.90 دولار أمريكي في اليوم، وتعتمد على الزراعة كمصدر رئيسي للدخل. وعلى الرغم من النمو الاقتصادي الأخير، لا تزال مستويات الفقر كبيرة بسبب معدلات النمو السكاني، إلى جانب آثار التغير المناخي، التي تؤثر على المحاصيل والأمن الغذائي، ويبلغ معدل البطالة 50 ٪، ويؤدي الفقر، مع انهيار أجهزة الدولة، إلى فجوات كبيرة في الوصول إلى خدمات الأمن والعدالة، ويخلق ذلك أرضية خصبة للتوترات الاجتماعية واندلاع أعمال العنف.
على الرغم من بعض القواسم المشتركة من حيث عدم قدرة الحكومات على توفير الخدمات الأساسية لشعبها، والفساد، ومؤسسات الدولة الضعيفة؛ إلا أن ظروف وآليات الانقلابات والمحاولات الأخيرة مختلفة، فليس كل بلد شهد انقلابًا مؤخرًا يتعامل مع تمرد عنيف من الجماعات الإرهابية، وعكست هذه الانقلابات مجتمعة أزمة كبيرة في الأنظمة السياسية في دول غرب إفريقيا، كما أن إجراءات جماعة “الإيكواس” ليست كافية لردع الانقلابات المستقبلية، ويمكن توضيح أهم عواقب هذه الانقلابات على المنطقة، كما يلي:
• التخوف من تكرار النموذج: تشابهت الاستعدادات للانقلاب في بوركينافاسو مع الأحداث في مالي قبل الاستيلاء على السلطة في أغسطس 2020، حيث أعقبت سلسلة من الهجمات على أهداف عسكرية ومدنية احتجاجات حاشدة أثارها الافتقار المتزايد للثقة في حكومة الرئيس المالي آنذاك “إبراهيم بوبكر كيتا”، في ظل مُحاولة زعيم المعارضة في بوركينافاسو، “إيدي كومبويغو” استغلال السخط العام بشأن انعدام الأمن لإثارة الغضب. ويشير الانقلاب في بوركينافاسو إلى أن الانقلابيين ليسوا قلقين من رد فعل جماعة “الإيكواس”، حيث فشلت العقوبات الأخيرة على مالي وغينيا كونكاري في كبح تحركات الجنود، وكان لرئيس دولة النيجر “محمد بازوم”، بداية هشة في منصبه عام 2021 بمحاولة انقلابية على خلفية الهجمات المميتة ضد المدنيين والجيش. في حين تتسابق الدول الساحلية الثلاث (غانا وتوجو وبنين) من أجل حماية السكان المعرضين للخطر في محاولة لوقف الاضطرابات والعنف والجريمة التي تتسرب عبر حدودها الشمالية.
• السيولة الأمنية: تعمل التنظيمات الإرهابية على استغلال الفراغ الأمني وعدم الاستقرار السياسي الذي يقوض التعاون الدفاعي تحت مظلة قوة الساحل الإفريقي (G5) التي تضم قوات من بوركينافاسو وتشاد ومالي وموريتانيا والنيجر، ويؤدي عدم الاستقرار في مالي وبوركينافاسو إلى مخاوف أمنية في دولة ساحل العاج، جارتهما في الجنوب، حيث شهدت هجمات إرهابية منذ يونيو 2020 استهدفت قوات الأمن، ويعتبر الوضع في مالي عاملًا أساسيًا لعدم الاستقرار في المنطقة، حيث أدى تمرد الطوارق عام 2012 وما تلاه من صعود قوة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وشمال مالي إلى تسريع انهيار الدولة ومهد الطريق لانتشار التطرف العنيف في المنطقة بأكملها، وعدم قدرة الحكومات المالية على التعامل مع حركات التمرد وعلاقاتها بالتنظيمات الإرهابية أدى إلى حدوث انقلابات مُتعددة، وتسلط الأزمات الجديدة الضوء على المخاطر المتزايدة على الأمن في المنطقة، وفي نهاية المطاف على أوروبا والولايات المتحدة.
• تراجع حالة الديمقراطية: تُعزز الاضطرابات السياسية من الحكم السلطوي الذي يولد التطرف العنيف ويزيد من الجريمة العابرة للحدود، ويقوض الجهود المبذولة لبناء الديمقراطية، وتوجد ثلاث دول كبرى في المنطقة (بوركينافاسو وغينيا كونكاري ومالي) تحكمها القوات العسكرية التي وصلت إلى السلطة بالقوة، على الرغم من العقوبات المفروضة من قبل “الإيكواس”، ولكنها غير قادرة على كبح هذا الاتجاه العميق من تفشي الانقلابات في المنطقة، علاوةً على ذلك فإن وصول المجلس العسكري إلى السلطة في بوركينافاسو يمكن أن يُشكل محورًا للأنظمة العسكرية من خلال مساعدة بعضها بعضًا، لمقاومة الضغوط من جماعة “الإيكواس” والشركاء الخارجيين، مع قرار المقدم “مامادي دومبويا” في غينيا كونكاري عدم إغلاق حدود بلاده مع مالي، وهذه علامة أولية على تشكيل هذا المحور، مع مواجهة بناء الديمقراطية في بوركينافاسو مشكلة أمنية ضخمة، تجلت في عدة مستويات: الأمن العام الداخلي، وسياسة الدفاع، ومُكافحة الإرهاب.
كانت بوركينافاسو تعتبر مثالًا للتعايش السلمي بين شعوبها في ظل دعوة حكوماتها إلى خلق مساحة للحوار الهادف ومُعالجة المظالم المحلية، مقارنةً بباقي دول المنطقة، حتى استهدفتها التنظيمات الإرهابية، وأحدثت نوعًا من عدم الثقة بين السكان المحليين والحكومة، مما أنتج ظواهر عدم الاستقرار وانعدام الأمن بها، ويمكن الإشارة إلى آفاق مسار الأزمة بها على النحو التالي:
• العودة إلى النظام الدستوري: أشار المجلس العسكري الجديد بقيادة المقدم “داميبا”، إلى أن الأزمة الأمنية في بوركينافاسو هي الأولوية الرئيسية، وأعلن المجلس الدستوري في العاشر من فبراير 2022، “داميبيا”، رئيسًا للفترة الانتقالية، لحين العودة إلى النظام الدستوري، من خلال تشكيل لجنة مكومة من 25 عضوًا لوضع ميثاق وجدول زمني للفترة الانتقالية وإقامة الانتخابات لاحقًا وإنشاء مؤسسات انتقالية لتقويم الفترة الانتقالية، تمهيدًا لرفع العقوبات في ظل تأكيد جماعة “الإيكواس” على حماية الديمقراطية والحرية في المنطقة وعدم التسامح للوصول إلى السلطة من خلال وسائل غير دستورية، وفقًا للبرتوكول التكميلي لجماعة “الإيكواس” الصادر عام 2001 بشأن حالة الديمقراطية والحكم الجيد.
• أولويات المرحلة الانتقالية: توجد حزمة من الإصلاحات السياسية المطلوبة؛ القانون الانتخابي، وحالة المعارضة والأغلبية، والنموذج الانتخابي في بوركينافاسو، مع الوضع في الاعتبار تقييم واستخلاص الدروس من الانتقال الأول لعام 2015. ويقترح المجلس الوطني الانتقالي وجود إجماع واسع من الجهات الفاعلة على اختيار الإصلاحات التي يجب إجراؤها لتجنب العوائق التي تضر بالعملية الانتقالية. كما وعد “داميبا ” في خطابه الأول للأمة، فإن رئيس الدولة، رئيس الحركة الوطنية للحماية والاستعادة (MPSR)، يعمل من أجل بناء نظام قوى لمواجهة التهديدات الأمنية. وفي الثاني من فبراير 2022، تم إجراء تغييرات على رأس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة والدرك الوطني والجيش، مع ضرورة عمل السلطات الجديدة في بوركينافاسو على تكثيف الحماية الاجتماعية والاستثمار في قدرات قوات الأمن لمواجهة التهديدات الأمنية.
• انخراط القوى الخارجية: إحدى نتائج الانقلاب يمكن أن تكون مزيدًا من المشاركة مع الصين وروسيا اللتين عرضت جماعات المعارضة التابعة لهما خدماتها على المجلس العسكري لمواجهة التهديدات الأمنية في البلاد، حيث استفادت واجادوجو من التدريب العسكري الصيني، مع 72 منحة دراسية لطلاب ومسئولين من بوركينافاسو في المدارس العسكرية بالصين، والاستثمار الصيني في البلاد يشمل مشروع المدينة الذكية، “سمارت بوركينا”، بتمويل قيمته 94 مليون دولار أمريكي، ومن غير المرجح أن تقوم فرنسا، بعد أن استثمرت بشكل كبير في مكافحة الإرهاب في المنطقة، بالتعاون مع القيادة الجديدة في بوركينافاسو، على الأقل حتى تظهر التزامًا بتشكيل حكومة انتقالية، مع تزايد الضغط على بوركينافاسو من قبل مواطنيها للقيام بما فعله المجلس العسكري في مالي بعد الانقلاب الأخير والتحول إلى مجموعة “فاجنر” الروسية لسدّ الفجوة الأمنية، مع تضاؤل التأييد العام للوجود الفرنسي في ظل تدهور الوضع الأمني. وفي ديسمبر ٢٠٢١، منع سكان كايا قافلة عسكرية فرنسية تنقل الإمدادات إلى جيش بوركينافاسو واتهموا قوات برخان بالعمل مع الجهاديين. وإذا حدث ذلك، فقد يتضاءل الدعم الغربي لبوركينافاسو في حربها ضد الجماعات الإرهابية.
وفي الأخير، تظل مُقاربة “الأمن والتنمية” مُرتهنة بحل مُعضلة “انعدام الأمن والاستقرار”، من خلال حوكمة الأمن المحلي وضمان نهج شامل للأمن العام، ودعم المسار الديمقراطي وتعزيز ثقافة الحكم الرشيد، وتعزيز آليات تحجيم موجات الانقلابات من الانتشار مرةً أخرى، باتخاذ إجراءات حاسمة، سواء عن طريق الهيئات الإقليمية مثل منظمة “الإيكواس” أو المؤسسات القارية مثل منظمة الاتحاد الإفريقي، واعتماد مُقاربة جديدة بمُعالجة العوامل المُحفزّة لعدم الاستقرار في دول غرب إفريقيا. ولذا، تُمثل الأزمة السياسية في بوركينافاسو فرصةً لمراجعة هذه المُقاربات، لا سيما فيما يتعلق بقضايا الحكم. بدلًا من التركيز على الانتخابات والتغييرات غير الدستورية، ينبغي إيلاء اهتمام أكبر للأبعاد الأخرى مثل الحوار الوسطي وإدارة الأزمة بنهج شامل، لتفادي حالة عدم اليقين السياسي التي تُسبب تصعيدًا لانعدام الأمن وتغرق حكومات غرب إفريقيا بمزيد من الاضطرابات السياسية.