من يروي القصة السورية؟ | مركز سمت للدراسات

من يروي القصة السورية؟

التاريخ والوقت : السبت, 14 ديسمبر 2024

عبدالواحد الحميد

بعد أن كانت الأراضي السورية تستقطب المقاتلين الأجانب من كل عرق ولغة وإثنية، حاملين معهم إيديولوجيات متباينة وأجندات متشابكة، أصبحت اليوم الوجهة الأولى التي يركض نحوها الصحفيون من كل مكان. إنها لحظة التحول التاريخية التي تدفع مئات الصحفيين للاكتظاظ في ساحات دمشق وأزقتها و “سجونها” في سبيل الإرث الصحفي الذي مات دون بلوغه الكثير من الصحفيين في مختلف بلدان الصراع.

كان الاقتتال في سوريا موصوما بالفوضى والتعقيد والتداخل في العقد الماضي، جماعات تحركها الرغبات السياسية العابرة للحدود، وأخرى مدفوعة بأحلام الانفصال، وليس انتهاء بالصراع الطائفي الذي أصبح فيما بعد أيقونة لهذه الحرب الطويلة.

توقفت أصوات الرصاص في أجزاء واسعة من “سوريا الجديدة” التي يحلم بها السوريون، العاصمة دمشق مزحومة بالصحفيين الذين يحاولون اللحاق بقطار الحدث التاريخي، فسوريا اليوم تختلف عما كانت عليه قبل خمسين عاما.

في الطريق إلى إعادة تقديم القصة السورية للعالم انزلقت مراسلة CNN كلاريسا وارد في افتعال مشهد تمثيلي يحكي عثورها على سجين سوري أثناء البث المباشر، صنفت هذه المادة من قبل منصة X باعتبارها مفبركة.

إن هذا القرار السردي الذي اتخذته وارد في تناول قصة إنسانية لا يعدو كونه تجاوزا على كل أشكال التأثيرات التي يؤطر بها الصحفي قصته، فهو ليس تأثيرا لغويا ولا بصريا فحسب، إنما هو “إعادة لتشكيل قصة إنسانية” في أحسن الأحوال، الأمر الذي يدعو لتساؤل قديم طرحه الباحث السوداني محمد سيد حول إمكانية أن تحظى القصة الصحفية بالنقد الذي تلاقيه القصة الأدبية لإثراء هذه الحرفة؟

إن سردية المأساة في سوريا لا تحتاج لهذه الفكرة العابثة بآلاف القصص الإنسانية، فالمعاناة الأصلية مبسوطة في جغرافية هذا البلد الذي أنهكته الحروب، وفي هذا السياق المرتبك يقول باتريك شامبان: “إن المقهورين هم أقل الناس قدرة على التحكم بتصوراتهم لأنفسهم، ولا يمكن أن يكون مشهد حياتهم اليومية بالنسبة للصحفيين إلا تافها وعديم الأهمية، ولأنهم يعانون الفقر الثقافي تراهم عاجزين عن التعبير عن أنفسهم من خلال الصيغ التي تقتضيها وسائل الإعلام الكبرى”.

المصدر: العربية

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر