مشروعات إنتاج الوقود الحيوي.. التحول نحو طاقة عربية مستدامة | مركز سمت للدراسات

مشروعات إنتاج الوقود الحيوي.. التحول نحو طاقة عربية مستدامة

التاريخ والوقت : الجمعة, 10 يناير 2025

في ظل التحديات البيئية والاقتصادية المتزايدة، تبرز مشروعات إنتاج الوقود الحيوي كأحد الحلول الواعدة للتغلب على أزمة الطاقة العالمية والمساهمة في تقليل التغيرات المناخية. تعتمد هذه المشروعات على استغلال موارد طبيعية مهملة مثل مياه الصرف الصحي والزيوت المستعملة.

من خلال تجارب ريادية في السعودية والإمارات ومصر، تظهر ملامح تحولات جذرية نحو الطاقة النظيفة على المستوى العربي، التي تبدو على واجهة مشهد علمي تقني عربي، يسعى نحو غرض مُستدام.

الريادة السعودية: الوقود الحيوي لدعم مشروع البحر الأحمر

تسير المملكة العربية السعودية بخطوات ريادية في توظيف الوقود الحيوي ضمن مشروعاتها الكبرى، لا سيما مشروع البحر الأحمر السياحي. يمتد المشروع على مساحة تزيد عن 28 ألف كيلومتر مربع، ويهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة باستخدام مصادر متجددة ومستدامة بالكامل، بعيدًا عن الاعتماد على الوقود الأحفوري.

تعاونت شركة “أكوا باور” مع “نيوترال فيولز” لتوريد وقود حيوي يعتمد على زيوت الطهي المعاد تدويرها. من المتوقع أن يُسهم هذا الوقود في تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة تصل إلى 85%، مما يعزز من أهداف المشروع البيئية.

يمثل الوقود الحيوي من الطحالب، والمعروف بالجيل الثالث، مستقبلًا واعدًا في هذا المجال، حيث يتميز بقدرته على النمو في المياه المالحة مما يقلل من الضغط على الموارد المائية والزراعية. هذا التوجه يدعم رؤية المملكة في تحقيق التنمية المستدامة واستخدام الطاقة النظيفة.

التجربة الإماراتية: الغاز الحيوي في إطار استراتيجية دبي للطاقة النظيفة

في إطار “استراتيجية دبي للطاقة النظيفة 2050″، حققت إمارة دبي إنجازًا متميزًا بإطلاق مشروع تحويل الغاز الحيوي إلى طاقة “بيو غاز”. يُنتج المشروع 44,250 ميغاواط في الساعة سنويًا، ويوفر 50% من احتياجات محطة ورسان لمعالجة مياه الصرف الصحي من الطاقة الكهربائية.

يُسهم المشروع في تقليل الانبعاثات الكربونية بنحو 31,000 طن سنويًا وخفض التكاليف التشغيلية بحوالي 320 مليون درهم على مدى 25 عامًا. يُعد المشروع نموذجًا للبنية التحتية المستدامة، حيث يعتمد على تقنيات مؤتمتة بالكامل لإدارة العمليات، مما يعزز الكفاءة التشغيلية ويدعم أهداف دبي في تحقيق اقتصاد أخضر مستدام.

التجربة المصرية: وقود الطائرات المستدام

تسعى مصر إلى ريادة إنتاج الوقود الحيوي عبر مشروعها الجديد لإنتاج وقود الطائرات المستدام (SAF) باستخدام المعالجة الهيدروجينية لزيت الطعام المستعمل. يُعد المشروع جزءًا من استراتيجية الدولة للتحول نحو الاقتصاد الأخضر وخفض الانبعاثات الكربونية. من المخطط أن تبلغ تكلفة المشروع الاستثمارية حوالي 300 مليون دولار، وسيُقام في الإسكندرية على أراضي شركة “أنربك”، مما يعزز التكامل مع شركات البترول القائمة في المنطقة.

يهدف المشروع إلى تلبية الطلب الإقليمي والعالمي المتزايد على وقود الطائرات المستدام، خصوصًا مع التزام شركات الطيران بزيادة نسب استخدام هذا الوقود في العقود المقبلة. سيُنتج المشروع حوالي 120 ألف طن سنويًا من الوقود، مما يجعله أحد أكبر المشاريع من نوعه في المنطقة. تعتمد مصر في هذا المشروع على أحدث التقنيات العالمية لتوظيف زيت الطعام المستخدم كمادة خام أساسية، ما يعزز من فرص الاستثمار ويحقق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني.

إلى جانب الفوائد الاقتصادية، يتميز وقود الطائرات المستدام بخفض انبعاثات الكربون بنسبة تصل إلى 90% مقارنة بالوقود التقليدي. يُعزز هذا المشروع جهود مصر في مواكبة التحولات العالمية في قطاع الطاقة وتقديم حلول مبتكرة للحد من التأثيرات البيئية الضارة، مما يضعها في مقدمة الدول الرائدة في هذا المجال.

آفاق مشتركة نحو طاقة مستدامة

رغم اختلاف الموارد بين السعودية والإمارات ومصر، فإن كلا التجارب تُظهر إمكانيات التحول الجذري نحو الطاقة النظيفة. تعتمد السعودية على تقنيات الطحالب، بينما تركز الإمارات على الغاز الحيوي من محطات معالجة المياه، وتسعى مصر لتطوير وقود الطائرات المستدام باستخدام موارد محلية متوفرة.

تشير هذه الجهود إلى أن الوقود الحيوي يمثل حجر الأساس لتحقيق اقتصاد دائري عربي، حيث يسهم في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وخفض الانبعاثات الكربونية، مما يعزز التنمية الاقتصادية والبيئية في المنطقة ويدعم مشاركة الدول العربية في ريادة التحولات العالمية نحو الطاقة المستدامة.

*إعداد: وحدة الدراسات الاقتصادية

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر